تعرف على أفضل طريقة للتعبير عما بداخلك‎‏

2 دقائق
أفضل طريقة للتعبير عما بداخلك‎‏

في إحدى ورشات العمل التي أقمناها لتطوير المهارات القيادية، طلبنا من المشاركين فيها الكتابة عن تجربة صعبة مروا بها، وعرض ما يكتبونه أمام بقية المشاركين. وكانت الحصيلة التي خرجنا بها أكبر بكثير مما توقعناه. إذ أخبر سيمون، وهو أحد كبار المدراء التنفيذيين في شركة للنفط، المجموعة عن تجربة مؤلمة لم يكن قادراً البتة على استيعابها كما ينبغي.

في إحدى المهام التي أوكلت إليه ليؤديها في نيجيريا، اُختطف سيمون وخمسة من زملائه في أثناء زيارتهم إلى إحدى حفارات النفط التابعة لشركتهم. وكان اثنان من الرهائن الآخرين قد قتلوا أمام عينيه، ولم يُطلق سراحه إلا بعد مفاوضات طويلة ومضنية حول حجم الفدية الواجب دفعها. وأخبرنا سيمون أنه لم يكن قادراً أبداً على أن يدير ظهره لهذه التجربة وأن الكوابيس الليلية كانت لا تزال تطارده كل يوم.

قد تكون الكتابة أفضل طريقة للتعبير عما بداخلك‎‏ إذ أخبرنا سيمون أنّ إقدامه على الكتابة عن تجربته خلال ورشة العمل كان كالعلاج نوعاً ما بالنسبة له.

اقرأ أيضاً: توقف عن لوم ذاتك.

لكي نمضي في رحلة داخل ذواتنا – لنفهم أنفسناً بطريقة أفضل – نحن بحاجة إلى أن نساعد لاوعينا كي نستمد معنى جديداً من تجاربنا. فكتابتنا القائمة على التأمل في تجربة سابقة مؤلمة تصبح مكملة للحديث عنها، لأن ذلك يؤدي إلى تفعيل جزء مختلف من الدماغ. إذ تُشير عمليات المسح التي خضعت لها الأدمغة البشرية إلى أن الحديث أكثر ارتباطاً بالنصف الأيمن من الدماغ مقارنة مع النصف الأيسر منه. وبما أن الكتابة لها تأثير أكبر على النصف الأيسر من الدماغ، فإنها تحفز أجزاء الدماغ غير المتأثرة نتيجة للحديث.

وبالتالي، يكون ما نحصل عليه عبر هذا النوع من الكتابة القائمة على التدبر والتأمل، أكثر صراحة وتحليلاً مما نحصل عليه عن طريق الحديث. فالحديث يستعمل الجزء من الدماغ الذي يبدو أكثر ارتباطاً بعقلنا الباطن، وعليه، قد يتقرر ما نقوله إلى حد كبير بعاداتنا في التفكير المتجذرة إلى درجة لا نعود معها قادرين على إدراكها. أما أحكامنا وتفسيراتنا المكتوبة، التي تعتمد اعتماداً أكبر على الجزء الواعي من دماغنا، فإنها أميل إلى أن تكون أقل معيارية وأكثر عمقاً من مجرد الحديث عنها.

قد تكون أفضل طريقة للتعبير عما بداخلك‎‏ هي مواجهة القصص المؤلمة مثل قصة سيمون عبر الكتابة القائمة على التدبر والتأمل تقسيم الحدث إلى أجزائه وترجمته إلى مقاطع سردية وكتابية ذات مغزى، بما يمكّن من حصول التكامل بين الجوانب العقلية والعاطفية، وبالتالي، يقود إلى فهم أعمق لما حصل. ومن خلال عملية الكتابة القائمة على التدبر والتأمل، نستطيع أن نتحمل مسؤولية أكبر عن قصتنا الخاصة بنا كما نراها، وأن نضعها وراء ظهرنا ونمضي إلى الأمام.

اقرأ أيضاً: الأليكسيثايميا: عندما لا تستطيع التعبير عن مشاعرك.

وبحسب تجربتي في ورشات العمل التي أقمتها، فإن دفع المدراء التنفيذيين إلى الكتابة حول تجارب صعبة مروا بها سابقاً تقودهم إلى التصرف بطريقة مختلفة. ومن خلال رواية القصة بطريقة جديدة عند الكتابة عن التجارب المؤلمة السابقة، يتمكن هؤلاء الأشخاص من إعادة صياغة الأحداث الصعبة بطريقة أكثر توازناً ويستطيعون تجاوز حالة الغضب التي كانت لديهم. بل وأكثر من ذلك، على الرغم من أن الكتابة تبدو وكأنها نشاط فردي ذاتي، فإنها فعلياً تساعد الناس على بناء العلاقات مع الآخرين. عندما نتكلم عما يدور في رؤوسنا وصدورنا بصراحة وانفتاح من خلال الكتابة، فإننا على الأرجح سنتحدث عما يشغلنا مع الآخرين بعد ذلك.

بعبارة أخرى، هذا الأمر يجعلنا أميل إلى طلب الدعم الاجتماعي الذي نحصل عليه من خلال الحديث عن تجارب مؤلمة، ما يساعدنا في عملية التعافي والشفاء.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي