ما أثر برامج الصحة في مكان العمل على بياناتك الصحية؟

5 دقائق
أثر برامج الصحة على بياناتك الصحية

عادة ما نبدأ في يناير/كانون الثاني بالانتباه إلى مقاس خصرنا وصحتنا. يلجأ بعض الموظفين إلى برامج الصحة التي تديرها شركاتهم لتحقيق أهدافهم المتعلقة بإنقاص الوزن، ويقدم العديد من أرباب العمل الآن هذه البرامج في محاولة لمساعدة الموظفين في الحفاظ على صحتهم وتقليل تكاليف الرعاية الصحية. ولكن يجب على الموظفين النظر في المخاطر المرتبطة ببرامج الصحة. فما هو أثر برامج الصحة على بياناتك الصحية في مكان العمل؟

أثر برامج الصحة على بياناتك الصحية

تقدر قيمة صناعة برامج الصحة في مكان العمل في الولايات المتحدة بحوالي 6 مليارات دولار، إذ يعرض البائعون على الشركات شراء برامج مستقلة أو البرامج التي تعد جزءاً اختيارياً من التأمين الصحي. وعلى الرغم من استطلاع بعض الدراسات فعالية برامج الصحة في تقليل تكاليف الرعاية الصحية لأصحاب العمل، واتهام بعض الباحثين لها بإلحاق الضرر فعلاً بصحة الموظفين من خلال التسبب في مزيد من الإجهاد، لا تزال هذه البرامج في رواج.

اقرأ أيضاً: القطاع الصحي على مشارف تغيير جذري بفضل بياناتك الرقمية

يقدم أكثر من ثلثي جميع أصحاب العمل في الولايات المتحدة نوعاً من برامج الصحة. ويُظهر تقرير مؤسسة "كايسر فاميلي فاونديشين" (Kaiser Family Foundation)، أن 99% من الشركات التي تضم 200 عامل أو أكثر عرضت برنامجاً صحياً واحداً على الأقل في عام 2013. ومن بين أرباب العمل هؤلاء، عرض 69% منهم خصومات على عضوية النادي الرياضي أو الصالات الرياضية الميدانية، وعرض 71% منهم برامج الإقلاع عن التدخين، في حين قدم 58% منهم برامج لفقدان الوزن. كما منحت غالبية هذه الشركات بعض الحوافز المالية، مثل تخفيض أقساط التأمين للموظفين بغية المشاركة. ووجد تقرير آخر أنه في عام 2015، قدمت الشركات التي يزيد عدد موظفيها على 20,000 موظف 878 دولاراً في المتوسط لتشجيع العمال على المشاركة، بينما عرضت الشركات التي تضم 5,000 إلى 20,000 عامل 661 دولاراً (مقارنة بقيمة 493 دولاراً في عام 2014).

قد يعرّض جمع البيانات الصحية، التي تعد جزءاً من برامج الصحة في مكان العمل، خصوصية الموظفين، وربما التوظيف، إلى الخطر، دون رقابة مناسبة.

وفي تقرير حول استعراض قانون ولاية كاليفورنيا، وجدتُ – مع المؤلفين المشاركين – أنه لا توجد حماية كافية لبيانات صحة الموظفين، مما يجعل العمال عرضة لغزو الخصوصية والتمييز في العمل. وأبرزها أن بائعي البرامج الصحية قادرون على جمع مجموعة من المعلومات الصحية من خلال الاستبيانات والاختبارات الطبية. وتحظر بعض القوانين مثل قانون الأميركيين ذوي الإعاقة، وقانون عدم التمييز الجيني، أرباب العمل من جمع معلومات البيانات الصحية من الموظفين، لكن بعض الأنظمة تستثني جمع البيانات الصحية عن طريق برامج الصحة.

اقرأ أيضاً: كيف تغلب نظام صحي على مقاومة الفريق الطبي لقائمة مراجعة الإجراءات الجراحية؟

في كثير من الأحيان لا يتم إبلاغ الموظفين قبل الانضمام إلى برنامج صحي بأن البائعين قد يبيعون المعلومات الصحية التي يجمعونها. ولا يبدو أن هذا الأمر معروف لدى أرباب العمل أيضاً. لكن بعض البائعين هم كيانات هادفة للربح ولا يرتبطون بشركة تأمين صحي، مما يعني أن الكثير من المعلومات التي تجمعها برامجهم موجودة في المنطقة الرمادية من القانون، لأن هذه المعلومات غير محمية بموجب قوانين مثل قانون إخضاع المعلومات الصحية لقابلية النقل والمساءلة. عموماً، يتطلب قانون إخضاع المعلومات الصحية لقابلية النقل والمساءلة موافقة المريض وإشعاره قبل نقل المعلومات الصحية الخاصة به والتي يتم الحصول عليها من مكتب الطبيب أو العيادة أو المستشفى أو مقدمي الرعاية الصحية إلى أطراف ثالثة. إلا أن قانون إخضاع المعلومات الصحية لقابلية النقل والمساءلة لا يشمل المعلومات التي يجمعها بائعو برامج الصحة المستقلة الذين لا يُعتبرون مقدمي خدمات رعاية صحية، وقد يبيعون البيانات الصحية إلى أطراف ثالثة دون إبلاغ الموظفين. وهذا يعرّض الموظفين لخطر الاستخدام غير القانوني لبياناتهم وقد يؤدي إلى إنشاء التزامات قانونية لأصحاب العمل.

حتى إذا لم يبع بائع برامج الصحة المعلومات التي يجمعها، قد تبقى بيانات الموظفين معرضة للخطر بسبب الانتهاكات المتعلقة بالبيانات. اكتشفتُ في بحثي السابق أن قواعد البيانات الكبيرة التي تحتوي على معلومات صحية هي هدف جذاب للقراصنة. يمكن لبرامج الصحة في مكان العمل أن تعرّض الموظفين للخطر إذا لم يتم تأمين البيانات بقوة، قد يؤدي الاختراق إلى سرقة الهوية الطبية أو معلومات الصحة الشخصية التي يتم بيعها إلى سماسرة البيانات. وقد يترتب على ذلك أيضاً أن تنشأ مسؤولية على أصحاب العمل إذا لم يقدموا رقابة كافية في الحفاظ على بيانات الموظفين آمنة.

وإضافة إلى الفحوصات الطبية واستبيانات تاريخ الأسرة، يمكن لبرامج الصحة الحصول على معلومات من الأجهزة الإلكترونية القابلة للارتداء والمقدمة للموظفين للمساعدة في تتبع روتين ممارسة الرياضة أو النوم. إلا أن الأبحاث أظهرت أن البيانات الناتجة عن أجهزة تعقّب اللياقة البدنية قد تكون غير منتظمة وغير موثوقة. لأنها لن تكون قادرة على تتبع أشكال التمرينات المختلفة، على سبيل المثال. ويمكن أن يُفضي ذلك إلى اعتماد الموظفين على تقييمات غير دقيقة حيال صحتهم والمخاطر الصحية المحتملة.

لا تخضع شركات الأجهزة التي يمكن ارتداؤها وبائعي برامج الصحة للأنظمة الرقابية، بمعنى أن بإمكانهم وضع معاييرهم الخاصة لتفسير البيانات وقياس الحالة الصحية للموظف والمخاطر المحتملة التي قد يتعرض لها. ولا تتوافق توصياتهم دائماً مع الأبحاث الطبية والصحية المتطورة بسرعة. على سبيل المثال، تستخدم العديد من برامج الصحة مؤشر كتلة الجسم مقياساً للسمنة، لكن الأبحاث الطبية الحالية أظهرت أن هذا الإجراء غير مناسب لجميع الأفراد، لأنه سيبين أن الأفراد ذوي العضلات مصابون بالسمنة رغم أنهم ليسوا كذلك. وقد يُسفر هذا عن برامج صحية توصي ببرامج إنقاص الوزن للأفراد الذين لا يحتاجون إليها.

اقرأ أيضاً: خطوة كبيرة نحو منح المرضى السيطرة على بياناتهم الصحية

وتكمُن المشكلة الأخرى في معرفة من يملك البيانات التي تم جمعها من هذه الأجهزة. يبقى الجهاز الممنوح للموظف ملكاً لصاحب العمل بموجب القانون، مما يعني أن بإمكان صاحب العمل الوصول إلى بيانات الموظف في أي وقت دون إذن من الموظف. وبالتالي يُهدد هذا الوصول الميسّر إلى المعلومات الصحية للموظفين خصوصية العمال ويعرّض صاحب العمل لخطر أكبر بسبب دعاوى التمييز في العمل على أساس الإعاقة.

كيف يمكن للموظفين تخفيف المخاطر؟

يجب على الموظفين الذين يرغبون في الانضمام إلى برامج الصحة في مكان العمل قراءة نماذج الموافقة بعناية فيما يتعلق بجمع البيانات الصحية والتأكد من فهمهم للبيانات التي سيتم جمعها وكيفية استخدامها من قبل الطرف الثالث وهو البائع، ومن قبل صاحب العمل. يجب على الموظفين طلب تأكيدات من صاحب العمل أن بياناتهم الصحية لن تؤثر على أي قرارات توظيف، وأن يستفسروا عن خطر اختراق بياناتهم أو كشفها وضمان إتلاف بياناتهم بمجرد توقفهم عن البرنامج.

ماذا يمكن أن تفعل الشركات؟

يجب على أرباب العمل الذين يرغبون في تقديم برامج صحية فهم المسؤوليات القانونية المحتملة، خصوصاً تلك القوانين المرتبطة بجمع البيانات الضخمة، واتخاذ خطوات لتقليلها. ومن أجل تقليل مخاطر التمييز في التوظيف، يجب على أرباب العمل إنشاء جدار معلومات بينهم وبين موردي برامج الصحة، بما يحمي المعلومات الصحية للعاملين بشكل فعال من نظرة صاحب العمل، لضمان عدم إدراج المعلومات الوراثية أو الإعاقة في قرارات التوظيف.

على الرغم من أن برامج الصحة في مكان العمل هي صناعة غير خاضعة للتنظيم إلى حد كبير، يجب على أرباب العمل الالتزام بالأطر الأخلاقية الطوعية. قد يوحي ذلك أن على أرباب العمل التعامل فقط مع البائعين الذين يتّبعون معايير صارمة لأمان البيانات وأولئك الذين يقدمون توصيات صحية للموظفين والتي تعتمد على الأبحاث الطبية الحالية والمراجعة من قبل النظراء. يجب على أرباب العمل السماح للموظفين بالسيطرة على بياناتهم الصحية الشخصية، وأن يكون لهم رأي في نقل هذه البيانات وبيعها. يجب على أصحاب العمل دائماً الحصول على موافقة مستنيرة من الموظفين بشأن برامج الصحة من خلال توعيتهم بموضوع أثر برامج الصحة على بياناتك الصحية وبجميع مخاطر البيانات المرتبطة بالانضمام.

اقرأ أيضاً: تطوير الأفكار الإبداعية لتحسين الرعاية الصحية من بيانات الحياة اليومية للأفراد

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي