5 أسئلة حول الهيكل التنظيمي على كل قائد طرُحها

4 دقيقة
نموذج تصميم
shutterstock.com/izzuanroslan
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

أدلى رائد الفكر الإداري في جامعة ميشيغان، ديف أولريخ، قبل بضع سنوات بتعليق أراه عميقاً وذا بصيرة قال فيه: “يحتاج كل قائد إلى نموذج للتصميم التنظيمي”، وهو عادةً رسم بياني للمكونات التنظيمية التي تجب معالجتها في عملية إعادة التصميم، مثل نموذج ماكنزي “7 إس” (McKinsey’s 7S) الذي يتضمن الاستراتيجية والهيكلية والأنظمة والموظفين والمهارات وما إلى ذلك، ولكل مستشار نموذجه المختلف للتصميم التنظيمي. لم يؤيد ديف نموذج تصميم بعينه، بل أي نموذج يعرف القائد طريقة توظيفه ويتسم بالمرونة الكافية لتطبيقه على مجموعة من المواقف التنظيمية التي يواجهها القائد خلال مسيرته المهنية.

كان “التصميم التنظيمي” أو “الهيكل التنظيمي” فيما مضى يتطلب استقدام عدد كبير من الاستشاريين للإشراف على عملية إعادة الهيكلة التنظيمية الواسعة النطاق، التي كانت تهدف في الغالب إلى التخلص من جزء كبير من التكاليف خلال فترة الركود الاقتصادي. مع أن هذا النوع من إعادة التصميم ما يزال مطلوباً على نحو دوري، يواجه القادة اليوم تحدياً في تحقيق فاعلية التكاليف في أقسام معيّنة من مؤسساتهم لكي يتسنى لهم الاستثمار في أقسام أخرى تدفع عجلة نمو المؤسسة. ونتيجة لذلك، لم يعد التصميم التنظيمي محدداً وثابتاً، بل أصبح عملية تدوير مستمرة للموارد المؤسسية لتحقيق النمو والكفاءة على مستويات متعددة، على مستوى الشركة عموماً وعلى مستوى الفرق التشغيلية، وحتى ضمن فرق الأقسام المختلفة مثل الموارد البشرية وتكنولوجيا المعلومات. لذا يجب على القادة على مختلف المستويات المشاركة في هذا العمل.

إذا لم يكن ثمة نموذج مثالي للتصميم كما قال ديف، فكيف يمكن للقائد أن يختار نهجاً فعالاً للتصميم التنظيمي يحقق الكفاءة والاستثمار في النمو على مستويات متعددة في المؤسسة؟

المهمة الأساسية للتصميم التنظيمي هي دائماً مساعدة القائد على الانتقال من مرحلة صياغة الاستراتيجية إلى مرحلة وضع التنظيم الذي يمكّن من تنفيذ الاستراتيجية على نحو مدروس. يساعد نموذج التصميم التنظيمي الفعال المدراء على الإجابة عن 5 أسئلة أساسية بطريقة مدروسة ومتكاملة.

ما عرض القيمة الذي تقدمه الشركة وما مصادر ميزتها التنافسية؟ 

تتسم استراتيجيات الشركات برفعة المستوى، وهي عادةً طويلة الأجل وطموحة، وفي المقابل يصف عرض القيمة المقنع بإيجاز كيف ستنجح الشركة في المنافسة، ويتضمن الأنشطة الرئيسية التي يجب أن يُوضع التصميم التنظيمي على أساسها. هل تنافس المؤسسة على أساس المنتج المستمر أم الابتكار التكنولوجي؟ أم من خلال التوريد والتصنيع المنخفضي التكلفة؟  أم من خلال تصميم حلول فائقة التخصيص للعملاء المستهدفين؟ توفر الإجابة الواضحة المباشرة عن هذا السؤال أساساً يمكنك الاستناد إليه في التصميم التنظيمي.

ما أنشطة الشركة التي تسهم مباشرة في عرض القيمة الذي يجعلها تتفوق على المنافسين، وما الأنشطة التي يمكن للشركة أن تتحمل تكاليفها كي تتساوى في أدائها مع المنافسين؟ 

عندما يواجه المدراء تحدياً في التصميم التنظيمي، يسارع العديد منهم إلى الإمساك بورقة مربعة صغيرة -وهي الأداة المفضلة لإعادة التنظيم- ورسم مخطط بسيط يتضمن توزيع الأقسام والعلاقات بين المدراء ومرؤوسيهم، وبذلك يقبلون بالوضع القائم أساساً لتوزيع الموارد والتكاليف التنظيمية ويفوتون فرصة وضع تصميم أكثر إبداعاً وفعالية. الطريقة الأفضل هي تخصيص وقت كافٍ للنظر في أقسام المؤسسة التي تحقق عرض القيمة. يشير مؤسس شركة ألاين أورغ سولوشنز (AlignOrg Solutions) للاستشارات التصميمية، كريغ سميث، إلى أن أنشطة المؤسسة ليست متساوية في الأهمية، ثمة أنشطة معينة ضرورية لتحقيق عرض القيمة، ويجب أن تهتم الشركة بها وأن تمنحها أكبر قدر ممكن من الموارد.

وفي المقابل، ثمة أقسام وأنشطة لن يساعد الاستثمار الإضافي فيها الشركة على تحقيق مكاسب في السوق، المهم هو إدراك أن مجموعتي الأنشطة تختلف باختلاف استراتيجية عمل الشركة. على سبيل المثال، قد يكون تطوير منتجات جديدة هو شريان الحياة لشركة منتجات استهلاكية، وبالتالي تجب تنميتها وتوفير الموارد لها بعناية، لكن في شركة المنتجات المنخفضة التكلفة أو الشركات التابعة السريعة (fast follower) فقد يكون تطوير المنتجات نشاطاً جيداً لكنه غير ضروري. أنشطة “الإنتاج السريع”؛ أي التي يكفي فيها أن تكون على قدم المساواة مع المنافسين، هي الأنشطة المرشحة لخفض التكاليف سواء عن طريق جعلها مركزية (تركيز عدة أنشطة في قسم واحد) أو الاستعانة بالأتمتة أو بمصادر خارجية أو بنهج تبادل الخدمات بين أقسام الشركة.

ما الهيكل التنظيمي الذي يجب أن نختاره، وكيف يمكننا التغلب على سلبياته؟ 

يتمسك العديد من القادة بالهيكل التنظيمي الذي يعرفونه جيداً، سواء كان مصمماً وفقاً لوظيفة الشركة أو موقعها الجغرافي أو شريحة العملاء أو على أساس نهج المصفوفة. وبذلك يتجاهلون تقدير الإيجابيات والسلبيات في الهيكل التنظيمي وبالتالي يفشلون في اتخاذ خطوات لتخفيف الجوانب السلبية. وعلى الرغم من أن الهيكل المُنظم وفقاً لشريحة العملاء رائع للتقرب منهم وتلبية احتياجاتهم، فقد يكون مكلفاً ويؤدي مع مرور الوقت إلى تضاؤل الاهتمام بابتكار المنتجات. علاوة على ذلك، تخلق الهياكل التنظيمية بطبيعتها حدوداً بين أقسام المؤسسة. أشار الباحث في مركز سنتر فور إفيكتيف أورغنايزيشنز (Center for Effective Organizations) جاي غالبريث منذ سنوات، إلى أن التصميم التنظيمي الناجح يتضمن آليات ربط وتكامل بين أقسام المؤسسة، مثل عمل قسم إدارة الحسابات في الوكالات الإعلانية على تنسيق الأنشطة الإبداعية والتصميم وإدارة العلامة التجارية وغيرها نيابة عن العملاء.

ما نمطا القيادة والثقافة المطلوبان لتحقيق عرض القيمة؟ 

يدير المدراء الكثير من النقاشات حول تغيير الثقافة، لكن القليل منهم يأخذ في الحسبان نوعي القيادة والثقافة المطلوبين في التصميم التنظيمي الجديد. من الواضح أن استراتيجية المنتج المنخفض التكلفة تتطلب تركيزاً شديداً على التحكم في التكاليف في حين تحتاج المؤسسة التي تركز على العملاء إلى تشجيع المعرفة العميقة بالعملاء والتنسيق الداخلي اللذين يهدفان إلى إنشاء منتجات وخدمات مخصصة للعملاء. عندما تتبنى شركة ما تصميماً تنظيمياً مختلفاً بدرجة كبيرة، يجب أن يتضمن جزء مهم من عملية التنفيذ تعيين قادة يقودون بطريقة تتفق مع عرض القيمة الجديد ويتخذون خطوات لتعزيز المعايير الثقافية الموافقة له. على سبيل المثال، عندما تنتقل شركة ما من استراتيجية قائمة على الكفاءة إلى استراتيجية تركز على العملاء، يتعين على أعضاء فريق القيادة تقديم نظام مكافآت جديد لتعزيز عقلية “فعل كل ما يلزم” للاستجابة لاحتياجات العملاء في جميع أقسام المؤسسة.

ما الممارسات التنظيمية المطلوبة لتعزيز الهدف التنظيمي؟ 

يقدم العديد من المدراء استراتيجية جديدة وهيكلاً تنظيمياً جديداً ويعلنون انتصارهم معرّضين أنفسهم للخطر. السبب في صعوبة تغيير ثقافة الشركة هو أن القيم الثقافية متغلغلة في السياسات والممارسات التي تحكم طريقة عمل الموظفين، لذلك عندما يطلق القادة تصميماً تنظيمياً جديداً إلى حد كبير فمن الضروري أن يراجعوا هذه الممارسات، مثل تحديد أهداف الأداء والمقاييس وبطاقات قياس الأداء التي تشير إلى النجاح أو الفشل ونوع الموظفين الذين سيجري توظيفهم، وطرق تدريبهم. وإن لم يفعلوا ذلك فسيضعون هيكلاً تنظيمياً جديداً رائعاً لكنهم سيجدون أن الموظفين يتصرفون تماماً كما كانوا يتصرفون في ظل النظام القديم.

أصبحت الهياكل التنظيمية أكثر مرونة وتفاعلية، لذلك لم يعد التصميم التنظيمي من تخصص حفنة من كبار المسؤولين التنفيذيين الذين يدعمهم استشاريون ذوو رواتب عالية. يواجه قادة المؤسسات على اختلاف مستوياتهم مطالبات متزايدة بإعادة تخصيص موارد المؤسسة وإعادة التصميم التنظيمي لمؤسساتهم لدعم التحولات الأكثر تكراراً في استراتيجية الشركة. لذلك يجب أن يتبنوا دائماً نموذج تصميم تنظيمي موثوقاً ويجب أن يعرفوا طريقة استخدامه.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .