الأسلوب الصحيح للرد على عبارة “اقبل العرض كما هو أو ارفضه”

4 دقائق
عقلية التفكير في الخيارات
بيتر دازيلي/غيتي إميدجيز

ملخص: يقدم الكثير من المفاوضين عروضهم النهائية لكي يقدم الطرف الآخر تنازلات، وغالباً ما ينجحون في ذلك. إذاً، ما الذي ينبغي لك فعله إذا كنت الطرف المتلقي لأحد هذه المطالب؟ أظهر بحث جديد أن التفكير في جميع الخيارات المتاحة لك ولنظيرك (أي استخدام ما يسميه المؤلفون "عقلية التفكير في الخيارات") يمكن أن يكون مفيداً. وقد تَبين من خلال التجارب أن الأشخاص الذين تم تشجيعهم على التفكير في الخيارات المتاحة لهم، كانوا أكثر ميلاً إلى تجاهُل العرض النهائي أو التشكيك في مصداقيته، وكانوا يؤمنون أنه لا يزال هناك مجال للتفاوض. ونتيجة لذلك، ازدادت احتمالية أن يواصلوا التفاوض.

 

هل سبق أن سمعت أياً من هاتين العبارتين في خضم مفاوضات؟

"هذا أفضل ما يمكنني تقديمه، فاقبل العرض كما هو أو ارفضه".

عذراً،  لا يمكنني تقديم المزيد من التنازلات".

يقدم الكثير من المفاوضين عروضهم النهائية بأسلوب الإنذارات الناعمة مثل هذه لكي يقدم الطرف الآخر تنازلات، وتُظهر البحوث أنهم غالباً ما ينجحون في ذلك.

إذاً، ما الذي يمكنك فعله عندما تكون أنت الطرف المتلقي لمثل هذه العروض النهائية؟ وكيف يمكنك الاستمرار في التفاوض إلى أن تحصل على صفقة أفضل؟

حدد بحثنا طريقة بسيطة للغاية للتعامل بنجاح مع العروض النهائية: فكّر في جميع الخيارات المتاحة لك وللطرف الآخر، أو استخدم ما نسميه "عقلية التفكير في الخيارات".

هذه العقلية هي حالة فكرية يكون فيها للأشخاص خيار بغض النظر عن الموقف. على سبيل المثال، إذا قال أحد المدراء "اضطررت إلى فصل هذا الموظف بسبب خفض الميزانية، فلم يكن لدي خيار"، فإن الأشخاص الذين يتبنون هذه العقلية سيرفضون الاعتقاد أن المدير ليس لديه أي خيارات أخرى، بل سيعتقدون أن هناك شيئاً يمكن للمدير فعله بالتأكيد لتجنب فصل الموظف.

استنتجنا أن المفاوضين الذين يتبنون عقلية التفكير في الخيارات قد يعتقدون بالمثل أن الطرف الآخر لديه بالتأكيد بعض الخيارات المتاحة حتى لو قال إن هذا هو عرضه النهائي. وبالتالي، عندما يتلقون العروض النهائية، فإنهم يتجاهلونها أو يشككون في مصداقيتها، ويؤمنون أنه لا يزال هناك مجال للتفاوض. ونتيجة لذلك، تزداد احتمالية أن يواصلوا التفاوض.

في ورقة بحثية نُشرت مؤخراً في مجلة السلوك التنظيمي وعمليات القرار الإنساني (Organizational Behavior and Human Decision Processes)، عرضنا 6 دراسات أظهرت أن مطالبة المفاوضين بالتفكير في جميع الخيارات المتاحة لهم ولنظرائهم تجعلهم يواصلون التفاوض حتى عندما يتلقون عروضاً نهائية. وكان هذا منطبقاً على ما يسميه الباحثون "التفاوض التوزيعي" أو التفاوض الصفري (distributive negotiation)، حيث يكسب طرف بينما يخسر الآخر، وفي "التفاوض التكاملي" (integrative negotiation)، حيث يمكن للطرفين تحقيق مكاسب أكبر من خلال إجراء مفاضلات بين أولوياتهما المتضاربة.

أحد الأسباب وراء أن التفكير في الخيارات يساعد الناس على تجاهُل العروض النهائية هو أنهم يعتقدون أنه لا يزال هناك مجال للتفاوض، على الرغم مما يقوله نظيرهم. في أثناء التفاوض التوزيعي، قد يعني هذا أن يعتقد المفاوِض أن بإمكان نظيره تقديم تنازلات إضافية. وفي أثناء التفاوض التكاملي، قد يعتقد المفاوِضون أن هناك مسائل أخرى لم تتم مناقشتها بعد، ما يمكن أن يحقق مكاسب أكبر. ونتيجة لذلك، حقق المفاوِضون الذين يتبنون عقلية التفكير في الخيارات نتائج أفضل في النهاية. في الواقع، وجدنا أن هذه العقلية حسّنت نتائج التفاوض في مجموعة متنوعة من السياقات، مثل شراء سيارة مستعملة والتفاوض على عرض عمل والتفاوض في البيع فيما بين الشركات.

على سبيل المثال، في إحدى التجارب، طلبنا من كل اثنين من 206 مفاوضين في المختبر أن يتفاوضا معاً على سعر سيارة مستعملة. طلبنا من المشترين في المجموعة الأولى التفكير في جميع الخيارات المتاحة لدى البائعين في أثناء التفاوض، وطلبنا من المشترين في المجموعة الأخرى التفكير في جميع القيود التي يواجهها البائعون. وقد وجدنا أن المشترين الذين طُلب منهم التفكير في خيارات البائعين دفعوا سعراً أقل بـ 614 دولاراً للسيارة من أولئك الذين طُلب منهم التفكير في قيود البائعين.

في تجربة مماثلة، طلبنا من مجموعة من أشخاص سيتفاوضون مع مدراء التوظيف على الرواتب التي يرغبون في الحصول عليها التفكير في الخيارات المتاحة لدى مدير التوظيف ليس فقط فيما يتعلق بتقديم رواتب أعلى ولكن أيضاً فيما يتعلق بتوفير تأمين صحي أفضل أو تقليل رحلات السفر المتعلقة بالعمل أو الحصول على المزيد من الإجازات. ووجدنا أنه عندما أخبر مدير التوظيف المشاركين أنه لا يوجد شيء آخر يمكنه تقديمه لهم، كان المفاوضون الذين طُلب منهم التفكير في الخيارات أكثر ميلاً إلى مواصلة التفاوض مقارنة بالمفاوضين الذين طُلب منهم التفكير في القيود.

كشفت تجاربنا أيضاً أن هناك سلوكيات محددة يمكن للمفاوضين انتهاجها لتفعيل عقلية التفكير في الخيارات. على سبيل المثال، عند التخطيط لتفاوض ما، ينبغي لك إعداد قائمة بجميع الخيارات التي تؤمن أنك أنت ونظيرك تمتلكانها. يمكنك كتابة خياراتك على ورقة، وكتابة خيارات الطرف الآخر على الجهة الأخرى من الورقة. وبعد ذلك أحضِر هذه الورقة معك إلى المناقشة لتذكير نفسك بالخيارات في أثناء التفاوض.

احرص على التفكير فيما يمكن أن تكون عليه هذه الخيارات على نطاق واسع. على سبيل المثال، هذه هي الإشارة التي قدمناها للمشاركين في تجربة السيارة المستعملة: "يُرجى الآن التفكير في الخيارات المتاحة لدى البائع في هذا التفاوض، ربما تتعلق بالسعر المحدد الذي يمكنه قبوله مقابل السيارة أو بقدرته على تقديم ملحقات إضافية للسيارة".

في جميع دراساتنا، درسنا كيفية عمل عقلية التفكير في الخيارات في المواقف المنخفضة المخاطر نسبياً، ولكن بالطبع الحياة الواقعية مليئة بالعديد من المفاوضات العالية المخاطر. ومن الممكن أن يؤدي التوتر الناتج عن المفاوضات الصعبة العالية المخاطر إلى نسيان الأشخاص التركيز على الخيارات. ولذلك قد لا تكون كتابة الخيارات قبل المفاوضات كافية، وقد تحتاج إلى بذل جهود إضافية لتبنّي عقلية التفكير في الخيارات طوال المناقشة.

في المرة القادمة التي تستعد فيها لإجراء مفاوضات، احرص على التفكير في جميع الخيارات المتاحة لك وللطرف الآخر. وبدلاً من الرضوخ بعد سماعك "فلتقبل العرض كما هو أو ارفضه"، قد يمنحك هذا الثقة للاعتقاد بأنه لا يزال هناك مجال للتفاوض والحصول على ما تريد.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي