كانت تلك أعذاري أيضاً، ولذلك امتدت أطول إجازة لي 10 أيام فحسب، وذلك منذ إتمامي لدراساتي العليا منذ أكثر من عقد من الزمان. وفي الخريف الماضي قررت أن ألقي تلك الأعذار جانباً، وأمضيت شهراً أتجول في الهند برفقة صديقتي. لا شك في أن “إجازتي الكبرى” استلزمت تقديم التضحيات، بالإضافة إلى التخطيط لها فترة طويلة، لكنها أتاحت لي فرصة لم تُتح سوى لعدد قليل من الأميركيين، وهي زيارة مومباي ومعاينتها مباشرة، شاهدت الشركات الكبيرة التي تتميز بالفخامة والترف، وزرت الأحياء الفقيرة المعدمة، وتجولت في أنحاء الهند الجنوبية التي يزورها عدد قليل من السياح فقط. كانت تجربة رائعة لدرجة أنني أنوي تكرارها، وأنصحك بعيش تلك التجربة. كيف تأخذ إجازة مدتها شهر! إليك الطريقة:

خطط قبل الإجازة بفترة طويلة

لا تجانب غالبية الناس الصواب حين تقول إنه من الصعب الحصول على إجازة مدتها شهر، لأنه من غير الممكن أخذها في المستقبل القريب؛ فثمة الكثير من الالتزامات في العمل وفي حياتنا الشخصية يتعين علينا الوفاء بها، لكننا نستطيع تجاوز ذلك إن خططنا مسبّقاً قبل وقت طويل. أبلغت عملائي قبل عام من موعد إجازتي بأنني سأقضي إجازة في الخريف مدتها شهر، وهو موعد بعيد جداً لدرجة قد لا تخطر على بال. وباقتراب شهر سبتمبر/أيلول، شعر عملائي بالقلق لدنو موعد إجازتي، لكنهم وافقوا عليها مسبّقاً، وكنت قد بذلت جهدي لإتمام كافة المهام المطلوبة مني قبل موعد الإجازة. عليك التفكير في التزامات عملك (هل يمكن لشخص آخر تولي مهامك؟)، وفي حسابات التواصل الاجتماعي الخاصة بك (جدولتُ تغريدات لشهر كامل على منصة هوتسويت (Hootsuite) لتغطية فترة غيابي)، ورعاية حيواناتك الأليفة أو منزلك (تمكنت من العثور على شخص متقاعد من ولاية فيرجينيا عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، وعرض علي الإقامة في منزلي لأنه كان يرغب في زيارة مدينتي)”.

حدد إمكانية التواصل معك

عليك البت في هذه المسألة الأساسية مبكراً؛ لن تكون إجازة بمعنى الكلمة إن تواصل عملاؤك معك كل يوم، ولكن إلى أي مدى تريد أن تجمّد التواصل؟ هل ستتحقق من بريدك الإلكتروني أو الصوتي في أثناء غيابك؟ يتعلق ذلك بوضع الخدمة أحياناً، فهاتفي المحمول يعمل في كل مكان تقريباً في الهند، ولكنه لن يعمل في رحلة عبر نهر الأمازون. أخطرت عملائي بأنني سأكون خارج تغطية الشبكة تماماً، لكنني استطعت التحقق من بريدي الإلكتروني كل 4 أيام أو 5، وذلك اعتماداً على قدرة الفنادق على توفير خدمة الإنترنت.

ستخسر المال، تقبّل ذلك

ربما يكون ذلك الأكثر إيلاماً. يعلم الجميع أن الرحلات مكلفة جداً؛ فتكلفة السفر بالطائرة من الولايات المتحدة إلى الهند وحدها تزيد على 1,000 دولار. ونظراً إلى طبيعتنا النفسية ونفورنا الفطري من الخسارة، فإن الجزء الأصعب هو الأرباح التي سنفوّتها؛ كنت أعمل مع عميلين بناءً على راتب شهري ذلك الخريف وتنازلت لهما عن 20,000 دولار بسبب تلك الإجازة، كما أَحلْتُ إلى زملائي فرصة للمشاركة في برنامج حواري في نيويورك كانت ستجلب لي آلاف الدولارات. ولكن إن كان المال همّك الوحيد فلن تذهب إلى أي مكان، لأن البقاء في المنزل والعمل هما الأفضل من حيث التكلفة. خسارة المال شر لا بد منه، ولكن إن كنت تؤمن حقاً بأن الحياة تجربة فعليك أن تتقبل خسارة المال بصمت.

أطلق لنفسك العنان

ظننت أنني سأجد وقتاً خلال رحلاتي للخروج بفكرة كتاب جديد، لكنني لم أستطع. ظننت أنني سأكتب بعض المقالات حول تجربة السفر، لكنني لم أستطع أيضاً. وكل ما استطعت فعله هو التحقق من صفحات فيسبوك بين الفينة والأخرى. لكنني قرأت في ذلك الشهر عشرات الكتب حول تاريخ الهند وثقافتها، وحول الأعمال التجارية وعلم الاجتماع، ما أوحى لي وفرة من الأفكار الجديدة. بعد يومين من عودتي إلى الولايات المتحدة، جلست وكتبت ما تبيّن لاحقاً أنها أشهر مقالاتي في هارفارد بزنس ريفيو. لا يتّبع الابتكار والإبداع مساراً خطياً في غالب الأحيان (ناقشت ذلك في مقابلة لي مع المدوِّن الزميل في هارفارد بزنس ريفيو، مايكل شريغ). قد لا تنجز ما خططت له تماماً، ولكن ما تراه وتقرؤه وتتعلمه سيجعل عملك أثرى في نهاية المطاف.

فهل أنت جاهز لإجازة طويلة؟ ما الذي يلزمك لأخذها؟ وإلى أين ستسافر؟