يُعدّ التواصل من المهارات التي تحكم عالمنا اليوم وتثقل ميزان من يتحلى بها مهما كان منصبه، لا سيما في بيئة العمل، وعلى الرغم من أهميته إلا أن البعض قد يتراخى عن الاعتراف بحقيقة فشلهم في تحقيقهم للتواصل الفعال، ما يؤثر سلباً في أدائه وفي أداء الشركة التي يعمل فيها. إليكم 7 من أشهر أخطاء التواصل المؤسسي مع بيان كيفية معالجتها:

1. تعميم إعلانات مثيرة للجدل من دون سابق تمهيد: القرار المثير للجدل بذرة الإشاعات والقلق والاعتراض. لذلك، تجنَّب إعلان قرار مثير للجدل لمجموعة موظفين بأكملها، ولكن مهِّد له خلال مقابلات تجريها مع كل موظف على حدة. وعندئذ، ستتعرف على المعترضين وأسباب اعتراضهم.

تمثل القرارات التي تنطوي على تغيير الصعوبة الأكبر؛ وهي سواءٌ أكانت لإعادة التنظيم أو تغيير الأهداف أو ورحيل موظفين كبار، فإنها تصنع حالة من عدم اليقين الذي بدوره ينمّي القلق.

فمن شأن التحاور مع الآخر أن يبدد القلق. وهنا، عليك أن تحدد المشكلة: “تعني عملية إعادة التنظيم هذه أننا سنغير في طريقة تنفيذ بعض الأعمال، وهو ما يقلق البعض”. ومن ثم، تعامل مع المخاوف التي نجمت عما أخبرته به:

  • هل يقلق الآخر على مستقبله؟ عرّفه بالسيناريو الذي قد يحدث.
  • هل تؤثر إعادة التنظيم سلباً في مشروع يجري تنفيذه؟ عرِّف بخطط استمرار ذلك المشروع.
  • أظهر له ما يطمئنه إلى أنك تتفهمه، مع الأخذ في الاعتبار أن التعامل مع المشاعر بلغة الجسد أفضل من التجاوب معها بالكلمات. احرص على أن يعكس تواصلك معه اهتماماً وتعاطفاً.

2. الكذب:  في بعض الأحيان يكون اللجوء إلى الكذب أو التعمية على بعض الحقائق بحسن نية. وبعض المواضيع يجب أن تبقى سرية طالما أنها قيد النقاش. ولكن عليك الانتباه للطريقة التي تحفظ بها السر. فما إن يدرك الموظفون أنك تكذب، حتى تفقد ثقتهم إلى الأبد. شاهد أحد المراقبين الماليين في شركة ناشئة مديرها المالي يكذب على موظفي الإدارات الأخرى، ما حداه إلى الشك في مصداقية هذا المدير المالي. وبادر بالبحث عن وظيفة جديدة مع مدير يمكنه أن يثق في نواياه. وهكذا نجد أن الكذب أفقد الشركة واحداً من أكفأ موظفيها.

ابتعد عن الكذب، بأن تتمرن على ردود من قبيل “ليس لي صلاحية التعليق” أو “لا أستطيع الإجابة عن هذه المسألة إجابة كاملة الآن”، عندما تُسأل عن مواضيع سرية أو حساسة. والاتساق مهم. لم يشأ وارن بافيت قطّ الحديث عن استثماراته، حتى مع المساهمين لديه. وبالتالي، أصبح عدم تعليقه على صفقة بعينها أمراً طبيعياً ولا ينبئ بشيء.

3. تجاهل حقائق السُلطة: هل تندهش من عدم اطلاعك على الخبر السيئ إلا بعد فوات الأوان؟ لا تستغرب، فكلما توسعت صلاحياتك، تضاءلت فرص تلقيك المشاكل. هكذا هي طبيعة البشر؛ يعمد الموظفون إلى فرز المشاكل وتلطيفها كلما ارتقيت في التسلسل الهرمي للشركة، إذ يسعى كل من ينقلها إلى تخفيف وقعها على رئيسه. فإذا رغبت في تلقي تقييم صادق لمشكلة ما، فابحث عن الأخبار السيئة. وتقبّلها. واشكر من أدلى بها على مسامعك.

وعلى النقيض، فإن الأخبار والرسائل تتضخم في أثناء انتقالها من الإدارة العليا حتى سفح الهرم الإداري في الشركة. إن بدت عليك المعاناة في أثناء حضور عرض تقديمي، فسيدرك الجميع أنك كرهت العرض التقديمي (أو الأسوأ أنك كرهت مقدم العرض). عندئذ، لن يلوم أحد الشطيرة التي تناولتها سريعاً جداً قبل حضورك الاجتماع. ولا تُلقِ دعابة. فقد ارتبك فريق مشروع عندما سمعوا المدير الإداري لشركة استشارية يمازحهم، قائلاً: “إذا لم تحضروا إلى هنا الأحد، فلا تشغلوا بالكم بالحضور الاثنين”. قال أحدهم: “كنا متأكدين أنه يمزح، ولكن..”.

بدِّد الإشاعات بكلمات بسيطة واضحة. اختتم الاجتماعات باستعراض ردود أفعالك والخطوات المقبلة. “أُثمن تحليلك يا كريس. اتجاه المبيعات غير مريح. لنتابع هذا الموضوع الأربعاء”.

4. الاستهانة بذكاء من يسمعك: ربما يزيّن لك عقلك أن تتعمد عدم الإفصاح عن كل شيء، بحجة أنهم “لن يفهموا”. فما الذي يدعوك إلى شرح إعادة التنظيم، وفي مقدورك أن تقول لهم ببساطة “هذا هو المخطط التنظيمي الجديد”؟ لكنك بذلك تتهرب من المسؤولية. قد لا يكون موظفو المكاتب الأمامية متمرسين على التصميم التنظيمي، ولكن من حقهم معرفة التفسير المنطقي لتغييرات سوف تؤثر في حياتهم. وإن رأيت أن أمراً ما قد يستغلق على عقول موظفيك، فاعلم أن دورك هو شرحه لهم.

ويميل العديد من المدراء إلى التعمية على مشكلات بعينها عند تحفيز فرق العمل. ولكن، إن لم تمضِ الأمور كما تشتهي، فالأرجح أن تلك الفرق على دراية جيدة بالمشاكل. وربما كانت تعرف عنها قبل أن تعرفها أنت بفترة. فبدلاً من تفادي الموقف، استغل مهارات هذه الفرق في إيجاد الحلول.

5. الخلط بين الخطوات والنتيجة: يسهل الخلط بين الخطوات والنتيجة عند تحديد الأهداف والمكافأة والتقييم. فقد تعد فريقك بزيادة قدرها 7%، ولكن مجلس الإدارة لديه اعتبارات أخرى، فيحدد سقف الزيادة بـ 3%. وعندئذ، تبذل ما في وسعك حتى تُرفع النسبة، إلى أن ترتضي نسبة 4%. ولكن أفراد فريقك لن يقدّروا لك ذلك. فهم مستاؤون تماماً. فكيف لم يبالوا بكل ما بذلته لأجلهم؟

الأمر بهذه البساطة. يمثل جهدك في محاولة رفع الزيادة الخطوات، أما وعدك لهم فهو النتيجة المنتظرة. فأنت تنتظر منهم تقدير الجهد الذي بذلته، أما هم فيرغبون في نتيجة بعينها. وبما أنهم لم يحصلوا عليها، فلا يسعهم تجاوز تلك الحقيقة. أنت تريد من الموظفين تقدير عملك الشاق. في حين أنك عند تقييم غيرك، فإنك تميل إلى الحكم عليه وفق ما تحقق من نتائج. وأغلبية الشركات تعاقب الموظفين إن لم تكن النتائج كما توقعت، حتى وإن اتبعوا الخطوات السليمة. وعلى النقيض، يُكافأ غيرهم على ما تحقَق من نتائج، حتى وإن خالفوا القواعد ولم يتبعوا الخطوات الموضوعة.

6. الاعتماد على وسيط تواصل غير ملائم: يعد البريد الإلكتروني أداة ممتازة لنقل المعلومات، ولكن لا تستخدمه محاولاً التعبير عن مشاعرك؛ إذ يُساء في الغالب فهم فحوى رسالتك الإلكترونية. فإذا شعرت بارتباك في أثناء قراءة رسالة بريد إلكتروني، فاترك الكمبيوتر وتعامل مع الموقف وجهاً لوجه أو عبر الهاتف.

على أن المكالمات الهاتفية والاجتماعات الثنائية أساليب غير فعالة لنشر المعلومات، ولكنها فعالة في بحث المسائل الحساسة. خلالها، تتجاوب مباشرة مع رد فعل المستمع، وتستغل نبرة صوتك وتعبيرات وجهك في إيصال رسالتك على النحو الذي تبتغيه. وعبارة من قبيل “أنا متأكد أنك قمت بعمل رائع” قد تُقرأ بطريقة ساخرة في رسالة بريد إلكتروني، ولكنها تُفهم على النحو الصحيح عند نطقها وجهاً لوجه أو عبر الهاتف بنبرة الصوت المناسبة.

واعلم أن هناك المستمع الجيد وهناك القارئ الجيد. والمستمع لا يركز فيما يقرؤه ولكنه يتجاوب أكثر في الحوار. والذين يحبون القراء يكتبون كذلك رسائل ممتازة كما يسعدون بقراءتها، ولكنهم غير ميالين للدخول في حوارات كلامية، وليسوا أكفاء في إدارتها. وهكذا، لن تصل إلى نتيجة تُذكر إن تحدثت إلى من يفضّل الرسائل المكتوبة، أو راسلت من يميل إلى سماع الرسائل الكلامية. ولا تخشَ سؤال الموظفين عن الطريقة التي يفضلون بها تلقي المعلومات؛ فسوف يخبرك معظمهم بتفضيلاتهم. وإن لم يخبروك، فعندئذ ستتوصل إلى ذلك بنفسك بشيء من الانتباه لهم. (وإن كان هناك من يجمع بين الميزتين)

7. غض الطرف عن الإهمال: إن في صمتك رسالة في حد ذاتها، وله تأثير ما تصرح به بصوت مسموع. فإذا لم تمتدح من يستحق الثناء، فسيفهم الموظفون رسالة مفادها أن عملهم لا يحظى بالتقدير مهما أنجزوا. وإذا لم تشرح لهم منطق قراراتك، فإنها رسالة بأنك لا تثق بهم. وإن لم تصارح موظفيك باستراتيجية الشركة، فلن يعرفوا الكيفية التي يمكنهم بها مساعدتها في تحقيق تلك الاستراتيجية.

أصبح التمويل أولوية الرئيس التنفيذي في إحدى شركات خدمات التعلم عن بُعد، فتوقف عن توضيح رؤيته للموظفين. ولأن المال شغله الشاغل، فقد ذكر الأهداف المالية. وفي النهاية، ارتكزت ثقافة الشركة على جمع الأموال، وضلت الطريق إلى رؤيتها. ولكن، عندما قدّم الرئيس التنفيذي عرضاً تقديمياً يرتكز على إيضاح رؤية الشركة خلال أحد المؤتمرات، أخبرته إحدى الموظفات لاحقاً بأنها لم تشعر بمثل هذا القدر من الإلهام من قبل. ونتيجة لذلك، غيّر استراتيجية الاتصال الداخلي بحيث يؤكد الرؤية مرة أخرى، فكانت النتيجة ارتفاع معنويات الموظفين.

يصعب تصويب الأخطاء الناجمة عن الإهمال، وهذه هي طبيعتها. راجع أهدافك الرئيسية وحدد أسلوب التواصل اللازم لدعم تلك الأهداف. فكر في الرسالة التي وصلتهم من التزامك الصمت حتى الآن. ولا تتردد في سؤالهم: “ما الرسائل التي تصلكم مني؟”