"ليس هذا عادلاً. فالعمل أكبر مما يحتمل دوامي. ويواصل الجميع تكديس المهام التي عليّ إنجازها. وصلت إلى مرحلة من اليأس".
هل يبدو هذا الكلام مألوفاً؟ إن كان كذلك، فأنت لست وحيداً، لأن الكثيرين يشعرون بأنهم يرزحون تحت عبء المهام الموكلة إليهم من كل صوب، فيتحولون إلى ضحايا الظروف التي يختبرونها. ويعتبرون أن قوى خارجية مسؤولة عن عدم ممارستهم التمارين الرياضية، أو فشلهم في مغادرة المكتب في وقت مقبول، أو معاناتهم لإنجاز جميع المهام. وفي بعض الأحيان، قد تكون الأمور خارجة فعلاً عن سيطرتك – كما يحصل مثلاً إن أوكلَت إليك مهام كثيرة وأنت مصاب بالإنفلونزا – ولكنها في معظم الأحيان لا تكون كذلك. ومع أن إلقاء اللوم على الآخرين قد يسعدك على المدى القصير، سيصيبك يأس فعلي على المدى الطويل، إن بقيت تعتمد هذا السلوك حيال كيفية استثمار وقتك.
عندما تعتبر نفسك ضحيّة وقتك، يعاني الجميع من حولك، فتكون تفاعلاتك معهم متوترة على الدوام، لأنك ستخشى أن يلقوا على عاتقك المزيد من الأعمال، وأنت أصلاً غارق فيها. وبالنظر إلى أنك لا تعرف الرفض، ستفرض كلمة "نعم" واجباً عليك وتجعلك تشعر بالامتعاض، ولن يكون التزامك كاملاً، ولن تحاول التخطيط للعمل بمزيد من الفعالية، لاعتقادك أنك ستكون مضطراً للعمل طوال الوقت، في مطلق الأحوال. وفي النهاية، ستكف عن المحاولة، لأنك ستعتقد أن الفشل مصيرك بغض النظر عن الجهود التي ستبذلها.
غالباً ما تكون قدرة الأفراد على التأثير في الوضع أكبر بكثير مما يتصورون. بيد أنهم لن يحرزوا أي تقدم، ما لم يبدؤوا بممارسة نفوذهم الشخصي، بدلاً من انتظار التغيير في محيطهم. ويذكّر الأمر بما يحصل عندما يلوم المرء الشركات المُصدِرة لبطاقات الائتمان على ديونه، بدلاً من قبول فكرة امتلاكه خياراً بإنفاق مبالغ مالية تزيد عما يملكه.
خطوات للتحكم بالوقت
فيما يلي ثلاث خطوات عملية ستساعدك على التخلص من منطق الضحية وتخوّلك معاودة التحكم بوقتك:
1. راقب رد فعلك
كن مدركاً لرد الفعل الذي تُظهره عندما لا يعود استثمارك للوقت متماشياً مع أولوياتك. فهل تبحث دوماً عن شخص تُلقي اللوم عليه؟ "ربُّ عملي يغرقني دوماً بالمهام". هل تشفق على نفسك؟ "مسكين أنا. يوم متعِب جديد. سأشتري بعض المثلجات لأشعر بتحسن". هل ترفض النصائح والاقتراحات؟ "كيف تجرؤ زوجتي على الاقتراح أن أعمل بطريقة مختلفة، وتطالبني بالعودة باكراً إلى المنزل؟ هذا مستحيل". هل سبق أن رفضت مشروعاً جديداً؟ هل سبق أن وضعت حدوداً؟ هل طلبت المساعدة من قبل؟
2. اعترف بدورك
افهم أنك صاحب القرار متى كان الأمر مرتبطاً بكيفية استثمار وقتك. وفي بعض الحالات، عليك ببساطة بذل جهد لإنجاز الأمور خلال وقت قصير، كما يحصل عند اقتراب مهلة نهائية بالغة الأهمية، أو عند الاستعداد لإطلاق منتج جديد، أو لدى صياغة التقارير السنوية. ولكن لا يجب أن يتحول العمل المفرط إلى معيار تعتمده. ولا ذنب أحد إن كنت ترزح تحت عبء المهام، ولم تُعلِم أحداً بذلك. إنه خطؤك.
3. كن دائماً سيد الموقف
بغض النظر عن تصرفاتك في الماضي، لديك فرصة لجعل المستقبل مختلفاً. وبالتالي، تعهّد تغيير الأمور، واختر الرد على محيطك بدلاً من القبول بكل ما يأتي إليك.
بدلاً من التحول إلى ضحية، سيطر على الأوضاع وتحكم بوقتك. وقد تفعل ذلك عبر إطلاق العنان لمشاعرك، إن جاءك أحدهم بطلب غير منطقي. وكذلك، فلتكن قائمة المشاريع جاهزة في متناولك إن شاركت في أحد الاجتماعات، كي تتمكن من تقييم أهمية مشروع مقترح جديد ومقارنته بالتزاماتك الأخرى. وإن تبين أنك لا تملك الوقت الكافي لإنجاز العمل الجديد، فاقترح مناقشة الأولويات خلال الاجتماع، أو اطرح الموضوع لاحقاً مع الأطراف المعنيين.
أيضاً، ضع قواعد واضحة وحدد قيوداً لمنع الآخرين من إغراقك بالمهام. على سبيل المثال، إذا كنت مسؤولاً عن موظفين يحيلون إليك العمل في اللحظة الأخيرة وفيه الكثير من الأخطاء، فاطلب منهم إعادته في وقت أبكر، لأن ذلك سيخولك إعادته إليهم ليصححوه، بدلاً من الاضطرار إلى التصحيح بنفسك، بسبب اقتراب المهلة النهائية.
وأخيراً، إذا كانت الظروف تمنعك من وضع قيود (كما هو الحال في وظيفة تتطلب تأهباً على مدار الساعة)، وإذا كنت ترى أنه يستحيل عليك التحكم بكيفية استثمار وقتك، فقد تضطر إلى التفكير فيما إذا كانت الوظيفة المذكورة تناسبك فعلاً، لأن بعض الوظائف لا تسمح بإرساء أسلوب حياة مستدام، مهما حاولت. وفي هذه الحالة، لا بأس إن انسحبتَ.
إذا توليت مسؤولية الخيارات المرتبطة بكيفية استثمار وقتك، فستكفّ عن هدر طاقتك على لوم الآخرين، وتبدأ بإعداد رد منتج على الأشخاص والمواقف في محيطك. وإذا أصبح هذا محور تركيزك، فستمتلك الوقت الكافي للقيام بما يُعتبر الأهم بنظرك.