أنت بحاجة إلى نهج قائم على المهارات لتعيين الموهوبين وتطويرهم

6 دقائق
مهارات قوة العمل الحالية

ملخص: من المتوقع أن تؤدي الخسائر الاقتصادية الناجمة عن جائحة "كوفيد-19" إلى انضمام أكثر من 140 مليون شخص إلى طابور العاطلين عن العمل وتعريض 1.6 مليار آخرين لخطر فقدان الدخل. وللأسف، فإن الكثير من الوظائف المفقودة لن تعود بهذه البساطة. وفي الوقت نفسه، لن تستطيع شركات وقطاعات معينة، مثل قطاعيّ الخدمات اللوجستية والتصنيع، تعيين أعداد كبيرة بالسرعة الكافية. لذلك يعد لزاماً على الشركات البحث عن حلول لتحسين مهارات قوة العمل الحالية. ويعد التحول إلى نهج يركز على المهارات حلاً عملياً لمعضلة قوة العمل القادرة على مواكبة التغيرات المتلاحقة. ويُنصَح هنا بتقييم الموظفين الحاليين وأي موظفين جدد استناداً إلى مهاراتهم، دون الالتفات إلى سجلّ خبراتهم، لأن هذا النهج سيسهم في تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص، إلى جانب تعريف الشركات على موظفيها الموهوبين الذين يعملون بها فعلياً. كما أنه يجعل مواهب شبكة مرشحي الوظائف أكثر تنوعاً وغالباً ما يجعل عملية التعيين أكثر فاعلية. ويقدم مؤلف المقالة 3 طرق يمكن استخدامها من جانب الشركات لتحسين مهارات قوة العمل الحالية وصقل مهارات أفرادها واتباع نهج يقوم على المهارات عند تعيين موظفين جدد.

يتعرض الاقتصاد العالمي لموجة عاتية من التغيرات المتلاحقة، وبالتالي فقد اكتسب تحسين المهارات وصقلها أهمية مُلحة. ويتطلب النجاح في خضمِّ هذه التغيرات تحولات أساسية في التفكير في أساليب تعيين الموظفين وتطوير أدائهم.

ومن المتوقع أن تؤدي الخسائر الاقتصادية الناجمة عن جائحة "كوفيد-19" إلى انضمام أكثر من 140 مليون شخص إلى طابور العاطلين عن العمل وتعريض 1.6 مليار آخرين لخطر فقدان الدخل. وللأسف، فإن الكثير من الوظائف المفقودة لن تعود بهذه البساطة. وفي الوقت نفسه، لن تستطيع شركات وقطاعات معينة، مثل قطاعيّ الخدمات اللوجستية والتصنيع، تعيين أعداد كبيرة بالسرعة الكافية. ويعد التحول إلى نهج يركز على المهارات حلاً عملياً لمعضلة قوة العمل القادرة على مواكبة التغيرات المتلاحقة.

ولا يدرك العاملون ولا أصحاب العمل في كثير من الأحيان أن المهارات الملائمة لأعمال معينة يمكن توظيفها بسهولة في أعمال أخرى. خذ على سبيل المثال عمال المطاعم الذين فقدوا وظائفهم بسبب الجائحة. فأكثر من 70% منهم لديهم المهارات اللازمة للنجاح في الوظائف المرتبطة بخدمة العملاء التي تعد حالياً واحدة من أكثر الوظائف المطلوبة على "لينكد إن". ولو أن هؤلاء العمال والأشخاص المسؤولين عن تعيين اختصاصي خدمة العملاء عرفوا أنهم يمتلكون بالفعل الكثير من المهارات المطلوبة، فلربما شهدنا انتقال عمال المطاعم بأعداد كبيرة إلى مجالات عمل أخرى يكثُر عليها الطلب بدلاً من بقاء هذه الوظائف شاغرة لا تجد مَن يشغلها.

ويُنصَح هنا بتقييم الموظفين الحاليين وأي موظفين جدد استناداً إلى مهاراتهم، دون الالتفات إلى سجلّ خبراتهم، لأن هذا النهج سيسهم في تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص، إلى جانب تعريف الشركات على موظفيها الموهوبين الذين يعملون بها فعلياً. كما أنه يجعل مواهب شبكة مرشحي الوظائف أكثر تنوعاً وغالباً ما يجعل عملية التعيين أكثر فاعلية.

هذا هو مستقبل تعيين الموظفين وتطويرهم. ويجب أن تبدأ الشركات في دمج التعلم في ثقافاتها المؤسسية لكي تحقق النجاح في هذا المضمار. أما المؤسسات التي تتباطأ في مواكبة التغيرات فسوف تتخلف عن الركب وستضطر إلى مواجهة سخط الموظفين غير الراضين وغير المتحمسين للعمل وتتراجع بها مستويات الابتكار بشكل عام. وإذ يمر قطاع الأعمال بحقبة تعتبر فيها الموهبة أهم سلعة، فلا يمكن أن تظل الشركات عالقة في العقليات القديمة التي أكل عليها الدهر وشرب.

وإليك 3 طرق يمكن أن تستخدمها الشركات لتحسين مهارات قوة العمل الحالية وصقل مهارات أفرادها واتباع نهج يقوم على المهارات عند تعيين موظفين جدد:

دعم المسارات المهنية الجديدة لموظفيك

اعتبرت كبرى المؤسسات العالمية في كثير من الأحيان أن الحاجة إلى تحسين مهارات مواهبها الحالية أمراً مُلحاً خلال السنوات القليلة الماضية، واستثمرت ملايين الدولارات، وفي بعض الحالات مليارات الدولارات، في تهيئة موظفيها للنجاح في المستقبل وتزويدهم بالمهارات اللازمة للتكيف مع التغيرات المتلاحقة في بيئة العمل. فقد أضاف بنك "جيه بي مورغان تشيس"، على سبيل المثال، 350 مليون دولار إلى خطته البالغة 250 مليون دولار لتحسين مهارات قوة العمل لديه. وتستثمر "أمازون" أكثر من 700 مليون دولار لتوفير التدريبات اللازمة لتحسين مهارات موظفيها. وتنفق شركة "بي دبليو سي" (PwC) 3 مليارات دولار لتحسين مهارات موظفيها البالغ عددهم 275,000 موظف على مدى السنوات الثلاث إلى الأربع المقبلة، ويحمل برنامجها التدريبي شعار "عالم جديد، مهارات جديدة". وقد أدت الجائحة إلى تسريع هذه الحاجة للشركات من مختلف الأحجام، حيث احتاج الكثير منها إلى إعادة تجهيز موظفيه بسرعة لتلبية أولويات العمل المتغيرة.

وإذا كانت شركتك عاجزة عن دعم برامج التعلم المؤسسي الممنهج، فشجّع مدراءها على معرفة المجالات الأخرى بالشركة التي يهتم موظفوها بتعلمها وساعدهم على المشاركة في الاجتماعات والمشاريع متعددة التخصصات. واسمح لهم بقضاء 10% من وقت عملهم في هذا العمل متعدد التخصصات.

ولست مضطراً إلى تغيير الشركات لتحقيق هذه الغاية، ذلك أن إعداد البرامج التعليمية ودعمها لا يثبت لموظفيك أنك تستثمر في مستقبلهم فحسب، بل إنه سيفتح مسارات مختلفة أيضاً للنمو داخلياً ويمكن أن يتطور إلى مسارات مهنية جديدة. وفي برنامج "باث وايز" (Pathways) بشركة "نورثروب غرومان" (Northrop Grumman)، على سبيل المثال، يؤدي الموظفون 3 مهمات لمدة 12 شهراً في مناصب مختلفة قبل اختيار المسار الذي يرغبون في اتباعه في النهاية.

لا تنتظر وقوع أزمة أخرى لبدء عملية صقل مهارات الموظفين لأداء المهمات الحاسمة. والموظفون الذين يرون فرصاً جيدة للتعلم والنمو أكثر قدرة على الاندماج بنسبة 2.9 مرة مقارنة بغيرهم. ولا يسهم إعداد برامج داخلية تحدد فجوات المهارات وتعالجها في الاستعداد للتطورات المستقبلية المزعزِعة فحسب، بل تسهم أيضاً في شعور أمهر موظفيك وأكثرهم تفانياً بالأمان الوظيفي.

امنح الموظفين وقتاً للتعلم وخصّص لهم المكافآت

وفقاً لاستقصاء أجرته شركة "غلينت" (Glint) في يونيو/حزيران 2020، وهي شركة برمجيات في مجال الموارد البشرية مملوكة لشركة "لينكد إن"، فإن عدداً هائلاً من الموظفين، وتحديداً بنسبة 97%، يرغبون في زيادة مقدار الوقت الذي يقضونه في التعلم أو على الأقل الحفاظ على مقدار الوقت الحالي المخصص لهذا الغرض. علاوة على ذلك، فقد بدت فرص التعلم والنمو أقوى العناصر الفاعلة في ثقافة العمل.

ويجب على المسؤولين التنفيذيين والمدراء توضيح أن التعليم المستمر جزء لا يتجزأ من النمو الوظيفي الشخصي ويمكن أن يتم خلال وقت العمل بالشركة. فاحرص على تشجيع الموظفين على تخصيص وقت للتعلم كل أسبوع أو شهر في جدول مواعيدهم، وافعل الشيء نفسه إسهاماً منك في تعزيز ثقافة التعلم. وإذا خصص المدراء وقتاً للتعلم، فسيحذو الموظفون حذوهم على الأرجح.

وقد تكون محاولات التوفيق بين التعلم والمواعيد النهائية التي تلوح في الأفق أو احتياجات العميل مثيرة للتوتر. لكن ذكّر نفسك وفريقك بأن الاستثمار في التعلم سيؤتي ثماره في حياتهم المهنية وفي النتائج النهائية للمؤسسة، ولا تتردد في منح الموظفين إرشادات محددة تسهم في تنفيذ خططهم التنموية. فيمكن للموظف، على سبيل المثال، وضع خطة إنجازات ربع سنوية تقتضي تخصيص أربع ساعات كل شهر للاشتراك في الدورات التعليمية، ثم مناقشة ما تعلمه خلال المراجعة السنوية.

وتروّج بعض الشركات لبرامجها التعليمية من خلال المسابقات والحوافز. إذ يمكن استخدام المكافآت، سواء كانت مالية أو شهادات تقدير داخلية، لتعزيز مشاركة الموظفين بشكل كبير. ولا بد من مشاركة المسؤولين التنفيذيين والمدراء، فمن المهم أن نكون نحن القادة مثالاً يُحتذى به. ويمكنك وضع آخر دورة تدريبية شاهدتها أسفل توقيع بريدك الإلكتروني لتنبيه الموظفين إلى أن هذا الأمر يمثل أولوية بالنسبة لك.

التحول إلى النهج القائم على المهارات عند تعيين الموظفين

شهد موقع "لينكد إن" خلال العام الماضي زيادة بنسبة 21% في إعلانات الوظائف الشاغرة التي تبحث عن المهارات والقدرة على تحمل المسؤولية بدلاً من البحث عن المؤهِلات والاشتراطات في الولايات المتحدة، كما زاد عدد الوظائف التي لا تشترط الحصول على درجة علمية معينة بنحو 40% في عام 2020 مقارنة بعام 2019.

إذا وضعنا كل هذه اللقطات بجانب بعضها، فسنلاحظ أن الشركات بدأت تعي أهمية مراعاة إمكانات المرشح المستقبلية في عملية تعيين الموظفين الجدد، وليس سجلّ خبراته السابقة. لكن لا يزال أمامنا طريق طويل. إذ لا تزال عمليات التوظيف التقليدية لدينا تركز على أنواع معينة من التعليم أو الخبرة أو الإحالات الشخصية التي يمكن أن تؤدي إلى تجانس قوة العمل.

ابدأ بإعادة النظر في توصيفات الوظائف الشاغرة في شركتك. وركز على النتائج التي تريد تحقيقها، بدلاً من التركيز على نوعية المؤهلات التي يحملونها. ويؤدي تسليط الضوء على المهارات المطلوبة وقدرة المرشح على أداء مهمات معينة إلى النتائج نفسها دون وضع عراقيل لا داعي لها أمام المرشحين الأكفاء، مثل شرط الحصول على شهادة جامعية.

ويعد نشر إعلان الوظيفة الشاغرة إحدى الخطوات الأولى في عملية تعيين الموظفين بطبيعة الحال. وحينما تزيل العراقيل التي لا داعي لها أمام المرشحين الأكفاء، ستظل بحاجة إلى طريقة قائمة على المهارات لتقييم المرشحين والعثور على المرشحين المتأهلين للتصفيات النهائية. وإذا كنت تتطلع إلى ما هو أبعد من الشهادات التعليمية وسنوات الخبرة، فما الذي يجب عليك تقييمه؟

واصل التركيز على المهارات والتقييمات التي تستطيع قياس هذه المهارات. وإذا نظرنا إلى مختلف عمليات التقييم، بدايةً من تقييمات المهارات الفنية، مثل اختبارات كتابة الشفرة البرمجية، مروراً بتقييمات المهارات الشخصية المبتكرة، وصولاً إلى "اختبارات الأداء الوظيفي"، فسنجد أن هناك الكثير من الطرق لقياس قدرة المرشح على الأداء دون الاعتماد على مستوى تعليمه أو سنوات خبرته. حتى طرح أسئلة غير متوقعة خلال المقابلة الشخصية يمكن أن يتيح لك معرفة كيفية معالجة المرشح للمعلومات وحل المشكلات آنياً. كما أنه ليس من السابق لأوانه أبداً مناقشة التزامات التعلم خلال المقابلة الشخصية مع المرشحين، بل قد تجعلك تبدو أكثر جاذبية كصاحب عمل.

ما ثمار هذا النهج؟ شبكة مرشحين موهوبين للوظائف أوسع وأكثر تنوعاً وربما قدرة أكبر على استبقائهم، فالموظفون الذين لا يملكون شهادات جامعية تقليدية يبقون في الشركات لمدة أطول بنسبة 34% مقارنة بأولئك الحاصلين على مثل هذه الشهادات، وفقاً لبيانات موقع "لينكد إن". وعلى الرغم من أن هذا قد يكون مؤشراً على صعوبة العثور على وظيفة أخرى، فقد يكون مؤشراً أيضاً على أنهم ببساطة أكثر تفاعلاً ويشعرون بأن الشركة تراهن على نجاحهم. وبحسب ما ورد في "تقرير التعلم في مكان العمل لعام 2018" الصادر عن "لينكد إن"، فقد قال 94% من الموظفين إنهم سيبقون في الشركة لفترة أطول إذا استثمرت في حياتهم المهنية.

وحينما يتم اتباع نهج قائم على المهارات في عملية تعيين الموظفين الجدد، يمكن تنحية الدبلومات والألقاب جانباً، بالإضافة إلى تنحية التقييمات والشهادات والمصادقات وغير ذلك من الأساليب البديلة لتحديد قدرة المرشح ومدى ملاءمته الوظيفية. علاوة على ذلك، يمكن لأصحاب العمل التركيز على المهارات من أجل زيادة حجم شبكة مرشحي الوظائف الموهوبين في شركتهم، ما يسمح لهم بتحديد المتقدمين المتميزين للوظائف التي يصعب شغلها. وبمجرد تعيينهم، حافظ على اندماج موظفيك الجدد وعلى جاهزية شركتك للتكيف مع تغيّر المتطلبات، وذلك من خلال إرساء ثقافة التعلم وتعزيزها. وتلك هي الطريقة التي ستحسن مهارات قوة العمل الحالية والتي سنبدأ بها تعيين الموهوبين وتطويرهم استناداً إلى متطلبات المستقبل، وليس قواعد الماضي.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي