تواجه الشركات في الشرق الأوسط رياحاً معاكسة ناتجة عن الأزمة العالمية، لكن الفرص تولد من رحم الأزمات. في هذه المقابلة يتحدّث إلينا ثلاثة من قادة ماكنزي ويخبروننا كيف يمكن للشركات أن تنمو في هذه البيئة
أجبرت الضغوط التي أفرزتها الأزمة العالمية الحاصلة مؤخراً، والتطورات التي تطال التركيبة السكانية، وأسعار الفائدة المرتفعة، وتكلفة رأس المال التي مثّلت ضربة للعالم في أوائل عام 2023 الشركاتِ العالمية على التكيف مع هذه الظروف، ولم تكن شركات الشرق الأوسط بمنأى عن هذا الأمر. غير أن القادة الأذكياء ينظرون إلى هذه الاضطرابات بوصفها فرصاً لتحقيق النمو، حيث تُظْهِرُ الأبحاث أن الشركات التي تضع استراتيجيات تأخذ بحسبانها جميع مسارات النمو المتاحة من المرجح وبنسبة 97% أن تتفوق على نظيراتها من حيث تنامي أرباحها.
ولكن إذا ما أرادت الشركات تحقيق الازدهار والنجاح في هذا العصر، فهي بحاجة إلى ابتكار حلول بنيوية لا تُعنى بتقليص التكاليف فحسب، وإنما تمنحها أيضاً خيار النمو بطريقة تعزز مرونتها وتحفزها على خلق القيمة على المدى الطويل أيضاً.
في هذه المقابلة، نتجاذب أطراف الحديث مع عدد من القادة في ماكنزي، هم عبد الله افتاحي، ومازن نجار، وكيشان شيريش، لنتعرّف منهم إلى آرائهم بخصوص الشركات في الشرق الأوسط وكيف يمكنها الاستفادة من الصدمات التي تحدث في الوقت المناسب لاستحداث فرص نمو جديدة. وقد شدد هؤلاء القادة على أن التركيز الصارم على تنشيط مسارات النمو وحُسن تنفيذ الاستراتيجيات بامتياز يمكن أن يساعدا الشركات على تحقيق نمو مربح ومستدام في هذه الأوقات المحفوفة بالكثير من الاضطرابات.
فيما يلي نسخة منقحة من هذا الحوار.
ماكنزي: يتصف المزاج العالمي حالياً بالكآبة. فهل تعتقد أن هذا الحال ينطبق على شركات الشرق الأوسط أيضاً؟
مازن نجار: من الواضح في المرحلة الراهنة أن الحالة المزاجية حول العالم كئيبة وأننا نتجه نحو شيء من عدم الاستقرار. أما عندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط، فيسرني إبلاغكم أن المزاج أكثر إيجابية، وتحديداً في منطقة الخليج (وإلى حد ما في الشرق الأوسط عموماً).
غير أن المنطقة، في نهاية المطاف، ومثلها مثل أي جزء آخر من العالم، تواجه رياحاً معاكسة ورياحاً مواتية في آن معاً إذا جاز التعبير.
لكن هذا الوقت يمثّل أيضاً فرصة للمنطقة. فهي قادرة على اغتنام اللحظة وتبنّي فلسفة النمو. ويمكن لدول الشرق الأوسط استغلال هذه الفترة للحاق بركب الآخرين، بل وحتى حرق المراحل وتحقيق قفزات كبيرة إلى الأمام.
لا شك في أن المنطقة لا تزال في طور تكوين قدراتها الخاصة، وثمة فجوة صغيرة تفصل بين القدرات المتاحة ومتطلبات أجندة النمو ولا بد من المواءمة بين الإثنين. بيد أننا إذا نظرنا إلى العناصر الإيجابية الداعمة، فإننا نعتقد أن الوقت مناسب لكل بلد طموح وجريء لكي يضع الخطط الجيدة لأنها برأيي قابلة للتنفيذ على جميع المستويات.
أنا لا أتحدث هنا فقط عما تفعله الحكومات المركزية حالياً، وإنما أقصد أيضاً ما تحققه المؤسسات والشركات وبوتيرة متزايدة. كما أنني أقصد ما نراه من تنامٍ في قوة الإرادة اللازمة للوصول إلى نتائج النمو المرجوة هذه. ويبدو كما قلت آنفاً أن ثمة إرادة جماعية في هذه المنطقة لاغتنام هذا الوقت ليس فقط للحاق بركب الآخرين، وإنما أيضاً في الواقع القفز إلى الأمام.
ماكنزي: ما الذي يجعل النمو بالغ الأهمية بالنسبة لشركات الشرق الأوسط، ولماذا ينبغي عليها أن تضاعف جهودها لتحقيق النمو؟
كيشان شيريش: أعتقد أن معظم اللاعبين في المنطقة مُلزَمُون بالتركيز على النمو لأن الاقتصاد بأكمله يتجه نحو النمو. لذلك، إذا أرادت شركة ما أن تستمر في أداء دورها كلاعب مهم في المنطقة، فعليها التأكد من حصولها على نصيبها العادل من هذا النمو.
من وجهة نظري الشخصية، أظن أن النمو هو السبيل الوحيد للخروج من الظروف الحالية التي تمرّ بها اقتصادات الشرق الأوسط، وتحديداً إذا ما أخذنا بحسباننا ما تريده قيادة كل دولة، ورؤيتها، وضروراتها المرتبطة بالتحول في مجالي الطاقة والاقتصاد، واستحداث فرص العمل. فإذا أرادت شركة ما الحفاظ على أهميتها في السوق، فعليها أن تساهم في النمو وأن تنال حصتها العادلة منه. وأعتقد أن كلاً من الحكومات والقطاع الخاص مُلزَمان بالتركيز عليه، نظراً للاحتياجات الموجودة في المنطقة.
النمو ضروري لجميع المؤسسات في الشرق الأوسط، وهذا يشمل الحكومات والقطاع الخاص وجميع الكيانات الأخرى. وأراهنكِ على أن كلمة "النمو" هي الكلمة الأولى التي تتردد على ألسنة جميع صانعي القرار في المنطقة.
وثمة شيء آخر أود ذكره ألا وهو أن النمو نبوءة تتحقق من تلقاء نفسها. كما أنها، وفي مناح عديدة، عنصر يؤتي ثماره ويحقق مكاسب كبيرة. ومن خلال البحث الذي أجريناه، أدركنا أنه كلما زاد تركيز أي مؤسسة على النمو، زادت ثمار النمو التي تجنيها أضعافاً مضاعفة. فإذا ما أنفقت ما مقداره الضعفين وأربعة أعشار ضعف (2.4) مواردها على النمو، فسوف تحقق أداء أعلى بمقدار الضعفين وأربعة أعشار الضعف. لذلك، ولهذه الأسباب جميعها، أعتقد أن مؤسسات المنطقة ستعطي الأولوية للنمو.
عبد الله افتاحي: ثمّة اتجاهات عديدة سائدة، وهي توفّر للمؤسسات فرصاً فريدة من نوعها للاستفادة من النمو الجديد هذا. فسلوك المستهلكين آخذ بالتغير السريع نوعاً ما، مما يؤدي إلى تحويل مجمعات النمو من مجال إلى آخر. فعلى سبيل المثال، نلحظ نمواً سريعاً للغاية في التجارة الإلكترونية.
لقد تراجعت مبيعات متاجر التجزئة التقليدية في بعض الشرائح في السوق، بعد أن أصبحت بيئة المنافسة ضمن هذا المجال أكثر تطلباً. وهذا بحد ذاته يفرض تحديات جديدة على الشركات ويُجبِرها على البحث في كيفية تحقيق النمو بطرائق مختلفة.
وأخيراً، تمثل البيئة الرقابية والتشريعية أيضاً تحدياً جديداً لبعض الموزعين والشركات العائلية التي تنشط حالياً ضمن هذه المنظومة. وبالتالي فإن تحقيق النمو ضمن قطاع المستهلكين وتجارة التجزئة أمر مهم لخلق القيمة في المستقبل، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالتوسع ضمن قطاعات وأنشطة مجاورة جديدة، وبناء الأنشطة والأعمال التجارية، وإضفاء المزيد من اللمسة الشخصية على السلع والخدمات، نظراً لتزايد أعداد المستهلكين المهتمين بكل ما هو رقمي.
ماكنزي: كيف يمكن للشركات تحقيق نمو أضخم بكثير؟
مازن نجار: من المهم التمييز بين الطرائق التي ينظر بها الناس إلى النمو. ففي بحثنا الأخير، اكتشفنا أن هناك توقعاً بأن يأتي 80 بالمئة من النمو من النشاط الأساسي للشركة.
أعتقد أن إحدى النقاط الرئيسة التي يجب تمييزها هي أن النمو سيتحقق نتيجة تعزيز نقاط قوة النشاط الأساسي للشركة وزيادة كفاءة عملها. كما أنه سيتحقق بالتأكيد نتيجة إنشاء مسارات جديدة للنمو قد تكون على شكل تأسيس أنشطة وأعمال تجارية جديدة من شأنها أن تزعزع القطاعات وتكمّلها، وأن تزعزع الشركات القائمة لكي تحقق النمو.
ماكنزي: ما هي بعض أهم الأشياء التي يجب مراعاتها؟
مازن نجار: أعتقد أن المؤسسات يجب أن تطرح على نفسها أسئلة متنوعة. هل لديها أجندة نمو شاملة تُناقش على أعلى مستوى في مجالس إداراتها وفي أوساط مديريها التنفيذيين؟ وهل لديها منصب المدير التنفيذي لشؤون النمو أو ما يعادل هذا المنصب؟ وهل تعمل على بناء القدرات التي تسمح لها بتعزيز أداء أنشطتها الأساسية؟ وهل تراقب مقاييس النمو؟ وهل تحفّز كل فرد في المؤسسة للدفع بعجلة النمو قُدُماً؟
وبالحديث عن بناء الأنشطة والأعمال التجارية، هل تعمل على تعزيز قدرات متخصصة في بناء هذه الأنشطة التجارية؟ فنحن نعتقد أن بناء الأنشطة والأعمال التجارية هو قدرة مؤسسية؛ وهو لا يحدث عن طريق الحظ والمصادفة. فإذا نظرنا إلى شركات التكنولوجيا الكبرى في الولايات المتحدة وأماكن أخرى في العالم، ندرك أن هذه الشركات تتمتع بميزة تنافسية في مجال بناء القدرات ما يمكّنها من إضافة مصادر للإيرادات وتأسيس أعمال جديدة عندما تحتاج إلى ذلك. لكن هذه القدرة أو العضلة، إذا جازت تسميتها كذلك، تحتاج إلى تطوير في مؤسسات الشرق الأوسط. كما أن مثل هذه الأجندة الشاملة ضرورية لمواصلة النمو في المنطقة.
عبد الله افتاحي: أتفق في الرأي مع مازن، وأعتقد أن بناء الأنشطة والأعمال الجديدة سيصبح، على الأرجح، ركيزة أكبر لنمو الشركات في هذه المنطقة مقارنة بأي مكان آخر. وعندما نقارن منحنى نضج صناعاتنا وقطاعاتنا في المنطقة – وخاصة القطاعات القائمة على التعامل المباشر بين الشركات والزبائن – بمنحنى النضج في الاقتصادات الأخرى الأكثر تقدماً، يمكننا رؤية القدرة أو القفزات المتحققة في بعض القنوات.
كيشان شيريش: أعتقد أن المنطقة تنطوي على الكثير من فرص الزعزعة الإيجابية وإنجاز المهام بأسلوب مختلف. وقد بدأنا نرى الكثير من الشركات تحاول اقتناص تلك الفرص الموجودة لأسباب متعددة. فأولاً، هناك رأس المال المتاح لدى هذه الشركات بالإضافة إلى استعدادها للاستثمار في مناطقها الجغرافية، والمراهنة على الشركات المحلية والمؤسسات المحلية الناجحة لإحداث ثورة حقيقية مُزعزِعة.
ثانياً، هناك جرأة في الطموح والرؤية في جميع الأبعاد، بما في ذلك ضمن الصناعات المتطورة مثل التحول في مجال الطاقة، وبلوك تشين (سلاسل الكتل)، وما إلى ذلك. ولدينا أجندة حكومية أو أجندة مركزية تحاول تقديم الحوافز الصحيحة للراغبين في النجاح والازدهار.
أعتقد أن هذين المكونين يمكن أن يساعدا في إنجاح الشركة. وكما قال عبد الله، فإن الرغبة في الابتكار وتحقيق قفزة إيجابية إلى الأمام من منظور المستهلكين والشركات توفّر مزيجاً جيداً لبناء الأنشطة والأعمال التجارية الجديدة الناجحة. وأعتقد أن لدينا حافزاً ليس للتركيز على النشاط الأساسي للشركة فحسب، وإنما أيضاً على القطاعات والأعمال المجاورة للأنشطة التجارية الجديدة.
ماكنزي: ما الأشياء المختلفة التي يفعلها أصحاب الأداء المتميز؟
مازن نجار: أحد العوامل التي تميز الشركات البارعة في تحقيق النمو عن غيرها هو أنها لا تكتفي بتبنّي النمو كخيار واضح فحسب، بل تتخذ إجراءات حاسمة تتماشى مع هذه الأجندة. فهي تحدد من أين سيأتي النمو، وتبيّن سلفاً شكل الإنجاز الذي سيتحقق. وهي لا تفعل ذلك على مستوى الإدارة العليا للشركة فقط، وإنما تنجزه بطريقة تجعل المؤسسة بأكملها تفهم ما تحاول تحقيقه. فعلى سبيل المثال، عندما تنظر هذه الشركات في كيفية تطوير أداء نشاطها الأساسي، تلجأ إلى تجزئته إلى العوامل المحددة التي تحتاج إلى تحسين بما يسمح للمؤسسة بأكملها بتحقيق المزيد من النمو.
وبالتالي، ما الذي يتعين على الشركات فعله بطريقة مختلفة بشأن المنتجات والقطاعات وكيفية دخولها إلى السوق، وكيف تعمل، وكيف تتعامل مع عملائها؟ ما يميز المؤسسات الناجحة اليوم هو أنها تعمل على المستوى التفصيلي الدقيق، وبقدر كبير من الشفافية، ثم تربط الأداء الإجمالي للمؤسسة والمجموعات الفردية بهذا الإنجاز.
ثمة مجموعة متنوعة من الشركات العالمية النشطة للغاية. في الواقع، تزايدت الطموحات من خمسة إلى عشرة أضعاف مقارنة بما كان عليه الحال قبل بضع سنوات، حيث باتت غالبية المؤسسات اليوم تدرك أهمية هذه الرافعة. فالعقل نفسه ينسّق بناء الأنشطة والأعمال التجارية الجديدة والنشاط الأساسي للشركة، لكن بناء الأعمال الجديد يستخدم عضلة مختلفة عن تلك المعنية بالاهتمام بالنشاط الأساسي للشركة. وأعتقد أن مؤسسات الشرق الأوسط أدركت هذا الجانب المتعلق ببناء الأنشطة والأعمال التجارية.
ثمة عدد لا بأس به من المؤسسات التي قطعت شوطاً بعيداً في وضع أجندة واضحة تخص قدرات بناء الأنشطة والأعمال التجارية الجديدة. فقد عيّنت مديرين تنفيذيين متفرغين لإنجاز هذه المهمة، وخصصت الموارد الاستثمارية المطلوبة. وعلينا أن نتذكر أن هذه الحالة تحتاج إلى رأسمال؛ لأن الوصول إلى نقطة التعادل لن يحدث في غضون عام أو عامين.
ماكنزي: ما العوامل التي تقود إلى النجاح في تنفيذ هذه الاستراتيجية؟ وما أهم إجراءين أو ثلاثة إجراءات يمكن أن تساعد على تحقيق هذا الهدف؟
مازن نجار: ثمة عنصران أو ثلاثة عناصر أود تسليط الضوء عليها. العنصر الأول هو إدراك أن الشفافية بشأن نجاح ما تحاول المؤسسة تحقيقه أمر مهم للغاية في نهاية المطاف. فقد ثبت أن ربط الحوافز بالإنجاز بطريقة شفافة، ومعاملة كل صاحب مصلحة كشريك في المؤسسة أمران ضروريان عند السعي إلى تطبيق أجندات نمو طموحة. فإذا كان كل فرد في مؤسسة ما لا يشعر أنه شخص أساسي في هذه الرحلة، فإن المؤسسة ستعاني.
عبد الله افتاحي: يُعتبرُ امتلاك أصحاب المواهب المناسبين وتخصيص رأس المال بالشكل الصحيح عنصرين أساسيين لتحقيق النجاح. لنأخذ مثالاً على ذلك من قطاع الاستهلاك وتجارة التجزئة، حيث رأينا شركات التجزئة تسعى إلى خطب ود مجموعة جديدة من أصحاب المواهب وتتنافس مع الشركات المعنية بالتكنولوجيا أولاً لتوظيف أصحاب المواهب المتخصصين بالتكنولوجيا الرقمية وتحليل البينات. ثم تلجأ بعد ذلك إما إلى استضافتهم داخل مؤسساتها أو في المراكز التي يتواجد فيها أصحاب المواهب. وتعمل هذه الشركات على تعديل سياساتها الخاصة بأصحاب المواهب ونماذج التوظيف فيها. وعندما يتعلق الأمر بالقدرات، فقد ذكرت بعض شركات تجارة التجزئة أنها تريد أن تركز من الآن فصاعداً على التكنولوجيا أولاً قبل أن تركّز على كونها شركات متخصصة بتجارة التجزئة.
يقود أسلوب العمل هذا إلى تغيير جذري في الطريقة التي تنظر بها هذه الشركات إلى عملية جني الأموال، وكيفية استقطاب الزوار، وكيفية جني المال من خلال الإعلانات والعديد من الخدمات الأخرى التي تقدمها لعملائها.
كيشان شيريش: ثمة مثال آخر نراه إذا نظرنا إلى الشركات التي ظلت تحقق نمواً منهجياً متواصلاً في منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات القليلة الماضية، حيث نجد أنها تنظر إلى النمو من منظور مختلف تماماً.
إذا راقبنا إيرادات شركة ما بشكل مُجمّع، فإنني أعتقد أنه سيكون من الصعب دائماً تبرير هذه الرهانات بعيدة المدى. كما أظن أن ما يميّز أصحاب الرؤى في المنطقة ويُظْهِرُ براعتهم الحقيقة في العمل هو أنهم يفصلون بين المكاسب التي تُجنى على المدى القصير، والرهانات على تحقيق النمو على المدى الطويل.
هناك أيضاً القطاعات والأنشطة المجاورة التي نجد أن المؤسسات على استعداد لتخصيص الكثير من رأس المال لها، ولاتخاذ القرارات الصعبة بسرعة كبيرة بشأنها إذا تطلّب الأمر، بحيث إذا فشل مشروع ما، فإنها تُسارع إلى إغلاقه. وفي حالة الشركات الناجحة، برأيي، ليس الفريق التنفيذي فقط هو من يمتلك رؤية النمو هذه، وإنما نجد المساهمين أيضاً يتشاركون بهذه الشفافية.
وإلا سيكون من الصعب للغاية تبرير إعادة تخصيص رؤوس أموال طائلة دون تحقيق عوائد فورية. فالشركة التي تُعيد تخصيص رؤوس أموال طائلة سوف تتأثر أعمالها على مدار السنوات القليلة التالية حتى تبدأ المشاريع الجديدة وعناصر دعم النمو هذه بتحقيق النجاح. وبالتالي، من الأهمية بمكان أن يتمتع مجلس الإدارة والمساهمون بهذه العقلية التي يجب أن تسود في أرجاء المؤسسة بأسرها ، إذا ما أريد النجاح للجهود الرامية إلى تحقيق تحول في مجال النمو.
يؤدي اتخاذ القرار الواعي بالتركيز على النمو إلى خلق حالة من الزخم القوي الذي يساعد في توجيه دفة الشركة بأكملها، بدءاً بكبار المديرين التنفيذيين وانتهاء بالموظفين الميدانيين العاملين على الخطوط الأمامية، وهذا خيار مناسب حالياً في الشرق الأوسط التي تُعتبر منطقة ناضجة لتحقيق النمو. تحدد خطةُ النمو التي تقوم على أركان واضحة تفاصيلَ العناصر الحاسمة التي يحتاج المديرون المعنيون بقيادة عملية النمو إلى التركيز عليها بمجرد اتخاذهم خياراً مدروساً وهادفاً للسير في خطة النمو هذه التي تهيئ المؤسسة أيضاً لإطلاق العنان لفرص النمو التي ترافق الخضات التي تحدث في الوقت المناسب. يساعد وضوحُ الهدف والرؤية الناتج عن مثل هذا الاختيار القادةَ وفرقهم على الإيمان بما يبدو مستحيلاً، وتحقيقه. وقد حان الوقت الآن لكي يغتنم قادة الشركات في الشرق الأوسط الفرصة، ولكي يعززوا مرونة شركاتهم، ويخلقوا القيمة بعيدة المدى.