كيفية إقناع المزيد من الرجال بأخذ التوازن بين الجنسين على محمل الجد

7 دقائق
إقناع الرجال بأخذ التوازن بين الجنسين

سأل منظم أحد أكبر مؤتمرات الشؤون المالية للمرأة عن كيفية ضمان حضور الرجال للمؤتمر، وحاول رئيس التنوع والإدماج بإحدى شركات السيارات الشهيرة إقناع فريق قيادي يهيمن عليه الرجال بالمشاركة في الاستراتيجية التي وضعها لتحقيق التوازن بين الجنسين، وكان يشغل منصب رئيس إحدى الجمعيات بالقطاع القانوني، تشجيع تأسيس مكاتب المحاماة من خلال عقد الشراكات القائمة على التوازن بين الجنسين. فسألوني جميعاً: كيف يمكن إقناع الرجال بأهمية التوازن بين الجنسين؟

أتريدون إجابة مختصرة؟ حوّلوا موضوع التوازن إلى قضية تتعلق بالعمل يديرها القادة. فبعد 15 عاماً من العمل مع فرق تنفيذية ورؤساء تنفيذيين معظمهم من الرجال على مستوى العالم وعلى مستوى العديد من القطاعات والثقافات المختلفة.

ثلاث خطوات لإقناع الرجال بأهمية التوازن بين الجنسين

1. لا تدعوهم بـ "الأبطال"

تحاول الشبكات النسائية ومؤتمرات المرأة إشراك الرجال في مناقشاتها، وذلك بمنحهم الجوائز والألقاب الاحتفائية، وهو أمر مفهوم نظراً لأن صدر المرأة بات يضيق بفكرة أن "إصلاح التحيز ضد المرأة عمل يخص المرأة وحدها".

مشكلة هذه الاستراتيجية أن الرجال يتحولون إلى مجموعة من الكائنات شبه الملحمية، مع حصولهم على ألقاب عسكرية، مثل "أبطال" و"حلفاء" وذلك لإضفاء سمة الذكورة على الفكرة التي توحي للمتابعين بأنها فكرة نسوية في المقام الأول، وإن كان هذا المسلك مما يضع المرأة في موقف حرج، لأنه يلزمها بالدور التقليدي المنوط بمكافأة السلوك الطيب للذكور بإعجاب الإناث وتصفيقهن، بل إن دبليو براد جونسون وديفيد سميث يقولان إن هذا المسلك محرج للرجل أيضاً، لأن "هذه الجهود توحي بوجود حالة من التردد، إن لم يكن الشعور بالقلق الملموس لدى الرجال المستهدفين، فالتحيز ضد المرأة نظام، ورغم أنه نظام لصالح الرجال، فإنه أيضاً السلوكيات الذكورية تحت المراقبة".

بول ديفيد هيوسن الشهير بـ "بونو" بطل فرقة "يو تو" (U2) للروك الشهيرة، الحاصل على لقب "رجل العام" عام 2016 من قبل مجلة "غلامور" (Glamour) أدلى بتصريح عبر فيه عن شعوره بالحرج لمجلة "التايم" قال فيه: "بدا لي أنه من البديهي أن يتحمل الجنس المتسبب في المشكلة بعض المسؤولية للقضاء عليها. لا يمكن أن يتراجع الرجل ويتخلى عن المرأة في مهمة إزالة الفوضى التي تسببنا بها، وما زلنا نتسبب بها".

أما عن العواقب غير المقصودة لهذا التوجه المغلف بالنوايا الطيبة، فأهمها أنها تجعل مسألة التوازن بين الرجل والمرأة تبدو وكأنها حرب شرسة تستلزم وجود أبطال ومحاربين شجعان، ما يزيد من احتمالية شعور أفراد المعسكر الآخر بالسخط والكراهية ضد زملائهم المميزين، وهو ما يشير إليه كل من سميث وجونسون باسم عقوبة المخنث أو أثر التمجيد. وعلى الرغم من أهمية وجود نماذج ذكورية تمثل قدوة حسنة لغيرها من الرجال في هذا المضمار، فإن الأمر يستحق أن يُدرس بعناية.

وبدلاً من جعل دعم الرجال للتوازن بين الجنسين أمراً استثنائياً، فالهدف أن نجعله قاعدة عامة، فكيف يمكن، إذن، تطبيق التوازن بين الجنسين وتطبيعه بين الجميع؟ باستغلال الهياكل الإدارية الحالية التي يهيمن عليها الرجال، فقد أثبت مركز ماكنزي العالمي للأبحاث أن الشركات التي تدعم التوازن بين الجنسين يتضاعف التزام قيادتها العليا بالتوازن كأحد أولويات العمل القصوى، فالأمر يتعلق بإعادة صياغة جميع القادة لهذه القضية لجميع الرجال والمدراء.

الخلاصة: يؤدي التوازن بين الجنسين إلى تحسين الأداء وتحقيق عوائد أفضل. فإن كان القادة مسؤولين أمام المساهمين والجهات المعنية، فالتوازن بين الجنسين هو أحد مهماتهم، إن جاز أن نطلق عليهم ... قادة. انتهى.

2. اجعلها قضية تخص العمل، وليس مجرد بُعد للتنوع

إذا كنت تصوغ قضية التوازن بين الرجل والمرأة في إطار قضايا التنوع أو قضايا المرأة أو باعتبارها مبدأ أخلاقياً (أو لمجرد أن لديك ابنة فأدركت فجأة ما لم تكن تدركه)، فستمنى جهودك بالفشل لا محالة -على الأقل فيما يتعلق بجعلها مسؤولية مشتركة بين الجميع. كثيراً ما يستسلم القادة لإغراء مناقشة مسألة التوازن بين الرجل والمرأة باعتبارها واجباً أخلاقياً، لكن إذا أردت الحصول على قاعدة عريضة من دعم الرجال لقضية التوازن في بيئة الشركات، فثمة إطار أكثر فعالية بتحويلها إلى قضية ماسة بالعمل. (الكثير من زميلاتي يبدين تأففهن، مشيرات إلى ذلك بأنه ماض مرعب. إلا أنه يعد خبراً جديداً بالنسبة لمعظم القادة الذين أعمل معهم).

يقدم لنا الجيش سلسلة من دراسات الحالة التنويرية، على الرغم من اعتباره إحدى أكثر المؤسسات التي يهيمن عليها الذكور على سطح الأرض، حيث يستعرض روبرت إينيل وزملاؤه، في كتاب "المرأة وتصورات التنوع بين الجنسين في الجيش: مقارنة دولية" (Women and Gender Perspectives in the Military: An International Comparison)، كيف استحدثت مختلف الجيوش الوطنية في جميع أنحاء العالم موضوع التوازن بين الجنسين. ويمكن استخلاص الدروس المستفادة منها وتطبيقها على الجهود المبذولة في عالم الشركات لإدماج الغالبية الذكورية المهيمنة على هذا العالم.

ويوضح أن عامل النجاح الأساسي يتمثل في كيفية "استحداث هذه العملية وإدارتها بطريقة تناسب المهمات الأساسية في المؤسسات العسكرية"، في حين أن "أصعب مهمة هي الالتحاق بالمؤسسة نفسها والعمل بها، وهي مسألة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بأسلوب وصف العملية ذاتها وأهدافها، وطريقة الإعلان عنها". ويضيف أن استخدام نهج يستند إلى حقوق المرأة والتوازن بين الجنسين، قد يكون أقل فاعلية من "البراهين العملية للفاعلية التشغيلية"، وذلك لأن "المساواة لا ينظر إليها ببساطة كمبدأ ذي علاقة بالعمليات العسكرية للجيوش"، وأزيدك من الشعر بيتاً، فلا يُنظر إلى المساواة في فكر الكثير من الرجال كمبدأ ذي علاقة بنتائج الأعمال. وهذا أحد الأدوار الرئيسية المنوطة بالقادة، أي توضيح هذه العلاقة وبيان مصداقيتها.

إن الشركات التي تدشن مبادرات للتوازن، بحيث تتضمن الرجال أكثر فاعلية ثلاث مرات من الشركات التي تركز على المرأة فقط، ولكن المدراء الرجال لا يتخذون موضوع التوازن بمحمل الجد إلا إذا أخذها رؤساؤهم على المحمل نفسه، وهذه الحقيقة البسيطة للمؤسسات القائمة على تراتبية العناصر البشرية هي جوهر أي تغيير.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن أن تساعد التكنولوجيا على سد فجوة الجندرة؟

ولا يكفي أن يشير الرئيس التنفيذي إلى أهمية التوازن بين الجنسين مرة كل عام في مؤتمر الإدارة، ولا حتى أن يعلن عن مستهدفات متشددة للغاية بهذا الشأن. وفي عمليات تحليل التوازن بين الجنسين الذي تجريه شركة الاستشارات الخاصة بي لصالح عدد من الشركات، يتضح على الفور ما إذا كان فريق القيادة يضع مسألة التوازن ضمن أولوياته صدقاً من عدمه، وتكمن الإجابة في التصور الذي يسهل قياسه لزملائهم، ويتوقف نجاح أي جهود لتحقيق التوازن بين الجنسين على هذا الواقع البسيط.

سيبقى التوازن بين الجنسين أمراً هامشياً لا بأس به من الناحية السياسية إلى أن يقتنع القادة بأنها عنصر استراتيجي للأعمال ويتمكنوا من إقناع زملائهم بالأسباب الحقيقية والدقيقة لأهمية هذا التوازن. فهناك العديد من فرق القيادة التي تعلن اقتناعها وانحيازها للحاجة إلى تحقيق التوازن بين الجنسين، لكن، لو استطلعت رأي زملائهم، كما نفعل نحن بشكل روتيني، لوجدت أنهم غير مقتنعين بالتزام قادتهم.

أجريت مؤخراً مباحثات استراتيجية لفريق قيادة أوروبي بإحدى شركات التكنولوجيا. وأكد لي الرئيس التنفيذي أن الفريق اقتنع بأن موضوع التوازن بين الجنسين "قضية ماسة بالعمل" ويجب عدم التعرض لها بالنقاش مرة أخرى، اللهم إلا لمعرفة كيفية تنفيذها، ولكن بمجرد بدء المباحثات، انطلق جدال طويل وساخن حول مدى إلحاح التوازن بين الجنسين وأهميته وأولويته، واستغرق الأمر بعض الوقت حتى يجتمع الفريق على رؤية مشتركة لماهية المشكلة والهدف والدوافع.

وبعد عقد مئات المناقشات بين فرق القيادة التي يتكون معظمها من الرجال، يمكنني أن أقول بكل تواضع إن هذا هو الوضع الطبيعي، فالفرق الكبرى بحاجة إلى بعض الوقت لمواءمة أوضاعها والبراعة في توضيح الأسباب الداعية إلى ضرورة تحقيق التوازن بين الجنسين في العمل. وحتى يحدث ذلك، لن يأخذ زملاؤهم من الرجال هذا الأمر على محمل الجد.

الخلاصة: يتعامل الرئيس التنفيذي وفريقه باستمرار وبشكل مقنع مع قضية التوازن بين الجنسين باعتباره أداة أساسية لتحقيق أهداف استراتيجية وزيادة إجمالي الأرباح.

3. اجعل التوازن مهارة إدارية وقسها

تتمثل الخطوة الأخيرة في تحويل قضية التوازن بين الجنسين إلى مسألة شخصية وقابلة للقياس وخاضعة للمساءلة. متى تحدث نقطة التحول؟ عندما يعلم المدراء أنهم سينالون التقدير والمكافآت لبناء فرق تقوم على التوازن بين الجنسين (وحرمانهم منها إن لم يفعلوا)، وعندما يتم تقييم أدائهم على أساس قدرتهم على العمل مع كل المواهب الموجودة بنسبة 100% والتواصل بفاعلية مع مختلف شرائح الزبائن المحتملين بنسبة 100%، وسيتأكدون من ذلك عندما يتحول الموضوع من "ممنوع على النساء/الرجال التقدم لهذا المنصب/ القطاع" أو "ممنوع على النساء/الرجال شراء هذا المنتج" إلى "كيف يمكننا مساعدة هذا المدير في بناء فرق وشرائح زبائن قائمة على التوازن؟" (انظر هذه القطعة ذات الصلة، التي تقول "إذا لم تستطع صيد سمكة، فلا تلقِ باللوم على السمك").

إذن، كيف تعد المدراء للتوازن؟ يمكنك أن تتعامل مع الأمر باعتباره مشكلة تحيز لا واعي، كما تفعل العديد من الشركات، ولكن ذلك يعد نوعاً من السلبية وتبادل الاتهامات الذي لا داعي له، كما أنه ينفر الرجال الذين تود الشركات إدماجهم أو مشاركتهم. وعلى رأي إدوارد دي بونو، فإن "التمييز على أساس الجنس متفش بشكل واع وغير واع، إلا أنني ما زلت أعمل على الجزء الذي يخصني". ويتم تحدي بعض الأبحاث القائمة على الحد من التحيز، مثل الاختبارات العمياء لفريق الأوركسترا الأميركية والتي كثيراً ما يستشهد بها والمفترض أنها قائمة على التوازن بين الجنسين.

ثمة بديل آخر أكثر فاعلية ويتمثل في تحويل التوازن بين الجنسين إلى مهارة إدارية، كسائر المهارات الأخرى، إذ يتعين على المدراء المتميزين إجادة التعامل مع ثورات العصر: مثل الثورة التكنولوجية أو الاستدامة أو العولمة، وفي هذا السياق يصبح التوازن بين الجنسين مهارة إدارية يجب تنميتها، لذا فبدلاً من الإطار المشحون بالتحيز دون داع، ساعد في بناء الكفاءات اللازمة للعمل بفاعلية مع الجنسين.

اقرأ أيضاً: عندما توظف المؤسسات الطبية قادة لها... تصطدم المرشحات الخارجيات من النساء بعقبة إضافية

يجب علينا تثقيف المديرين ليصبحوا أكثر وعياً بمسألة الفروق بين الجنسين، لاسيما أن هناك عدداً مهولاً من الأبحاث عن الجنسين التي تنتظر مزيداً من الإدماج في مواد التنمية الإدارية ومناهج كليات إدارة الأعمال. وقد أسعدني الحظ بالمشاركة في الجهود المبكرة لتعميم قضايا الجنسين كمنهج أساسي في ماجستير إدارة الأعمال بإحدى كليات إدارة الأعمال ("المدرسة العليا للتجارة" (HEC Business School). لكن في الأحوال المعتادة، تقدم كليات إدارة الأعمال برامج نسائية للإدارة التنفيذية كبديل عن برامج ماجستير إدارة الأعمال التي يهيمن عليها الذكور والتي تتناول موضوع التوازن بين الجنسين. ويتعين علينا أن نمضي قدماً مع التخلي عن التركيز الملحّ على تمكين المرأة بتعليمها الفوارق بين الجنسين من أجل "بناء ثقتها بنفسها" أو التوافق مع المعايير السائدة بشكل أفضل.

ادع الرجال للنقاش عن طريق توعيتهم بالاختلافات بين الجنسين، والطريقة التي تدرب بها الشركات الدولية مدرائها على التعامل مع الاختلافات الثقافية. وشجع الرجال والنساء على زيادة حصيلتهم المعرفية وشعورهم بالأريحية تجاه العمل في ظل وجود هذه الاختلافات، واستعرض أساليب إدارتهم لجمهورهم وزبائنهم المحتملين. اعمل على بناء الوعي بشأن الافتراضات الذكورية والبيانات التي كثيراً ما تقوم عليها أنظمة ونماذج الشركات، وذلك في كل شيء بداية من التسويق وتطوير المنتجات وصولاً إلى عملية التوظيف والبحث. تأكد أن المدراء يتمتعون بالمهارة قبل أن تمنحهم المسؤولية، وإلا فإنك قد تحصل على رد فعل عنيف أو الشعور بالإحباط أو كليهما معاً. قابل الرجال (والعديد من النساء) حيث هم بالفعل، وهو أمر غير شائع فيما يتعلق بموضوع الاختلاف بين الجنسين.

الخلاصة: أصبحت الفرق القائمة على التوازن وقواعد الزبائن مؤشراً يدل على مهارة المدير المناسب للقرن الواحد والعشرين. تعامل مع التوازن باعتباره كفاءة إدارية يمكن قياسها. وفي حال غياب التوازن، فعليك أن تعمل على رفع مهارة المدير، وليس المرشح أو الزبون.

إن مشاركة الرجل لا علاقة لها بحمل المرأة على أن تكون أكثر احتفاء بالرجال الذين "يفعلونها". ولكن إقناع الرجال بقبول مسألة التوازن بين الجنسين يتطلب قادة ماهرين في ربط التوازن بالعمل، وعندما يقتنعون بذلك ويكتسبون مهارة إقناع الآخرين به، فسينضم الجميع إليهم.

اقرأ أيضاً:

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي