دراسة حالة: هل توسّعنا بسرعة مفرطة؟

13 دقيقة
تعرض دراسات الحالة التي تصيغها هارفارد بزنس ريفيو على هيئة قصص خيالية لمشاكل حقيقية يواجهها القادة في الشركات الحقيقية وتقدّم الحلول التي يراها الخبراء. تستند هذه الحالة إلى دراسة حالة واقعية من "آيفي بابليشينغ" بعنوان: "سيركوس تريكس: المد والجزر في أنشطة التوسع على المستوى الدولي" (CircusTrix: The Ups and Downs of International Expansion) (الحالة رقم (W16832-PDF-ENG)) من تأليف سيمون غريتهيد، وكيس لورانس، وجوناثان ريتشاردز.

لم يكن بمقدور ريكاردو رويز أن يخلد إلى النوم. كانت هذه هي رحلته الثالثة إلى سنغافورة – فقد سبق له أن جاء ليبحث عن مواقع لأول فرع في آسيا لسلسة نوادي رياضة التسلق التي يملكها وتدعى "آسيندنسي" (Ascendancy)، كما كان قد عاد لحضور الافتتاح الكبير للسلسلة قبل عام من الزمن، وهو موجود الآن لتفقد العمليات في فرع شركته. لكن رحلة المؤسس والرئيس التنفيذي للسلسلة التي دامت 23 ساعة من رالي في كارولينا الشمالية عبر سان فرانسيسكو لم تكن سهلة أبداً، وهو ظل يعاني من تعب السفر الناجم عن فرق التوقيت الذي أضناه كثيراً.

كان قد استسلم للتو وارتدى ملابسه عندما رن هاتفه. كانت المتصلة هي مارغو ليتل، مديرة العمليات في "آسيندنسي".

"أنت تتذكرين أنني في سنغافورة، أليس كذلك؟ والآن هو منتصف الليل هنا؟" قال ريكاردو كلماته بنبرة تعبر عن ضيق. لم يكونا زميلين فقط بل كانا صديقين قديمين وشريكين في ممارسة رياضة التسلق.

"لم أكن لاتصل بك لو لم يكن الحدث جللاً".

اعتدل ريكارود في جلسته وسأل: "ما الخطب؟" وقلبه ينبض بسرعة بين ضلوعه. هل ألمّ مكروه بعائلته؟ هل هناك أزمة ما عصفت بالشركة؟

"الأمر يتعلق بفرع "آسيندنسي" في ليفربول"، قالت مارغو مشيرة إلى الفرع الثاني للشركة في المملكة المتحدة، الذي كان قد افتتح قبل ثلاثة أشهر. "أحد المتسلقين المبتدئين لم يربط نفسه جيداً، وسقط عن ارتفاع 5 أمتار، وآذى ظهره، ورفع دعوى ضدنا يطالب فيها بتعويض يبلغ 4 ملايين جنيه إسترليني".

"هل كان قد وقّع على التنازل؟"

"بالطبع وقّعه. محامونا يقولون إن مطالبته سخيفة وسيخسر في المحكمة. لكن الأمر كله مرتبط بما تقوله الصحافة. هو يقول إننا لم نحذره بما يكفي من المخاطر أو لم نقدم له تعليمات كافية".

لكننا نتّبع الإجراءات ذاتها في كل نادٍ" – فبعد مرور 10 سنوات كانت "آسيندنسي" تمتلك 35 نادياً ناجحاً في الولايات المتحدة الأميركية، إضافة إلى ثلاثة فروع دولية1 – "ولم يسبق أن واجهنا مشكلة قط".

"أعلم ذلك. نحن نسلّط الضوء على تلك الحقيقة في تواصلنا مع المراسلين وعلى شبكاتالتواصلالاجتماعي. اتصلت بك لكي تعطي الاعتماد النهائي لبيان سنصدره. لكنني قلقة من أن فرع ليفربول سيتلقى ضربة كبيرة. وربما الفرع في كارديف أيضاً. وإذا ما أخذنا بالحسبان تراجع أنشطة هذين الفرعين، فإننا لا نستطيع أن نتحمل تبعات أزمة علاقات عامة". ترددت قليلاً ثم أكملت كلامها قائلة: "بصراحة يا ريك أعتقد أننا تسرّعنا في دخول سوق المملكة المتحدة".

"ماذا تقصدين؟" سألها الرئيس التنفيذي مضيفاً: "هذه مجرّد حادثة واحدة".

"هذا صحيح، لكنها إشارة تحذير أخرى. لماذا لم تنجح حملات التسويق التي طبقناها في المملكة المتحدة كما حصل مع حملاتنا في أميركا؟ لماذا لا تتضاعف المبيعات من شهر إلى آخر كما يحصل في سنغافورة؟ لماذا لا نحظى بذات الاهتمام من النافذين على شبكات التواصل الاجتماعي كما هو وضعنا في جميع الأماكن الأخرى؟2 ولماذا بربك يعتقد أي صحفي أن شخصاً سقط بسبب لامبالاته يستحق أن تُكتب عنه قصة في الإعلام؟ أنا لا أفهم هذه السوق".

مسّد ريكاردو بأصابعه على شعره. كان قلقاً بخصوص نواديه في المملكة المتحدة أيضاً. وهذا هو السبب الذي جعل النوم يجافي عينيه على الطائرة، فقد كان يراجع قائمة الأرباح والخسائر.

"دعينا نركّز على المشكلة التي بين يدينا ألا وهي احتواء الأضرار. أرسلي لي البيان الصحفي، وسأراجعه حالاً. كما سأحجز رحلة إلى ليفربول. يبدو أنني يجب أن أتواجد في الميدان. وأنت أيضاً يجب أن تحضري. سوف نناقش الإطار الأوسع للأمور وقتها".

أنهى ريكاردو المكالمة. شعر أنه مريض وكان الأمر لا يتعلق بتعب السفر وفرق التوقيت. فبعد كل هذا النجاح المحلي الذي حالف "آسيندنسي" والنصر المحقق مؤخراً في سنغافورة، هل يمكن القول إن ثقة الفريق بقدرته على دخول أسواق جديدة أصبحت زائدة عن اللزوم؟

اختلاف حاد في الآراء

بعد مرور أسبوع، كان ريكاردو ما يزال في ليفربول. كان المتسلق قد سحب دعواه بعد ظهور تقارير أشارت إلى أنه كان قد تعرّض لإصابة في ظهره في نزاع في أحد النوادي الليلية وحاول رفع دعوة قضائية في تلك الحالة أيضاً. لكن فرع "آسيندنسي" كان ما يزال غير قادر على استقطاب الحشود والفريق الذين كان يعوّل آماله عليهم.

كان ريكاردو قد دعا إلى عقد اجتماع في النادي مع مارغو، التي كانت ما تزال في الموقع، وتشارلي سابيرستاين، مدير قسم تطوير الأعمال، الذي كان يتواصل باستعمال تطبيق سكايب ما بين زيارتين إلى موقعين محتملين في أمستردام، وكيان تشامبرز، الذي كانوا قد استعانوا به للإشراف على "آسيندنسي" في ليفربول.

خاطب ريكاردو المدير المحلي أولاً قائلاً له: "أنت يا كيان أفضل من يعرف هذه السوق. ما الذي يجري برأيك؟" شعر بتردد الرجل لكنه نظر إليه وهز رأسه مشجعاً. "أرجوا أن تتكلم بصراحة".

"حسناً، كما قلت عندما بدأنا، فإن رياضة التسلق مازالت في بدايتها هنا.3 كنا أنا وزملائي نمارسها منذ سنوات، لكن معظم الشباب الذين في عمري يمارسون كرة القدم أو الركبي أو الكريكت، في حين أن المهتمين باللياقة يكتفون بالبساط المتحرك والأجهزة الرياضية. يجب علينا توعيتهم بها، أليس كذلك؟ أضف إلى ذلك أننا في فصل الشتاء، وعندما يحل الظلام في فترة ما بعد الظهر، لا يخرج الناس كثيراً من بيوتهم. وحتى الرياضيين منهم يجلسون في منازلهم لاحتساء الشاي أو يذهبون إلى المقاهي. وأنا أعلم أن موضوع المقاضاة قد انتهى إلى غير رجعة، لكنني أعتقد أنه تسبب بشيء من الخوف وربما ولّد بعض المخاوف من أن هذه الشركة الأميركية الكبيرة كانت أكثر اهتماماً بجني المال من توفير تجربة ذات جودة عالية. بتنا الآن نتلقى أسئلة أكثر حول السلامة، ولاسيما من الأمهات. وباتت مهمة ملء صفوف التدريب المخصصة للشباب أصعب حتى".

اكفهر وجه ريكاردو الذي قطّب حاجبيه. اليافعون والمراهقون والأطفال.. هؤلاء هم مصدر رزق "آسيندنسي" الأساسي.

هنا تدخّل تشارلي قائلاً: "كنا نعلم أننا سنواجه تحديات. لكن خيارنا وقع على ليفربول بالضبط لأن نوادي التسلق جديدة هناك، ولأنها غير مكتظة بالمنافسين، ولأنه كان بوسعنا الانطلاق وتولي الريادة تماماً كما فعلنا في مدننا الأميركية".

عندما كان الفريق التنفيذي قد بدأ يدفع باتجاه التوسع على المستوى الدولي، كانت المعايير الخاصة باختيار الموقع بسيطة: فقد بحثت الشركة عن أسواق ناطقة باللغة الإنجليزية كلغة أساسية أو كلغة ثانية مهيمنة، وتضم سكاناً يبلغ عددهم في المدينة والضواحي أكثر من مليوني نسمة إضافة إلى ناديين أو أقل من نوادي التسلق، أو تضم أكثر من مليون نسمة ونادياً حالياً واحداً للتسلق، أو فيها أكثر من 400 ألف نسمة دون وجود أي نوادٍ رياضية.4 كانت مدينة ليفربول وضواحيها، التي تضم أكثر من مليوني نسمة، ولم يكن فيها إلا مركزين صغيرين للتسلق، تفي بالمعايير المطلوبة.

استمر تشارلي في الكلام قائلاً: "هذه الاستراتيجية ناجعة في سنغافورة. ليس بوسعنا افتتاح نادٍ آخر في وقت قريب. كما عثرت أيضاً على موقعين مذهلين في أمستردام. وثمة ميزة كبيرة لمن يدخل أولاً إلى السوق5 – فهذا يساعدنا على ضمان تعريف الناس على رياضة التسلق من خلال جدراننا وتجهيزاتنا ودروسنا. كل ما نحتاج إليه هو منح ليفربول المزيد من الوقت".

هنا قاطعته مارغو قائلة: "وكارديف أيضاً؟ فالأرقام هناك لا تقل سوءاً".

رد تشارلي عليها قائلاً: "هي ليست سيئة – وإنما هي لا تشبه الأرقام الجيدة التي اعتدنا عليها".

عبس ريكاردو، إذ من غير المرجّح أن تكون عبارة "لا تشبه الأرقام الجيدة التي اعتدنا عليها" مقبولة لدى المستثمرين في سلسلة نواديه.

"مع هذا النمو الذي نراه في سنغافورة، وبعد نجاح الناديين في بروفيدنس وناشفيل – وربما في أمستردام، ومانشستر، ودبلن العام المقبل – بوسعنا تعويض البداية البطيئة في ليفربول وكارديف". قال تشارلي هذا الكلام وهو في حالة حماسية منقطعة النظير.

"نحن لا نعمل بهذه الطريقة"، قالت مارغو بنبرة لا تخلو من التحدي. "يحتاج كل نادٍ إلى استرجاع 20% من الاستثمارات الرأسمالية الأولية فيه خلال عام وتغطية تكاليفه التشغيلية خلال عامين.6 ونحن لسنا في طريقنا إلى تحقيق ذلك المستهدف". وأشارت إلى المنطقة الفسيحة الرمادية المتموجة بارتفاع ثلاثة طوابق على الجهة الأخرى من المائدة التي جلست المجموعة إليها. كان هناك متسلقان فقط، يمسكان بشعار "آسيندنسي" المضيء المميز.

رد عليها تشارلي قائلاً: "هذه كانت الطريقة التي عملنا بها في الماضي، لكننا تعرضنا إلى تغطية صحفية سيئة. وعندما تعمل في دول جديدة، فإن قضايا جديدة تنشأ. ربما يجب أن نتحلى بمرونة أكبر في عملياتنا الخارجية، من خلال تحويل الأهداف والنموذج إلى مقاربة تقوم على إدارة الشركات كمحفظة من المشاريع".7

"أو لعلنا يجب أن نضغط على زر التوقف المؤقت في توسعنا على المستوى الدولي – وأن نأخذ وقتاً إضافياً لفهم الأسواق التي نحاول الدخول إليها"، ردّت مارغو. "ربما يجب أن نأخذ بحسباننا عوامل أخرى غير اللغة والسكان والمنافسين، وأن نبدأ في وقت أبكر في موضوعيّ التثقيف والتواصل اللذين تحدّث عنهما كيان". لقد باتت قيمة الشركة 50 مليون دولار الآن. فلماذا يجب أن نغيّر النموذج الذي أوصلنا إلى هنا؟ ربما خطة النمو الجريئة هي ما يجب علينا إعادة النظر فيها".

"هل نفسح المجال أمام شركات مثل "كلمنجارو" (Kilimanjaro) و"تريبل بيكس" (Triple Peaks) لأن تتجاوزنا؟8 هم يدرسون فكرة الدخول إلى أوروبا أيضاً".

"أتفهّم الحاجة إلى التحرك السريع"، قالت مارغو ثم أضافت: "لكن لا أعتقد أننا بحاجة إلى التحرك بالسرعة التي تشير إليها".

لم يكن لدى ريكاردو أي مانع في ترك فريقه يخوض نقاشات ساخنة، لكنه رأى أن كيان قد بدأ يشعر بعدم الارتياح.

"حسناً أنتما الاثنان"، قال ريكاردو. "موقفاكما واضحان. تشارلي، بوسعك أن تذهب إلى اجتماعك التالي. وأنا وأنت يا مارغو يجب أن نلحق بالطائرة. وأنت يا كيان سندعك تذهب إلى الصالة".

كانت مارغو تتلقى اتصالات من مدراء محليين مختلفين وهي في طريقها إلى المطار، في حين أعاد ريكاردو استعراض النقاش السابق في ذهنه. لم يكن بوسعه تخيّل إخبار مجلس الإدارة إنه يريد تغيير الممارسات المحاسبية في الشركة للسماح بمستهدفات أكثر تواضعاً تخص كل واحد من النوادي على حدة، ولم يكن بوسعه أيضاً الإشارة إلى أن الاستراتيجية العامة التي وافقوا عليها في السنة السابقة كانت بحاجة إلى إصلاح شامل. كان أمام خيارين أحلاهما مر.

طفلان يتسلقان الجدار

كان أكثر ما يثير إعجاب ريكاردو في موضوع التسلق هو أنه يحتاج إلى التركيز بحيث لا يترك لك المجال لتفكر في أي شيء آخر. كان يحدّث نفسه قائلاً: ضع أصبع رجلك على مسند القدم، وضع يدك على المقبض، واعثر على مسند قدم آخر، وابحث عن المقبض التالي. كان يقف على واحد من أصعب المسارات في "آسيندنسي" في مدينة رالي وكان على وشك الوصول إلى القمة. لو كان الخيار هو بين التسلق وتناول طعام الغداء، كان دائماً ينتقي الخيار الأول ويتناول أطعمة طاقة خفيفة وهو جالس إلى مكتبه.

فجأة سمع أصوات احتفالية صاخبة قادمة من الأسفل. كان ذلك هو اليوم الأول في العطلة الشتوية لولديه، وكانت زوجته إيميلي – التي تشغل منصب مديرة البرامج في "آسيندنسي" أيضاً9 – قد أحضرتهما ليتسلقا في فترة ما بعد الظهر.

"لقد وصلتم في الوقت المناسب!" صرخ ريكاردو وهو يمسك بالمقبض النهائي ويصل إلى قمة الجدار. ظل الطفلان يصدران أصواتاً احتفالية بينما كان هو يحاول الهبوط ليحيياه بكل شغف عندما وصل إلى الأرض.

"هل بوسعك أن تبقى وأن تراقب قليلاً؟" سألت إيميلي؟

"بكل تأكيد"، قال ريكاردو مبتسماً، فحماسته للرياضة كانت قد انتقلت إلى عائلته قبل وقت طويل. "15 دقيقة هنا، وحمّام سريع، ثم إلى اتصالي التالي".

بعد أن ربط طفليه بالأحزمة بدأ الاثنان بالتسلق، فيما عادت إيميلي إلى ممارسة أعمالها. كانت قد أخذت إجازة ذلك اليوم، لكن التحديات التي كانت الشركة تواجهها في المملكة المتحدة أقلقتها أيضاً.

"ما هي أحدث المستجدات في قضية ليفربول؟ آخر ما سمعته من كيان هو أن نسبة امتلاء الصفوف التدريبية ما زالت عند 50%".

"الأمور تسير ببطء"، أجاب ريكاردو.

"هل هذا من تبعات المقاضاة؟ أم أن الإنكليز أقل اهتماماً بالتسلق مما كنا نعتقد؟"

تردّد ريكاردو. "لست واثقاً حقاً مما يجري. زدنا من جهودنا التسويقية، وكيان يعمل مع معارفه لكن ليس هناك أي تقدّم محرز".

"وماذا عن كارديف؟"

"أقوى قليلاً، لكن وضعها لا يشبه الوضع هنا أو في سنغافورة".

"وكيف هو الحال في أمستردام؟"

"لقد أرسل تشارلي رسالة إلكترونية للتو يبلغني فيها أنه تفاوض على عقدين محتملين. يريدني أن أزوره هذا الأسبوع، وأن أوقّع عقداً هذا الشهر، وأن أجهز الموقع هذا الشهر، وأن أبدأ عملية الإنشاء خلال فصل الربيع".

"هل أنت مرتاح للتحرك بهذه السرعة؟"

نظر ريكاردو إلى ابنه ذي السنوات السبع، الذي كان قد وصل إلى أعلى الجدار. كان ماتيو يعشق المجازفة، ويثق بما يقوله له قلبه وكان عادة ما يصعد خلال وقت قياسي. أما مايا البالغة من العمر 10 سنوات، فقد كانت أكثر حذراً. إذ تسلّقت الجدار بنصف سرعة ماتيو تقريباً لكنها لم تنزلق أو تسقط قط.

كان ريكاردو يشبه ماتيو دائماً، سواء في التسلق أو في إدارة النشاط التجاري. لكنه كان قد بدأ يتساءل عما إذا كانت ظروف "آسيندنسي" الحالية تستدعي استعمال استراتيجية مايا التي تعدّ منطقية أكثر.

ملاحظات على دراسة الحالة

  1. نما قطاع النوادي الرياضية التجارية المخصصة للتسلق بنسبة 12% تقريباً في 2018 مع افتتاح 50 موقعاً جديداً، بحسب مجلة "كلايمينغ بزنس جورنال" (Climbing Business Journal). فهل يجب على "آسيندنسي" أن تحاول مجاراة هذه الوتيرة؟
  2. كيف يجب أن تتغير التكتيكات التجارية ربما بما يناسب المناطق الجغرافية المختلفة؟
  3. تمتلك إنكلترا الآن أكثر من 50 نادياً رياضياً للتسلق في أكثر من 60 مدينة.
  4. هل هذه المعايير كافية؟ ما هي البيانات الأخرى التي يمكن أن تأخذها "آسيندنسي" بالحسبان؟
  5. أظهرت بعض الدراسات أنه يمكن لشركة أن تكسب ميزة كبيرة من اعتبارها أول جهة كبيرة في قطاعها أو منطقتها الجغرافية، من خلال تمتعها بموقع تكنولوجي رائد أو استحواذها على موارد رئيسة. لكن الخبراء يذكرون أن الداخلين الأوائل إلى السوق يُظهرون أداء متفاوتاً، وفي الغالب فإن من يحالفهم النجاح على المدى البعيد هم من يأتون بعدهم.
  6. هل هذه النسبة معقولة ويمكن تجاوزها في كل موقع؟
  7. ما هي الإيجابيات والسلبيات من تغيير متطلبات العائد على الاستثمار الخاصة بكل موقع على حدة؟
  8. إلى أي مدى يجب أن تشعر "آسيندنسي" بالقلق من المنافسين؟
  9. بما أن زوجة ريكاردو هي مديرة البرامج وبما أن صديقته القديمة هي مديرة العمليات – وكلتاهما أيضاً من المتحمسات جداً لممارسة رياضة التسلق – هل لديه ما يكفي من التنوع في فريقه التنفيذي؟

رأي الخبراء

هل يجب على ريكاردو المضي قدماً في خططه للتوسع على المستوى الدولي أم يجب عليه أن يوقفها؟

أنتوني غايسلر (ANTHONY GEISLER): الرئيس التنفيذي لشركة "إكسبونينشال فيتنس" (Xponential Fitness).

لا تحتاج "آسيندنسي" بالضرورة إلى إبطاء وتيرة أعمالها – لكنها بحاجة إلى التركيز.

عندما تحاول سلسلة نوادٍ رياضية متخصصة باللياقة البدنية التوسّع على مستوى العالم، كما هو حال العلامات التجارية التي تمتلكها شركتي، من غير المنطقي أن تغرس علمَك في عدة دول في الوقت ذاته وفي موقع أو اثنين في كل منها. بل يجب أن تختار السوق الجغرافية الأنسب لشركتك وأن تركّز على الفوز بها. إذا كانت تجربة "آسيندنسي سنغافورة" ناجحة، يجب على ريكاردو افتتاح المزيد من النوادي الرياضية هناك – على أن يحدد العدد بحسب قدرة السوق على الاستيعاب. فهي بلد ذو طابع كوني، وناطق بالإنجليزية، كما أن الشركة كانت قد اكتسبت خبرة في التعامل مع التعقيدات المصرفية والتكنولوجية المرافقة لافتتاح شركات في الخارج.

قد يرغب ريكادرو بالتوسع في المملكة المتحدة أيضاً، شريطة أن يكون قادراً على تشخيص المشاكل في ليفربول وكارديف وحلّها. يبدو أن "آسيندنسي" تمتلك وصفة جيدة، وهي بحاجة إلى ضمان اتباع نواديها في المملكة المتحدة لهذه الوصفة. في شركة تعمل وفق مبدأ الاشتراكات، أنت بحاجة إلى متابعة حركة المبيعات، ونسب إنهاء الصفقات، والاستنزاف لترى المواقع المقصّرة. وإذا كانت الفكرة هي استقطاب الناس لإقامة الحفلات والمناسبات المتعلقة بالشركات والدروس الموسمية، فأنت بحاجة إلى دراسة الأماكن التي توضع فيها الإعلانات والكيفية التي تظهر بها وما هو ناجح وما هو غير ناجح. ربما بوسع الشركة إجراء مقابلات مع الزبائن المغادرين لتحديد السبب.

إذا عرف ريكاردو وفريقه أن المطالب والرغبات تختلف بين ضفتي الأطلسي، قد يكون من الحكمة الاستعانة بشريك محلي. وهذا هو السبب الذي يجعل شركتك تعمل وفق نموذج الامتياز التجاري. فالناس الذين يديرون المئات من النوادي التابعة لنا تحت اسم "بيور بار" (Pure Barre)، و"كلوب بيلاتيس" (Club Pilates)، و"سايكل بار" (CycleBar)، و"ستريتش لاب" (StretchLab)، ورو هاوس" (Row House)، و"أيه كيه تي" (AKT)، و"يوغا سيكس" (YogaSix)، و"سترايد" (Stride) في عموم الولايات المتحدة الأميركية منغمسون في مجتمعاتهم المحلية. يمتلك شركاؤنا الدوليون خبرة واسعة في استقطاب العلامات التجارية إلى أسواقهم، وهم يوقّعون العقود معنا لافتتاح فروع لكل نوادينا في بلدانهم.

إذا أرادت "آسيندنسي" المحافظة على ملكيتها لجميع فروعها والاستمرار في العمل في المملكة المتحدة وسنغافورة، فإنني أنصح بقوة بإضافة طبقة إدارة جديدة هي المدير المحلي. فأنت بحاجة إلى وجود ميداني ليس فقط لمدة أسبوع وإنما طوال الوقت. كما أشجع الفريق أيضاً على استعمال المزيد من البيانات لتقرير أي المدن والأحياء أنسب للتوسع فيها. ويمكن لاستطلاعات الرأي أن تقرر من هم الزبائن الأساسيون للنوادي الرياضية في المملكة المتحدة وسنغافورة وأين يعيش الناس الذين يشبهونهم.

تحتاج "آسيندنسي" إلى استبعاد أمستردام عن القائمة الآن. وهي يجب أن تدرس فرص التحسين والتوسع في الأسواق الدولية التي سبق أن دخلت إليها من قبل.

ديفيد سبينغر (DAVID SPIGNER):

رئيس شركة "بودا بورغ" (Boda Borg) والرئيس التنفيذي لها، وهي عبارة عن سلسلة توفّر تجارب خاصة بالألعاب البدنية والذهنية.

تحتاج "آسيندنسي" إلى العودة خطوة إلى الوراء وإعادة النظر في خطط توسعها.

متى وأين تكون السرعة ضرورة استراتيجية وأين لا تكون كذلك؟

تتّبع بعض شركات التجزئة استراتيجية قائمة على الافتراس – بحيث تؤسس لحضورها في كل الأماكن من أجل القضاء على المنافسين القادرين على تقديم عروض مشابهة لعروضها – حتى لو كان ذلك يعني العمل دون تحقيق أرباح لفترة مديدة من الزمن.

لكن إذا كنتم تشعرون بشيء من الإلحاح، فالأفضل هو أن يكون لديكم شيء تعرفون أن الناس في مواقعكم الجديدة يشعرون بالإثارة تجاهه. قيل لي أن دراسة الحالة هذه تستند إلى حالة تخص حدائق لأجهزة الوثب (الترامبولين)، وهذا أمر منطقي. يعرف الجميع كيف يقفز، والأطفال يحبون هذه الرياضة، لذلك من السهل التسويق لهذا النشاط الترفيهي في العديد من المناطق الجغرافية المختلفة.

ربما يكون التسويق للنوادي الرياضية التابعة لشركة "آسيندنسي" أصعب، وخاصة في الأماكن التي لا يكون النشاط فيها معروفاً جيداً أو لا يُمارس على نطاق واسع. يحظى التسلق باهتمام فئة معيّنة على نطاق ضيّق وهو يحتاج إلى مستويات أعلى من المهارة والالتزام. لذلك عندما يدرس ريكاردو وفريقه خطط توسعهم، فإنهم ليسوا بحاجة إلى أن يأخذوا بحسبانهم عوامل أساسية مثل حجم السوق، والفئة السكانية الأساسية المستهدفة، والبيئة التنافسية فقط، وإنما يجب أن يأخذوا في اعتبارهم أيضاً ما إذا كان السكان يشملون أشخاصاً شغوفين بالتسلق وسيحضرون إلى النادي الرياضي بانتظام وربما يشجعون الآخرين، بما في ذلك المبتدئين، على فعل الشيء ذاته.

من الضروري فهم الأسباب التي تدفع الناس إلى الانخراط في تجربة معيّنة أو عدم الانخراط فيها. فقد تدرس "آسيندنسي" إمكانية التحرك بقدر أكبر من الحذر – أو عدم التحرك على الإطلاق – في المناطق التي قد يحتاج بث حالة من الحماس الكبير فيها إلى فترات زمنية طويلة.

من الواضح أن النوادي الرياضية المخصصة لتسلق الجدران قد اكتسبت شعبية كبيرة في الولايات المتحدة الأميركية، ولسبب ما في سنغافورة. لكن وضع السوق في المملكة المتحدة مختلف تماماً. فقد اكتشفت سلسلة مطاعم "ديف آند باستر" (Dave & Buster) هذه الحقيقة خلال محاولتها غير الناجحة للدخول إلى البلد: فالإنكليز المعتادون على الحانات ذات الأجواء الحميمية ربما لم يفهموا الأماكن الترفيهية الهائلة التي كانت تفتتحها.

في شركة "بودا بورغ"، كنا محظوظين أننا نمتلك منتجاً هو "كويستينغ" (Questing) الذي يثير إعجاب مجموعة واسعة من الفئات ذات الخصائص السكانية المختلفة والثقافات. قبل أن تستحوذ مجموعتي الاستثمارية على الشركة وأصبِح رئيسها التنفيذي في 2008، زرت موقعها على بعد 150 كم من ستوكهولم وصدمت لرؤية أشخاص من القارات الخمس. وفي زيارة أخرى، رأيت حافلتين مليئتين بسيدات ممن يرتدن أحد أماكن العبادة يصلن إلى المكان. نحن نبذل جهداً كبيراً لنفهم سبب الحب الذي يكنّه الناس لمنتجنا ولكي نقلّد نجاحه في المواقع الجديدة.

رغم أن "كويستينغ" جديد تماماً بالنسبة لمعظم الناس ومن شبه المستحيل تقريباً شرحه، إلا أن النسبة المئوية لضيوفنا الذين يشعرون بسعادة غامرة في تجربتهم ويتشاركون حماستهم شفاهياً مع الآخرين مرتفعة للغاية. لذلك فإن موقعاً جديداً لـ "بودا بورغ" في منطقة جغرافية منتقاة بعناية يعدّ أداة تسويقية ضخمة للضيوف الجدد وللتوسع المستقبلي.

نحن نتبنى استراتيجية بعيدة المدى ونريد أن نكون واثقين من أن منتجتنا سيظل جذاباً اليوم وفي المستقبل، ونعتقد أن من الصعب على الآخرين تقليده. لذلك تحلّينا بالصبر الشديد خلال الأعوام الأحد عشر الماضية في اتخاذ قرار بخصوص المكان والكيفية الأنسب للنمو. نمتلك الآن سبعة مواقع في السويد، وواحداً في الولايات المتحدة الأميركية، وواحداً في إيرلندا. نريد أن نضمن أن تكون "بودا بورغ" قوية في كل مكان بما أنها موجودة في مواقعنا الأساسية. هذا يعني أننا نلقي نظرة جيدة وبعيدة المدى على الأسواق الجديدة والشركات الجدد قبل أن نتخذ أي خطوة.

أنا أشجع "آسيندنسي" على الإبطاء وفعل الشيء ذاته.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي