3 نصائح حول الإنتاجية ستحصد ثمارها على الفور

3 دقائق

حين يقترب موعد مهم على تقويم أعمالنا – مثل إطلاق منتج جديد، أو تقديم فريقك عرضاً تقديمياً – فمن السهل ركوب موجة الضغط النفسي واستغلال تدفق الأدرينالين في عروقنا لبذل كل جهد ممكن وإنجاز كل ما في وسعنا عمله خلال كل لحظات يقظتنا. غير أن هذا النمط من السلوك غير مستدام، والغالب أنه يقود صاحبه إلى انهيار العزيمة إذا ما داوم عليه. فما هو الأسلوب الأمثل لتحويل الإنتاجية إلى عادة دائمة؟

تبدأ الخطوة الأولى حين ندرك أن سر الإنتاجية يكمن في تناول حياتنا بجوانبها المختلفة بالتحسين، عوضاً عن الاقتصار على العمل. فانتظام حياتك الشخصية ينعكس إيجاباً على عملك، كما أن تنسيق أماكن ومواعيد عملك بما يراعي ظروفك خارج العمل يوفر لك الفرصة لتحيا حياة غنية هانئة. فما الذي يؤخرنا إذاً عن ابتكار السبل التي تجمع بين الحياة الشخصية والعمل في صورة تكاملية رابحة؟ صاغ الأستاذ ستيوارت فريدمان في "كلية وارتِن" (Wharton School) لإدارة الأعمال، مبدأ الفوز الرباعي، وهو عبارة عن إطار يحفز الفرد على التأمل في أنشطته المختلفة ليكون لها وقع إيجابي على أكثر من صعيد: الحياة الشخصية، والحياة المهنية، والعلاقات المجتمعية، والصحة بمعناها الشامل (نفسياً، وبدنياً، وروحياً).

فعلى سبيل المثال، بدلاً من تناول شطيرة في أثناء جلوسك بمفردك في مكتبك، يمكنك تناول غداء صحي مع زميل في العمل فتفيد بذلك صحتك، وتقوي روابطك المهنية، وتثري شعورك الاجتماعي. وفي حين لا يعد "تناول الغداء" نشاطاً إنتاجياً بحد ذاته، فإن النظر إليه من زاوية فريدمان يجعلك تقدّر ما تفعله لأنك تصيب أهدافاً عدة في وقت واحد.

يلي ذلك أن تراجع لائحة مهامك وتطابق كل مهمة مع مقدار التركيز المطلوب لإنجازها. يؤيد ذلك ما نشره طوني شوارتز في مجلة "هارفارد بزنس ريفيو" حول أهمية إدارة الطاقة عوضاً عن إدارة الوقت، وما ساقه من نصائح قيّمة مثل أخذ قسط وافر من النوم خلال اليوم واتخاذ وقفات قصيرة لتجديد النشاط كل 90 دقيقة تقريباً. ويمكنك اللجوء أيضاً إلى ابتكار إضافي يساعدك في استخلاص إنتاجية أكبر من يومك وذلك حين تحتفظ بلائحة خاصة تدوّن فيها المهام التي لا بد من إنجازها ولكنها تتطلب حضوراً ذهنياً محدوداً.

على سبيل المثال، كتابة مقال أصعب عليّ بكثير من قراءة مقال، ما يجعلني أخصص أوقات الصباح للكتابة حين أكون مفعمة بالنشاط. ومع مرور ساعات اليوم، تتضاءل طاقة ذهني على الإبداع لكن يظل بوسعي إضافة ساعة أو ساعتين من الإنتاجية على الأقل من خلال تخصيص ساعات الارتخاء الذهني لقضاء الأمور الثانوية التي لا بد من ممارستها مثل قراءة الكتب لاستخلاص نتائج الأبحاث، أو مطالعة النقاشات الدائرة في مجموعتي البريدية. وإذا كنت تتميز باتزان إيقاعي مختلف لنشاطك الذهني، فيمكنك عكس مسار العملية المذكورة عبر البدء بروية في الصباح ثم التدرج وصولاً إلى معالجة الأمور ذات الإنتاجية الأكبر لاحقاً خلال اليوم.

كما يجدر الاهتمام باستغلال الأوقات القصيرة التي تطرأ من حين لآخر بشكل أفضل. يستطيع معظمنا إحراز تقدم ملموس في عمله إذا حصل على 3 أو 4 ساعات متصلة تخلو من المقاطعة لإنهاء ذلك التقرير الرابض على مكاتبنا. لكن يبدو هذا الأمر بالنسبة لأغلبنا أضغاث أحلام، مع بقائه هدفاً جديراً بمحاولة الوصول إليه بغية إنجاز عمل أعمق وأكثر استدامة. ومع ذلك، فإن جداول أعمالنا اليومية تتخللها وقفات ما بين 30-60 دقيقة تفصل بين الاجتماعات على الهاتف، والاجتماعات التي نحضرها. وبسبب قصر هذه الوقفات، يساورنا الشعور بعدم أهمية تخطيط كيفية قضائها حيث يعمد أغلبنا إلى الرد على الوارد من بريده الإلكتروني، أو أسوأ من ذلك حين يغمس نفسه في دوامة الوسائط الاجتماعية حتى يحين موعد المهمة التالية.

بدلاً من ذلك، خذ فائدة من آدم غرانت مؤلف كتاب "أعطِ وخذ" (Give and Take)، والمرجع المرموق في مجال الإنتاجية الذي قال لي في مقابلة أجريتها معه: "لدي الكثير من الأهداف الصغرى التي يمكن إنجازها في أي فسحة زمنية متاحة". ونصيحتي في هذا الشأن أن تلقي نظرة على جدول أعمال الغد في الليلة التي تسبقه، وتحدد الفسح الزمنية التي قد تتخلله، وتعد لائحة بالمهام التي يمكن إنجازها في غضونها.

وقد يتغير المخطط اليومي في لحظة واحدة: إذا وصلتني رسالة إلكترونية من أحد المراسلين يطلب فيها تعليقاً على خبر عاجل، فالغالب أنني سأضع مخططي الأصلي جانباً وسأعطي أولوية الاستجابة للرسالة الواردة. ومع ذلك، فإن احتفاظي الدائم بتصور واضح لكيفية قضاء هذه الفترات الزمنية القصيرة (حجز تذاكر السفر، أو الوفاء بوعد كتابة رسالة تزكية لأحد ما، أو نشر مراجعتي لكتاب صديقتي الجديد على موقع "أمازون") يجعلني ممسكة بزمام المبادرة على الدوام ويمنعني من تبديد هذه الفسحات هباء دون جدوى. وعلى مدار الأسبوع، تتراكم الإنجازات الصغيرة.

وكما هو الحال في برامج الحمية الغذائية السريعة، يسهل على المرء أن يمضي قدماً بخطىً حثيثة لفترة محدودة من الزمن. لكن لا يوجد بشر قادر على العمل باستمرار لمدة 12 أو 16 ساعة في اليوم بشكل يومي، مهما كان طموحاً ومقداماً، إذ إنه سيرى عواقب ذلك في صورة تدهور في أدائه. فالسر في الإنتاجية يكمن في استدامة عطائك وحفاظك على انتظامه على مر الزمن. وحين تدرك مفهوم الإنتاجية العميق بالنسبة إليك، وتوفق بين طاقتك ومهامك، وتستغل أوقات الفراغ القصيرة، عندها ستكون قادراً على قطع أشواط من التقدم نحو تحقيق أهدافك العليا.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي