زيادة التوتر تأتي مع زيادة المسؤوليات

2 دقائق
أسباب التوتر في العمل

افترض الباحثون الاجتماعيون، على مدار سنوات عديدة من البحث عن أسباب التوتر في العمل، أن الأشخاص الذين يعملون في مناصب رفيعة لا يتعرضون للكثير من ضغوط العمل مقارنة بالأشخاص ذوي المناصب الأقل، وذلك لأن كبار الموظفين يتمتعون بسلطة واستقلالية واستقرار أكبر. إلا أن هذا الافتراض لم يعد محل قبولٍ مؤخراً، وذلك وفق دراسات ترى أن ساعات العمل الأطول والمسؤوليات الأكبر تسبب المزيد من التوتر لدى الموظفين في المناصب العليا. لكن، وبما أن الأبحاث حول هذا الموضوع تعتمد على معلومات تم تدوينها من الذاكرة بعد حصول الوقائع، مثل الاعتماد على المذكرات الشخصية، فإنه يبقى من الصعب تحديد وجهة النظر الأكثر دقة.

فرضية زيادة التوتر مع زيادة المسؤوليات

تحاول دراسة جديدة التعرف على الانطباعات اللحظية وتقدم دليلاً تجريبياً على فرضية "زيادة التوتر مع زيادة المسؤوليات". فقد قام فريق من الباحثين بقيادة سارة داماسكي من جامعة "بنسلفانيا"، بالعمل مع 115 موظفاً يعملون بدوام كامل، وقيّموا حالتهم على السلّم الاجتماعي والاقتصادي -"أعلى" أو "أدنى"- وذلك بناءً على معيارَي الدخل ومستوى التعليم. وباستخدام أجهزة لوحية كفّية، أشار الموظفون إلى حالة مزاجهم ودرجة توترهم عند تلقي إشارات صوتية عدة مرات خلال اليوم على مدار 3 أيام. وقد أجاب الموظفون عن "ملاحظات عابرة" فيما يتعلق بوظائفهم، مثل سؤالهم عن شعورهم حين تلقوا إشارة ما، بدلاً من سؤالهم عن شعورهم بشكل عام. كذلك جمع الباحثون عينات من لُعاب الموظفين لقياس مستوى الكورتيزول، وهو المؤشر الحيوي المتعلق بالتوتر.

اقرأ أيضاً: كيف تتأقلم مع التوتر السلبي؟

لقد أشار أصحاب الوظائف العليا (قد تشتمل هذه الفئة على الأطباء والمدراء وأساتذة الجامعة) إلى مستوى أعلى من التوتر ومستوى أقل من السعادة مقارنة بأصحاب وظائف أقل مستوى (كالعمال في مطاعم الوجبات السريعة، أو الحراس أو موظفي الرعاية الصحية المنزلية وغير ذلك). فما الذي يفسر ارتفاع مستوى التوتر لدى هذه الفئة مقارنةً بغيرها؟ لا يوجد سبب واضح تماماً لتفسير هذه الحالة. فمثلاً، يقول الباحثون إن مثل هذه الوظائف تتطلب مصادر غير متوافرة، كالحصول على المزيد من الوقت أو الموظفين المساعدين، أو أن الموظفين في هذه الوظائف يتوقعون أن يكون لديهم مصادر أكثر مما هو موجود لديهم. وبغض النظر عن التفسير المطروح، فإن هذه الملاحظات الآنية ارتبطت بالتوتر وتعكّر المزاج: عندما اعتقد الموظف أن لديه موارد كافية أو شعر بإيجابية تجاه العمل أو الزملاء، فإنه كان يشير إلى أنه كان أكثر سعادة ويعاني من توتر أقل.

تجد الأبحاث أيضاً أن التوتر يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمقدار ما يتطلبه العمل من جهد، ولكن الصورة ليست واضحة تماماً في هذا الصدد. كثيراً ما يشعر الموظفون في الوظائف ذات الرتب العالية أنهم مقصّرون في عملهم- ولكن حتى في اللحظات التي كانوا يحققون فيها النجاح كانوا يشيرون إلى أنهم أقل سعادة وأكثر توتراً، وذلك حسب تقييمهم الشخصي ومستويات الكورتيزول في تحليل اللعاب. يقول الباحثون: "بالرغم من أن أداء المهام المطلوبة يبدو أمراً إيجابياً، فقد تحقق بتكاليف على مستوى الجسد والعاطفة والإدراك، كما أنه استدعى مقداراً من الجهد يسبب التوتر لصاحبه".

تؤكد داماسك وزملاؤها أن نتائج الدراسة التي تحدثت عن أسباب التوتر في العمل لا تعني بالضرورة أن الوظائف الأدنى في السلم الإداري هي أفضل للناس، فقد تكشف الأبحاث في المستقبل أن التوتر في حالة هؤلاء الموظفين يظهر في البيت أكثر مما يظهر في بيئة العمل. أما الآن فينصح الباحثون المدراء بإيلاء المزيد من الانتباه لتحديد ما إذا كان الموظفون يشعرون بأنهم قادرون على أداء مهام عملهم ولديهم مصادر كافية لتحقيق النجاح.

اقرأ أيضاً:

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي