ملخص: تسبب عمليات تسريح الموظفين توترات وقلقاً في المؤسسات وبين موظفيها، وخصوصاً عند تنفيذها بطريقة خاطئة، ما يجعل بعض الموظفين (والمؤسسات) عاجزين عن تحقيق التعافي الكامل من تلك الصدمة. يرتكب القادة 6 أخطاء شائعة عند التواصل بشأن عمليات تسريح الموظفين. 1) عدم التزام الشفافية بشأن وضع الشركة؛ 2) عدم وضوح المسار المستقبلي؛ 3) عدم التحدث بالنبرة المناسبة؛ 4) عدم منح الموظفين المتبقين فرصة طرح الأسئلة؛ 5) عدم إشراك الإدارة الوسطى؛ 6) عدم إظهار التقدير للموظفين المسرّحين.
يُدرك معظم القادة أن الاختبار الحقيقي لقدراتهم يكون خلال الأوقات الصعبة؛ أي عندما تتطلب التغييرات في ظروف العمل إجراء تحوّل في الاستراتيجية بهدف خلق قيمة للمؤسسة والحفاظ عليها. وبما أن التكاليف المرتبطة بالموظفين تمثّل عادة الجزء الأكبر من النفقات في الميزانية العمومية لأي مؤسسة، تصبح عمليات تسريح الموظفين موضوع النقاش الأول عادة.
تسبب عمليات تسريح الموظفين توترات وقلقاً في المؤسسات وبين موظفيها، وخصوصاً عند تنفيذها بطريقة خاطئة، ما يجعل بعض الموظفين (والمؤسسات) عاجزين عن تحقيق التعافي الكامل من تلك الصدمة. وتنصح المدربة التنفيذية المقيمة في مانهاتن والمسؤولة التنفيذية السابقة في مجال القيادة والمواهب في وول ستريت (Wall Street)، إيفلين رودشتاين قائلة: "عندما يحين موعد دورة التوظيف التالية، سيقيّم أصحاب المواهب شركتك بناءً على السمعة التي اكتسبتها خلال جولة عمليات تسريح الموظفين".
كيف يمكن للمؤسسات التي تواجه هذا الوضع مشاركة قرار التسريح مع الموظفين إذاً؟ وما الخطوات التي يمكن للمؤسسة التي توصف بأنها مكان عمل مثالي اتباعها؟ وجدت استناداً إلى تجربتي بصفتي رئيسة تنفيذية سابقة للموارد البشرية، ومحامية، ومدربة تنفيذية اليوم 6 أخطاء شائعة يرتكبها القادة عند مشاركة قرار تسريح الموظفين.
عدم التزام الشفافية بشأن وضع الشركة.
تحرص أفضل الشركات على تزويد موظفيها بمعلومات دورية حول وضعها الحالي استباقياً، سواء كان جيداً أو سيئاً. وتدعو الموظفين للاستماع إلى مكالمات المستثمرين، أو تعقد اجتماعات عامة ربع سنوية، أو تُرسل رسائل إلكترونية منتظمة بعنوان "وضع الشركة" هدفها إطلاع الجميع على النجاحات أو الخسائر الكبيرة للعملاء، وعمليات الاستحواذ أو البيع، واتجاهات القطاع ذات الصلة.
يجب أن يضمن هذا النوع من استراتيجية التواصل الاستشرافية ألا يشعر الموظفون بالصدمة خلال فترات ركود الأعمال، وأن يكونوا على اطلاع بالتحديات التي تواجه الشركة، وألا يقبلوا بأي محاولة لتجنب الحقائق أو إخفائها.
تلاحظ الرئيسية التنفيذية للتعلم ومديرة إدارة تطوير الموظفين والمؤسسات بجامعة كاليفورنيا في بيركلي، أنجيلا ستوبر، أن بعض المؤسسات تؤجل أحياناً التواصل بشأن عمليات تسريح الموظفين خشية أن يقرر أصحاب الأداء العالي ترك العمل في الشركة. وتسأل: "ما السبب الذي يدفعها إلى التفكير على هذا النحو؟ فجميع الموظفين يجب أن يكونوا من أصحاب الأداء العالي بالفعل".
عدم وضوح المسار المستقبلي.
خضت بصفتي رئيسة تنفيذية سابقة للموارد البشرية ومسؤولة تنفيذية في الشركات تجارب عمليات تسريح الموظفين وتوليت إدارتها أحياناً، وأدركت أن نجاح إعادة هندسة الأعمال من خلال تخفيض أعداد القوى العاملة يتطلب اعتبارها جزءاً من استراتيجية شاملة لخلق قيمة أكبر للشركة. تأكد من وضوح تلك الاستراتيجية وكن جاهزاً لمشاركتها مع الآخرين قبل اتخاذ أي إجراء. تتطلب إعادة بناء الشركة مشاركة رؤية مقنعة تحثُّ الموظفين المتبقين على التسامح مع أي أخطاء في اتخاذ القرارات الإدارية، والتخلي عن الشكوك، ومواصلة تفانيهم والتزامهم بالمؤسسة.
عدم التحدث بالنبرة المناسبة.
إن طبيعة البشر تثنيهم عن إيذاء الآخرين. ومن الطبيعي أن تكون لدى القادة رغبة في تجنب الشعور بالذنب أو الفشل، لكن هذه الرغبة قد تسبب انفصالاً عاطفياً، أو تؤدي إلى تجاهل المشاعر المعقدة التي تنتاب الموظفين، مثل الغضب والحزن والارتباك، أو التقليل من أهميتها.
فكّر في الوضع مسبّقاً وضع خطة للتعامل معه. تخيّل أسلوب التعامل الذي ترغب في تلقّيه لو خضت تجربة مماثلة، ثم تبنَّ ذلك الأسلوب. كيف ستتصرف إذا بدأ شخص ما البكاء خلال المكالمة أو كان غاضباً في أثناء الاجتماع؟ تقول ستوبر: احرص عندما يترك الموظفون العمل في الشركة على "أن تترك فيهم انطباعاً بأنهم حصلوا على التقدير والاهتمام الكافيين".
كن متعاطفاً، لكن لا تكن دفاعياً، أو تتصرف بعاطفة، أو تحاول تبرير الوضع السيئ الذي يواجه الشركة، بل اجعل التعاطف أساس نهجك. وكن صريحاً في حديثك وتقبّل مواجهة الموقف بشجاعة. (لن تلقى مشاركة الرؤساء التنفيذيين صوراً لهم تُعبر عن حزنهم بعد عمليات تسريح الموظفين استحسان الجميع).
يجب أن يستشعر موظفوك دعمك لهم واهتمامك بهم. عاملهم بصفتهم شركاء أذكياء قادرين على فهم الأسباب والتفسير المنطقي للتغييرات في هيكلية الشركة وعملياتها وقدراتها وموظفيها.
عدم منح الموظفين المتبقين فرصة طرح الأسئلة.
يُدرك معظم الموظفين بالفعل أن متطلبات الأعمال قد تستدعي تخفيض أعداد القوى العاملة. "ومع ذلك، لا تزال نظرة الموظفين تجاه تلك الأحداث متشائمة"، بحسب رودشتاين. كن مستعداً ومتاحاً للرد على مجموعة متنوعة من الأسئلة، بدءاً من كيفية تنظيم العمل وحتى ماهية الدعم المتاح للموظفين المسرّحين. إذ سيُجري الأفراد تقييماً على مؤسستك يشمل عناصر مثل الأمان والقيمة.
وقد يرغب الموظفون في فهم أسباب التخلي عن بعض المناصب والحفاظ على بعضها الآخر. وقد يعاني بعضهم عقدة الناجي حتى لأنهم نجوا من التسريح في حين خسر زملاؤهم أعمالهم، إضافة إلى الإجهاد الناتج عن الضغوط خشية أن يكونوا ضمن قائمة التسريح التالية. كن مستعداً لمشاركة التفسير المنطقي الذي يبرر اختيار المناصب أو وحدات الأعمال، ولو عموماً، لكن احرص على التشاور مع فِرق الموارد البشرية وإدارة الشؤون القانونية بشأن المعلومات التي يمكنك مشاركتها، إذ لاحظت المحامية في مجال التوظيف والمقيمة في كاليفورنيا، جينيفر شوارتز، أن الأسلوب المتبّع في تسريح الموظفين "قد يُسفر عن مطالبات قانونية".
سيهتم الموظفون أيضاً بمعرفة أي خطط مستقبلية لتسريح الموظفين. أكد لهم ثقتك في استراتيجية الأعمال، وفي عدم وجود خطط لمزيد من عمليات التسريح في المستقبل، إن كنت واثقاً من ذلك. ومع ذلك، تجنّب القول بأن هذه العملية هي "المرة الوحيدة" أو "المرة الأخيرة" التي ستحدث فيها عمليات التخفيض في أعداد القوى العاملة، إذ إنك لن تعرف ما يخبئه المستقبل لك.
عمدت بصفتي مسؤولة تنفيذية داخلية واليوم مدربة للرؤساء التنفيذيين إلى تذكير بعض القادة بأنه على الرغم من معايشتهم الأحداث الصعبة فترة من الزمن واستعدادهم لمواصلة مسارهم المهني، يبقى أثر عمليات تسريح الموظفين عميقاً ومؤلماً بالنسبة لبقية الموظفين في المؤسسة. يُظهر منح الموظفين الفرصة لطرح الأسئلة استعداد القيادة للشفافية والانفتاح، ما يُسهم في بناء الثقة بين القيادة والموظفين. قد يعالج فتح المجال للنقاش الصادق مشاعر القلق والمخاوف الأخرى، ويوفر الوضوح والفهم لمختلف جوانب العمل، ويعزز شعور الموظفين بالالتزام والمسؤولية عندما يشعرون بأن أصواتهم مسموعة وبأن أسئلتهم تؤخذ على محمل الجد. تتطلب عملية التعافي من الصدمات الوقت والصبر والجهد المستمر. استغل كل محادثة لإعادة تجديد التزام الموظفين الحاليين بالمؤسسة.
عدم إشراك الإدارة الوسطى.
من المرجح أن يوجه معظم الموظفين أسئلتهم إلى مدرائهم. ومن المهم بالتالي أن يتلقى مدراء الإدارة الوسطى المعلومات التي يحتاجون إليها حول وضع الشركة والرؤية المستقبلية، وذلك لتمكينهم من التعامل بفعالية مع مخاوف الموظفين.
وتنصح رودشتاين بأن يُبدي المدراء ثقتهم بالاستراتيجية المتبعة لكيلا تبدو الإجراءات التي يتخذونها غير عادلة في نظر الموظفين. ضع جدولاً زمنياً للاستثمار في ممثلي الثقافة في المؤسسة، وامنحهم فرصة فهم مشاعرهم لكي يظهروا بمظهر قادة واثقين بأنفسهم عند الحاجة.
عدم إظهار التقدير للموظفين المسرّحين.
أدى موظفوك دوراً مهماً في بناء مؤسستك. اشكرهم على ما بذلوه من وقت وجهد خلال حياتهم لتحقيق أهداف المؤسسة. واحرص على إدراج تعبيرات صادقة عن التقدير في جميع أشكال تواصلك معهم، سواء كانت رسمية أو وجهاً لوجه. وقدم لهم ملاحظات دقيقة عن أدائهم، فشكر المدير زميله على إسهاماته الدائمة في مشروع ما، أو كسب عميل مهم له أهمية وقيمة أكثر من مجرد التعبير العام عن الشكر.
قيادة الفكر أمر مهم في التعامل مع التحديات التي تطرأ نتيجة تسريح الموظفين. فالموظفون ليسوا مجرد شركاء يغادرون شركتك، بل هم عملاء وزبائن ومنافسون مستقبليون لشركتك، فعاملهم على هذا النحو. ويساعدك تجنب هذه الأخطاء الستة الشائعة على ضمان التعامل مع الموظفين بتعاطف وكرامة واحترام وقت الحاجة.