بحث: الخبرة في مجلس الإدارة تساعد النساء في الحصول على منصب الرئيس التنفيذي

5 دقائق
كيف تصل المرأة لمنصب تنفيذي؟

كانت الأخبار عن حضور المرأة في المناصب القيادية أو الإدارية العليا، وفي منصب الرئيس التنفيذي تحديداً، بائسة للغاية. ففي الولايات المتحدة، لم تصل نسبة النساء اللاتي يشغلن منصب الرئيس التنفيذي في الشركات العامة إلى 5%. وفي الشركات المدرجة على قائمة "فورتشن 500"، تراجعت تلك النسبة بنحو 25% بين عامي 2017 و2018، إذ انخفضت من 32 (6.4%) إلى 24 (4.8%) قبل أن تعاود الارتفاع في عام 2019.

ومع ذلك، تشير نتائج بحث أجريناه مؤخراً إلى أنّ هذه المشكلة التي نشهدها منذ عقود، والتي تتمثل في ركود النمو، سوف تتبدل في وقت قريب، فهل تصلح المرأة للقيادة؟

تعيين النساء المؤهلات في منصب الرئيس التنفيذي

ولتعيين امرأة في منصب الرئيس التنفيذي، يجب على مجلس الإدارة تحديد النساء المؤهلات من أجل إدخالهن إلى مجموعة المرشحين، وكان النمط التقليدي المعتاد سابقاً يشترط امتلاك المرشح خبرة سابقة في عمل الرئيس التنفيذي. وهذا بالطبع يخلق مشكلة واضحة، فبالنظر إلى اقتصار منصب الرئيس التنفيذي على عدد محدود جداً من النساء، سيكون عدد النساء المرشحات في مجموعة المواهب في الشركات العامة قليلاً أيضاً. وتشير بياناتنا إلى أن مجالس الإدارة في الشركات قد وجدت طريقة مبتكرة لحلّ المشكلة بعيداً عن جدلية: الدجاجة أم البيضة التي تمثل معضلة حقاً. إذ خففت على وجه التحديد من شرط امتلاك النساء خبرة سابقة في عمل الرئيس التنفيذي، وبدأت تعتمد خبرة العمل السابقة في مجلس إدارة الشركات كمؤهل بديل.

اقرأ أيضاً: بحث: النساء تسجل نقاطاً أعلى من الرجال في معظم المهارات القيادية

قمنا بمقارنة المسارات المهنية لمئة امرأة تعمل في منصب الرئيس التنفيذي لشركة عامة مع المسارات المهنية لمجموعة رجال ينتمون لقطاعات صناعية مماثلة وشركات ذات حجوم مماثلة، ووجدنا اختلافين كبيرين في المسارات المهنية بين الرجال والنساء الذين يقودون شركات عامة. فقبل استلام منصب الرئيس التنفيذي لشركة ما:

عملت النساء في مجالس إدارة الشركات أكثر من الرجال على نحو واضح. عمل أكثر من نصف النساء (59%) في مجلس إدارة شركة عامة مقارنة بـ 42% من الرجال. وكان عدد النساء اللواتي عملن في مجلس إدارة شركات خاصة يقارب ضعف عدد الرجال، حيث كانت نسبة النساء 23% بمقابل 12% من الرجال.

وبالنسبة لمن يتم تعيينهم من الخارج، كان عدد النساء المرشحات لاستلام منصب الرئيس التنفيذي من منصب مختلف ضعف عدد الرجال تقريباً. وأكثر من نصف الرجال (52%) الذين تم تعيينهم من خارج الشركات العامة من أجل قيادتها كانوا رؤساء تنفيذيين في شركات خاصة أو أقسام في شركات عامة، مقارنة بنسبة 18% فقط من النساء.

كانت هذه النتائج الثلاث مجتمعة قادرة على تسليط الضوء على مسار قابل للتطبيق والاستمرار نحو منصب الرئيس التنفيذي بالنسبة للنساء الطموحات (من خلال العمل في مجلس الإدارة)، بالإضافة إلى تقديم اقتراح للشركات ومجالس الإدارة التي تسعى إلى تحقيق التنوع بين الجنسين في خطط ترقية الرؤساء التنفيذيين، وهذا المقترح هو: مساعدة النساء التنفيذيات ذوات الإمكانات العالية في تأمين مقاعد في مجالس إدارة الشركات.

وقد يشير بحثنا، بالاقتران مع اتجاهات النمو الأخيرة للنساء المعيَّنات للعمل في مجالس إدارة الشركات، إلى زيادة كبيرة مرتقبة لعدد النساء في مجموعة مواهب الرؤساء التنفيذيين خلال الأعوام المقبلة. وفي عام 2018، وجد مؤشر سبنسر ستيوارت لمجالس الإدارة في الولايات المتحدة أن تمثيل المرأة قد حقق رقماً قياسياً بنسبة 40% من الدفعة الجديدة من مدراء مجالس الإدارة، بعد أن كانت 36% في عام 2017. وأصبحت نسبة تمثيل المرأة اليوم بين جميع المدراء 24%، بعد أن كانت 22% في عام 2017. أضف إلى ذلك أن من يبلغون من العمر 50 عاماً أو أقل يشكلون نسبة 17% من الدفعة المقبلة، مقارنة بنسبة 16% العام الماضي، وستشكل النساء أكثر من نصف هؤلاء المدراء من الجيل القادم بنسبة (53%).

طريقتنا

قمنا بدراسة الرؤساء التنفيذيين في أكبر 3,000 شركة عامة أميركية من أجل التعرف على 140 امرأة في منصب الرئيس التنفيذي، وهنّ يشكلن نسبة تزيد عن 4.6% من الرؤساء التنفيذيين إجمالاً. واستبعدنا جميع النساء اللواتي أسسن شركاتهن أو ورثن مراكزهن في الشركات العائلية، ثم اخترنا 100 امرأة على نحو عشوائي، وقمنا بمقارنة كل امرأة في منصب الرئيس التنفيذي مع رجل في نفس المنصب في قطاع صناعي مماثل وفي شركة ذات حجم مماثل أيضاً. وحرصنا على تأكيد تطابق مجموعة الرؤساء التنفيذيين من النساء والرجال من حيث التركيبة السكانية ومؤشرات الشركة (باستثناء الجنس بالطبع).

اقرأ أيضاً: مجالس الإدارة تغفل عن النساء المؤهلات... وفيما يلي طريقة إصلاح ذلك

وفي سبيل جمع معلومات عن المسار المهني لهؤلاء، قمنا بتحليل الملفات الشخصية للجميع على موقع بلومبيرغ، والمنشورات المطبوعة، والمواقع الإلكترونية للشركات، والمقالات الإخبارية. كما قمنا بتتبع المسارات المهنية لكلّ رئيس تنفيذي، وعدنا إلى أول مرة شغل فيها منصب رئيس تنفيذي في شركة عامة، ثم تعرفنا على المناصب الثلاث التي شغلها قبل الوصول إليه. وحددنا أيضاً ما إذا كان قد عمل في مجلس إدارة شركة عامة أو خاصة قبل استلام منصب رئيس تنفيذي في شركة عامة للمرة الأولى.

تعيين الرؤساء التنفيذيين من داخل الشركة مقارنة بتعيينهم من خارجها. وبالنسبة للذين حصلوا على ترقية إلى منصب الرئيس التنفيذي من داخل الشركة (قرابة ثلاثة أرباع المجموعة التي أجرينا عليها الدراسة)، كانت المسارات المهنية للرجال والنساء متطابقة بالفعل. فكان 70% منهم تقريباً قد عملوا في مناصب رئيس الشؤون المالية أو رئيس قبل استلام منصب الرئيس التنفيذي. أما من عينوا في منصب الرئيس التنفيذي لشركة عامة من خارجها، فقد كانت المسارات المهنية بين النساء والرجال مختلفة بشكل لافت للنظر. حيث كان أكثر من نصف الرجال قد عملوا سابقاً في منصب الرئيس التنفيذي لدى شركة خاصة أو قسم سابق، مقارنة بنسبة 18% فقط من النساء. أما النساء، فقد شغل معظمهن مناصب الإدارة العليا والمناصب التنفيذية العليا.

ومن المحتمل أن يكون عمل النساء في مجالس الإدارة قد ساعدهن على التأهل كمرشحات لمنصب الرئيس التنفيذي، وفق ما تظهره هذه البيانات.

الرئيسات التنفيذيات

تشير نتائجنا إلى أنّ مجالس الإدارة يجب أن تعتبر مجموعة مهارات مناصب الرئيس التنفيذي المالي والرئيس أو حتى نائب الرئيس التنفيذي مجتمعة مع خبرة العمل في مجلس الإدارة، مساوية تقريباً للخبرة السابقة في العمل كرئيس تنفيذي. كما يمكن للعمل في مجالس إدارة الشركات أن يمنح النساء إمكانية الظهور لدى أعضاء مجلس الإدارة الذين يشرفون على تعيين الرئيس التنفيذي، وبذلك يمكن أن يؤخذن بالحسبان أكثر عند البحث عن مرشحين لهذا المنصب.

قد يكون هذا الأمر غير متوقع كثيراً، نظراً لصورة التسلسل الهرمي التقليدية في الشركات، حيث يقع مجلس الإدارة على قمة الهرم (الذي يبدأ بمستوى الموظفين المبتدئين ويتصاعد مروراً بالمدراء ثم التنفيذيين ثم أعضاء مجلس الإدارة). ومع ذلك، بالنسبة للنساء، فإنّ العمل في مجلس الإدارة يمكن أن يسبق العمل في منصب الرئيس التنفيذي. ومن أجل زيادة عدد مجموعة النساء المرشحات لمنصب الرئيس التنفيذي، يمكن لمجالس إدارة الشركة إعادة ترتيب أفكارها والبحث عن مرشحين للمنصب من بين صفوف أعضاء مجالس إدارات الشركات.

وتقترح نتائجنا، بالترافق مع الاتجاه الموازي لنمو تمثيل المرأة في مجالس إدارة الشركات، إجراءات ملموسة يمكن أن تتخذها النساء العاملات في المناصب التنفيذية ومنصب الرئيس التنفيذي والفرق التنفيذية ومجالس إدارة الشركات من أجل زيادة عدد النساء اللواتي يرتقين إلى منصب الرئيس التنفيذي للشركة.

أولاً، يمكن للشركات التي تسعى إلى ضم المزيد من النساء إلى مجموعة المرشحين لمنصب الرئيس التنفيذي والشركات التي ترغب بتهيئة النساء للمناصب الإدارية العليا، إطلاق برامج لمساعدة النساء التنفيذيات اللواتي يتمتعن بإمكانات عالية في الحصول على مقعد في مجلس إدارة الشركة. ويجب ألا يكون ذلك صعباً. فاليوم، يزداد الطلب أكثر من أي وقت مضى على الموظفين التنفيذيين المؤهلين (من غير الرؤساء التنفيذيين) والذين يعملون بفعالية، من أجل الانضمام إلى مجالس الإدارة. فقد أظهر مؤشر سبنسر ستيوارت لمجالس الإدارة أن 35.5% فقط من المدراء الجدد هم من مستوى الرئيس التنفيذي، بعد أن كانت النسبة 47% منذ عقد من الزمن.

ثانياً، يجب على المرأة التي تطمح لشغل منصب الرئيس التنفيذي السعي بجد للحصول على فرص للعمل في مجلس الإدارة بقدرتها الذاتية. وبالطبع، يجب عليها فعل ذلك بمجرد انضمامها إلى صفوف الإدارة التنفيذية. فهذا سيعزز خبرتها التنفيذية ويؤهلها للترشح لمنصب الرئيس التنفيذي.

وحتى يومنا هذا، ما تزال الأبحاث تتسأل: هل تصلح المرأة للقيادة؟، ولا تزال بشأن الترقية إلى منصب الرئيس التنفيذي تستند بصورة أساسية على المسارات المهنية للرجال، بما أنهم يمثلون 95% أو أكثر من الرؤساء التنفيذيين. ولكنّ دراسة هذه المسارات المهنية لا تنبه النساء إلى المسار البديل، بينما تبشر دراستنا هذه بأننا سنشهد تغييراً أكثر وضوحاً وجدية فيما يتعلق بموضوع المرأة في المناصب القيادية.

اقرأ أيضاً:

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي