في ظل التحولات العالمية المتسارعة نحو الاستدامة والابتكار، تبرز المدن الذكية بوصفها حلولاً متقدمة لتحسين جودة الحياة وتعزيز كفاءة البنية التحتية. وتُعد أبوظبي مثالاً على هذا التوجه، إذ تعمل على دمج التكنولوجيا الذكية في مختلف القطاعات، من النقل والإسكان إلى التخطيط الحضري وإدارة الموارد.
مبادرات المدن الذكية والبنية التحتية المستدامة
نسعى في دائرة البلديات والنقل إلى ترسيخ مكانة أبوظبي بوصفها واحدة من أبرز المدن العالمية من حيث جودة الحياة والرفاهة، متطلعين إلى أن تكون نموذجاً يُحتذى به في التخطيط الحضري والتنمية المستدامة. الجدير بالذكر أن مدينة أبوظبي احتلت المركز العاشر عالمياً في مؤشر المدن الذكية الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية، وهو ما يعكس التزام الإمارة بتبني الحلول الذكية والمبتكرة. ونعمل جاهدين على دمج التكنولوجيا الذكية في مشاريعنا العمرانية كافة ومبادرات تطوير البنية التحتية، بما يتماشى مع رؤيتنا لتحقيق نمو مستدام يعزز جودة الحياة لجميع سكان أبوظبي من مواطنين ومقيمين. كما نطمح لأن تبقى أبوظبي نموذجاً عالمياً للمدن الذكية، وذلك من خلال تنفيذ مشاريع تشمل أنظمة النقل المتطورة، والمباني المستدامة ذات الكفاءة العالية في استهلاك الطاقة، والمنصات الخدمية المدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي.
توفير حلول إسكانية مستدامة وميسورة التكلفة
نؤمن بأن السكن الملائم يشكّل حجر الأساس لأي مجتمع متقدم ومزدهر. ومن خلال عمل هيئة أبوظبي للإسكان، نسعى إلى تطوير تصاميم مبتكرة ومستدامة تركز على تلبية احتياجات المواطنين واستثمار الموارد بكفاءة. علاوة على ذلك، أطلقت هيئة أبوظبي للإسكان الدليل الإرشادي للإسكان الدائري بالاستناد إلى سياسة الاقتصاد الدائري لدولة الإمارات 2021 - 2031، الذي يحدد المعايير التي يجب اتباعها في مشاريع الإسكان الحكومية، مع التركيز على جوانب الاستدامة والاستخدام الفعال للموارد والحفاظ على البيئة. وتتجلى أهمية ذلك في ضوء النمو الاقتصادي والسكاني السريع والجهود التنموية في أبوظبي. كما تتبع استراتيجيتنا أسس ومناهج الاقتصاد الدائري، إذ إن زيادة النمو تترتب عليها زيادة في الطلب، ما يولد مزيداً من النمو عبر العرض. إضافة إلى ذلك، نركز على الاستدامة أولاً، ليس فقط لتقليل بصمتنا الكربونية، ولكن لأننا نعي أن تقليل درجات الحرارة في المناطق الحضرية من خلال أساليب البناء الحديثة والمستدامة يسهم في توفير الطاقة كما يخلق بيئة مناسبة لازدهار مجتمعنا.
استراتيجيات مستقبلية لتطوير النقل الكهربائي والتنقل الجوي الحضري
تُعد الاستدامة محوراً أساسياً لمسيرة تحول قطاع النقل في أبوظبي، سواء من خلال تطوير البنية التحتية للمركبات الكهربائية أو تجربة واختبار حلول التنقل الجوي الحضري. ونعمل على استكشاف الأفكار والسبل الجديدة لتطوير سبل تنقل الناس والبضائع بفعالية، كما نهدف إلى ضمان وجود نظام نقل مستدام وآمن ومترابط ومهيأ لاحتضان الابتكارات المستقبلية مثل السيارات الذاتية القيادة وأنظمة المرور الذكية.
تشكّل السيارات الذاتية القيادة عنصراً رئيسياً في استراتيجيتنا المستقبلية للنقل. ونحن بصدد استكشاف إدماج هذه التكنولوجيا في مشاريع كبرى مثل قطارات الاتحاد وغيرها. وعلى الرغم من التحديات التي قد تطرأ في هذا السياق، مثل أمان البيانات وإدارة المرور وسلامة الركاب، فإن نهجنا يعتمد على إجراء الاختبارات الدقيقة وسنِّ التشريعات الصارمة واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة لضمان تشغيل هذه الأنظمة بأعلى مستويات الأمان والكفاءة.
وتوجد حالياً سيارات أجرة وحافلات كهربائية ذاتية القيادة تعمل في جزر عدة في أبوظبي بعد خضوعها لاختبارات عملية قاربت العامين. كما أن التعاون الجديد مع ”أوبر” و”وي رايد” اللتين تعملان في مجال تكنولوجيا القيادة الذاتية، يمثّل خطوة مهمة نحو تعزيز مشهد التنقل الذكي في أبوظبي، إذ سيتمكن الركاب قريباً من اختيار استخدام السيارات الذاتية القيادة لرحلات محددة عند حجز خدمات أوبر إكس أو أوبر كومفورت، علماً أن هذه الخدمة ستكون متوافرة في البداية لرحلات معيّنة من وإلى مطار زايد الدولي ثم سنعمل على توسيع نطاقها مع مرور الوقت.
تحفيز الابتكار المجتمعي ودعم رواد الأعمال
تتضافر جهودنا مع الشركات الناشئة المحلية والجامعات ورواد الأعمال لتعزيز روح الابتكار والإبداع. ومن خلال مبادرات متعددة مثل مراكز الابتكار وحاضنات الأعمال الحضرية، نمكّن المواهب من تطوير حلول مبتكرة تسهم في تحسين المساحات الحضرية ورفع جودة حياة المواطنين.
تشكّل الشراكات بين القطاعين العام والخاص عنصراً أساسياً في دفع عجلة التحول الذكي لإمارة أبوظبي. ومن خلال التعاون مع رواد التكنولوجيا العالميين، نستفيد من الحلول المتطورة التي تسهم في توظيف الخدمات الذكية، كما تضمن هذه الشراكات أن تظل مدينتنا في طليعة الابتكار، سواء في البنية التحتية المدعومة بتقنية إنترنت الأشياء أو أدوات التخطيط الحضري المدعومة بالذكاء الاصطناعي.
وقد أطلقت أبو ظبي أول جامعة متخصصة في هذا المجال عالمياً، وأقمنا شراكات استراتيجية مع عمالقة التكنولوجيا مثل إنفيديا ومايكروسوفت، كما أنشأنا مركز صناعة المستقبل في دائرة البلديات والنقل لتعزيز البحث والتطوير في هذا المجال المبتكر. ومن خلال هذه الشراكات التعاونية، نواصل العمل مع مؤسسات تعليمية مرموقة مثل مختبر المدن الذكية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لضمان تطبيق أفضل الممارسات العالمية.
تلعب البيانات الضخمة دوراً جوهرياً في إعادة صياغة مستقبل التنمية الحضرية، إذ تتيح حلول تحليل التوجهات في النقل والإسكان لتوفير خدمات فعالة ومبتكرة تُثري حياة السكان والزوار. ويجسّد نهجنا القائم على البيانات التزاماً بتلبية متطلبات مجتمع أبوظبي المتنوع بحلول مبتكرة ومستدامة. وتُعتبر أبوظبي موطناً لمجالات الحوسبة السحابية وتحليل البيانات الضخمة التي تُحدث نقلة نوعية في حياة الأفراد عبر التصدي لأبرز التحديات الصحية والتشخيصية على المستوى العالمي.
تطوير القوانين والاستراتيجيات
نعمل على صياغة إطار تنظيمي يحفز الابتكار ويرسخ مبادئ الاستدامة. وتعكس جهودنا في مجالات الطاقة النظيفة، وحلول التنقل الذكية، ومعايير البناء الأخضر، التزامنا بتحقيق نمو اقتصادي مستدام يحمي البيئة ويعزز جودة الحياة، ومن جانب آخر تضمن قوانيننا تحقيق مكاسب طويلة الأجل لكل من المجتمع وقطاع الأعمال. يشكّل كل من حماية البيانات وضمان الشمولية محوراً أساسياً في مبادرات المدينة الذكية بأبوظبي، ونعمل على تطبيق أحدث تقنيات الأمن السيبراني وتفعيل بروتوكولات خصوصية متطورة لحماية خصوصية المواطنين والمقيمين. وفي الوقت نفسه، نركز على تصميم خدمات متاحة للجميع، تسهم في تعزيز الرفاهة، وترسيخ المساواة، ودعم الاستدامة ضمن مختلف فئات مجتمعنا المتنوع.