ملخص: مع زيادة اعتمادنا على هواتفنا الذكية لتخزين تفاصيل جهات الاتصال، وعلى التقويمات الافتراضية لتذكيرنا بأعياد ميلاد أصدقائنا وأقاربنا، وبفضل محركات البحث القوية مثل جوجل لم نعد بحاجة إلى بذل جهد كبير لتذكّر المعلومات مثلما كنا نفعل في السابق. ومع ذلك، يمكنك استخدام حيل تقوية الذاكرة لجذب انتباه العملاء والنظراء وأصحاب المصلحة المهمين في شركتك، خاصة إذا كنت موظفاً جديداً تسعى إلى بناء سمعة طيبة؛ إذ تعكس قدرة الفرد على تذكّر الأسماء والتفاصيل الدقيقة حول احتياجات الآخرين ورغباتهم مستوى عالياً من الاحترام والاهتمام والذكاء.
- خاطب الآخرين بأسمائهم الأولى. لا يمكن إنكار قوة الأسماء؛ فقد أظهرت الأبحاث أن سماع اسمك يولد استجابة عصبية تلقائية وقوية ومؤثرة. عند مقابلة شخص ما، كرر اسمه مباشرة بعد أن يخبرك به، ثم حاول تكرار اسمه مرة أخيرة قبل وداعه، سيساعدك ذلك على تثبيت الاسم في ذاكرتك.
- اختبر نفسك مسبقاً. قبل أن تقرأ ملاحظاتك استعداداً لاجتماع المتابعة مع العميل، حاول أن تتذكر التفاصيل الأساسية المتعلقة بالعميل أو زميل العمل واحتياجاته، مثل المشكلة الرئيسية التي يواجهها والتي تحاول البحث عن الحلول الممكنة لها وأهدافه القصيرة أو البعيدة المدى. تُظهر الأبحاث أننا نستطيع الاحتفاظ بمزيد من المعلومات وتذكّرها من خلال محاولة تخمين الإجابة قبل أن نحصل على الإجابة الصحيحة.
- حاول أن تُبهر الآخرين بأدائك. تضعف ذاكرتنا بمرور الوقت وتنخفض قدرتنا على الاحتفاظ بالمعلومات إلى حد كبير بعد وقت قصير من التعلم، لذا من المهم تثبيت المعلومات ومراجعتها بعد فترة وجيزة من تلقيها، ولتتمكن من ذلك، احرص على استخدام الصور والعناصر البصرية في عملية التعلم من خلال أدوات التفكير المكاني مثل الخرائط الذهنية. تعكس الخرائط الذهنية نمط التفكير الطبيعي للدماغ، حيث تكون الفكرة المركزية في المنتصف وتتفرع منها الأفكار المرتبطة بها في اتجاهات مختلفة. يسمح لك هذا الأسلوب بتنظيم المعلومات بصرياً وحتى إضافة عناصر مثل الصور والألوان ضمن الإطار العام للخرائط الذهنية.
يستخدم معظمنا في مرحلة ما عبارات مثل "ذاكرتي مثل الغربال" أو "ذاكرتي مثل ذاكرة السمكة"، وعلى الرغم من أننا نستخدم هذه التعابير عادة في حالة الإحباط نتيجة نسيان معلومات معينة، فإنه ليس وصفاً خاطئاً تماماً لعملية النسيان، ففي نهاية المطاف، أدمغتنا هي آلات طبيعية ومعقدة، وإذا عملنا على تخزين التفاصيل والمعلومات الصغيرة التي نتعرض لها جميعها، فستصل إلى سعتها القصوى بسرعة، فتصفية المعلومات غير المهمة ضرورية لوظائف الدماغ العصبية.
لكنّ المشكلة تظهر عندما نفقد قدرتنا على تذكر المعلومات المهمة التي نرغب في الاحتفاظ بها.
في الوقت الحاضر، يبدو أن نسيان المعلومات أصبح أكثر شيوعاً وسهولة من أي وقت مضى. فحياتنا مليئة بالمشتتات، ومع سهولة الوصول إلى محرك البحث جوجل لم نعد بحاجة إلى بذل جهد كبير لتذكر المعلومات مثلما كنا نفعل في السابق. لهذا السبب تحديداً، يمكن أن تكون حيل تقوية الذاكرة وسيلة قوية لجذب انتباه العملاء والنظراء وأصحاب المصلحة المهمين في شركتك، خاصة إذا كنت موظفاً جديداً تسعى إلى بناء سمعة طيبة، إذ تعكس قدرة الفرد على تذكّر الأسماء والتفاصيل الدقيقة حول احتياجات الآخرين ورغباتهم مستوى عالياً من الاحترام والاهتمام والذكاء. بالإضافة إلى أن الذاكرة العاملة الجيدة ترتبط بزيادة السعادة والتفاؤل في الحياة عموماً.
إليك 3 حيل رئيسية لتقوية الذاكرة وإبهار الأشخاص الذين تريد جذب انتباههم وإثارة إعجابهم.
خاطب الآخرين بأسمائهم الأولى
يقول البعض إن الانطباع الأول مهم جداً ولا يمكن تغييره بسهولة، لكن يمكنك بالتأكيد رسم انطباع قوي خلال اللقاء الأول ما يساعدك على الاستمرار في تعزيز العلاقة ورسم انطباعات إيجابية في المستقبل، وذلك من خلال تذكّر أسماء الأشخاص. لا يمكن إنكار قوة الأسماء؛ فقد أظهرت الأبحاث أن سماع اسمك يولد استجابة عصبية تلقائية وقوية ومؤثرة. في دراسة أجراها معهد دراسة نمو الطفل (The Institute for the Study of Child Development)، أظهرت فحوص التصوير بالرنين المغناطيسي أن النصف الأيسر من الدماغ ينشط عندما يسمع الشخص اسمه (وهو شيء لا يحدث عند سماع اسم شخص آخر)؛ يمكن أن تكون هذه الطريقة فعالة ومفيدة جداً عند محاولة ترك انطباع إيجابي لدى شخص ما في بيئة العمل.
إذاً، كيف يمكنك أن تفعل ذلك؟
ثمة خطوات مهمة لتذكّر اسم الشخص. الطريقة الأولى هي أن تكرر اسم الشخص مباشرة بعد أن يخبرك به؛ إذ يسمح لك ذلك بالتأكد من صحة اسم الشخص ونطقه بطريقة صحيحة ويعكس اهتمامك واحترامك له، بالإضافة إلى أنه يمنحك مزيداً من الوقت لفهم الاسم وتثبيته في ذهنك قبل استمرار المحادثة، والأهم هو أنه يساعدك على ابتكار صورة ذهنية أو رابط بصري يسهل عليك تذكر الاسم لاحقاً.
هل نظرت يوماً إلى شخص ما وقلتَ في نفسك: "أنا أعرف هذا الشخص، لكنني لا أتذكر اسمه". ترتبط ذاكرتنا البصرية بالفص الصدغي الأوسط من الدماغ، وهي المنطقة المسؤولة عن معالجة العواطف أيضاً. يتميز التركيب العصبي للدماغ بقدرته على ربط المحفزات البصرية بالاستجابات العاطفية بسهولة، التي تعمل معاً على تعزيز الذاكرة وتحسينها. وبعبارة أبسط، فإن قدرتنا على تذكر الإشارات البصرية أو الصور تفوق قدرتنا على تذكر الأسماء. لذلك، ليس مستغرباً أن تُظهر دراسة أجرتها شركة ثري إم (3M) أن الصور أو العناصر البصرية يمكن أن تحسّن عملية التعلم بنسبة تصل إلى 400%.
لتسهيل عملية تذكر الأسماء، ابتكر روابط بصرية أو صوراً ذهنية. يمكن أن يكون هذا الرابط عادياً أو غريباً بحسب رغبتك؛ إذ يجب أن يكون مفيداً لك فقط في عملية التذكر. على سبيل المثال، إذا كان اسم الشخص الذي تقابله أحمد، فقد تفكر في ابن عمك أحمد الذي يضحك بصوت عالٍ، أو ربما تفكر في أحد المشاهير الذي يحمل الاسم نفسه ويملك صوتاً مميزاً. يمكنك أيضاً استخدام هذه الحيلة عند مواجهة شخصين يحملان الاسم نفسه أو اسمين متشابهين من خلال تضمين إحدى صفاتهما البارزة في الرابط البصري الذي أنشأته في ذهنك من أجل التمييز بينهما، على سبيل المثال، ربما يكون شعر أحدهما مجعداً، في المقابل يتميز الآخر بغمازتين في خديه.
حاول تكرار أسم الشخص مرة أخيرة قبل وداعه لزيادة قوة الذاكرة وتحسينها، سيساعدك ذلك على تثبيت الاسم في ذاكرتك.
اختبر نفسك مسبقاً
كيف تستعدّ لاجتماع متابعة مع عميل أو زميل في العمل؟ على الأرجح، ستقرأ الملاحظات التي كتبتها خلال اجتماعك الأخير وتحتفظ بها في متناول يدك حتى تتمكن من الرجوع إليها لتبدو مستعداً للاجتماع، لكن في الواقع، قد يكون من الأفضل أن تحاول تذكر المعلومات قبل الرجوع إلى ملاحظاتك، على الرغم من أن هذا الأمر قد يبدو غير بديهي.
قبل اجتماعك أو مكالمتك مع العميل أو زميلك في العمل، حاول الإجابة عن مجموعة من الأسئلة الرئيسية المتعلقة به وباحتياجاته:
بالنسبة للعميل، قد تتضمن الأسئلة ما يلي:
- ما هو تاريخ شركته وحجمها وغيرها من التفاصيل؟
- ما هي التحديات الرئيسية التي يواجهها؟
- ما هي الأهداف التي يسعى لتحقيقها على المديين المنظور والبعيد؟
- ما هي المشكلة التي نحاول معالجتها؟
أما بالنسبة لزميل العمل، فقد تشمل الأسئلة ما يلي:
- ما هو الطلب الذي وجهه إليك؟
- ما هي النتيجة التي كان يسعى إلى تحقيقها؟
- ما هو الوقت المتاح لديك لإنجاز هذا المشروع؟
- كيف يؤثر الحل الذي تقدمه في الأهداف البعيدة المدى للشركة؟
بعد الإجابة عن هذه الأسئلة، يمكنك مراجعة ملاحظاتك للتحقق من دقة ما تذكرته ومعرفة التفاصيل التي غابت عن ذهنك وتصحيح المعلومات الخاطئة. أظهرت الأبحاث التي أجراها علماء النفس في جامعة كاليفورنيا أن الطلاب يحتفظون بقدر أكبر من المعلومات وتزداد قدرتهم على تذكرها عند محاولة تخمين الإجابة قبل حصولهم عليها، وذلك مقارنةً بنتائج الدراسة التقليدية فقط دون إجراء أي محاولات لتخمين الإجابة (حتى عندما يمتلكون وقتاً أطول لتذكر المعلومات). وقد تكررت هذه النتيجة باتساق مذهل في كل مرة. باستخدام هذه الأداة، يمكنك تذكر معلومات واسعة حول عملائك أو زملائك في العمل واحتياجاتهم بطريقة أفضل دون الحاجة إلى قراءة ملاحظاتك. ومن خلال تركيز انتباهك المستمر عليهم، بدلاً من التركيز على ملاحظاتك، سيشعرون بأنك تهتم بهم وتستمع إليهم وتفهمهم.
حاول أن تُبهر الآخرين بأدائك
يختلف فهم المعلومة ما عن تذكرها تماماً، إذاً، كيف نحتفظ بالمعلومات بمجرد تلقيها؟ يوضح نموذج "منحنى النسيان" (Forgetting Curve)، وهو نموذج شهير للذاكرة وضعه عالم النفس إيبينغهاوس، النقطة الزمنية التي تبدأ فيها ذاكرتنا بنسيان المعلومات؛ بفضل هذا النموذج يمكننا تجنب نسيان المعلومات المهمة من الأساس.
تضعف ذاكرتنا بمرور الوقت وتنخفض قدرتنا على الاحتفاظ بالمعلومات إلى حد كبير بعد وقت قصير من التعلم، لذا من المهم تثبيت المعلومات ومراجعتها بعد فترة وجيزة من تلقيها، ويمكن أن تسهم طرق التعلم التي نتبعها في تحسين الذاكرة أيضاً. على سبيل المثال، ترتبط الصور والعناصر البصرية بتحسين الاحتفاظ بالمعلومات وتذكرها.
يمكنك دمج الصور والعناصر البصرية في عملية التعلم من خلال أدوات التفكير المكاني، مثل الخرائط الذهنية؛ يمكن تسمية الخريطة الذهنية أيضاً باسم "العصف الذهني" أو "مخطط العنكبوت" (Spider Diagram)، وهي تعكس نمط التفكير الطبيعي للدماغ إذ تكون الفكرة المركزية في المنتصف وتتفرع منها الأفكار المرتبطة بها في اتجاهات مختلفة، تسمح هذه الهيكلية بتنظيم المعلومات بصرياً وحتى إضافة عناصر مثل الصور والألوان ضمن الإطار العام للخرائط الذهنية. وجدت إحدى الدراسات أن الخرائط الذهنية تعمل على تحسين القدرة على الاحتفاظ بالمعلومات وتذكرها بنسبة تتراوح بين 10% إلى 15%، بالإضافة إلى أن هذه الخرائط مرنة جداً. يمكنك استخدام الخرائط الذهنية لرسم مخطط للأفكار الرئيسية في الكتب المهمة والتعمق في موضوع أو مجال معين، بالإضافة إلى إمكانية استخدامها لتقديم أفكار معقدة للآخرين بطريقة مبسطة.
ثمة أداة قوية أخرى لتحسين التذكر، وهي تقنية "قَصر الذاكرة" (The Memory Palace). تعتمد هذه النظرية على حقيقة أننا نتمتع بقدرة كبيرة على تذكر الأماكن التي نعرفها جيداً، مثل المنزل أو الطريق الذي نسلكه عند الجري وممارسة الرياضة كل صباح.
ابدأ باختيار المكان، مثل الطريق الذي تسلكه كل صباح لممارسة الجري. تكمن فعالية هذه الطريقة في القدرة على تخيل المكان الذي تختاره أو التجول فيه ذهنياً، لذلك، يجب عليك أن تعرف هذا المكان جيداً. الآن، تجوّل في المكان الذي اخترته مع محاولة تخيل أكبر قدر ممكن من التفاصيل. ما هو أول شيء تراه عندما تبدأ بإجراء عمليات الإحماء؟ سياج خشبي. ماذا أيضاً؟ ربما يكون هناك شارع تتوزع المنازل على جانبيه، بالإضافة إلى بعض الشجيرات؟ ثم يظهر النهر مع أشجار الصفصاف التي تصطف على ضفافه.
ابدأ الآن بربط المعلومات التي تريد الاحتفاظ بها في ذاكرتك بتفاصيل هذا المكان. ابحث عن شيء في ذلك المكان يمكن ربطه بالمعلومات التي ترغب في تذكرها. يمكن ربط السياق والمعلومات الأساسية التي قدمها لك العميل بالسياج الخشبي، ويمكن ربط الاقتراحات التي قدمتها له بالشارع المؤدي إلى النهر، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تذكّرك أشجار الصفصاف بالأفكار أو الخيارات المرفوضة أو المستبعدة، ويمكن أن يمثل النهر الحلول الممكنة التي اقترحتَها. تخيل المكان الذي ربطت به هذه المعلومات وتجول فيه (في كلا الاتجاهين)، وراجع التفاصيل والروابط التي أنشأتها.
على الرغم من أننا جميعاً نتعرض لنسيان بعض المعلومات من وقت لآخر، وهذا أمر طبيعي تماماً، فإن هذه النصائح يمكن أن تساعدك على تقوية ذاكرتك والاحتفاظ بالمعلومات المهمة وإبهار الناس بقدرتك على الاحتفاظ بالمعلومات وتذكّرها.