أسئلة القراء: كيف أواجه مديري الذي يتخذ قرارات غير منطقية ولا أستطيع تقبلها؟

6 دقائق
مواجهة قرارات المدير غير المنطقية
shutterstock.com/connel

سؤال من قارئ: أعمل في هندسة البرمجيات، وأقود فريق المشاريع منذ قرابة 4 أعوام، وأتبع لعدة مدراء أعلى، وأعاني من مشكلة في مواجهة قرارات المدير غير المنطقية. إن مشكلتي تتعلق بمفهوم "الاعتراض والالتزام" الإداري الذي يقول إنه من حق الفرد الاعتراض على القرار في أثناء صناعته، لكن ما أن يتم اتخاذ القرار النهائي يجب عليه الالتزام به. قد يكون النفور الذي أشعر به نابعاً من خبرتي التقنية القوية، فأنا أواجه مشكلات مع المدراء الذين لا يملكون خبرة تقنية مساوية لخبرتي، وأنا قادر على التعامل مع المواقف التي لا يكون القرار الصحيح فيها واضحاً. الهندسة هي حرفة المقايضات، لكن عندما أطرح حججاً منطقية وعقلانية لأحد الخيارات، يطرح مديري خياراً غير منطقي وتكون حجته الوحيدة هي سلطته، فلا أستطيع تطبيق مفهوم "الاعتراض والالتزام"، ولا أتمكن من إخفاء شعوري بالاستياء عن زملائي ومرؤوسيّ، وأنفذ القرار على نحو رديء. من الواضح أن هذا الأمر يقيدني وهو ليس صحياً بالنسبة للموظفين من حولي.

سؤالي هو:

كيف أستطيع تحسين نفسي؟ وكيف سأتقبل القرارات التي لم أقتنع بها؟

يجيب عن هذه الأسئلة كل من:

دان ماغين: مقدم برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.

أليسون بيرد: مقدمة برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.

ريتشارد شيردان: مهندس برمجيات والرئيس التنفيذي لشركة "مينلو إنوفيشنز" (Menlo Innovations)، ومؤلف كتاب "شركة السعادة: كيف بنينا مكان عمل يحبه الموظفون؟" (Joy, Inc.: How We Built a Workplace People Love).

ريتشارد شيردان: إن أسلوبه في وصف المشكلة مثير للاهتمام، فهو يصف وجهات نظره بأنها منطقية وعقلانية، في حين أن وجهات نظر المدير الذي يتمتع بخبرة أقل في التقنية غير منطقية. وبرأيي هذا هو جوهر المشكلة. يجب على صاحب السؤال أن يتعلم كيف يتحدث بلغة المدير غير المنطقي، وهذا لا يعني أن يصبح هو أيضاً غير منطقي. عملت فيما مضى في شركة عامة، وأذكر أني كنت مقتنعاً في وقت من الأوقات أني أقترح مبادرة مهمة ستكون ذات أثر مفصلي، وستكون طوق نجاة حتى بالنسبة للشركة. استمع الرئيس التنفيذي إلي، وكان يحترمني جداً، لكنه رفض اقتراحي، فشعرت بالاستياء لرفضه، لأني كنت أعتبر اقتراحي مثالياً. فعدت مجدداً وقدمت اقتراحي ورفضه، وأخيراً، عدت إليه وتحدثت بلغته، فهمت التحديات التي يواجهها بوصفه الرئيس التنفيذي للشركة وكيفت خطتي التقنية مع هذه التحديات. فوافق على اقتراحي بعد ظهيرة ذاك اليوم، وكان بالفعل طوق نجاة للشركة، وتبين أني طرحت فكرة سديدة لكني اتبعت أسلوباً خاطئاً في البداية.

أليسون بيرد: يجب أن يبدأ صاحب السؤال بالتعاطف أولاً، ويجب أن يبدأ بالنقاط المنطقية والمناسبة في الخطة التي يقترحها المدير، ثم يمكنه بعد ذلك طرح تحفظاته. يجب أن يبحث عن طريقة ليحقق ما يريده مديره، مع التغلب على مخاوفه الشخصية في نفس الوقت. يجب أن يتعامل مع الموقف بأسلوب أقل عدائية، وأن يتوصل إلى تسوية ثم التحدث عنها بأسلوب مقنع. لكن هذه مهارات يصعب تعلمها وخصوصاً بالنسبة للمهندسين، كيف يمكن البدء بتعلمها؟

ريتشارد شيريدان: علمني أحد المرشدين جملة رائعة، وهي "عندما تغضب، أبد فضولك". عندما يخرج صاحب السؤال من مكتب المدير حاملاً كثيراً من الاستياء والغضب داخله، يبدأ بصب غضبه على كل من حوله فيضر بالعمل وبيئته، ويضر بصحته الجسدية والنفسية، ويؤرق لياليه لأنه يريد أن يقوم بعمل جيد، فجميع المهندسين يرغبون في القيام بعمل جيد. كيف سيتمكن صاحب السؤال من النظر إلى سلوك مديره الذي يبدو له غير منطقي؟ عن طريق إبداء الفضول ببساطة، وطرح الأسئلة التي توضح أنه يرغب بمعرفة السبب وراء تفكير المدير بهذه الطريقة.

دان ماغين: طريقتك هذه مثيرة للاهتمام، فأنا أعتقد أن مسؤولية اتباع هذا الأسلوب تقع على عاتق المدير، وإذا كان المدير يعمل على صناعة قرار يخالف ما يقترحه مرؤوسه، فمن واجب المدير أن يقدم تفسيراً واضحاً للسبب. لكن كما تم توضيحه سابقاً يجب على المرؤوس طلب التوضيح وطرح أسئلة جيدة. إذاً يتم تحميل صاحب السؤال مسؤولية أداء هذه المهمة فعلاً.

ريتشارد شيردان: هذه أسهل نقطة للبدء. لكن أود أن أوجه نصيحة لمدير صاحب السؤال، يجب ألا يقول إنه يخالف الموظف بالرأي ويتمسك بموقفه ويطالب الموظف بإقناعه، ثم ينشغل بأمور أخرى ويستمر بالرفض، فهذا يثير استياء الموظف. كما يجب على صاحب السؤال أن يتعلم طريقة التعامل مع استيائه من المدير أولاً كي يتمكن من تغيير الوضع.

أليسون بيرد: ماذا لو طبق صاحب السؤال نصيحتك وتوصل إلى أن مديره يتخذ قرارات متعنتة بالفعل، ماذا سيفعل في هذه الحالة؟

ريتشارد شيردان: كان لدي مدراء من هذا النوع في الماضي، واستجبت لهم بطريقتين. الأولى هي أني استقلت، وذهبت إلى مؤسسة أخرى، لأني لم أستطع تحمل هذا الوضع وكان الأفضل لي أن أغادر. وفي بعض الأحيان تكون المغادرة هي أفضل الخيارات المتاحة. والطريقة الثانية كانت من خلال الصمود والتغلب على المدير، الذي انتقل إلى مؤسسة أخرى أو تمت إقالته، وحل مكانه مدير جديد يتمتع بعقلية جديدة أفضل وأصبح بالإمكان إجراء محادثات عقلانية أكثر وازداد تقبل أفكاري بوصفي مهندساً قديماً في الشركة. وهذان الخياران متاحان لصاحب السؤال.

أليسون بيرد: كتب آرت ماركمان مقالة رائعة حول هذا الموضوع، يقول فيها إن تحفظاتك على موضوع ما ستؤدي إلى تحسين المشروع على المدى الطويل. أي أنه بإمكانك استغلال نفورك من القرار كي تحقق نتيجة أفضل عن طريق وضع قائمة بمخاوفك والنقاط التي تعترض عليها، والتركيز عليها في عملك مع فريقك، والحرص على أن تتغلب الخطة التي حددها المدير على جميع هذه العوائق. لا شك في أن صاحب السؤال يدرك أن الأداء الرديء وإبداء الغضب طوال الوقت يضران بمسيرته المهنية. لذا، إذا كان عليه الاستمرار بعمله في هذه المؤسسة ومع هذا المدير على الرغم من عدم اقتناعه بما يفعله المدير، فقد حان الوقت ليغير أسلوب عمله ويجعله أفضل بطريقة ما.

ريتشارد شيردان: لن يحصل صاحب السؤال على نتائج جيدة إذا كان أسلوب العمل في المؤسسة يدفعه لتأدية عمله بأسلوب رديء، لاسيما أنه يعمل في الهندسة. فنتائج هذا العمل ستلاحقه طويلاً، وسيراها المدراء الحاليون والسابقون وزملاؤه ومن يعرفونه والأشخاص الذين يعتمدون عليه لتأدية عمل جيد، كما أن هذا ليس مكاناً صحياً للعمل. لكن أود التحذير من استخدام المدير لمفهوم "الاعتراض والالتزام" كسلاح ضد مرؤوسيه، فكأنه يقول لهم: "بإمكانكم الاعتراض، لا بأس بذلك، والآن التزموا بالقرار لأنه يجب عليكم تنفيذ ما أقوله". هذا نموذج المؤسسة المبنية على الخوف، ولا ينجح هذا النوع من المؤسسات على المدى الطويل. لذا، يمكن أن يتوجه صاحب السؤال إلى مديره ويقول: "هذا ما أشعر به نتيجة للأسلوب المتبع، هل يمكننا مناقشة الآثار العاطفية؟ هل يمكنك مساعدتي على فهم الأمور من منظورك؟ يسعدني تنفيذ ما تقوله ولكني بحاجة إلى فهمه. عليك أن تحترم ذكائي والتزامي وتفانيّ في المهمة كي تساعدني على فهم ما يجعل خطتك منطقية ومفيدة للعمل".

دان ماغين: عندما كنت صحفياً عملت تحت إدارة محرر، وكنت عندما أطرح فكرة قصة لأكتب عنها بنفسي، يقول لي: "لا بأس بها، لكن ما رأيك أن تكتب عن القصة الفلانية بدلاً عنها؟" كنت أشعر كما يشعر هذا المهندس تقريباً، فقد كنت راغباً في العمل على فكرتي، ولم أكن راضياً عن قرار المحرر. لكن بعضاً من القصص التي طلب مني المحرر العمل عليها حققت نجاحاً كبيراً فيما بعد وأثبتت أنها أفضل من فكرتي. لذا بدأت ثقتي فيه تزداد شيئاً فشيئاً، وبدأت أقتنع أن قراراته قد تكون أفضل من قراراتي. إذا نظر صاحب السؤال إلى النتائج البعيدة للعمل الذي يقوم به وفقاً للخطة التي يقررها المدير، فهل سيكتشف أن قرارات المدير صائبة وتزداد ثقته به؟

ريتشارد شيردان: هذا ممكن. وربما كان الفريق الذي يعمل فيه صاحب السؤال يضم مهندسين أقدم منه، ويمكنه الرجوع إليهم والتحدث عن شعوره بالاستياء وسؤالهم عما كان عليه الوضع فيما مضى والسبب الذي يجعل خطة مديره منطقية وناجحة. لكن ما يقلقني هنا هو أن صاحب السؤال يلتزم بقرار مديره وينفذه بأداء رديء، وهذا يضمن توليد القرار غير المنطقي الذي اتخذه المدير نتائج سيئة.

دان ماغّين: ألا تعتبر هذه الاستجابة سلبية عدوانية وتخريبية؟

ريتشارد شيردان: هذه نتيجة طبيعية لأسلوب عمل يفرض على الموظف تنفيذ ما يؤمر به من دون طرح أسئلة، وهي أيضاً نتيجة للأسلوب السلبي العدواني الذي يتبعه المدير نفسه. لذا، يجب إجراء محادثة ومناقشة هذا الوضع، ويجب بناء علاقة بين المهندس الشاب صاحب السؤال ومديره كي يتمكنا من التفاهم وحل المشكلة وأداء العمل على نحو جيد يعود بالنفع على الشركة.

دان ماغّين: أولاً، ننصح صاحب السؤال بأن يدرك أنه يعمل في مكان يضيق فيه إطار تعريف القرار المنطقي والعقلاني قليلاً. نرى أن عليه اتباع أسلوب التعاطف مع مديره ومحاولة فهم ما يفكر به أكثر، ومعرفة المعلومات التي يفهمها المدير أو التي تدخل في عملية صنع القرار والتي لا يدركها صاحب السؤال ولا يفكر فيها بما يكفي. لذا يجب التواصل بصورة أفضل حول القرار. ويتعين على صاحب السؤال طرح أسئلة جيدة، وتجنب الأساليب العدوانية أو التشكيكية، ويجب عليه توضيح رغبته بفهم الأمر على نحو أفضل. وفيما يتعلق بالالتزام بالقرار، نرى أنه من الضروري أن يتوصل المهندس الشاب إلى طريقة للتخلص من الاستجابة السلبية العدوانية التي تدفعه لتنفيذ العمل بصورة رديئة في المشاريع التي لا يوافق عليها، فهي لن تخدم مسيرته المهنية ولن تعود بالفائدة على الشركة. نرى أن عليه التوصل إلى طريقة أفضل لفهم سبب تفكير المدير بهذه الطريقة وإدراك أنه من الممكن أن يكون المدير محقاً أكثر مما يظن. كما يمكنه التواصل مع المهندسين الأقدم في الفريق والحصول على دعمهم قدر الإمكان من أجل التخلص من مشكلة قرارات المدير غير المنطقية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي