مقابلة مع هيلين فيشر، عالمة الأنثروبولوجيا الطبيعية

8 دقائق

النظرية

نُشر بحث هيلين فيشر حول أنظمة المخ التي تحفز الشخصية والانجذاب والحب لدى البشر، في الدوريات الأكاديمية، وفي مؤتمر مؤسسة تيد (TED) حول التقنية والترفيه والتصميم، وكذلك على موقع التعارف ماتش دوت كوم (Match.com). وفي الوقت الحالي وُجد أن له تطبيقات أخرى في عالم الأعمال، حيث طبقته شركة مثل ديلويت، وتقوم فيشر بمساعدتهم بتدريب المدراء التنفيذيين، بالمشاركة مع معهد كينزي وجامعة راتغرز، وفى عام 2015 ظهرت شركة متخصصة في هذا المجال هي نيوروكَلر (NeuroColor) لتقديم الاستشارات للشركات، بالتعاون مع مستشار القيادة والابتكار ديفيد لابنو.

كيف حققتِ قفزة من مجال العلاقات الشخصية إلى العلاقات المهنية؟

كان عملي حول أنماط الشخصية قد بدأ يحظى ببعض الاهتمام، وحدث أن استمع لي ديفيد لابنو في مقابلة أجرتها معي إذاعة ناشيونال ببلك (NPR)، ولم أكن أعرفه وقتها، لكننا صرنا شركاء فيما بعد. اتصل بي وقال: "اعلمي يا هيلين أنك لا تدرّسين الحب، بل تدرسين العلاقات العامة". ولقد أدركت فوراً أنه على حقٍّ. فقد كان الاستبيان الذي طورته لمساعدة الناس على الاقتران بشكلٍ عاطفيٍّ قابلاً للتطبيق من أجل فهم العائلة والأصدقاء وزملاء العمل والعملاء. ولقد عمل ديفيد في مجال الأعمال لسنواتٍ طويلة، وكان على دراية بجميع اختبارات الشخصية المتوفرة آنذاك، وقد أحس بأن اختباري كان عبارة عن تقنية مزعزعة.

ما السبب في كونه أفضلَ من غيره من التقييمات، أمثال اختبار مايرز-بريجز واختبار السمات الشخصية الخمسة؟          

لأنه مبنيّ على كيمياء المخ. لقد اطلعتُ على الأبحاث العصبية من أجل تطوير الاستبيان، وبعدها استخدمت التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي لإثبات صحته، مستعينة بزملائي.

تنقسم شخصياتنا جميعاً إلى جزئين يتفاعلان مع بعضهما البعض بصورة مستمرة: الثقافة (وهو ما تؤمنين به من أشياء وتقومين به من أفعال، وتتلفظين به من أقوال بحكم تنشئتك) والمزاج الشخصي (وهو ما ينتج عن طبيعتكِ الحيوية وجيناتكِ وهرموناتكِ ونواقلك العصبيةِ). وتنصبُّ دراستي على المزاج الشخصي. إن معظم عمليات المخ تحافظ على استمرار حركة العين ونبض القلب وعملية التمثيل الغذائي. ولكن عندما سألني موقع ماتش دوت كوم "لماذا يقع المرء في حب شخصٍ بعينه دون غيره؟" حاولتُ العثور على إجابة تتعلق بالجهاز العصبي. وأمضيت عامين في دراسة ما كُتب في هذا المجال، وتوصلتُ مراراً وتكراراً إلى وجود أربعة عناصر بيولوجية وعناصر الدوبامين للكيمياء العضوية وهي: (النوربينفرين والسيروتونين والتستوستيرون والأستروجين/ الأوكسيتوسين) يرتبط كل عنصرٍ منها بمجموعة معينة من السمات الشخصية. لقد عثرتُ على ذلك في أبحاثٍ لا تتعلق بالبشر وحسب، بل تتعلق بالحمام والسحالي والقردة أيضاً.

ما هي الروابط التي اكتشفتِها؟

يميل الأفراد الذين يوجد لديهم صفات تعبر عن جيناتٍ معينة في نظام الدوبامين، لأن يكونوا فضوليين ومبدعين وعفويين ونشطين ومرنين من الناحية الذهنية، كما أنهم يركبون المخاطر ويسعون وراء كل ما هو جديد. وبالنسبة للأفراد الذين لديهم مستوى مرتفع من نشاط السيروتونين (أو مَن يتناولون مضادات الاكتئاب الانتقائية المثبطة لاسترداد السيروتونين) فهم اجتماعيون بدرجة أكبر، كما أنهم أحرص على الانتماء. وهم كذلك تقليديون بشدة في قيمهم وأقل ميلاً للاستكشاف. أما الأفراد المنتمون لنظام التستوستيرون فهم أولي عزمٍ وصرحاء وحازمون وشكاكون وواثقون من أنفسهم. ويميل هؤلاء لإجادة ما نسميه "النظم القائمة على قواعد" - كالهندسة والحواسيب والماكينات والرياضيات والموسيقى. في حين أن الأفراد المنتمين لنظام الأستروجين / الأوكسيتوسين يميلون للاتسام بالبديهية والقدرة على التخيل، والثقة بالغير والتعاطف معهم، والتفكير المنسجم والبعيد. كما أنهم يراعون مشاعر الآخرين ويمتلكون في العادة مهارات لفظية واجتماعية. وقد وضعتُ بالتعاون مع أحد المتخصصين في الإحصاء استبياناً لقياس درجة تعبير أي شخصٍ عن السمات الموجودة في تلك النظم الأربعة. ومن ثم، نشرنا الاستبيان على موقعَي ماتش دوت كوم وكيمستري دوت كوم (Chemistry.com) ثم راقبنا مَن ينجذب لمَن بشكلٍ طبيعي.

كيف اختبرتِ دقة الاستبيان؟

أجريتُ دراستين باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي؛ واحدة على الأزواج من الشباب وواحدة على الأزواج من كبار السن. كان الخاضعون للاستبيان يجيبون عن الأسئلة ثم تُجرى لهم الأشعة. واتضح أن الأفراد الذين حصلوا على درجات مرتفعة في مقياسي الذي يقيس السمات المرتبطة بنظام الدوبامين، قد أظهروا وجود قدر كبيرٍ من نشاط الدوبامين في مخهم، في حين كان لدى من حصلوا على درجاتٍ مرتفعة في مقياس السيروتونين نشاط زائد في منطقة ترتبط "بالامتثال للمعايير الاجتماعية". أما الذين حصلوا على درجات تستوستيرون مرتفعة فقد أظهروا نشاطاً أكبر للمخ في المناطق المرتبطة بالإدراك البصري والرياضي، وفي المناطق التي تكونت من التستوستيرون الجنيني. وبالنسبة لمن حصلوا على درجاتٍ مرتفعة في مقياس الأستروجين / الأوكسيتوسين، فقد ظهر لديهم نشاطٌ أكبر في النواحي المرآتية المرتبطة بالتعاطف، وكذلك في مناطق أخرى من المخ، والتي تكونت من الأستروجين الجنيني. إن هذا التصوير في حد ذاته يجعل هذا الاستبيان مختلفاً عما سواه. لقد تمكنت من البرهنة على أن استبياني يقيس فعلاً ما أدعيه.

هل علينا إذن أن ننبذ الاختبارات الأخرى؟

ليس لدى أي مشكلة مع غير ذلك من الاستبيانات الجيدة الأخرى التي تُبنى على الدراسات النفسية أو اللغوية أو حتى على الحدس - لكنني لا أعتقد أنها دقيقة بنفس الدرجة، وذلك لعدم استنباطها من العلوم الطبيعية. دعينا نلقي نظرة على اختبار مايرز-بريجز (Myers-Briggs)، وهو على الأرجح أشهرُ تلك الاختبارات. يقوم الاختبار بقياس أربعة أشياء: الانفتاح مقابل الانطواء، والحسية مقابل الحدسية، والعقلانية مقابل العاطفية، والصرامة مقابل المرونة. حسناً، في الواقع تقيس الأسئلة المتعلقة بالعقلانية مقابل العاطفية السماتِ الشخصيةَ المرتبطة بأنظمة الأستروجين / الأوكسيتوسين والتستوستيرون. ويركز مقياس الصرامة مقابل المرونة على السمات الشخصية المرتبطة بالدوبامين مقابل السيروتونين. وعليه، فإن الاختبار صحيحٌ في تلك النواحي. لكن المقياس الحسي / الحدسي يقيس السمات الشخصية المرتبطة بالأستروجين مقابل تلك المرتبطة بالسيروتونين؛ وهو ما يشير إلى أن تلك السمات متضادة، وهي ليست كذلك في المخ.

أما بالنسبة للانفتاح والانطواء، فذات مرة قالت إيزابيل مايرز، التي شاركت في صياغة هذا الاختبار، إن هذا المقياس يحدد من أين يستمد الفرد طاقته - إما من كونه مع الآخرين أو من كونه وحيداً - غير أن أسئلتها تقيس كذلك ما إذا كنتِ اجتماعية أم متحفظة، وهما أمران مختلفان تماماً. فعلى سبيل المثال، أنا وكثيرون غيري منفتحون ومنطلقون - حيث نشعر بالارتياح للثرثرة في المواقف الاجتماعية - لكننا نُعيد شحن طاقاتنا عندما نكون بمفردنا.

ثمة مشكلة أخرى في هذا الاختبار، وغيره من اختبارات الشخصية، وهي أنه يهدف إلى تصنيف مَن يخضعون له ضمن فئة بعينها. لكن المخ لا يعمل من خلال قطاعاتٍ منفصلة. إن اختباري يقيس مدى قوة تعبير المرء عن السمات الموجودة في كل النظامٍ العصبيٍّ. وقد يتم التعبير عن بعض تلك السمات بصورة أكبر من غيرها. وأما عمق التفاصيل ودقتها فهما متوفران في استبياني.

لكن موقع ماتش وشركة ديلويت ما زالا بعد كل ذلك يصنفان الأفراد حسب نمط الشخصية السائد. فما هي الفائدة من ذلك؟

سأقدم مثالاً حياً من حياتي. كنت أعمل مع رجل يتمتع مثلي بنشاط كبيرٍ جداً للدوبامين، بيْد أنه يختلف عني في زيادة نشاط السيروتونين لديه بصورة كبيرة، والذي يرتبط بتجنب المخاطر. وصادفتنا قضية معينة، وعلى الرغم من قناعتي بكوني محقة تماماً في تقييمي لها، كان هو حذراً للغاية. لو لم أكن على علمٍ بكيمياء المخ، لظننت أنه كان عنيداً لأقصى درجة. لكنني بدلاً من ذلك رأيت أن ذلك ناشئٌ عما أسميه "فجوة السيروتونين". ذلك أن تردده لم يكن مرتبطاً بي أو بالمشروع، بل كانت تلك هي طبيعته. لقد خفف ذلك مما كان من المحتمل أن يمثل سوء تفاهمٍ كبيرٍ بيننا، كما أنه جعل منا فريقاً أفضل.

هل تكمن الفكرة في عدم الاكتفاء بالتعرف على الشخصيات المختلفة والمؤثرة وفهمها، بل أن يكيِّف المرء سلوكه أيضاً كي يتوافق بصورة أفضل مع زملائه؟ 

بكل تأكيد. بمقدوركِ أن تفصلي الطريقة التي تعرضين بها المعلومات، وأن تعدِّلي من لغتك الحوارية عند الإجابة عن الأسئلة، بل وأن تعدلي حتى من لغة جسدك ليكون لدى الأفراد الذين ينتمون لأنماط الشخصية الأخرى درجة أكبر من التقبل. واسمحي لي بتقديم مثالٍ آخر. استمع أحد كبار الشركاء في شركة ديلويت لحديثي عن أنماط الشخصية، وكان على وشك أن يقدم عرضاً لعميل مهم. كان فريقه قد انتهى للتو من إعداد ملف شرائح العرض، وكاد الليل أن ينتصف، وهمَّ الجميع بالانصراف. لكنه أدرك فجأة أن تركيز العرض - المتخم بالنقاط النظرية مع القليل من التفاصيل - لا يناسب جمهوره من المدراء التنفيذيين في البنوك الدولية، فقد ساوره الشك في امتلاكهم لسماتٍ شخصية ذات مستوى مرتفعٍ من السيروتونين. ومن ثم سهروا معظم الليل لإعادة إعداد العرض، وفي الصباح أتموا عقد صفقة بملايين الدولارات. والمغزى هنا هو أنكِِ إذا استطعتِ أن تقيمي من حولك، فبمقدورك الوصول إلى أي شخص – من عملائك ورؤسائك وموظفيكِ - بشكلٍ أكثر فاعلية بكثيرٍ.

هل يستطيع المرء أن يغير نمط شخصيته؟

البشر مرنون بدرجة كبيرة، ولكن ليس بصورة مطلقة. فالرياضيات، على سبيل المثال، مهارة ترتبط بالتستوستيرون، وأنا سيئة للغاية في الرياضيات، ولن أبرع فيها أبداً. ولو أنني نشأت بين أمٍّ فيزيائية وأبٍ مهندسٍ معماري - أي في عائلة تقدر ثقافتها الرياضيات - لكنت ماهرة فيها، ولكن لم أكن لأبرع فيها أبداً. هل يستطيع أحد أن يجعلني قاسية؟ أشك في ذلك. ربما أتصرف بقسوة عندما أُجبر على ذلك، لكن الأمر يُشعرني بالانزعاج. منذ فترة من الزمان، وبعد أن انتهيت من إلقاء خطابٍ في مؤسسة سميثسونيان (Smithsonian)، جاءتني مديرة تنفيذية وقالت: "أنا في العمل حاسمة ومتسلطة، لكنني تزوجت من رجلٍ أرادني أن أكون لينة ولطيفة في المنزل. واستطعت أن أفعل ذلك، لكن الأمر كان منهكاً"، وأخبرتني بأنها طُلقت من الرجل في نهاية المطاف. وهكذا يتضح أن بوسعنا أن نتصرف بخلاف نمط شخصيتنا، لكن ذلك أمر مرهق. إننا نطلب من الموظفين في نيوروكَلر الخضوع للاستبيان مرتين. حيث يصفون في المرة الأولى تفكيرهم وسلوكهم أثناء العمل؛ وفي المرة الثانية يصفون سلوكهم "خارج دائرة العمل". إن الإجابة عن سؤال: ما المكان الذي تكون فيه على طبيعتك لأقصي درجة؟ تعد مقياساً مهماً لمدى الصراحة عندهم.

هل ترين مستقبلاً تؤثر فيه تلك الاختبارات على قرارات التعيين والترقية وبناء فرق العمل؟ هل سيتم اختيار الأفراد ذوي معدل السيروتونين المرتفع لأعمال المحاسبة، وذوي الدوبامين المرتفع لتطوير الأعمال؟       

لا أظن أن أحداً يرغب في تصنيف الأفراد بتلك الطريقة. لكنني بالتأكيد سأضيف تلك المعلومات إلى حساباتي، لأنها يمكن أن تساعد على بناء فرَق عمل أكثر فعالية. لقد تطورت الأنماط الأربعة للتفكير والسلوك لسببٍ ما في المجتمعات التي كانت تقتات على الصيد وجمع الطعام على مر ملايين السنين. تخيلي مجموعة من الأفراد في أفريقيا منذ مئات الآلاف من السنين وهم يسيرون معاً للبحث عن مخيم جديد. وفجأة، يعثرون على بعض الفطر، لا يمكن أن ينتموا جميعاً لنمط الشخصية الذي يرتفع فيه معدل الدوبامين، وذلك لأنهم جميعاً سيجربون الفطر وربما تسمموا عن آخرهم. هناك حاجة لوجود البعض ممن ينتمون لنمط الشخصية الذي يرتفع فيه معدل السيروتونين لِكي يقولوا: "لا ينبغي أن نفعل ذلك، فنحن لم نجربه من قبل"؛ كما أن هناك حاجة لوجود مَن ينتمون لنمط الشخصية الذي يرتفع فيه معدل التستوستيرون كي يقولوا: "دعونا نجرب الفطر على الكلب ونرى ما يحدث"؛ وكذلك بعضٌ ممن ينتمون لنمط الشخصية الذي يرتفع فيه معدل الأستروجين كي يقولوا: "دعونا نناقش ما نعرفه عن هذا الفطر"؛ لقد تطورنا لنفكر بصورة مختلفة كي نتبادل الأفكار ونصل لحلولٍ جيدة. وأنماط التفكير التي تكمل بعضها البعض تؤدي إلى خلق فريقٍ أكثر فعالية. ولكن لسوء الحظ، يبدو أن المؤسسات في وقتنا الحالي عندما تفكر في مسألة التنوع، فإنها تأخذ العرق والنوع أو الخلفية الثقافية في الاعتبار، بدلاً من النظر إلى التنوع الفكري. وبناءً على ذلك يتم تمثيل المرأة والأقليات، وهذا عظيم، ولكن ربما كانوا جميعاً يمرون بالحالة المزاجية عينها، ومن ثم لا تكون المجموعة متنوعة بالقدر الذي تظنينه.

لقد أجريتِ تقييماتٍ للأفراد في العديد من البلدان المختلفة، فهل وجدتِ أوجه الاختلاف فيما بينهم أكبر أم أوجه التشابه؟ 

سألني رئيس موقع ماتش منذ بضع سنواتٍ إن كان استبياني سينجح في ثقافاتٍ أخرى، فقلت له إنْ لم ينجح فهذا يعني أنني فشلت؛ حيث إنني أدرس الشخصية البشرية وليس الشخصية الأمريكية. إن تلك النسخة من الاستبيان تستخدم حالياً في 40 بلداً، غير أننا توصلنا لبعض الاختلافات الإقليمية المثيرة للاهتمام. فعلى سبيل المثال، يحصل عدد أكبر من الصينيين واليابانيين على معدلاتٍ مرتفعة في مقياس السيروتونين. وعندما ذكرت الأمر لعالم الجينات لي سيلفر، من جامعة برنستون، لم يكن ذلك مفاجأً بالنسبة له. وأخبرني بأن هناك جيناً مسئولاً عن الامتثال للمعايير الاجتماعية، وهو شائع في الصين واليابان أكثر من أي مكانٍ آخر. وأخبرني كذلك عن جينٍ مرتبط بالدوبامين هو الأكثر شيوعاً في منطقة حوض نهر الأمازون. يمكن للمرء أن يفترض بأن الأفراد الذين ترتفع لديهم معدلات الدوبامين المرتبطة بالاستكشاف قد عبروا الجسر البري قادمين من أفريقيا، والذي كان موجوداً في عصور ما قبل التاريخ، حاملين تلك الجينات، ثم نقلوها للأجيال التي تلتهم، أو أن الأفراد الذين يمتلكون تلك السمات كانوا وحدهم القادرين على البقاء والتكيف مع الحياة في الأمازون. ومن هنا، يبدأ المرء في معرفة السبب وراء اتباع ثقافات بأكملها - ومؤسسات أيضاً - لأنماط شخصية معينة.

التستوستيرون والأستروجين هما من السمات التي ترتبط بالنوع، ألا تخشين من أن يعزز إطار عملك التنميطَ القائم على النوع؟

صحيح أنه في مختلف الثقافات يحصل عدد من الرجال أكبر بكثير من النساء على درجاتٍ مرتفعة في مقياس التستوستيرون، كما أن عدد النساء اللائي يحصلن على درجاتٍ أعلى على مقياس الأستروجين يكون أكبر بكثيرٍ من الرجال، لكننا جميعاً نشكل في الوقت ذاته مصفوفة من السمات المشتركة. وكما قلت مسبقاً، إن لدي معدلاً مرتفعاً من الأستروجين وأنتمي لمجموعة تظهر فيها السمات التالية: أنا أنصتُ بعناية، وأحاول التكيف مع الغير. وعندما أكون وحيدة جالسة على مكتبي، فإنني أتسم بخصال نمط شخصية الدوبامين كلية: فأكون ذات فكرٍ إبداعي وأركز في عملي. كما أن لدي معدلاً منخفضاً من التستوستيرون: فأنا لست قاسية، ولا أجيد الرياضيات. لكنني منطقية - وهو أمر مؤكد في مجال عملي، وربما كنت كذلك دائماً بالنسبة لمسألة الحب. ومن ثم، فعند تقييمكِ لذاتكِ وللآخرين، عليكِ أن تضعي النظم البيولوجية الأربعة في الحسبان. وعندما تتفهمين موقع شخصٍ ما من كل مقياسٍ، عندها تشرعين في رؤية الشخصية بكامل جوانبها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي