يشتكي معظم المدراء تقريباً وعلى جميع المستويات من أن العديد من الاجتماعات التي يعقدونها يمثل مضيعة للوقت، إنها مشكلة قديمة تتكرر باستمرار، تتمثل في عدم وضع جدول للاجتماع وعدم إدارة وقته كما ينبغي وعدم إشراك الأفراد المطلوبين لاتخاذ القرارات وغيرها الكثير من السلوكيات الخاطئة التي يعرفها كل من عمل في مؤسسة.
يكمن الخلل الحقيقي في أن الجميع يعلمون أن هذه السلوكيات تعوق التقدم، ويعلمون أيضاً ما عليهم فعله لعقد الاجتماعات بطريقة صحيحة، إذ إن نصائح إدارة اجتماعات فعالة ليست سراً ولا بد أن كل مدير قد سمع بها في وقت من الأوقات من خلال برامج التدريب الإداري الاعتيادية ووسائل التحفيز المختلفة المستخدمة فيها. ولكن على الرغم من ذلك ما زالت الاجتماعات تمثل مشكلة تجبر الشركات على إجراء حملات دورية لمحاولة جعلها بنّاءة أكثر.
لماذا يصعب على المؤسسات تطوير أنماط اجتماعات فعالة والمثابرة عليها؟
تكمن الإجابة في حقيقة أن الاجتماعات ليست مجرد آليات عقلانية، بل أنظمة اجتماعية راسخة في واقع المؤسسة الثقافي والعاطفي، وهذا يعني ضرورة أن يأخذ مدير الاجتماع في اعتباره عدداً من الجوانب غير العقلانية من الديناميات التي لا تتناولها إرشادات الاجتماعات الاعتيادية، وإليك 3 منها ربما لم تخطر في بالك:
أولاً، اختلاف وجهات نظر المشاركين في الاجتماع. مهما كان الغرض من الاجتماع واضحاً، فهو بالنسبة لبعض الحاضرين أولوية قصوى في حين يحضره آخرون فقط لأنه مدرج في جدول المواعيد، وسيكون لدى البعض الوقت الكافي للاستعداد وسيعاني آخرون ضغطاً ليصلوا في الموعد، كما سيمتلك البعض رأياً واضحاً بشأن الموضوع المطروح في حين يتفق آخرون مع أي قرار برحابة صدر. لذا، من أجل تحقيق أقصى استفادة من هذا الاجتماع، على القائد فهم مواقف المشاركين.
ثانياً، لدى كل فرد أجندة شخصية مختلفة، غير واعية غالباً، قد تؤثر في طبيعة الاجتماع. على سبيل المثال ترمز المشاركة في الاجتماعات في بعض الشركات إلى المكانة، لذلك يحرص البعض على المشاركة في المشروعات وإن كان دورهم فيها محدوداً، وتمثل الاجتماعات ملتقيات اجتماعية تزيد الحاجة إليها خصوصاً في الشركات التي يعمل موظفوها في مناطق متفرقة أو يسافرون كثيراً، كما يستغل المشاركون الاجتماعات أحياناً لتحقيق مكاسب سياسية؛ يمثل الاتساق مع هذه الدوافع تحدياً آخر لقادة الاجتماعات.
أخيراً، تتفاوت قدرة الأفراد على القيادة أو على قبول الخضوع إلى قيادة الآخرين. لا يجد بعض المشاركين مشكلة في ترك قيادة الاجتماع لغيرهم، في حين يحاول آخرون عرقلة قائد الاجتماع أو يظهرون سلوكاً عدوانياً سلبياً تجاهه. وبالمثل، يتولى بعض المدراء زمام القيادة بسهولة ويتردد آخرون في ممارسة نفوذهم أو سلطتهم. لا بد أن تفهم قدراتك القيادية وحدودها عندما تقود اجتماعاً، وأن تدرك مدى تقبل الآخرين للخضوع إلى القيادة.
قد تقوّض هذه الجوانب اللاواعية وغير العقلانية مجتمعة فعالية الاجتماعات حتى عند اتباع الإرشادات المعيارية، لكن فهمها وأخذها في الاعتبار سيعزز فرصك في تحقيق نتائج إيجابية.