5 أخطاء في التواصل يرتكبها القادة في الأوقات الصعبة

5 دقيقة
الرسم التوضيحي: غوستافو بيدروسا
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: من المرجح أن يحدث سوء التواصل عندما تكون التوترات عالية. ومستويات التوتر مرتفعة على الأرجح فعلاً؛ فقد كشف استقصاء عالمي حديث أن 44% من الموظفين عانوا مستويات عالية من التوتر في اليوم السابق. لتفادي القلق غير الضروري خلال أوقات عدم اليقين، يجب أن ينتبه القادة خصوصاً إلى أساليب التواصل التي يتبعونها مع فِرقهم. تعرض المؤلفة في هذه المقالة 5 أخطاء شائعة يرتكبها أيضاً القادة ذوو النية الحسنة، وما يجب عليهم فعله بدلاً من ذلك.

قال لي إريك، الذي يقود إدارة تضم أكثر من 300 موظف في إحدى شركات التكنولوجيا، العام الماضي متذمراً: “أعلم أن قطاعنا يمر بمرحلة صعبة. وفي محاولة مني لطمأنة أعضاء فِرقي بأنهم سيتجاوزون التحديات، كنت أبذل جهداً واعياً للاحتفال بإنجازاتهم، لكن ذلك لم يجدِ نفعاً”.

لم يكن لدى مؤسسة إريك خطط لتسريح الموظفين، لكن العديد من الشركات المنافسة الأخرى أجرت تخفيضات كبيرة في عدد موظفيها، لذلك سعى إريك إلى مساعدة موظفيه على التخفيف من شعورهم بالقلق مع استمرار هيمنة عناوين الأخبار المقلقة. كان قلقاً على وجه الخصوص بشأن نتائج استقصاء حديث لمشاركة الموظفين في مؤسسته أشار إلى أن فرقه أصبحت أقل ارتياحاً لطرح الأسئلة أو الاعتراف بالأخطاء مما كانت عليه في السابق.

بعد الاطلاع على نتائج الاستقصاء ومراجعة قصص النجاح التي كان يشاركها وإجراء محادثات مع بعض مرؤوسيه المباشرين، أدرك أن محاولاته لطمأنة أعضاء فريقه كانت في الواقع تسبب لهم المزيد من القلق دون قصد. قال لي أحد الموظفين: “لقد شعرت بالقلق من تركيز إريك المفاجئ على الإنجازات لأن ذلك أوحى إلى أننا نتحول إلى ثقافة مفرطة في التركيز على الأداء العالي، حيث يمكن أن تستغني المؤسسة عنك إذا ما ارتكبت خطأ واحداً”. وقال آخر: “أشعر أحياناً بأنني الوحيد الذي لا يسير مشروعه على أفضل وجه”.

لقد عززت ممارسة إريك المتمثلة في سرد القصص التي ركزت على الانتصارات والإنجازات فقط دون قصد بيئة عمل يشعر فيها الموظفون بأن كل شيء يجب أن يسير دائماً بلا أخطاء، ونتيجة لذلك، كانوا يشعرون بالعار أو الارتباك عندما لا تؤدي جهودهم إلى نجاح فوري.

من المرجح أن يحدث هذا النوع من سوء التواصل عندما تكون التوترات عالية. ومستويات التوتر مرتفعة على الأرجح فعلاً؛ فقد كشف استقصاء عالمي حديث أن 44% من الموظفين عانوا مستويات عالية من التوتر في اليوم السابق. لتفادي القلق غير الضروري خلال أوقات عدم اليقين، يجب أن ينتبه القادة خصوصاً إلى أساليب التواصل التي يتبعونها مع فرقهم. فيما يلي 5 أخطاء شائعة يرتكبها أيضاً القادة ذوو النية الحسنة، وما يجب عليهم فعله بدلاً من ذلك:

1. يسلطون الضوء على النجاحات فقط

قد يشعر القادة في أوقات عدم اليقين بالحاجة إلى رفع معنويات فريقهم من خلال الإشادة بإنجازاتهم. ولكن مثلما توضح قصة إريك، يرسل التركيز فقط على النتائج الرائعة رسالة مفادها أن رحلة النجاح دائماً سلسة وخالية من العقبات أو الإخفاقات، وبالتالي عندما يواجه الأشخاص داخل مؤسستك صعوبات أو إخفاقات حتمية، يفترضون أنهم وحدهم من يواجهها، وقد يترددون في طلب المساعدة.

في المرة المقبلة التي تعترف فيها بإنجازات فريقك أو تطلب من شخص ما مشاركة قصة نجاح مع المجموعة، فكر في تأطير السرد على أنه تدخل معدّل لتعزيز الانتماء. تهدف تدخلات الانتماء إلى مساعدة أعضاء الفريق على تطبيع التحديات وتأكيد إمكانية التغلب عليها، وقد ثبت أنها تعزز الإنجاز والمثابرة.

ركز على النجاح، ولكن احرص على الإجابة أيضاً عن الأسئلة الآتية:

  • ما الصعوبات التي واجهت المشروع أو المهمة؟
  • ما الحلول التي جربتها؟ أيٌّ منها نجح وأي لم ينجح؟
  • ما الدروس القابلة للتطبيق على نطاق واسع التي تعلمتها؟

لاحظ أنه يجب عليك تضمين هذه النقاط دون التقليل من شأن خبرة أعضاء الفريق المعنيين. يمكنك أن تقول على سبيل المثال: “نادراً ما تسير المشاريع المعقدة وفقاً للخطة تماماً. أنا فخور بكيفية تمكن هذا الفريق من إعادة تجميع صفوفه واكتشاف مسار جديد للمضي قدماً على الرغم من أن نتائجنا الأولية لم تكن على مستوى توقعاتنا”.

2. يتجنبون التواصل عندما لا تكون هناك معلومات جديدة لمشاركتها

أظهر استقصاء غالوب لعام 2023 أن الموظفين في الولايات المتحدة باتوا يشعرون أكثر أن مدراءهم لا يبقونهم على اطلاع على آخر المستجدات. في الواقع، قد يكون من الصعب على القادة تقديم تحديثات واضحة ومحددة عندما يتغير الوضع أو الأولويات باستمرار. قد يعتقدون أنه إذا لم تكن ثمة معلومات مؤكدة يمكن مشاركتها، فربما يكون من الأفضل عدم قول أي شيء على الإطلاق، لكن الصمت يبعث برسالة قوية، ولا سيما في أوقات عدم اليقين.

فبصفتك قائداً، لديك إمكانية الوصول إلى معلومات أكثر من مرؤوسيك المباشرين، لذلك من المرجح أن يفسروا صمتك على أنه دليل على وجود أخبار سلبية في الطريق إليهم.

لتجنب إدخال فريقك في دوامة غير ضرورية من القلق، تحلّ بالشفافية حتى لو اُضطررت إلى إخبارهم بأنك لا تمتلك أي أخبار لمشاركتها. يمكنك أن تقول على سبيل المثال: “لم أتلقَ أي تحديثات حول تغير أهدافنا في النصف الثاني من العام. آمل أن أحصل على مزيد من المعلومات الأسبوع المقبل، لكنني أردت أن أبقيكم على اطلاع على الوضع الحالي”.

قاعدة عامة مفيدة: إذا كنت مرتاحاً لتواتر تواصلك مع فريقك، فمن المحتمل أنك لا تتواصل فعلياً بما فيه الكفاية. اجعل من عادتك أن تسأل نفسك بانتظام “ما الذي لم أقله؟” ثم فكّر في إجابتك وانظر إذا ما كان هناك جزء قد يكون من المفيد مشاركته مع فريقك.

3. يفرطون في التركيز على المستقبل

يمكن أن ينشغل القادة في أوقات عدم اليقين بالتخطيط للمستقبل لدرجة أنهم ينسون النظر في الماضي لتقدير الإنجازات السابقة لفرقهم. في حين أن الأبحاث تثبت أن الثناء محفّز قوي للموظفين، لم يقل سوى ثلث الموظفين الأميركيين إنهم تلقوا تقديراً لجهودهم مؤخراً.

لضمان تقدير إنجازات الفريق المميزة بوضوح، يمكن للقادة تخصيص وقت في اجتماعاتهم الفردية للإشادة بالأعمال التي نُفذت على أفضل وجه خلال الأسبوع الماضي أو في الآونة الأخيرة. يمكن أيضاً إنشاء روتين منتظم شهري أو فصلي لتقدير الإنجازات من خلال تخصيص 10 دقائق من اجتماعات الفريق العادية لمناقشة ما يلي:

  • ما الذي تعلمناه خلال الأسابيع القليلة الماضية؟
  • ما الإجراءات التي كانت ناجحة ويجب أن نستمر بتنفيذها؟
  • ما التقدم المهم الذي أحرزناه؟

يعزز تقدير النجاحات ثقة أعضاء الفريق بقدراتهم ويطمئنهم إلى أن عملهم الجاد لن يذهب سدى.

4. يحاولون إخفاء الصعوبات

في إحدى ورش العمل التي عقدتها مؤخراً، أخبرتني راشيل، وهي مديرة، بأن مديرتها لا تظهر مطلقاً التوتر الذي يُصاحب التغيير عادة، وقالت: “أشعر بأنها تخفي عواطفها، الأمر الذي يجعلني قلقة. أتمنى لو تثق بي وتكون أكثر صدقاً وانفتاحاً معي”.

يجب على القادة تحقيق توازن دقيق بين الصدق بشأن التحديات التي يواجهونها والحفاظ على نظرة متفائلة للمستقبل، فالتظاهر بأن كل شيء يسير على ما يرام وتجاهل المشاكل قد يؤدي إلى شعور فريقك بالعزلة، لكن الإفراط في مشاركة المعلومات والتركيز على المشاكل يخلق جواً سلبياً لا يفيد أحداً. في الواقع، تشير الأبحاث إلى أن التنفيس المتكرر؛ أي تكرار طرح المشاكل دون بذل أي جهد لفهمها أو حلها، يؤدي إلى تفاقم المشاعر السلبية بالنسبة لك وللأشخاص الذين يستمعون إليك.

حاول أن تشارك مشاعرك دون أن تبدو عاطفياً جداً، ثم قدّم خطة للمضي قدماً. يمكنك أن تقول على سبيل المثال: “أعترف بأننا مررنا بالكثير من التغييرات في الآونة الأخيرة، وكان الأمر مرهقاً بالنسبة لي أيضاً. مع ذلك، أثق تماماً بقدرة فريقنا على التكيف مع أهدافنا الجديدة. سنتمكن من تجاوز هذه المرحلة الصعبة بالتأكيد”.

من المفيد أيضاً مشاركة قصص حول التحديات الكبيرة السابقة التي نجح فريقك أو مؤسستك في التغلب عليها بالقول مثلاً: “هل تتذكرون كم كنا قلقين بشأن إكمال ذلك المشروع العام الماضي؟ أنا فخور جداً بالطريقة التي تعاملنا بها مع تلك التحديات، وهذا يمنحني ثقة كبيرة في قدرتنا على مواجهة هذا التحدي بنجاح أيضاً”، أو بطريقة منهجية، مثلما تفعل شركة أدوبي، حيث تضع جداراً خارج كافيترياتها تعرض عليه العديد من براءات الاختراع التي ابتكرها موظفوها للتغلب على العقبات.

5. عدم توفير سياق كافٍ

عندما يكون الموظفون متوترين بشأن المستقبل، احرص على أن تشرح لهم سبب جدولة موعد اجتماع غير متوقع أو تغيير موعد اجتماع في اللحظة الأخيرة، لأنك إذا لم تفعل ذلك فقد يقفز أعضاء على الفور إلى استنتاجات سلبية.

قبل إرسال رسالة إلى أحد أعضاء الفريق، خذ بعض الوقت للتفكير في التأثير العاطفي لكلماتك. يمكن أن تسبب رسالة إلكترونية غامضة تقول فيها مثل “دعنا نجتمع” قلقاً غير ضروري لمتلقيها وتقلل من إنتاجيته، خاصة إذا كان القصد من رسالتك إيجابياً وأردت القول مثلاً: “عمل رائع في إعداد المسودة الأولى، دعنا نتحدث عن الخطوات التالية”. وإذا حددت موعد اجتماع غير متوقع على جدول مواعيد مرؤوسيك المباشرين لمراجعة العرض التقديمي المقبل، فعليك إبلاغهم على الفور بسبب اجتماعك معهم. من الضروري بذل الجهد لتقييم التأثير المحتمل لأفعالك وكلماتك لتجنب إضافة ضغوط غير ضرورية على فريقك.

يمكن أن يكون عدم اليقين مثيراً للقلق ويتسبب بشعور الموظفين بالخوف ويضعف قدرتهم على أداء وظائفهم بفعالية. بمقدور القادة تقليل القلق وتعزيز أداء الفريق إذا حرصوا على تجنب المزالق الشائعة المذكورة أعلاه. القادة الأكثر فاعلية ونجاحاً هم أولئك الذين يستطيعون ضمان شعور فرقهم بالاستقرار خلال الأوقات الصعبة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .