أجرت هارفارد بزنس ريفيو مقابلة صوتية (بودكاست) مع سيناد سوليفان، وهي زميلة في مجال ريادة الأعمال في "كلية هارفارد للأعمال".
ستتحدث سيناد سوليفان عن تزايد أهمية الفضاء في عالم الأعمال الحديثة. فللفضاء دور في صنع الطعام، وتحديد أسعار التأمين، وتوجيه السيارات ذاتية القيادة. وفي حين تتصدر المشاريع الطموحة بدءاً من "سبيس إكس" (SpaceX) إلى "بلو أوريجين" (Blue Origin) عناوين الصحف، فإن اقتصاد الفضاء المواجه للأرض يزدهر بفضل انخفاض تكاليف الاستثمار فيه. وبينما تتنافس الشركات التكنولوجية الكبيرة والصغيرة على إطلاق آلاف الأقمار الصناعية، تقول سوليفان إن الحيز المكاني قد نفد فعلياً في الفضاء.
إليكم مقتطفات من المقابلة الصوتية:
النص
كيرت نيكيش: مرحباً بكم في برنامج آيديا كاست المقدم من "هارفارد بزنس ريفيو"، معكم كيرت نيكيش.
إذا كنتم تعتقدون أن المنافسة أضحت شرسة جداً في الاقتصاد العالمي، فما ظنّكم باقتصاد الفضاء؟
التنافس على حدود الفضاء النهائية الذي كانت تشرف عليه الحكومات الوطنية أضحى حلبة لتنافس مشاريع القطاع الخاص.
حيث أعلنت "أمازون" مؤخراً عن مشروع "كويبر" (Kuiper) الذي يهدف إلى وضع أكثر من 3,000 قمر صناعي في المدار بهدف توفير الإنترنت فائق السرعة لحوالي 4 مليارات زبون جديد.
وفي الوقت نفسه، تسعى مؤسسة "سبيس إكس" إلى طرح مشروع "ستارلينك" (Starlink) الذي يهدف إلى وضع ما يقرب من 12,000 قمر صناعي في المدار الأرضي المنخفض. ويقال إن شركة "فيسبوك" تعمل في مجال تطوير الأقمار الصناعية أيضاً.
ويتمثل هدفها في إتاحة الوصول إلى الإنترنت من أي مكان على وجه الأرض. ويقول الرئيس التنفيذي لشركة "أمازون" جيف بيزوس إنه ينفق شخصياً أكثر من مليار دولار سنوياً لتمويل مشاريعه الأخرى. بينما تبني مؤسسة "بلو أوريجين" (Blue Origin) الصواريخ ومركبات الهبوط لتنقل الأفراد إلى سطح القمر. وقد وضع إيلون ماسك من مؤسسة "سبيس إكس" كوكب المريخ في مقدمة أهدافه.
كما ظهرت أيضاً السياحة الفضائية والتعدين الفضائي. ويحلم بعض المؤسسين باليوم الذي ستعمل فيه المشاريع على الكواكب الأخرى على زعزعة الشركات على الأرض.
قامت ضيفتنا اليوم بدراسة هذا السباق الفضائي الجديد، من خلال التدقيق في القيمة الفعلية المقدمة. وتقول إن الفضاء قد يكون أكثر أهمية لشركاتنا مما قد نعتقد بالفعل، على الرغم من أن إدراك ذلك لا يزال حلماً بعيد المنال.
سيناد سوليفان هي خبيرة في مجال اقتصاد الفضاء، وزميلة في مجال ريادة الأعمال في "كلية هارفارد للأعمال". شكراً لقبولك حضور البرنامج يا سيناد.
سيناد سوليفان: شكراً لاستضافتكم لي.
كيرت نيكيش: قرأت في أحد التوقعات أن قيمة اقتصاد الفضاء العالمي ستصل إلى تريليون دولار خلال 20 عاماً. من أين تأتي هذه الأموال؟ وما سبب تناميها الكبير؟
سيناد سوليفان: لقد اطلعت على هذه الإحصائيات أيضاً مؤخراً ودُهشت في الواقع من ضخامة هذا الرقم. حيث تبلغ قيمة سوق الفضاء حوالي 325 مليار دولار اليوم. ولدي بعض الشكوك في الواقع حول احتمالية تزايد هذا الرقم بنحو ثلاثة أضعاف في السنوات القليلة القادمة.
لذلك، أعتقد أن اقتصاد الفضاء المقابل للأرض يمر بمرحلة نمو وتوسع هائلين في الوقت الحالي. وأعتقد أن سبب ارتفاع قيمة الاستثمارات إلى تريليونات الدولارات يعود إلى تفكيرنا في تعدين المعادن، والتعدين على الكويكبات، والتعدين الفضائي بشكل عام، وهو ما أدى إلى خلق موارد ضخمة تمتلك قيمة كبيرة بالفعل على الأرض، وإعادة تلك القيمة إلى الأرض مجدداً.
كيرت نيكيش: هل تقصدين أنه يوجد نوعان اثنان مختلفان من اقتصادات الفضاء؟
سيناد سوليفان: نعم، وأعتقد أن أحد اقتصادي الفضاء هذين شديد التركيز على الأرض، حيث ينطوي على وجود التقنيات التي إما إن تسهم في تقديم أي شيء يساعد علماء الفضاء، أو تلك التقنيات التي توجد في الفضاء بهدف مساعدة الأرض، مثل الأقمار الصناعية وخدمات الاتصالات السلكية واللاسلكية والتصوير، التي ساهمت حقاً في تعزيز اقتصاد الأرض الحالي.
ومن ناحية أخرى، يوجد هذا النوع من الاقتصاد الجديد تماماً في الفضاء الذي يركز على استكشاف الفضاء وخلق هذا النوع من الوجود بين الكواكب في الفضاء، والذي لم يكن موجوداً قبل 10 سنوات أو حتى 5 سنوات، ولم نتخيل حتى أنه سيكون جزءاً من القطاع الخاص للشركات التي تحاول مواجهة هذا التحدي.
كيرت نيكيش: لنتحدث قليلاً عن هذين الاقتصادين المختلفين بغية الوصول إلى فهم أعمق، بدءاً من اقتصاد الأرض ثم اقتصاد الفضاء. لنتحدث عن الأقمار الصناعية. لقد قلت في الماضي إن الحيز المكاني بدأ في النفاد في الفضاء، هل يمكنك توضيح ذلك؟
سيناد سوليفان: أعلم أن هذه الفكرة تبدو غير منطقية، إذ قد تبدو فكرة نفاد الحيز المكاني في الفضاء فكرة سخيفة. ولكن في الواقع، مثلما تمتلك الطائرات حيزاً مكانياً في المطار لنقل الحمولة من الركاب والأمتعة وحيزاً آخر للإقلاع، فالأقمار الصناعية لها نفس الإجراءات.
إن المنافسة على أشدها في الفضاء، وهي ما أدى إلى نشوء سوق ثانوية لمواقع الأقمار الصناعية في الفضاء. وقد أثار إعلان كل من "سبيس إكس" و"جيف بيزوس" عن رغبتهما في وضع الآلاف من الأقمار الصناعية في الفضاء في وقت واحد العديد من القضايا المهمة. وإحدى هذه القضايا الكبرى التي يعمل واضعو قانون الفضاء وسياسة الفضاء على حلها هي كيفية إدارة المنافسة بين هاتين الشركتين، القائمة على حجز مواقع في الفضاء أولاً، وما يجب عليهم فعله عند نفاد الحيز المكاني في الفضاء ثانياً، إذ يعتبر الفضاء مورداً طبيعياً مثل الماء أو الأرض.
كيرت نيكيش: نعم، يبدو الأمر مشابهاً للسباق على استيلاء الأراضي، غير أنه استيلاء على الفضاء.
سيناد سوليفان: الأمر كذلك بالفعل، أجل.
كيرت نيكيش: وقد نجد مستثمري القطاع الخاص يرسلون قمراً صناعياً لحجز مساحة ما في الفضاء، ومن ثم تأجيرها، تماماً كما نراه يحصل في قطاع العقارات القيم الذي سيصبح أكثر قيمة مع مرور الوقت.
سيناد سوليفان: تماماً، وهذا ما يحدث في الوقت الراهن. لذلك، مع انضمام جيف بيزوس وإيلون ماسك ونشرهم الآلاف من الأقمار الصناعية في الفضاء، سيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف يغير ذلك من الديناميكية التنافسية للمساحة في الفضاء.
لننظر إلى السبب الرئيس لتنامي هذا السوق، والمتمثل في انخفاض تكاليف الإطلاق. أصبح الإطلاق يكلف الآن حوالي 2,000 دولار أو 2,500 دولار لإطلاق كيلوجرام واحد في الفضاء، وفقاً لأسعار "سبيس إكس". بينما كان يكلف في الماضي ما يزيد عن 50,000 دولار مع فترة إنجاز طويلة جداً. لذلك، نظراً إلى إمكانية الاستثمار الرخيص للغاية في الفضاء، ترسل الشركات الكثير من الأقمار الصناعية إلى الفضاء لأنها تجعل توافر البيانات أعلى بكثير، كما تجعل سعر هذه البيانات أرخص بكثير أيضاً.
كيرت نيكيش: وكل ذلك يحصل في وقت تصبح فيه البيانات أكثر قيمة.
سيناد سوليفان: صحيح. ومن المثير للاهتمام، أن هذا النهج كان قائماً على دعم الحكومة، لكن القطاع الخاص هو من يقود هذه الصناعة الآن.
كيرت نيكيش: هذا صحيح. وبالطبع ليس لدينا مجلس إدارة للفضاء ليفصل في هذه الأمور. كما توجد بلدان عديدة تمتلك أقمارها الصناعية الخاصة التي توظفها لصالح خدمة مصالحها وقوتها الجيوسياسية. هل يشعرك هذا الأمر بالقلق؟
سيناد سوليفان: إنه يثير قلقي بالفعل، ويقلقني كثيراً، إذ لا توجد مؤسسة حكومية واحدة تعنى بالفضاء فقط. وأعتقد أن ما حدث هو اعتمادنا على الاتفاقيات أحادية الجانب للتصرف بمسؤولية في الفضاء. وما يثير قلقي هذه الأيام هو ما حدث مؤخراً مع شركة تكنولوجية ناشئة في الولايات المتحدة.
إذ أرسلت إحدى الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا في الولايات المتحدة قمراً صناعياً إلى الفضاء دون حصولها على إذن للإطلاق. كان من الممكن اعتبار هذا الإجراء بمنزلة حرب من قبل الدول القومية الأخرى. وما أثار قلقي هو عدم وجود أي تداعيات على الشركة الناشئة.
باستثناء تغريمها مبلغاً تعسفياً من المال. لكن لنفترض أنهم يحاولون زيادة الجولة الاستثمارية التالية بإرسال أقمار صناعية أخرى إلى الفضاء، أعتقد أنهم سيمضون قدماً في خطتهم. إذ لن تمثل هذه الغرامة المالية أي رادع للتصرفات السيئة التي تهدد بزعزعة التوترات الجيوسياسية، بهدف الحصول على موقع ضمن هذا السباق الجديد للقطاع الخاص في الفضاء.
كيرت نيكيش: ما الهدف من هذه الأقمار الصناعية؟
سيناد سوليفان: المدهش في الأمر هو أن الأفراد يتأثرون بالأقمار الصناعية طوال يومهم، سواء أكان ذلك عبر جزء من البيانات أم عبر نظام كامل للأقمار الصناعية. ولا يوجد إلا القليل من الطرق التي تمكننا من التفاعل مع العالم دون أن نتأثر بالأقمار الصناعية خلال يومنا. وعدد قليل جداً من الأفراد يدركون ذلك في الواقع.
والأمر يشمل كل شيء تقريباً، حتى الطعام الذي نتناوله، إذ من المرجح أن يراقب الأفراد نمو الخضروات والفاكهة عبر صور الأقمار الصناعية. كما توجد أقمار صناعية لرصد الطقس والأرض، وأقمار أخرى لمراقبة الإجراءات اللوجستية لشحن الطعام إلينا، ومن ثم نستخدم بيانات الإنترنت اللاسلكية في هواتفنا لنتمكن من استخدام البطاقات الائتمانية ودفع ثمن طعامنا. كما أننا نجري اتصالات هاتفية، وتسعّر قيمة التأمين الخاص بك باستعمال بيانات من الأقمار الصناعية. وتشاهد التلفاز، وتستمع إلى الراديو، وتتواصل مع الأفراد آلاف المرات في اليوم. لذلك، أعتقد أن الاعتماد على الخدمات القائمة على الأقمار الصناعية آخذ في التزايد بقدر سرعة نمو هذا السوق.
كيرت نيكيش: أعتقد أن اقتصاد الفضاء يماثل قانون مور نظراً إلى انخفاض هذه التكاليف. وأعتقد أن هذا يفتح الأبواب أمام العديد من الجهات الفاعلة الأصغر، وليس فقط أمام الشركات التكنولوجية الكبرى مثل "جوجل" و"أمازون".
سيناد سوليفان: صحيح. وهذا ما يفسر وجود الكثير من الشركات الناشئة المتخصصة في مجال الفضاء في الوقت الراهن، حيث يمكن لأي شخص بناء قمر صناعي في مرآبه، وإطلاقه بسعر رخيص نسبياً. وهذا ما يفسر قدرة العديد من الاقتصادات الناشئة على بدء إطلاق أقمارها الصناعية الخاصة في أفريقيا والهند والشرق على سبيل المثال.
وأريد أن أتطرق إلى نقطة قانون مور التي ذكرتها. لقد انخفضت تكاليف الوصول إلى الفضاء بشكل كبير، وهو ما أدى إلى زيادة عدد الجهات الفاعلة في مجال الفضاء، لكنها لن تنخفض أبداً إلى الحد الذي يمكّن الجميع من المشاركة فيه. ومن ثم، يوجد حد لا يمكن تجاوزه هنا، على عكس قانون مور.
سيكون لدينا دائماً تكلفة مرتفعة نسبياً فيما يتعلق بالصناعات الأخرى. وقد بيّنت لنا "سبيس إكس" على مدار السنوات القليلة الماضية أننا قريبون جداً من الوصول إلى أرخص سعر إطلاق يمكن أن نراه للأقمار الصناعية، غير أننا لن نشهد انخفاضاً إلى درجة تسهّل علينا استعمار المريخ.
كيرت نيكيش: أتساءل كيف يمكن للأقمار الصناعية أن تلعب دوراً في المركبات ذاتية القيادة.
سيناد سوليفان: عندما تنظر إلى المركبات ذاتية القيادة، ترى أن أحد أهم جوانب عملها هو تحديد الموقع الجغرافي. هل تعرف هذه السيارة موقعها على الطريق والحدود المادية الطبيعية للطريق؟ والأهم من ذلك، هل تعرف هذه السيارة موقعها نسبة إلى المركبات والسيارات الأخرى التي تسير في نفس الطريق؟ إن نظام تحديد المواقع الذي نستخدمه حالياً ليس دقيقاً إلى درجة تمكننا من استخدام هذه المركبات.
كيرت نيكيش: أعتقد أنه ليس دقيقاً مثل دقة نظام تحديد المواقع العكسرية.
سيناد سوليفان: بالطبع، إن نظام تحديد المواقع الأساسي غير العسكري الحالي يمنحك دقة على مسافة نصف متر. تخيّل أنك تقود سيارتك على طريق سريع ثلاثي المسارات، وتوجد دقة بمسافة نصف متر مع ثلاث سيارات تسير بجوارك، لا أعتقد أن أحداً سيرغب في اختبار قيادة هذه المركبات ذاتية القيادة في ظل هذا القدر من الدقة. ومن ثم، فإن الحصول على دقة عالية للغاية يتطلب وجود أقمار صناعية أكثر قوة.
ولكن قبل أن نبدأ في التفكير في المركبات ذاتية القيادة، نجد أن مشغلي الأقمار الصناعية يولدون بيانات بحجم مكتبة الكونغرس كل بضع ساعات والقمر يدور في مداره. غير أن تكلفة وصول هذه البيانات من القمر الصناعي إلى الأرض مرتفعة بالفعل. لذلك علينا أن نبدأ في التفكير في محاولة إيجاد طرق جديدة لنقل هذه البيانات من الفضاء إلى الأرض بثمن بخس أولاً. ومن ثم، سيكون وجود القطاع الخاص في سوق الفضاء القريب من الأرض أمراً مهماً للغاية، في سبيل اكتشاف طرق ذكية ورخيصة للغاية للقيام بذلك.
كيرت نيكيش: حسناً لنتحدث عن موضوعات أعمق من هذه قليلاً. بعد عشر سنوات من الآن، سيمر كويكب بالقرب من الأرض على بعد مسافة 19,000 ميل، وهو ما يعني أنه سيكون قريب جداً منا. ما رأيك في هذه الجهود المبذولة للوصول إلى هذه الكويكبات بهدف التنقيب عن المعادن الثمينة القيمة جداً على الأرض؟ إذ تُنفق الكثير من الأموال في هذا الخصوص، أليس كذلك؟
سيناد سوليفان: تنفق أموال طائلة في هذا الخصوص بالطبع. وأعتقد أنه توجد طريقتان مختلفتان للنظر في هذه المسألة، وتقع إحداهما ضمن إطار عمل ناسا، بينما تقع الطريقة الأخرى ضمن إطار استخدام الكويكبات القريبة جداً من الأرض بهدف اختبار التقنيات الجديدة التي ستستخدم على سطح المريخ ومعرفتها. وأعتقد أنها فكرة ممتازة وطريقة عملية للغاية وأقل تكلفة وفاعلة وآمنة في سبيل استكمال هذه المهمة طويلة الأجل في المريخ.
كيرت نيكيش: إذاً أنت تزعمين أن الذهاب إلى الكويكبات أو محاولة استخراج المواد اللازمة للبناء أو العودة بها إلى الأرض سيكون طريقة رائعة لاختبار ما سنقوم به بالفعل على كوكب المريخ، كما أنه سيكون بمنزلة تجربة رخيصة التكلفة.
سيناد سوليفان: هذا صحيح. لأنني لا أريد أن أكون أول رائد فضاء يصل إلى المريخ ويخلق بيئة تكنولوجية لم تُختبر من قبل في بيئة فضائية، إذ من المحتمل أن أكون بلا مأوى في ذلك الوضع فترة طويلة جداً.
لكن ذلك يربكني بالفعل في سياق الاستثمار الخاص، إذ سنشهد انضمام الكثير من المستثمرين ورؤوس الأموال الاستثمارية.
وعند تفكيرنا في المبادئ الاقتصادية الأساسية وفي فكرة الذهاب إلى الفضاء بهدف استخراج المعادن والعودة بهذه المعادن إلى الأرض، حيث يكون حجمها أصغر وسعرها أرخص، نجد أن هذه الأفكار غير منطقية ولا معنى لها في سياق كسب المال على الأرض. ومن المذهل أن الشركات تنشر هذه القصة بين المستثمرين الذين استثمروا أموالهم في التعدين الفضائي.
كيرت نيكيش: نعم، لقد قرأت قصصاً عن هؤلاء المستثمرين، مثل التريليونير الذي يرغب في أن يكون أول شخص يشارك في التعدين الفضائي. ولكن يبدو أنك متشككة جداً من ذلك، بمعنى أنه لن يحدث.
سيناد سوليفان: نعم، أنا مرتابة جداً بهذا الخصوص، إذ يبدو الأمر غير منطقي في رأيي. وليس لهذه المسألة أي قيمة إحصائياً، سواء أكان الكويكب يحتوي على أي معادن ذات قيمة أم لا. تخيل أن الأمر سيكلفك حوالي 1 إلى 20 مليار دولار لاستخراج معادن قيمة تكون فرص العثور عليها حوالي 1%. وفكّر في حقيقة أنه حتى لو تمكنت من استخراج أي شيء قيم، فلن يحتفظ السعر بأي قيمة جوهرية على الأرض، لأن السوق سيخفض سعرها.
كيرت نيكيش: لماذا تحظى مشاريع من مثل هذا القبيل بالتمويل؟ ما الأمر الجذاب الذي يدفع الأفراد إلى تمويل مشاريع التعدين على الكويكبات؟
سيناد سوليفان: سؤالك رائع حقاً. وأعتقد أن الأمر أعمق من ذلك، لماذا قال إيلون ماسك إنه يريد الذهاب إلى المريخ؟ والأهم من ذلك، أنه لم يقل أبداً إنه يريد الذهاب إلى هناك بنفسه، بل قال إنه يريد إرسال الأفراد فقط. وقد أنفق الكثير من ماله الخاص وصافي ثروته الخاصة في محاولة تمويل هذا النوع من الوجود بين الكواكب وإنشائه.
ويعود الأمر أيضاً إلى كون المستثمرين متناقضين للغاية بشأن الطريقة التي يرون بها العالم الذي نعيش فيه. حيث يوجد بعض المستثمرين الذين قاموا برهانات كبيرة حول التقنيات التي اعتقدوا أنها لن تنجح أبداً، واعتقدوا أن بعضها كان يتنافى مع السلوك البشري مثل خدمات أوبر، بقولهم: لن يركب الأفراد سيارات الغرباء مطلقاً، هذا جنون ويتعارض مع كل ما تعلمناه في الماضي.
وقد ننظر نحن اليوم إلى قطاع الفضاء ونقول إن هذا جنون، ويتعارض مع كل مبدأ اقتصادي موجود. غير أن الشركات خلقت قيمة استثنائية عن طريق القيام بشيء غير بديهي على الإطلاق. أضف إلى ذلك حقيقة أن الأفراد مثاليون للغاية فيما يتعلق برؤيتهم للمستقبل، ويريدون امتلاك هذه التقنيات المدهشة التي لم يكن من الممكن تصورها من قبل، وأعتقد أنهم يتصفون ببعض الغرور، إذ يريدون أن يكون لهم يدٌ في تحقيق هذه الغايات.
كيرت نيكيش: ما نظرتك إلى هذا الاقتصاد بعد 5 سنوات، وبعد 50 سنة من الآن؟ أنت تركزين على تكاليف كل شيء وتعتقدين أن الاستثمار يرتفع في مجالات معينة. ما نظرتك لمستقبل اقتصاد الفضاء في 5 سنوات وبعد 50 عاماً؟
سيناد سوليفان: إنه سؤال مهم حقاً، وأعتقد أن الإجابة عن كلا السؤالين قد تكون متشابهة جداً. أعتقد أننا سنشهد على المدى القصير هذا التطور الهائل لتقنيات الفضاء القائمة على الأرض.
وهذا يشمل أي تقنية مرتبطة بإطلاق الأقمار الصناعية. لقد أطلق أكثر من 100 قمر صناعي حتى اليوم، كما أن الشركات الناشئة آخذة في الازدياد. وستنمو قطاعات إنشاء الأقمار الصناعية النانوية، وخدمات نقل البيانات بين القمر الصناعي والأرض، فضلاً عن قطاع إجراء التحليلات على الأرض،
ما الذي ينطوي على تحليل بيانات الأقمار الصناعية؟ وأعتقد أن اقتصاد الفضاء سيحصل على أهمية متزايدة في حياتنا اليومية. كما أننا سنتمكن من البقاء على تواصل أكثر مع بيانات الأقمار الصناعية يومياً.
وأعتقد أننا سنبدأ في رؤية ذلك يحدث في الاقتصاد الثاني الذي تحدثنا عنه، ألا وهو اقتصاد الاستكشاف. هل أنا متفائلة بأن شركة "سبيس إكس" ستكون قادرة على تحويل ذلك إلى نموذج عمل قابل للتطبيق؟ كلا لست كذلك. لكن ما أعتقد أنه سيحدث هو أن دور الحكومة والقطاع العام في هذا الفضاء سيزداد. وأعتقد أننا في غضون الأعوام الـ 50 المقبلة سنرسل شخصاً ما إلى المريخ. ولكنني غير متفائلة حول حقيقة أننا سنقوم باستعماره خلال فترة وجودي في هذه الحياة.
كيرت نيكيش: حسناً يا سيناد، استمتعت جداً بحديثنا حول الاقتصاد الحقيقي الحالي والاقتصاد المستقبلي الذي يلوح في الأفق. شكراً لقبولك حضور البرنامج يا سيناد.
سيناد سوليفان: شكراً جزيلاً لك يا كيرت، أسعدني التحدث معك أنا أيضاً.
كيرت نيكيش: كانت معنا سيناد سوليفان، وهي زميلة في مجال ريادة الأعمال في "كلية هارفارد للأعمال".