ملخص: من المحتمل أن يُطلب منك أداء عمل إضافي مع استمرار مشكلة النقص في أعداد الموظفين. ويفضل المدراء الطلب من أصحاب الأداء المتميز إنجاز المهام الإضافية، لكن عليك أن تكون حذراً قبل الموافقة عليها. يحدد كاتب هذا المقال أسباب رفض العمل الإضافي فيما يأتي: 1) عندما يؤثر العمل الإضافي على مسؤولياتك الرئيسية. 2) عندما يكون هذا العمل من مسؤولية موظف آخر. 3) عندما لا تتوفر استراتيجية واضحة لإنهاء الخدمة. 4) عندما يكون المطلوب منك غير معقول.
ضع في الحسبان معدل ساعات عملك الأسبوعي، ونسبة المهام اليومية التي تدخل ضمن نطاق الوصف الوظيفي لعملك. وإذا كنت مثل معظم أصحاب الأداء العالي فمن المحتمل أن تكون قد تحمّلت مسؤوليات عديدة خارج مهامك الأصلية، فإلى أي حد تسهم هذه الالتزامات الجديدة في تقدمك المهني بدلاً من أن تكون مجرد مصدر للإرهاق؟
في أعقاب موجة الاستقالة الكبرى وتنامي ظاهرة الاستقالات الصامتة وحملة تسريح العاملين التي تشهدها الولايات المتحدة الأميركية مؤخراً أصبح العديد من المهنيين مطالبين بإنجاز المهام بموارد بشرية أقل. وعندما عانت الشركات نقص الموظفين أعيد توزيع عبء العمل على العدد المتبقي من أعضاء فرق العمل. وإذا كانت زيادة مهام الموظفين تعزز مؤقتاً التزامهم وأداءهم الفردي، فإنها قد تقود على المدى البعيد إلى الاحتراق الوظيفي والإضرار بنتائج الشركات.
تُلقى المهام الإضافية على عاتق أصحاب الأداء العالي بصورة رئيسية. وحسب تجربتي كمدربة تنفيذية، لا يجد هؤلاء في هذه المهام فرصة لخوض التحديات والنمو فقط، بل يعمل العديد منهم بدافع الحاجة إلى إرضاء الذات وبلوغ التميز من خلال الحصول على النجمة الذهبية الشهيرة.
لنأخذ على سبيل المثال آيرين التي تدير مشروعاً تراجع عدد الموظفين العاملين فيه بنسبة 15%. أرادت آيرين بسبب لطفها وسخائها وإخلاصها (أحيانا لأسباب في غير محلّها) إثبات تحليها بروح الجماعة، وتخفيف الضغط عن مديرها في هذه الأزمة، فتطوّعت لتحمل مسؤولية 3 مهام رئيسية بعد 48 ساعة من مغادرة زملائها العمل، وبشكل يفوق طاقتها. وسرعان ما وجدت آيرين نفسها ملازمة لمقر العمل، قلقةً على الدوام، وعاجزة عن تخصيص وقت لنفسها أو أسرتها أو أصدقائها.
لا بأس بتقديم المساعدة عندما تمر الشركة أو الفريق الذي تنتمي إليه بأزمة نقص في عدد الموظفين، إلا أن عليك أن تتأكد أولاً من أنك تفعل ذلك لأسباب منطقية. وإذا كنت تميل إلى الموافقة على أي تكليف إضافي مثل آيرين، فإليك الطريقة المناسبة لرفض العمل الإضافي برفق واحترافية عندما لا يكون في مصلحتك.
1) احرص على رفض العمل الإضافي إذا كان سيؤثر على مسؤولياتك الرئيسية.
لنفترض أنك تعمل في فريق المنتج، وطُلب منك تقديم المساعدة في مجال التسويق، سرعان ما ستجد نفسك تنفق الكثير من الوقت في مراجعة المواد الترويجية إلى درجة ستؤثر على مسؤولياتك الرئيسية، مثل إنجاز بحوث المستخدمين أو تحديد الاستراتيجية.
وإذا كان تكليفك بمهمة ما سيحدّ من تركيزك على مسؤولياتك الرئيسية أو سيؤثر في قدرتك على تقديم عمل ذي جودة عالية بصورة دائمة، دون كسبك لمزايا مهمة على مستوى التعلّم والمهارات، فمن الأفضل أن ترفض هذه المهمة وتركز على عملك الأصلي.
وتجنّب أن تقول لمديرك: "أنا آسف هذه المهمة ليست ضمن الوصف الوظيفي لعملي"، فالنهج الأفضل في هذه الحالة هو استخدام أسلوب حساب العلاقات، أو أن تبين أن رفضك في مصلحة الجميع. ببساطة عليك أن ترد على طلب مديرك قائلاً: "إذا ساعدتك فسأخذل زملائي الآخرين"، أو أن تكون أكثر دقة وتقول: "لن أستطيع تقديم عمل في المستوى المطلوب لمشروعك، وسيتأثر عملي الآخر"، إذ تُظهر الأبحاث أن هذا الأسلوب يساعدك على الظهور بمظهر الشخص المهتم والواعي. كما يمكنك على سبيل المثال أن تشرح الأمر قائلاً: "أنا مضطر إلى الرفض، لأنني إذا خصصت وقتي لأنشطة التسويق، فسنتخلّف عن مواعيد مهمة لطرح المنتج وستتأثر أهدافنا الربحية بسبب ذلك".
2) احرص على رفض العمل الإضافي عندما يكون من مسؤوليات موظف آخر
كان من السهل في الماضي بفضل الفِرق المتشابكة والتعاون الفائق على سير العمل أن تتورط في عمل غير عملك، مثل مندوبي المبيعات الذين كانوا يجدون أنفسهم يردّون على مكالمات خدمة العملاء. فمديرة المشاريع آيرين التي ذكرتها سابقاً على سبيل المثال، وجدت نفسها تنجرّ إلى حل مشكلات كان يتعين على مدير العمليات توليها. فاتصلت بمديرها من أجل التوصل إلى اتفاق عملي وهي توضح: "لم يعد من الممكن أن أستمر في تنفيذ هذه المهام العملية، وهي أصلاً ليست من اختصاصي، والاستمرار في ذلك يؤدي إلى الارتباك، ويسعدني أن أوفر وثائق مفصّلة عن طبيعة العمل المطلوب حتى يتحمل فريق العمليات المسؤولية بعدي".
وإذا لم تكن معترضاً على إنجاز عمل إضافي أو تشعر أنه سيسهم في تطورك بشكل كبير، فعليك أن تحدد بالضبط ما تنتظره من مسؤولياتك الجديدة، كالتكليف بمهام أفضل في المستقبل، أو الترشح للترقية أو التنويه بك في اجتماع مجلس الإدارة. وضع في اعتبارك مسألة الزيادة في التعويضات حتى تعكس القيمة التي تضيفها بهذا العمل. ويمكنك أن تطلب ذلك بالقول: "لقد تحملت خلال الأشهر الستة الماضية مسؤوليات عديدة، فما هي الطريقة الأفضل لضمان التناسب بين تعويضاتي ونطاق عملي المتزايد؟".
3) احرص على رفض العمل الإضافي عندما لا تتوفر استراتيجية واضحة لإنهاء الخدمة
لا تقبل العمل الإضافي إلا إذا عرفت نطاق المهام التي يشملها، لأن عليك تجنّب سوء الفهم الذي قد يحصل، فليس من مصلحتك أن يكون الاتفاق حولها غير محدد المدة. وعندما يطلب منك مديرك أن تشارك في مبادرة جديدة فاطلب التفاصيل، كأن تعرف المدة الزمنية التي يستغرقها عملك في المشروع، والاجتماعات التي سيتعين عليك حضورها.
وإذا قررت بعد هذه التوضيحات ألّا تقبل العمل الإضافي لأن فرصة الرفض تبدو لك أكبر، فيمكنك أن تعتذر لمديرك ممتناً بالقول: "شكراً على الفرصة، يبدو هذا المشروع مهماً، لكن سيكون من غير الأخلاقي أن ألتزم به وأنا أعرف أنني لن أمتلك القدرة ولا الموارد لتحقيق الهدف المطلوب مني".
كما يمكنك أيضاً أن تعرض مساعدة بسيطة، كحضور اجتماعات العصف الذهني أو قبول المشاركة في مشاورات إعداد مسودة خطة العمل. قدم هذه المساعدة لتثبت أنك شخص فعال وتتمتع بروح الجماعة.
4) احرص على رفض العمل الإضافي عندما يكون المطلوب منك غير معقول
قد تطلب منك القيادة العليا إنجاز خطة عمل كاملة في ظرف يومين، وأنت تعلم أن ذلك مستحيل، فماذا ستفعل؟ حاول أن تعبر عن رفض إيجابي يسمح لك بالحفاظ على وقتك مع الاستمرار في تعزيز علاقتك بالقيادة، ووضّح في ردك على الطلب ما يمكنك إنجازه في اليومين المحددين. فتقول على سبيل المثال: "لا يمكنني تسليم التقرير الكامل لخطة العمل بعد ظهر يوم الجمعة، كل ما أستطيع إنجازه هو إعداد مسودة أولية عن الفصل الأول. ما رأيك"؟ أو أن تقترح تعديل موعد تسليم العمل قائلاً: "سمعت أن هذا الموضوع مهم، وتسليمه يوم الجمعة غير ممكن، لكن يمكنني إنهاؤه بعد ظهر يوم الاثنين".
وربما يمكنك أيضاً تقديم شخص بديل للقيادة بمقدوره تقديم المساعدة أو يمكن التعاقد معه من أجل تنفيذ المهمة، فترد على الطلب قائلاً: "هذا ليس مجال خبرتي، لكنني سأرسل لك اسم زميل أقترح أن تكلفه بهذا العمل".
لا يمكنك الاعتراض على كل المهام الإضافية التي يتم تكليفك بها، لكن رفضها لأسباب منطقية يمكن أن يساعدك على الشعور بالمزيد من الثقة والتمكين.