أفضل الشركات العشرون المتحولة في العقد الأخير

7 دقائق
أفضل شركات العقد الأخير

إليك هذه القصة عن أفضل شركات العقد الأخير تحديداً. تعرضت أكبر شركة للطاقة في الدنمارك، شركة "دانيش أويل آند ناتشورال جاس" (Danish Oil and Natural Gas)، إلى أزمة مالية في عام 2012، حيث انخفض سعر الغاز الطبيعي بنسبة 90%، وخفضت وكالة التصنيف "ستاندر آند بورز" تقدير تصنيفها الائتماني إلى سلبي. وعُيّن مجلس الإدارة المدير التنفيذي السابق في شركة "ليغو" (LEGO)، هنريك بولسن، رئيساً تنفيذياً جديداً للشركة. وفي حين انخرط بعض القادة في وضع إدارة الأزمات، وتسريح العمال إلى حين انتعاش الأسعار آنذاك، اعتبر بولسن تلك المرحلة بمثابة الفرصة المناسبة لإجراء تغيير جوهري.

يقول بولسن: "أدركنا الحاجة إلى خلق شركة جديدة تماماً". وأعاد تسمية الشركة لتصبح "أورستد"، على اسم العالم الدنماركي الأسطوري هانز كريستيان أورستد الذي اكتشف مبادئ الكهرومغناطيسية. وأضاف: "يجب أن يكون تحولاً جذرياً، إذ إننا بحاجة إلى بناء أعمال أساسية جديدة وإيجاد مجالات جديدة للنمو المستدام. ويعود سبب اتخاذنا هذا القرار في التحول إلى رغبتنا في مكافحة التغير المناخي، وهو ما جعل شركتنا إحدى الشركات القليلة التي التزمت بهذا القرار العميق بإخلاص، وكانت أول من ينتقل من الطاقة السوداء إلى الطاقة الخضراء".

ويُعتبر هذا الدافع الاستراتيجي الذي ينطوي على تحديد مهمة ذات هدف أسمى يحفز المؤسسة سمة مشتركة بين الشركات العشرين المتحولة، وجاء ذلك بحسب دراسة جديدة أجرتها مؤسسة "إنوسايت" (Innosight) حول أهم الشركات المتحولة في العالم. وتعزيزاً لهذا الرأي الجديد، أصدرت مائدة الأعمال المستديرة بياناً في شهر أغسطس/ آب الماضي وقّعه 181 فرداً من كبار الرؤساء التنفيذيين، ويفيد البيان أن خدمة المساهمين لم تعد الهدف الرئيس للشركات، بدلاً من ذلك، يجب أن ينطوي هدف الشركات على خدمة المجتمع، وذلك من خلال الابتكار والالتزام ببيئة صحية وخلق فرص اقتصادية للجميع.

كان هدفنا هو تحديد الشركات العالمية التي حققت تحولات أسفرت عن أعلى درجات من التأثير على مدار العقد الماضي، وذلك باستخدام المنهجية التي اتبعناها في الدراسة التي أجريناها عام 2017. تفحّص فريق البحث لدينا جميع الشركات في وكالتي التصنيف "ستاندر آند بورز 500" و"غلوبال 2000" وفق منظورات ثلاثة:

  1. النمو الجديد: ما مدى نجاح الشركة في إنشاء منتجات وخدمات وأسواق جديدة ونماذج أعمال جديدة؟ ويتضمن ذلك مقياسنا الأساسي المتمثّل في النسبة المئوية للإيرادات خارج نطاق الأعمال الأساسية للشركة والتي يمكن عزوها إلى مجالات نمو جديدة.
  2. إعادة تنظيم الأعمال الأساسية: ما مدى فاعلية الشركة في تكييف أعمالها الأساسية التقليدية لتُجاري التغييرات أو الزعزعة في أسواقها، ومنح أعمالها القديمة حياة جديدة؟
  3. الشؤون المالية: هل حققت الشركة أداء قوياً في سوق المال والأسهم، أم أنها تمكّنت من تجاوز الخسائر أو النمو البطيء والعودة إلى مسار النجاح؟ نظرنا في إيرادات معدل النمو السنوي المركب والربحية و معدل النمو السنوي المركب لسعر السهم خلال فترة التحول، والذي كان مختلفاً لدى كل شركة.

حدّدت المرحلة الأولى من البحوث التي أجريناها 52 شركة من الشركات التي حققت تقدماً كبيراً نحو التحول الاستراتيجي، وهو ما مثّل نسبة 3% فقط من الشركات العامة المُدرجة في مجموعة بياناتنا. ثم صوتت لجنة شركاء مؤسسة "إنوسايت" لتضييق القائمة إلى 27 مرشحاً نهائياً في الجولة الثانية. وبالنسبة إلى الجولة الثالثة، جرى اختيار الشركات التالية باعتبارها أفضل الشركات العشرين المتحولة، وذلك وفق تقييم لجنة من الخبراء في مجال الإدارة (تعرّف على قائمة الحُكام).

أفضل شركات العقد الأخير

طورت كل من هذه الشركات شركات نامية جديدة خارج إطار أعمالها الأساسية التقليدية والتي مثّلت جزءاً كبيراً من إجمالي الأعمال. ومع ذلك، نعتقد أن ما دفع أفضل شركات العقد الأخير إلى النجاح هو قرار غرس هدف أسمى في الثقافة يعمل على توجيه القرارات الاستراتيجية ويوضح المهمات اليومية.

وتُعتبر الشركة التي حازت المرتبة الأولى، شركة "نتفليكس" أبرز مثال على ذلك. حيث أصدر الرئيس التنفيذي، ريد هاستنغز، مذكرة في عام 2013 تتضمن 11 صفحة للموظفين والمستثمرين توضح بالتفصيل الالتزام بتحويل الشركة من مجرد موزّعة رقمية للمحتوى إلى مُنتجة رائدة للمحتوى الأصلي الذي يمكن أن يفوز بجوائز "الإيمي" و"الأوسكار".

وكما ورد في المذكرة، "نحن لا نتنافس في مجال النطاق مع شركة "كومكاست" (Comcast) أو "سكاي" أو "أمازون" أو "آبل" أو "مايكروسوفت" أو "سوني" أو "جوجل" ولا يمكننا التنافس مع هذه أفضل شركات العقد الأخير بالفعل. بل يجب علينا أن نكون علامة تجارية شغوفة ومتخصصة بهدف تحقيق النجاح الكبير. يجب أن نكون مثل شركة ستاربكس، وليس مثل شركة "7-إيليفين" (7-Eleven)، مثل شركة "ساوث ويست أيرلاينز"، لا شركة "يونايتد"، ومثل شركة "هيوليت-باكارد" (آتش بي) أو "آتش بي أو" (HBO)، لا شركة "ديش" (Dish).

تضاعفت إيرادات شركة "نتفليكس" ثلاث مرات تقريباً منذ الإفصاح عن هذا الهدف الجديد، كما تضاعفت أرباحها بمقدار 32 ضعفاً، وارتفع معدل النمو السنوي المركب لأسهمها بنسبة 57% سنوياً، مقابل 11% لمؤشر "ستاندر آند بورز 500".

إيجاد هدف أسمى جديد

وبطريقة قابلة للمقارنة، حفّزت مهمة العمل وفق هدف أسمى التي اتبعها قطاع الرعاية الصحية الوقائية على إحداث تغيير كبير في المؤسسات الكبيرة الأخرى التي شكلت القائمة، حيث تجاوزت مجموعة "أيه آي أيه" (AIA) الصينية التركيز على قطاع التأمين لتصبح شركة تقدم خدمات الرفاهة، في حين حوّلت شركة الإلكترونيات الهولندية العملاقة "فيليبس" تخصص أعمالها القديم في مجال الإضاءة للتركيز على تقنيات الرعاية الصحية.

كما اكتشفت أفضل شركات العقد الأخير التكنولوجية في قائمتنا أيضاً سُبلاً تهدف إلى غرس الهدف في مؤسساتها كجزء من التغيير الجوهري،

حيث تجاوزت شركة "سيمنز" هدف زيادة القيمة المضافة لحاملي الأسهم إلى هدف "خدمة المجتمع". وقد بدأ هذا التحول في عام 2014 من خلال خطة تسمى "الرؤية 2020" والتي دعت إلى استغلال التقنيات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء. ومع ذلك، استدعى تغيير المهمة أيضاً تغيير الثقافة، حيث تقول باربرا هومبتون، الرئيسة التنفيذية لشركة "سيمنز" في الولايات المتحدة الأميركية: "تتمثّل أكبر عقبة أمام أي تحول في طريقة تسييرنا للأعمال". لقد دفع غرس هدف أسمى في الشركة عملية اتخاذ القرار من المركز إلى كل وحدة عمل، بحيث شعر المدراء والموظفون بأهمية إسهاماتهم في تحقيق النجاح في المستقبل. وتقول هامبتون: "تُعتبر ثقافة الملكية أساسية لتحقيق النجاح". وقد أسفر هذا التحول في ثقافة شركة "سيمنز" عن وضع خطط تهدف إلى تصفية نشاط أعمالها الأساسي في مجال النفط والغاز، وإعادة توزيع رأس المال على وحدة الصناعات الرقمية الخاصة بها والبنية التحتية الذكية التي تركز على كفاءة الطاقة وتخزين الطاقة المتجددة والطاقة الموزعة وحركة المركبات الكهربائية.

وننتقل إلى شركة "تينسنت" (Tencent Holdings) التي تأسست عام 1998 بهدف الاستفادة من الفرص التي توفرها الإنترنت، وأطلقت منتديات للدردشة عبر الإنترنت وألعاب فيديو للجيل الرقمي الجديد في الصين. بيد أن الشركة أعادت تحديد هدفها عام 2005، بعد فترة وجيزة من الطرح العام الأولي لأسهمها في البورصة، والذي تمثّل في "تنفيذ استراتيجية أسلوب الحياة الرقمي الذي يسعى جاهداً إلى تلبية الاحتياجات الأساسية للمستخدمين".

ووسّع المؤسس والرئيس التنفيذي بوني ما هواتنغ (بوني ما) تطلعات الشركة في السنوات التالية عبر تبني مهمة "تحسين نوعية حياة البشر من خلال الابتكار الرقمي". ومنذ عام 2011 ، استثمرت شركة "تينسنت" بشكل كبير في أهداف تنمية جديدة تتراوح بين التعليم والترفيه إلى المركبات ذاتية القيادة والنقل التشاركي وحتى التكنولوجيا المالية والإنترنت الصناعية، وتمثّل هذه المجالات اليوم 25% من إيراداتها البالغة 46 دولاراً. وتعمل الشركة اليوم على تطوير المحتوى والخدمات التعليمية للأفراد والمدارس وإدارة التعليم من خلال وحدة أعمال تينسنت التعليمية. وقد أسفر هذا النمو عن جعل شركة "تينسنت" أول شركة آسيوية تتجاوز 500 مليار دولار في تقييم السوق.

وفي عام 2019، أعادت شركة "تينسنت" تحديد مهمتها مرة أخرى استجابة لرد الفعل العالمي المتنامي ضد هيمنة التكنولوجيا في حياتنا، لتختزلها إلى: التكنولوجيا من أجل المنفعة الاجتماعية.

ووجدت عدة شركات أخرى أن إعادة تركيز هدفها للمساعدة في حماية كوكب الأرض قد يكون مؤثراً. وتعتبر شركة "إيكولاب" (Ecolab) التي حازت المرتبة 16 في قائمتنا مثالاً رائعاً على ذلك.

كانت شركة "إيكولاب" الراسخة منذ 80 عاماً تنمو بنسبة 10% سنوياً عن طريق بيع المنظفات الصناعية وخدمات السلامة الغذائية عندما أصبح دوغلاس بيكر الابن رئيساً تنفيذياً للشركة في أوائل العقد الأول من القرن العشرين. ويقول بيكر: "انطوت خطتنا الإستراتيجية على بيع المزيد من منتجاتنا". وكان من الممكن أن توسع الشركة نطاق أعمالها عبر الانتقال إلى الأسواق المجاورة أو المناطق الجغرافية الجديدة بهدف تحقيق إيرادات أكثر من إيراداتها البالغة 3.8 مليار دولار، لكن بيكر شعر أن ذلك لم يكن جريئاً بما يكفي.

ويقول بيكر أن التحول بدأ من خلال التحدث مع الزبائن الذين عبّروا عن مخاوفهم بشأن الحصول على المياه النظيفة عند شرائهم منتجات الشركة الأساسية. ولم يكونوا وحدهم في إبداء هذه المخاوف، إذ أظهرت التوقعات لعام 2030 أن 70% من الناتج المحلي الإجمالي في العالم سيتركّز في المناطق التي تعاني من شح المياه، وتُعتبر مدينتا كاليفورنيا وجنوب الهند مثالان رئيسان على ذلك.

بلغت القيمة السوقية لشركة "إيكولاب" 12 مليار دولار في عام 2011 عندما استحوذت على شركة تكنولوجيا المياه "نالكو" (Nalco) في صفقة بقيمة 8 مليارات دولار. وتُعدّ الشركة المدمجة اليوم واحدة من أبرز موردي الأجهزة والبرامج والكيمياء في العالم التي تساعد المصنعين وشركات الخدمات في أن يصبحوا مستخدمين أكثر كفاءة للمياه. ويتمثل المقياس الأساسي الذي يقود المؤسسة في مقدار الماء الذي يوّفره عملاؤها سنوياً، والذي يبلغ الآن 188 مليار جالون، مقابل هدف عام 2030 المتمثّل في 300 مليار جالون.

يقول بيكر: "لقد وسّعنا رؤيتنا وتغيّر هدفنا. ونشعر اليوم بالفخر مع زيادة وعي فرقنا بالقضايا العالمية". بالإضافة إلى ذلك، زادت القيمة السوقية لشركة "إيكولاب" لتتجاوز 55 مليار دولار، وهو ما جعلها من بين أفضل شركات العقد الأخير والشركات الأميركية المائة الأكثر قيمة.

أداء المهمات المستحيلة

إن هذه التحولات ليست سهلة على الإطلاق، فعندما قامت الشركة المعروفة اليوم باسم "أورستد" بتصفية أعمالها في مجال النفط والغاز الطبيعي وبدأت في التوقف عن إنتاج الفحم، خلق ذلك فجوة هائلة في المكاسب التي كانت الشركة بحاجة ماسة إلى سدها. واستثمرت الشركة في طاقة الرياح البحرية، ولكن التكنولوجيا كانت باهظة الثمن، حيث أنتجت طاقة تفوق سعر طاقة الرياح البرية.

لكن شركة "أورستد" شرعت في عهد بولسن فيما وصفه النقاد بالمهمة المستحيلة، والتي انطوت على برنامج منهجي يحسب التكلفة الإجمالية مسبقاً بهدف تخفيض سعر الطاقة البحرية مع تحقيق الحجم في الوقت نفسه. وتمكنت الشركة من خفض التكلفة بأكثر من 60% مع بناء ثلاث مزارع رياح جديدة قائمة على المحيط في المملكة المتحدة والاستحواذ على شركة رائدة في الولايات المتحدة.

والنتيجة هي أن كان الاكتتاب العام الأولي لشركة "أورستد" في عام 2016 هو الأكبر ذلك العام، بعد أن كان حوالي 80% من أسهمها مملوكاً من قبل الحكومة الدنماركية. وزادت الأرباح الصافية للشركة بمقدار 3 مليارات دولار منذ أن بدأت عملية التحول، وأصبحت شركة "أورستد" الآن أكبر شركة رياح بحرية في العالم، بحصة الثلث من سوق النمو العالمي المزدهر.

إن الخلاصة التي يمكن أن نستقيها من أفضل شركات العقد الأخير وهذه الشركات المتحولة التي غيّرت أهدافها واضحة للغاية، إذ لن تنجو الشركات وتزدهر في عصر التغيير المستمر إلا من خلال قدرتها على إعادة تنظيم استراتيجياتها في سبيل خلق مستقبل جديد، والاستفادة من مهمة مدفوعة بهدف أسمى، وليس من خلال حجمها أو أدائها في أي وقت معين. لهذا السبب قد يكون التحول الاستراتيجي أمراً حتمياً في قيادة قطاع الأعمال في القرن الحادي والعشرين.

انقر هنا للاطلاع على كامل نتائج الدراسة حول أفضل شركات العقد الأخير المتحولة ومنهجياتها.

لجنة حُكّام اختيار أفضل الشركات العشرين المتحولة

  1. ريتا ماكغراث، أستاذة جامعية في مجال الإدارة في كلية كولومبيا للأعمال.
  2. بيه سوان جين، رئيس مجلس التنمية الاقتصادية في سنغافورة.
  3. فيل كوغلين، رئيس الاستراتيجية في شركة "إكسبيديتورز" (Expeditors) في مدينة سياتل
  4. أمانثا إمبر، الرئيسة التنفيذية لشركة "إنفينتيوم" (Inventium) في مدينة سيدني في أستراليا.
  5. ناثان فير، أستاذ جامعي في مجال الاستراتيجيات في "المعهد الأوربي لإدارة الأعمال (إنسياد)" (INSEAD).
ملاحظة المحرر: تعتبر جميع الترتيبات والمؤشرات مجرد وسيلة واحدة من وسائل التحليل والمقارنة بين الشركات أو الأماكن بناء على منهجية محددة ومجموعة من البيانات. وفي هارفارد بزنس ريفيو، نحن نرى أنّ المؤشر المصمم بشكل جيد يمكنه تقديم إيضاحات مفيدة، إلا أنه، بحكم طبيعته، يعتبر لمحة موجزة من صورة أكبر. لذلك نحث القارئ دائماً على قراءة المنهجية بعناية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي