كيف تضيف القيمة؟ عندما نقول إن شخصاً أو فريقاً أضاف قيمة، أو شركة أضافت قيمة، فإننا نعني عادةً أن هذا الشخص أو الفريق تجاوز المطلوب منه أو ما هو متوقع منه. على سبيل المثال، تخيل أن يطلب منك مديرك البحث عن ثلاثة مورّدين يمكنهم تقديم خدمة مطلوبة. لنفترض أنك قدّمت قائمة بثلاثة موردين تشمل إيجابيات كل منهم وسلبياته، إلى جانب حل تقترحه لتنفيذ الخدمة داخلياً دون الحاجة إلى الاستعانة بأي مصدر خارجي. تخيل أيضاً أن يأتيك عميل محتمل يريد الحصول على إحدى خدمات شركتك المتمثلة في برنامج تدريب جاهز في مجال تقديم التقييمات، بعد الاجتماع مع قادة شركته تستنتج أن مشكلته الحقيقية ليست في عدم قدرة موظفيه على تقديم التقييمات بفعالية لكن ببساطة في أنهم لا يرغبون في ذلك. لنفترض أنك تقترح العمل مع هذا العميل لتصميم مجموعة من الإجراءات التدخلية التي تهدف إلى تحفيزهم على تقديم التقييمات وجعله عادة لديهم.
يوضح هذان المثالان أن القيمة المضافة لا تنشأ من خلال حل المشكلة فقط، بل من حل المشكلة الصحيحة بطرق لم يتوقعها أحد بهدف الوصول إلى نتيجة أفضل. لا تنبع هذه الحلول من أساليب التفكير اليومية، بل من التفكير التخصصي والتفكير النقدي والتفكير الاستراتيجي والتفكير المنظومي، وهي مهارات نراها دائماً في القوائم المنتشرة في كل مكان حول المهارات التي يجب أن يجيدها القادة على المستويات جميعها لمواجهة تحديات المستقبل.
إذا كنت قائداً تتطلع إلى أن تضيف شركتك قيمة للعملاء والزبائن، أو مديراً تبحث عن طرق يمكن أن يطبّقها فريقك ليضيف قيمة إلى شركتك، فأنت بحاجة إلى بناء هذه المهارات لدى موظفيك. لكن المشكلة التي تواجه العديد من القادة والمدراء هي أننا عندما نستخدم مصطلحات مثل التفكير التخصصي أو التفكير النقدي أو التفكير الاستراتيجي أو التفكير المنظومي، فإننا لا نعرف متى نطبقها أو حتى كيف نعرّفها في الكثير من الأحيان.
نسمع كل يوم شخصاً ينتقد آخر بأنه لا يجيد التفكير النقدي، في حين أنه يقصد في الحقيقة أنه لا يفكر أصلاً. لكن مصطلحات التفكير التخصصي والتفكير النقدي والتفكير الاستراتيجي والتفكير المنظومي ليست مجرد مرادفات للتفكير الجيد؛ فلكل منها ميزات فريدة من نوعها، وهي مصممة للتعامل مع أنواع محددة من التحديات، كما أنها ملائمة لظروف معينة ويهدف تطبيقها إلى تحقيق نتائج مختلفة جداً. يجب أن تبدأ عملية تعليم صقل هذه المهارات بفعالية من فهم الاختلافات بين طرق التفكير هذه بوضوح.
ومن المهم بالدرجة نفسها إدراك أنه من المستبعد أن يستطيع الإنسان صقل مهارات التفكير من تلقاء نفسه، لأن أغلبية طرق التفكير هذه ليست عفوية، بل علينا ممارستها على نحو متعمد. بعبارة أخرى، لا يتبع الدماغ طرق التفكير هذه بوعي، حتى إنه يعتمد أنماط التفكير التلقائي معظم الوقت بدافع الضرورة، وهذا ليس سيئاً دائماً.
سنتحدّث في هذا المقال عن هذه الأنواع الأربعة المتميزة من مهارات التفكير بالتفصيل، ويشمل ذلك معناها ومتى يجب استخدامها، إلى جانب بعض النصائح لاستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بصفتها شريكاً في التفكير.
1. التفكير التخصصي (Expert Thinking)
التفكير التخصصي متجذر في معرفة الإنسان العميقة في مجال معين، وهو يطور هذه الخبرة من خلال سنوات العمل والتدريب والممارسة المستمرة. يستخدم البشر التفكير التخصصي في العمل الذي يجرونه يومياً، غالباً دون أن يدركوا ذلك. فالخبراء يكشفون الأنماط ويمارسون عادات مصقولة بدقة، معتمدين على الحدس المهني والافتراضات، ما يتيح لهم العمل بسرعة ودقة يفتقر إليهما المبتدئون. عند استخدام الذكاء الاصطناعي، يستطيع الخبير التمييز بين الحقيقة والخيال على الفور، بينما قد يقبل المبتدئ المخرجات كما هي.
يميل المبتدئون إلى رصد المواقف على نحو أكثر سطحية، ولا يعرفون ما الذي يجب أن ينتبهوا له بالضبط. يبذل هؤلاء الكثير من الجهد في إنجاز مهام يستطيع الخبير إنجازها بسهولة كبيرة، لكنهم ينجزونها بجودة أقل بكثير ويسيئون تطبيق القواعد التي يضعها الخبراء. أغلبية الشركات بارعة في تحويل المبتدئين إلى خبراء يقدمون "التفكير التخصصي" للعملاء والزبائن كل يوم. عندما نقول إننا نريد من موظفينا أن يفكروا بطريقة نقدية أكثر، فما نعنيه في الكثير من الأحيان هو أن يتبعوا طريقة التفكير التخصصي أكثر. ننسى أيضاً أن الخبير في مجال ما ليس خبيراً في مجال آخر بالضرورة، وهنا تبدأ حدود التفكير التخصصي.
متى نستخدم التفكير التخصصي؟
- عندما يتطلب الموقف استجابة سريعة وتلقائية تستند إلى مجموعة من القواعد المحددة بدقة.
- عندما يمكن أن تسهم الخبرة والمعرفة المسبقة في التوصل إلى حل واضح.
سنتناول مشكلة المصعد لتوضيح الفرق بين أنواع التفكير المختلفة.
السيناريو: لنفترض أنك تملك مبنى إدارياً، وتلقيت العديد من الشكاوى حول المصعد. يدّعي المستأجرون أن المصعد قديم وبطيء وغير موثوق، ويهددون بفسخ عقود الإيجار إن لم تعالج المشكلة.
طريقة تعامل متّبع التفكير التخصصي مع مشكلة المصعد: بما أنك لست خبيراً في المصاعد، فستتصل بفني مصاعد ليكشف العطل ويقدم حلولاً لإصلاحه أو استبداله بالكامل. من المؤكد تقريباً أن هذا النهج سيكون مكلفاً، كما أنه سيكون مزعجاً أكثر خلال عملية الفحص والإصلاح. مع ذلك، فمن المفترض أنه سيعالج مخاوف المستأجرين، على الأقل إلى حد ما.
نعتمد على التفكير التخصصي يومياً لحل المشكلات، وهذا النوع من التفكير هو كل ما نحتاج إليه غالباً. لكن لسوء الحظ، هناك حالات يبدو فيها أن المشكلات غير قابلة للحل، أو الحلول غير واضحة حتى بالنسبة للخبراء. هذه هي الحالات التي نحتاج فيها إلى اعتماد التفكير النقدي عمداً.
2. التفكير النقدي (Critical Thinking)
يتطلب التفكير النقدي الإيقاف المؤقت لتدفق التفكير التخصصي التلقائي، وهو ينطوي على التوقف أولاً لفهم الافتراضات الأساسية التي تستند إليها الاستنتاجات المنبثقة من الخبرة ثم التشكيك فيها. عندما ننخرط في التفكير النقدي، فإننا نقيّم جودة المعلومات المتاحة لنا. هل هذه المعلومات حديثة؟ هل هي دقيقة؟ هل هي شاملة، أم أن هناك ما فاتنا؟ ما نفعله للنجاح في ذلك هو البحث بنشاط عن وجهات نظر متعددة وأخذها في الاعتبار، علماً أنه من المحبّذ أن تكون وجهات النظر هذه مختلفة عن وجهات نظرنا قدر الإمكان. يتعلق التفكير النقدي بالتساؤل عن الحقائق حتى لو كانت راسخة وعدم القبول بها كما هي.
تنطوي إحدى أشهر تقنيات التفكير النقدي على التساؤل عما إذا كنت تحاول الإجابة عن السؤال الصحيح في المقام الأول أم لا. قد تكون هذه التقنية، التي تحمل اسم "إعادة الصياغة"، مفيدة بصورة خاصة في توليد حلول أكثر ابتكاراً للتحديات القائمة. قد يفكر مخططو المدن الذين يسعون إلى الحد من الازدحام المروري في البداية في شق المزيد من الطرق أو المسارات، ولكن عند طرح سؤال مختلف، مثل: "كيف يمكننا تقليل عدد السيارات على الطرق؟"، تبرز الحلول التي تحفز استخدام وسائل النقل العام والعمل عن بُعد فجأة. قد تظهر من خلال إعادة الصياغة مجموعة كاملة من الحلول التي تجاهلناها من قبل.
تساعد أدوات الذكاء الاصطناعي على فهم الافتراضات والاطلاع على وجهات نظر جديدة وحتى إعادة صياغة المشكلة. خذ في الاعتبار الأوامر النصية الآتية:
- ما هي افتراضاتي عن هذه المشكلة؟
- ما هي المشكلة من وجهة نظر شخص آخر؟
- ما هي المعلومات التي أحتاج إليها قبل تطبيق هذا الحل؟
قد تواجه صعوبات عند محاولة اعتماد التفكير النقدي. على سبيل المثال، النصيحة الشائعة لمستخدمي الذكاء الاصطناعي هي تطبيق التفكير النقدي على مخرجاته. لكن التفكير النقدي في مجال لست خبيراً فيه صعب. يمكنك تطبيق مبادئ التفكير النقدي والتشكيك في صحة مخرجات الذكاء الاصطناعي، ولكن ما يزال تحديد الأسئلة التي يجب طرحها والإجابات المناسبة يتطلب رأي خبير.
لسوء الحظ، فإن اللحظات التي تتوقف فيها لجمع المعلومات والتشكيك فيها والتحقق من صحتها تبطئ العمل ويمكن أن تلغي فوائد توفير الوقت التي يقدمها الذكاء الاصطناعي. في مجال القيادة، قد يبدو التوقف المؤقت للتشكيك في المعلومات والإجراءات أو لإعادة صياغة المشكلة تخريبياً، أو أنه يعوّق تقدّم المشروع على الأقل. على الرغم من هذه العيوب، يظل التفكير النقدي ضرورياً؛ إذ إنه قد يوفر الوقت من خلال تحويل انتباهنا إلى المشكلة التي يجب حلها، حتى لو لم نعتقد أن له هذا الأثر دائماً حين نعتمده.
متى نستخدم التفكير النقدي؟
- عندما يختلف الخبراء على حل مشكلة ما.
- عندما تفشل الأساليب التقليدية في حل مشكلة ما.
- عندما يتكرر ظهور أعراض المشكلة باستمرار.
طريقة تعامل متّبع التفكير النقدي مع مشكلة المصعد: قد تميل إلى الافتراض أن المشكلة تكمن في أن المصعد بطيء جداً؛ فهذا ما يخبرك به المستأجرون. قد يقودك التفكير النقدي إلى التشكيك في هذا الافتراض. لماذا يقول المستأجرون إن المصعد بطيء جداً؟ هل السبب هو أن عدد الأشخاص الذين يحاولون استخدامه في الوقت نفسه كبير؟ إذا كان الأمر كذلك، فقد تضطر إلى تنسيق أوقات استخدامه مع المستأجرين. ربما السبب هو أن انتظار المصعد مزعج. في هذه الحالة، قد يساعد وجود مشتتات الانتباه في الردهة، مثل المرايا أو الموسيقى أو التلفاز، على جعل وقت الانتظار يمر بسرعة. تكشف إعادة صياغة المشكلة بهذه الطرق احتمالات أخرى أكثر فعالية وأقل تكلفة ربما لم تفكر فيها.
يبدأ كل من التفكير النقدي والتفكير التخصصي غالباً بمشكلة محددة وملموسة يجب حلها، ولكن لن يكون لأي منهما دور حقيقي في التفكير بالمستقبل وتجاوز الواقع إلى الفرص والاحتمالات المستقبلية. لذلك، ستحتاج إلى التفكير الاستراتيجي.
3. التفكير الاستراتيجي (Strategic Thinking)
ينطوي التفكير الاستراتيجي على النظر إلى المشكلات من منظور طويل الأجل وواسع النطاق. كما أنه ينطوي على تجاوز الوضع الآني وحدود الطرق الحالية في العمل والحصول على المعرفة. يخلط الكثيرون بين التفكير الاستراتيجي والتفكير التحليلي أو الصارم أو التفكير الذي يركز على التنفيذ. إن كان هناك ما يميز التفكير الاستراتيجي فهو استخدام المخيلة؛ أي الاستعداد لطرح أسئلة مثل: "ما هي الاحتمالات هنا؟" أو "ماذا لو؟"
تساعدك أدوات الذكاء الاصطناعي على طرح هذه الأسئلة واستكشاف الاحتمالات في غياب شريك في التفكير. جرّب أوامر نصية مختلفة للحصول على رؤى للاحتمالات المستقبلية. إليك بعض الأمثلة:
- أجرِ تحليلاً لمواطن القوة والضعف والفرص والتهديدات (تحليل سوات) (SWOT) لإجراء استثمار كبير في مبناي بهدف تحسين خدمة المصاعد.
- ما هي الاتجاهات الحالية في المباني الجديدة فيما يتعلق بالنقل الرأسي للأشخاص والمواد؟
- قدّم تصوراً مرئياً للبيانات لتوقعات الحاجة المتزايدة للبنية التحتية الحديثة في وسط مدينة نيويورك، وتحديداً المصاعد.
متى نستخدم التفكير الاستراتيجي؟
- عند اتخاذ قرارات مهمة ذات عواقب طويلة الأجل ولها تأثيرات إيجابية أو سلبية في مستقبلك.
- عند التفكير في مستقبل فريقك أو شركتك.
- عند محاولة التنبّؤ بتغيرات قوى السوق واحتياجات العملاء.
طريقة تعامل متّبع التفكير الاستراتيجي مع مشكلة المصعد: بالتأكيد، يمكنك أن تزيد كفاءة عمل المصعد قليلاً، وربما ستتمكن من جعل فترة الانتظار أقل إزعاجاً. لكن في نهاية المطاف، قد تعتقد أن هذه الإصلاحات ليست كافية، وأنك على استعداد لتخيل حل أفضل من شأنه أن يجعل المبنى أكثر جاذبية لنوع جديد من المستأجرين، ما سيتيح لك تحصيل رسوم أكثر مقابل المساحة. يمكنك التشاور مع شركات الهندسة المعمارية لدراسة مخططات المبنى أو الاستعانة بمهندسين لمناقشة تقسيم المناطق ووضع تصور للخيارات المتاحة.
يمنحك التفكير الاستراتيجي القدرة على الابتكار المؤسسي. يتيح استخدام الخيال الاستراتيجي وطرح سؤال "ماذا لو؟" للمؤسسات تجاوز الوضع الراهن وتغيير الظروف المحيطة بدلاً من الاستجابة لها والتكيف معها. عودة إلى مثال المصعد، قد يكون تغيير المساحات المكتبية التقليدية بهدف جذب نوع جديد من المستأجرين محفوفاً بالمخاطر، لأنك ستجازف بمصدر الدخل الحالي الثابت. إحدى الطرق لتجربة النتائج المحتملة قبل إجراء تغيير كبير هي تطبيق النوع الرابع من التفكير: التفكير المنظومي.
4. التفكير المنظومي (Systems Thinking)
التفكير المنظومي هو القدرة على إدراك الترابط بين الأشياء. وهو ينطوي على فهم كيفية تفاعل الأجزاء المختلفة من النظام بعضها مع بعض وكيف يمكن أن تؤثر التغييرات في جزء واحد من النظام في الأجزاء الأخرى. يتطلب التفكير المنظومي تحديد الترابطات والقدرة على رؤية عناصر النظام جميعها في الوقت نفسه بصورة شاملة، وهذا ليس سهلاً بالنسبة للدماغ البشري. هذا هو السبب الذي يجعل التفكير المنظومي يعتمد بدرجة عالية على استخدام طرق فعالة للتصور، مثل الألواح البيضاء الثنائية الأبعاد أو مكعبات الليغو الثلاثية الأبعاد، لمساعدة الدماغ على الاحتفاظ بالأجزاء المعقدة المحتملة العديدة لنظام واحد في الذاكرة العاملة.
إحدى الطرق التي تجعل أدوات الذكاء الاصطناعي مفيدة هي ملء الثغرات وتحديد المؤثرات الداخلية والخارجية في النظام، التي قد لا تكون واضحة بسهولة. إليك بعض الأمثلة على الأوامر النصية:
- كيف يتفاعل المستأجرون والمصاعد (أجزاء النظام) بعضهم مع بعض؟
- ما هي المؤثرات الداخلية أو الخارجية الأخرى التي يفتقر إليها نموذجي عن النظام؟
- ما هي الأنماط التي تظهر من هذا النظام؟
متى نستخدم التفكير المنظومي؟
- عند الحاجة إلى فهم حالة معقدة ذات عناصر مترابطة.
- عند الحاجة إلى تحديد الأنماط والعلاقات داخل النظام.
- عند الحاجة إلى تصميم النظام بناءً على الخصائص التي ستظهر فيه أو بأخذها في الاعتبار، وهي الخصائص التي يمتلكها النظام بأكمله ولا تمتلكها أجزاؤه، لكنها تنشأ من عملها معاً. خذ مثلاً فقاعات التسعير والازدحامات المرورية هي خصائص ناشئة للأسواق المالية والنقل بالسيارات على الترتيب، ولكنها ليست من خصائص التجار أو السائقين الأفراد.
طريقة تعامل متّبع التفكير المنظومي مع مشكلة المصعد: قبل أن تنفق المال على إصلاحات مكلفة، يمكنك التفكير في النظام بأكمله الذي يمثله المبنى. ما هي أنواع المستأجرين في المبنى، وما هي الطوابق التي يشغلونها فيها، وكيف يستخدمون المصعد؟ قد تساعدك معرفة ذلك على تحديد إن كان من الأفضل استخدام مصعد ثانٍ للأشخاص أو للشحن. المصاعد ليست الطريقة الوحيدة للصعود، ماذا عن السلالم؟ هل يستخدمها المستأجرون أيضاً، وإن لم يستخدموها، فلماذا؟
بالإضافة إلى ذلك، يتطلب التفكير المنظومي الارتقاء بالتفكير وأخذ العوامل المؤثرة في إشغال المبنى جميعها في الاعتبار. كيف يمكن أن تؤثر الرسوم الجديدة لدخول المناطق المزدحمة على السائقين في موقع مبناك في وسط المدينة؟ ماذا عن مرآب السيارات الجديد المتعدد الطوابق قيد البناء في مكان قريب؟ هل من المحتمل أن يزداد توافر المساحات التجارية في منطقتك في المدينة أو يصبح أكثر ندرة؟
أساليب التفكير المهمة هذه هي أدوات أساسية في مجال القيادة الحديث، ويمكن تدريسها كلها في كل مؤسسة، بل يجب ذلك. يوفّر فهم وظيفة كل أسلوب وتحديد الحالات التي يمكن استخدامه فيها للقادة لغة مشتركة وطريقة لاختيار الأداة المناسبة للمهمة المناسبة في الوقت المناسب. على الرغم من أنه يمكنك استخدام أسلوب تفكير واحد فقط في كل مرة، فهذا لا يمنعك من التفكير في مشكلة أو خطة أو تحدٍّ أو فرصة باستخدام الأساليب جميعها. يمكنك أخذ نظرة مكتملة عن كل مشكلة من خلال الاستعانة بخبير لتقديم وجهة نظره دورياً، ثم تحدي الافتراضات من خلال التفكير النقدي، والنظر إلى المعلومات التي تحققت من صحتها من خلال عدسة التفكير المنظومي، ثم استخدام المخيلة الاستراتيجية من خلال طرح السؤال "ماذا لو؟".
يجدر الذكر أنه من المحبّذ تطبيق كل أسلوب من أساليب التفكير ضمن فريق وليس فردياً. لا شك في أن التفكير سيصبح أكثر شمولية وابتكاراً ودقة بمشاركة أشخاص آخرين يقدمون وجهات نظر مختلفة ويطرحون معاً أسئلة أعمق.