ملخص: عندما تكون جزءاً من البنية التنظيمية للشركة، قد تضطر في بعض الحالات إلى شرح قرارات الإدارة وتمثيلها أمام فريقك حتى لو لم تقتنع بها شخصياً. على الرغم من أن الدفاع عن قرارات الإدارة ربما يبدو أمراً صعباً ومزعجاً، فإنه يُعد جزءاً أساسياً من العمل. باستثناء القرارات أو الإجراءات غير الأخلاقية أو غير القانونية، فإن دعم القرارات التي لا تتفق مع وجهة نظرك هو أحد أصعب الأشياء التي ستضطر إلى تنفيذها بصفتك قائداً. يتطلب تنفيذ ذلك بطريقة فعالة التحضير والإعداد الجيد والمدروس. فيما يلي 6 استراتيجيات يمكنك استخدامها عندما تضطر إلى نقل قرار يتعارض مع قناعاتك الشخصية.
تلقيت مؤخراً مكالمة هاتفية من منصور، وهو مسؤول تنفيذي أشرفتُ على تدريبه ضمن برنامج تطوير الكفاءات القيادية العالية في شركته، وطلب أن يتحدث إلي. كان غاضباً جداً؛ إذ توقف تمويل المشروع الذي كان يقوده خلال العامين الماضيين بسبب التحديات الاقتصادية التي تواجه السوق. طمأنه رؤساؤه بأن إلغاء التمويل لا يرتبط بتقدم المشروع أو قدرته القيادية، بل كان ببساطة قراراً صعباً لا بدّ من اتخاذه.
الآن يجب على منصور إبلاغ أفراد فريقه بالقرار. ظهر انزعاجه من خلال السؤال الآتي الذي وجهه لي: "كيف من المفترض أن أشرح لأفراد فريقي سبب إيقاف تمويل مشروعهم الذي كان يسير على الطريق الصحيح، في حين استمر تمويل مشاريع أخرى متعثرة وتفتقر إلى الأهمية الاستراتيجية، ويصفها أفراد الفرق الذين يعملون عليها بأنها هدر للموارد؟".
وجد منصور نفسه في موقف سيواجهه كل مدير في مرحلة ما من مسيرته المهنية، وهو الاضطرار إلى تبرير قرار اتخذته الإدارة أمام فريقه حتى لو لم يتفق مع هذا القرار.
عندما تكون جزءاً من البنية التنظيمية لشركة ما، فإن الدفاع عن قرارات الإدارة ربما يبدو أمراً صعباً ومزعجاً، لكن ذلك يُعد جزءاً أساسياً من العمل. باستثناء القرارات أو الإجراءات غير الأخلاقية أو غير القانونية، فإن دعم القرارات التي لا تتفق مع وجهة نظرك هو أحد أصعب الأشياء التي ستضطر إلى تنفيذها بصفتك قائداً. يتطلب تنفيذ ذلك بطريقة فعالة التحضير والإعداد الجيد والمدروس. فيما يلي 6 استراتيجيات يمكنك استخدامها عندما تضطر إلى نقل قرار يتعارض مع قناعاتك الشخصية.
سيطر على مشاعرك وانفعالاتك أولاً
من المرجح أن تؤدي معرفة القرار إلى إثارة ردود فعل قوية لدى فريقك، لذلك، يُنصح بالاستعداد للحديث بهدوء واتزان وتجنب خوض النقاش في حالة انفعال لتفادي تفاقم الأمور. يجب عليك اتباع نهج متزن ومدروس لنقل القرار، بعيداً عن مشاعرك السلبية. لا يعني ذلك بالضرورة التحول إلى إنسان آلي مجرد من العواطف والمشاعر، لكن الاعتراف بمشاعرك يختلف عن إظهارها والتعبير عنها بوضوح أمام أفراد الفريق. يمكنك أن تقول شيئاً مثل: "أتفهّم مدى خيبة الأمل التي تشعرون بها"، على الرغم من أنك قد ترغب في قول شيء مثل: "لا أستطيع أن أصدق أنهم اتخذوا هذا القرار!".
إذا كنت تحتاج إلى التنفيس عن غضبك ومشاعرك السلبية، تحدّث إلى صديق أو مدرب موثوق من خارج البنية التنظيمية لشركتك وليست لديه مصلحة شخصية أو ارتباط مباشر بنتائج القرار. يمكن أن يكون تدوين الملاحظات أيضاً أداة مفيدة للتنفيس عن المشاعر السلبية والتخلص من الانفعالات. ركز على الاستعداد والتحضير لتوجيه فريقك ومساعدته على تخطي هذه الفترة العصيبة من خلال الاهتمام بنفسك أولاً.
اجمع الآراء والمعلومات المتاحة
إذا سمحت الظروف، يمكنك التحدث إلى مديرك بعد أن تتغلب على مشاعرك وانفعالاتك وطلب توضيحات حول كيفية توصل الإدارة إلى هذا القرار. ما المعايير التي استُخدمت في اتخاذ القرار؟ ما البدائل والخيارات الأخرى التي أُخذت في الاعتبار؟ ما العوامل الأخرى التي أسهمت في اتخاذ هذا القرار ولم تكن على علم بها؟
في حالة منصور، تمكّن مديره من تزويده ببعض المبادئ التي استُخدمت لتقييم القيمة النسبية للمشاريع التي خضعت للمراجعة على المديين الطويل والقصير، ما قلل من رغبته في إجراء مقارنات غير عادلة مع المشاريع الأخرى التي شعر بأنها أقل قيمة وأهمية من مشروعه. إن الحصول على منظور أوسع بشأن القرار بعيداً عن وجهة نظرك الشخصية سيمنحك رؤى وتفاصيل دقيقة تساعدك على شرحه لفريقك بطريقة أفضل.
عبّر عن تعاطفك مع فريقك دون الموافقة المطلقة والانحياز لموقفه
يمكن أن تؤدي قاعدة الحقائق المنطقية دوراً مهماً في مساعدة الفِرق على خوض المحادثات الصعبة، لكن لا تتوقع أن تخفف هذه الحقائق من حدة المشاعر والانفعالات. يتطلب التعامل مع هذا الموقف التحلي بالتعاطف والمشاركة الوجدانية. يجب عدم الاعتماد على البيانات فقط للتعامل مع المشاعر والانفعالات القوية؛ إذ سيبدو ذلك استخفافاً وعدم احترام لمشاعر الفريق. امنح الأولوية للتعامل مع الجانب العاطفي للموضوع قبل أي شيء آخر.
سيتوقع أفراد فريقك منك أن تشاركهم غضبهم، وربما توجيه اللوم والانتقادات للإدارة عندما تبلغهم هذا القرار الصعب. من الضروري جداً أن تمتنع عن الخوض في هذا الأمر. ربما تخشى التعرض للانتقاد وتوجيه الاتهامات، أو حتى نفور أفراد فريقك وفقدان ثقتهم إذا لم تنضم إليهم، وتشعر بالقلق مثلما حدث مع منصور عندما عبّر عن خوفه من اعتقاد أفراد فريقه أنه لم يساندهم، أو أنه تخلى عن قضيتهم إذا لم يلاحظوا غضبه وسخطه. لكن هذا ليس صحيحاً. إذا شاركتهم غضبهم، فستبدو ضحية للقرار بدلاً من أن تكون حليفاً ومسانداً لهم في مواجهته. بالإضافة إلى ذلك، فإن مشاركتهم مشاعر الاستياء والغضب لن يؤدي إلا إلى استمرارها، ما يضعف قدرتك على مساعدتهم في تجاوزها والتغلب عليها لاحقاً.
تذكّر أنه من المتوقع وجود تفاوت في وجهات النظر بينك وبين أفراد فريقك، وذلك بسبب تفاوت السلطة. يمكنك الاعتراف بخيبة أملك وتعاطفك الصادق معهم، لكن من الضروري التصرف بحكمة واتخاذ موقف صحيح حتى يتمكنوا من تجاوز القرار ومواصلة العمل والإسهام بطريقة فعالة. استمع باهتمام لمخاوفهم، وتأكد من إتاحة الفرصة لكل شخص للتعبير عما يقلقه ويزعجه بشأن القرار. نجح منصور، من خلال الاستماع بعناية لأفراد فريقه، في تفهّم إحساسهم بالخسارة الشخصية والشعور بالإحباط بعد ضياع جهودهم التي بذلوها في المشروع مدة سنتين، بالإضافة إلى مخاوفهم من تأثير القرار على مساراتهم المهنية. يساعد الاستماع باهتمام في تأكيد صحة المشاعر وتقبّلها دون تأييد النظرة السلبية والمخاوف غير المبررة التي قد تُرافقها.
اشرح القرار دون محاولة الدفاع عنه
يتطلب هذا الموضوع حذراً شديداً. باستخدام البيانات التي جمعتها قبل الاجتماع، يجب عليك شرح عملية اتخاذ هذا القرار وأسبابه المنطقية بطريقة مفهومة، إلى جانب الإشارة إلى الخيارات البديلة المتاحة التي درستها الإدارة قبل اتخاذ هذا القرار. يجب أن يكون هدفك هو تحويل مسار الحديث نحو تحقيق أقصى استفادة من الموقف السيئ وغير المثالي بدلاً من مجرد التقليل من حدة الاستياء الذي يشعر به الفريق تجاه الإدارة.
عندما يصب أفراد الفريق غضبهم عليك ويوجهون إليك اتهامات مثل: "هل توافق على هذا القرار السيئ؟" أو "كم دفعت لك الإدارة لتدافع عن هذا القرار؟" (كلا السؤالين طرحهما أفراد الفريق على منصور)، فمن الضروري عدم الدفاع عن نفسك أو عن الإدارة. كان منصور مستعداً لتقديم ردود مثل: "أخبرتكم بأنني أشعر بخيبة أمل أيضاً، كنت صريحاً مع الإدارة بشأن آرائي، لكن لم أفلح في إقناعهم هذه المرة، لذلك، فإن توجيه غضبكم وعدم احترامكم لي لن يساعدنا على إيجاد حلول أو تحقيق التقدم".
علّمهم مهارة تبنّي وجهات النظر الأخرى
من خلال تقديم نموذج يحتذى به عن كيفية توسيع نطاق التفكير وتبني وجهة نظر أوسع، يمكنك تشجيع أفراد فريقك على التفكير في عوامل ربما لا تدخل ضمن نطاق تفكيرهم المعتاد. ما التحديات التي واجهتها الإدارة والتي قد لا يرونها؟ ما الخيارات البديلة التي كان يجب استكشافها والتي قد تكون أسوأ من القرار النهائي؟
إن تشجيع فريقك على التساؤل حول التأثيرات المحتملة التي أدت إلى اتخاذ القرار يمكن أن يسهم في إثارة مشاعر التعاطف وافتراض حسن النية، فبدلاً من اللجوء إلى الافتراضات السلبية واتهام الإدارة بأنها بعيدة كل البعد عن واقعنا، وأنها لا تعرف ماذا تفعل (وهو ما قد يكون صحيحاً في بعض الأحيان)، ربما يكون من المفيد التفكير بطريقة أكثر تعاطفاً مثل أن نقول: "أعتقد أن الإدارة واجهت صعوبات في اتخاذ هذا القرار، وآمل أن نستخلص جميعنا دروساً من هذا الموقف لنواجه مواقف مماثلة بطريقة أفضل في المستقبل ولتجنب تكرار هذا الأمر". في حالة منصور، قال مديره إنهم كانوا يبذلون قصارى جهدهم للحفاظ على الوظائف من خلال تنفيذ إجراءات تقشفية في أقسام أخرى أولاً.
إن التعامل مع خيبة الأمل هو مهارة يفتقر إليها معظمنا طبيعياً. من السهل جداً إلقاء اللوم على الآخرين والوقوع في دور الضحية. لكنّ منصور استطاع أن يعترف بصراحة أمام فريقه ويقول:
"كنت دائماً أواجه صعوبة في التحلي بالمرونة والقدرة على التكيف عند مواجهة التحديات والعقبات، وأدرك أن خيبة الأمل تُعد جزءاً من الطبيعة البشرية، لكنني أستطيع اختيار ردة فعلي تجاهها. يجب أن أذكّر نفسي من منظور أوسع، أن حياتي جيدة حقاً، ولا تزال أمامي فرصة للعمل على مشاريع عظيمة مع أشخاص رائعين مثلكم، لديّ كثير من الأمور التي تستحق الامتنان، نعم، من المؤسف تعليق مشروعنا، لكن إذا كنت سأسمح لهذا الموقف بتحديد هويتي، فإنني أرغب في أن يُنظر إليّ بوصفي قائداً مرناً يتجاوز خيبة الأمل، ولا يستسلم لها".
تواصل مع الفريق
بعد مرور عدة أيام، من المهم الاجتماع بأفراد الفريق للاطمئنان عليهم ومعرفة آخر المستجدات. تجدر الإشارة إلى أن كل شخص يتعامل مع الأخبار السيئة بطريقة مختلفة، ويحتاج البعض وقتاً أطول من الآخرين لتجاوزها. عند ملاحظة أي سلوكيات سامة أو سلبية أو غير مسؤولة مثل التعليقات المسيئة، أو محاولة إثارة المشاكل والفوضى داخل الفريق، أو ضعف الأداء، أو التغيب عن العمل، وغيرها، فمن المهم تحقيق التوازن بين التسامح واللطف وتحديد توقعات واضحة لتحفيز الموظفين على تحسين أدائهم. لا يمكن التسامح مع بعض السلوكيات ببساطة بغض النظر عن مدى خيبة الأمل التي يشعر بها الناس.
عقد منصور اجتماعاً آخر مع فريقه بحضور مديره، ما أتاح فرصة مباشرة لطرح الأسئلة والاستماع إلى مزيد من التفاصيل حول القرار. أكد المدير للموظفين مدى تقديره لقيمتهم وكفاءتهم وإسهاماتهم الإيجابية، وهو ما كان ضرورياً لتعزيز معنوياتهم.
من الصعب دائماً نقل الأخبار السيئة إلى فريقك، ولا سيما عندما تتعارض تلك الأخبار مع قناعاتك الشخصية. لكن في مثل هذه اللحظات العصيبة تبرز قيمة دورك القيادي وأهميته. قد لا تتمكن من تغيير القرار، لكن يمكن أن تؤثر طريقة قيادتك خلال هذه الفترة على قدرة أفراد الفريق على التعامل مع خيبة الأمل برحابة صدر ومرونة، وهو الأمر الذي قد يشكرونك عليه لاحقاً.