6 أسئلة تساعدك في التخلص من الكسل وتغيير حياتك للأفضل

6 دقيقة
بعض الأسئلة
shutterstock.com/Shining Pro

ملخص: الكسل والمماطلة طبيعة إنسانية، إذ إن نحو 95% من الناس يعترفون بتأجيل العمل، وفقاً مؤلف كتاب "معادلة التسويف" (The Procrastination Equation)، لكن إذا كانت رغبتك في تحسين حياتك أقوى من رغبتك في التكاسل والاستمرار بالأعمال غير المجدية فأنا أهنئك، وسأحاول مساعدتك من خلال بعض الأسئلة التي إن أجبت عنها ستتمكن من تحديد هدفك ومسيرتك في حياتك بشكل سليم: لماذا أنت هنا؟ ماذا تريد؟ ما هو مدى أهمية الأمر؟ ماذا سيتطلب تحقيق هذا الأمر؟ مَن إلى جانبك؟ ما هو هدفك؟ ما الذي يفطر قلبك؟

لنتحدث صراحة ودون مواربة؛ الحياة قصيرة والوقت المتاح فيها أقصر مما نعتقد، ولن تنقذك معجزة غير متوقعة مما أنت فيه. لهذا، بدلاً من النصائح المبتذلة حول بذل الجهود من أجل الوصول إلى القمة، دعني أوجه إليك سؤالاً متواضعاً: هل تريد أن تجعل السنوات أكثر من مجرد وقت تمضيه سدى، أم تريد أن تمضي عاماً آخر وأنت تقدم أداءً متوسطاً وتتخبط في مأساتك التي فرضتها على نفسك في محاولة لتحقيق أهداف باهتة غير ذات معنى؟

إذا كانت رغبتك في تحسين حياتك أقوى من رغبتك المناقضة في التكاسل والاستمرار بالأعمال غير المجدية فأنا أهنئك، وسأحاول مساعدتك من خلال بعض الأسئلة البسيطة.

لماذا أنت هنا؟

لا أقصد بهذا السؤال إثارة أزمة وجودية تتخللها نوبة ذعر تجعل نبضك يتسارع (أو ربما هذا ما أريده)؛ فلنتحدث ببساطة. هذا العام: لماذا أنت هنا حقاً؟ ثمة الكثير من الأجوبة لهذا السؤال الأهم، لكنها ليست على الدرجة نفسها من الصواب أو العمق؛ فمنها أجوبة ضعيفة إن اعتمدتها سيكون عامك طويلاً باهتاً ومملاً أشبه بيوم عطلة ممطر ورتيب، وثمة أجوبة أفضل قد تساعدك على بدء مرحلة رائعة من حياتك تستحق أن تعيشها بأبعادها كلها. سأبسّط لك الأمور.

ماذا تريد؟

إليك فيما يلي بعض الأجوبة المنطقية تماماً؛ إذا كانت الطموحات الرتيبة والمتوسطة هي أقصى ما تحلم به لهذا العام، فهي المال والعلاقات الشخصية والسلطة والشهرة ومتابعة البرامج التلفزيونية عن حياة المشاهير. ولكن ثمة أجوبة أفضل إذا كنت تسعى إلى قضاء عام تملؤه حياة سعيدة هادفة، وهي تحقيق أمر ذي قيمة، وتغيير واقع سيئ، وصنع ابتكار يحدث تحولاً واضحاً، وبناء شيء مهم، وخوض تجارب حقيقية، وتنفيذ أعمال مهمة.

ما هو مدى أهمية الأمر؟

ستتعلق بعض الأجوبة المناسبة إن كنت تسعى إلى قضاء عام في كسل وخمول بتحقيق أهداف تهم مديرك أو مديره أو المدراء الأعلى، أو أهداف تهم المساهمين والأسواق و"المستهلكين". أما إن كنت تريد أن تشعر بالفخر بما أنجزته في هذا العام وتستمتع بأثره لاحقاً، فالأجوبة الأفضل تتعلق بما يهم المجتمع والبشرية والمستقبل، وما يعزز روح الابتكار الخالدة التي تميز التفوق البشري، لا ما يتعلق بالروبوتات المصاصة للدماء التي تملأ الجزء الأكبر من عالمنا المبتذل الباهت الممل الكئيب الذي يعتمد على الإعلانات التجارية وبيع المنتجات، والذي يميز ما نسميه اليوم نظاماً اقتصادياً.

ماذا سيتطلب تحقيق هذا الأمر؟

لن تنعم بحياة ذات قيمة إذا اعتمدت على قدرات ومهارات منهكة ومبنية لتحقيق أهداف تقليدية وروتينية؛ بل يجب أن "تستعمل" عقلك بالكامل، وتتعلم كيفية الاستفادة من كيانك كله: عقلك وقلبك وروحك وجسدك. وإذا كان هدفك أن تنعم بحياة ذات معنى وقيمة، فعليك تقوية مهارات أسمى من المهارات العلمية الزائفة والارتقاء عن الصورة النمطية للموظف الأنيق الذكي البارع في عمله ولكنه جشع محتال يغدر بزملائه ويتملق لمدرائه، وأن تركز على فنون التعاطف والتواضع والشغف والتخيل والتمرد وغيرها.

مَن يقف إلى جانبك؟

إن الحياة ذات المغزى لا تشبه الحياة التي تصورها الأفلام الكلاسيكية، وأنت لست البطل المطلق في قصتك مثل أبطالها؛ فالنزعة الفردية الصارمة جذابة نظرياً، لكن الحقيقة هي أنك لن تتمكن من تحقيق إنجاز ذي قيمة حقيقية بمفردك. إذاً، من هم مرشدوك وحلفاؤك، ومن هم أصدقاؤك وأقرانك؟ من يدعمك ويوجه أشرعة سفينتك ويساعدك على قيادتها؟ إليك هذه النصيحة: إذا رأيت سفينتك فارغة فعليك أن تتعلم فن القيادة؛ يجب أن تتحدى الآخرين وتحفزهم وتلهمهم وتتواصل معهم، ثم تحثهم بشدة على تقديم أفضل ما لديهم، لأن أفضل ما لدينا هو ما يرتقي بقدرتنا على الحب، وهو العملة الحقيقية للحياة السعيدة. ولهذا نسعى إلى اكتساب احترام الأشخاص المهمين حقاً ونمنحهم الحب، فهم أولى ممن يهتمون بإرضاء الآخرين فحسب.

ما هو هدفك الحقيقي؟

إن كنت تريد أن تعيش حياة سعيدة، فعليك أن تعتمد على بوصلة أخلاقية؛ أي نظام معتقدات يساعد على تحديد هدفك الحقيقي ويشير إلى القيم السامية التي تحمل مغزى حقيقياً دائماً. على ما يبدو، كانت الجوائز هي الهدف الحقيقي للدرّاج الرياضي لانس آرمسترونغ لا البطولات، ولذا أنا متأكد من أن حياته تبدو الآن قاحلة وفارغة ومهدورة. إذاً، ما هو هدفك الحقيقي؟ ما هو الاتجاه الذي ستجد فيه ما يجعل حياتك "ذات قيمة"؟ هل يشير هدفك الحقيقي إلى الاستهلاك والمكانة والمعاملات، بدلاً من الاستثمار والإنجازات والعلاقات؟ إذا كان هدفك هو الأول، فأنا متأكد من أن الحياة ذات القيمة التي تنشدها ستبقى بعيدة المنال، شأنك شأن لانس.

ما الذي يفطر قلبك؟ 

لطالما سمعنا نصيحة أن نسعى وراء شغفنا، لكن كيف نعثر عليه؟ سأصوغ السؤال بطريقة أخرى: ما الذي يفطر قلبك في هذا العالم؟ انطلاقاً من هذا السؤال يمكنك أن تبدأ رحلة العثور على ما يحرك مشاعرك. إذا أردت العثور على شغفك فاستسلم لما يحزنك. سيدلك حزنك على هدفك الحقيقي بدقة أكبر، وستعبّر صعوبة الرحلة نحو ذاك الهدف عن شغف حقيقي، لا مجرد افتتان شاعري عابر.

ما هي قيمة هذه الحياة بالنسبة إليك؟

إن الحياة الرائعة ليست مجرد وقت تقضيه في الاحتفال رفقة مجموعة من الأصدقاء في المقاهي والنوادي الترفيهية، وإليك الحقيقة المرة: سيتطلب عيش الحياة الرائعة أكثر مما تنادي به العبارات القديمة المهترئة المتمثلة في العمل الجاد والإخلاص والالتزام والمثابرة؛ سيتطلب منك أن تمر بلحظات ينفطر فيها قلبك حقاً، وتشعر فيها بالحسرة والحزن والأسى وخيبة الأمل، وأنت وحدك تحدد ما تستطيع تحمله، هل الأمر يستحق كل هذا العناء؟ حقق آرون شوارتز إنجازات مذهلة خلال حياته القصيرة التي لم تدم أكثر من 26 عاماً، وتعرض لملاحقة قضائية شرسة من مدّعٍ عام متعجرف كانت أحد الأسباب التي دفعته إلى الانتحار بطريقة مأساوية في نهاية المطاف. ومن المعروف أيضاً أن الفنان فان كوخ فقد حياته من أجل فنه. يفرض علينا السعي نحو عيش حياة ذات قيمة السؤال الآتي على الدوام: هل يستحق الأمر كل هذا العناء؟ هل يستحق تحقيق نجاح غير مسبوق هذا الشعور بالغم والكآبة؟ هل يستحق الإنجاز هذا الدمار؟ وهل ستعوض البهجة هذا الألم؟ وربما يتساءل أحدنا: هل ستصبح لحظات الشعور بمرارة اليأس في نهاية المطاف هي اللحظات التي نعتز بها أكثر من غيرها؟ لا جواب سهل، ولا قاعدة مبسطة يمكن تطبيقها على الحالات كلها. موازين الحياة حاضرة أمامنا على الدوام، وغالباً ما تستوجب منا أن نقيّم الأعباء المترتبة على خياراتنا بدقة.

بطبيعة الحال، قد تقرأ ما سبق وتقول متمتماً: "بالله عليك رجل؟ من تظنني؟ لا أريد سوى مكافأة مالية ضخمة، وعضوية مدى الحياة في نادي الشخصيات المهمة، ومفاتيح سيارة مازيراتي فاخرة". في هذه الحالة، أرحب بك في نادي الطموحات الوسطية؛ فالوسطية لا تعبّر عن المهاجر الفقير الذي يعيش ظروفاً صعبة في أعمال متواضعة، بل تعبّر عن الفتى الثري والمحظوظ الذي يمكنه أن يعيش حياة رائعة، لكنه يرى أنها تقتصر على العيش في شقة فاخرة والعمل في مكتب فاره وامتلاك سيارة رياضية وآلة صنع قهوة تحمل علامة تجارية شهيرة؛ هذه كلها أشياء جميلة، لكنها ليست الهدف الحقيقي في الحياة. فالحقيقة البسيطة والصالحة لكل زمان هي أن لذة الإنجاز لا تكمن في الانتصار فقط، ووهج السعادة لا يكمن في امتلاك الأشياء فقط، وكمال الأهداف لا يكمن في تحقيق الرغبات فقط؛ يمكنك العثور على هذه المعاني فقط في استكشاف الإمكانات البشرية الكاملة.

ولهذا، أريد منك، في كل لحظة من كل يوم من هذا العام ومن كل عام يليه أن تحدد آفاق الإمكانات التي لم تكتشفها بعد؛ أي قدرتك على أن تعيش حياة مليئة بالأحلام والدهشة والخيال والابتكار والبناء والتغيير والتحسين والمحبة، وأن تجعل فن الاستمتاع بالحياة جزءاً لا يتجزأ من كل لحظة من لحظات وجودك.

لقد تعلمنا أن نكون أشخاصاً مطيعين وعقلانيين، والعقلانيون لا يؤمنون بالسحر في هذا العالم، لكنهم مخطئون؛ فثمة سحر هادئ وكامن نحمله في داخلنا، في كل لحظة من لحظات حياتنا، وهو قدرتنا على إدراك قيمة الحياة على نحو يتجاوز التفاصيل الدنيوية ويصل إلى المغزى، ويتجاوز المألوف ويصل إلى التميز، ويتجاوز المجرد ويصل إلى الملموس، ويتجاوز النزعة الفردية ويصل إلى الشمولية. وعندما نرفض هذه الهبات الأثمن والأصدق في هذه الحياة، نهدر المغزى الأساسي من بشريتنا، وتصبح حياتنا تربة قاحلة خالية من الروح، أشبه بصحراء لم تمسها الحياة قط؛ وهذه هي الحياة التي نعيشها فعلاً. ولهذا، فإن هذه القدرة السحرية الكامنة التي نمتلكها جميعاً هي أقرب ما يكون إلى التزام وجودي يجب أن نرقى إلى مستواه، وعندما لا نكتفي بقبول هذا الالتزام بل نفي به بأقصى ما أوتينا من قوة، سنتمكن من التصالح مع فنائنا، لا مع ندمنا فحسب؛ وسنتمكن من التملص من العبث المدمر، لا من ضعف أنفسنا فحسب؛ وسنتمكن أخيراً من اكتشاف انتقام الحياة من الزمن في نهاية المطاف، لا انتقام الزمن من الحياة فقط، وهي نعمة دائمة لكل من هشاشة الحياة وكمالها .

لا أدّعي أن الكلام المذكور آنفاً ثوري كله أو جديد أو غير واضح حتى، فدروس الحياة الرائعة ليست كذلك، بل هي حقائق بسيطة وتصلح لكل زمان.

ولهذا، دعني أسألك مرة أخرى: لماذا أنت هنا؟ هل ترغب في أن يكون العام الحالي مجرد عام آخر يمر مروراً عابراً؟ هل ترغب في أن يكون عاماً باهتاً جافاً يسهل نسيانه، عاماً رمادياً مليئاً بلمحات واهية عما كان بإمكانك تحقيقه فعلاً؟ أم تريد أن يكون عاماً تستمتع به لبقية حياتك القصيرة للغاية على الأرض؛ أي العام الذي بدأت به أخيراً تعيش حياة رائعة تستحق العيش بالكامل بلا ندم ولا مساومة؟

الخيار لك، ولطالما كان لك.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .