4 مهارات عليك أن تتعلمها إن أردت أن تُصبح ماهراً في تحليل البيانات

7 دقائق
تحليل البيانات
shutterstock.com/NicoElNino

ملخص: مع تزايد الاعتماد على البيانات والتحليلات المحوسبة في مختلف القطاعات، بدءاً من الزراعة وصولاً إلى التصنيع، ومن الرعاية الصحية إلى الخدمات المالية، ستتولى الأجيال القادمة من قادة البيانات أدواراً تؤثر في استراتيجيات الشركات وعمليات صناعة القرارات وسير العمليات وعدد لا يحصى من الوظائف الأخرى.

درّست في إحدى السنوات مقرراً تعليمياً لمجموعة من الطلاب الذين يطمحون إلى أن يصبحوا علماء بيانات، وسألتهم في بداية الحصة الأولى عما يأملون تعلمه، وأجاب معظمهم: "تحليل البيانات" أو "تطوير نماذج جديدة". قارن هذه الإجابات بتلك التي يقدمها المشاركون في ورش العمل التي أديرها مع علماء البيانات الممارسين الذين يستخدمون مصطلحات مختلفة عند مناقشة أعمالهم، مثل عبارة "حل المشكلات"، وهو تطور إيجابي في الواقع، لكنه لا يعكس تماماً ما يمكن لعلماء البيانات تحقيقه.

فمع تزايد الاعتماد على البيانات والتحليلات المحوسبة في مختلف القطاعات، بدءاً من الزراعة وصولاً إلى التصنيع، ومن الرعاية الصحية إلى الخدمات المالية، ستتولى الأجيال القادمة من قادة البيانات أدواراً تؤثر في استراتيجيات الشركات وعمليات صناعة القرارات وسير العمليات وعدد لا يحصى من الوظائف الأخرى؛ وهو ما دفعني إلى وضع إطار عمل يضمّ 4 مجالات رئيسية من المهارات والقدرات لمساعدة علماء البيانات الحاليين والمستقبليين على تنمية مهاراتهم بهدف تعزيز القيمة التي يمكنهم إضافتها إلى شركاتهم، ولن يتحقق ذلك إلا عندما يصبح دور عالم البيانات مهماً ولا غنى عنه بالنسبة إلى أقرانه في وحدات الأعمال الأخرى.

ويمكن لعلماء البيانات الممارسين والجدد استخدام إطار العمل هذا مقياساً يقيّم تقدم معارفهم وخبراتهم ويحدد نقاط القوة لديهم والمهارات التي يحتاجون إلى تطويرها.

1. تحديد المشكلة وكشف جذورها

عندما ينخرط قادة البيانات في تحليلات الأعمال المحوسبة، يحظون بفرصة فريدة لمتابعة غالبية العمليات والوظائف المختلفة داخل الشركة من كثب، ما يوفر لهم موقعاً متميزاً يمكّنهم من حل المشكلات الحالية بكفاءة، إضافة إلى تحديد مشكلات جديدة. لنلقِ نظرة على مثال من واقع الحياة. واجه رئيس علاقات الضيوف في سلسلة فنادق متوسطة الخدمة انتقادات من الإدارة العليا بسبب التقييمات المنخفضة لعملية تسجيل الدخول إلى الفنادق. أظهرت الاستقصاءات أن عملية تسجيل الدخول إلى الفندق كانت تُدار بطريقة سيئة وتستغرق وقتاً طويلاً ولم ترضِ نتائجها الضيوف، وتحديداً في تقديم تجربة إقامة سلسة وممتعة. اكتشفت الإدارة أيضاً أن الضيوف الذين لم يكونوا راضين عن تجربتهم عند تسجيل الدخول إلى الفندق أعربوا عن عدم رغبتهم في الإقامة فيه مرة أخرى،

فتواصل قسم علاقات الضيوف مع فريق تحليل البيانات لتحديد جذر مشكلة عملية تسجيل الدخول، لكنه فشل على الرغم من أنه أجرى دراسة إحصائية على الزبائن، مثل نوع الغرف التي يرغبون في الإقامة فيها، ورغبتهم في تسجيل الدخول عند مكتب الاستقبال أو عبر جهاز تسجيل الدخول الآلي أو عبر هواتفهم، بالإضافة إلى الوقت الذي يفضلونه من اليوم لتسجيل الدخول والوقت الذي يفضلونه من السنة للإقامة في الفندق، ومشاركتهم في برنامج الولاء.

ثم اقترح أحد الموظفين أن يُلقوا نظرة على استقصاءات الزبائن التي جُمعت على نحو دوري، فسلّطت التحليلات المحوسبة للنصوص الطبيعية الضوء على بعض المشكلات، وتحديداً أن بنية الفندق التحتية لم تكن مثالية، حيث واجه الضيوف مشكلات في خدمة الواي فاي، وتعطّل مفاتيح الغرف وتكسّر بعض قطع الأثاث وعدم نظافة الغرف عند وصولهم. لم تكن هذه المشكلات مرتبطة بعملية تسجيل الدخول نفسها، لكن الضيوف ربطوها بها لأنها كانت أولى تجاربهم مع الفندق إبان وصولهم. زبدة الكلام، كانت المشكلة تكمن في طريقة إدارة الفندق لا في عملية تسجيل الدخول.

الدروس المستفادةحل مشكلة محددة بعينها يعني تفويت فرص مساعدة الشركة على التحسّن في جوانب أخرى، فالعاملون في مجال تحليل البيانات يطّلعون غالباً على معلومات ورؤى متعمقة وفريدة حول العديد من جوانب الأعمال، وعلى قادة البيانات تبنّي منظور شامل وواسع للمشكلة وكسب رؤى أعمق حول مختلف جوانب الأعمال والتحلّي بالشفافية لمشاركة المعلومات المهمة مع قادة الشركات، وهو ما يتيح لقادة البيانات إضافة قيمة عن طريق تحديد المشكلات التي قد تمر مرور الكرام دون أن يلاحظها أحد.

2. تحديد نطاق المشكلة وتوضيحها ووصفها بدقة

بمجرد اكتشاف مشكلة ما، تبدأ الخطوة التالية المتمثلة في تحديد نطاقها، بمعنى توضيح طبيعة المشكلة ودور التحليلات المحوسبة في حلها، وهي خطوة مهمة لا سيما إذا أعرب قائد الشركة لفريق البيانات عن مخاوف أو تحديات غامضة.

أدرّب طلابي في القاعة الدراسية والورش على تحديد نطاق المشكلة باستخدام تمرين أؤدي فيه دور قائد في مجال المنتجات أو الاستراتيجية أو التسويق، وتكون لدي مشكلة محددة وواضحة في ذهني. على سبيل المثال، قد أكون مسؤولاً عن إدارة العملاء وأرغب في تحديد من يحصل منهم على تقييمات منخفضة في صافي نقاط الترويج حتى نتمكن من التدخل وتحسين تجربتهم، سيعرف أي عالم بيانات يتمتع بمستوى من الكفاءة والخبرة الكافية كيفية اختيار البيانات المناسبة واستخدام تقنيات علوم البيانات الملائمة لحل المشكلة المذكورة. لكن عادة ما يعجز قادة الشركات عن وصف المشكلات والتحديات التي يواجهونها بهذه الدقة، وهو ما يدفعني إلى استخدام لغة اصطلاحية مبالغ فيها عند تحديد نطاق المشكلة مثل: "نواجه صعوبة في تحقيق أهدافنا المتعلقة برضا العملاء، وعلينا التركيز على استراتيجيات طرح منتجاتنا في الأسواق. قد تكون المشكلة مرتبطة بمسار المبيعات، لكن لا بدّ من تحقيق التوافق داخل الفريق أو المؤسسة أولاً. "أعتقد أننا نسير في الاتجاه الصحيح في الوقت الحالي، لكن علينا تحديد الأشخاص المناسبين لحل المشكلة وسبب اختيارنا لهم. هل يبدو ذلك واضحاً لكم؟".

بدأ الطالب الذي يؤدي دور عالم البيانات طرح أسئلة توضيحية مثل: "ماذا تعني بـ 'التوافق'؟" و"كيف نقيس أهداف رضا العملاء؟" و"ما الإجراءات التي تشير إلى نجاحنا (أو فشلنا)؟". ما يحدث بعد ذلك هو عملية تكرارية لاستخلاص المعلومات بهدف تحديد المشكلة بدقة كافية ليصبح حلها ممكناً باستخدام مفاهيم تحليلات البيانات المحوسبة وأدواتها.

عندما شغلت منصب الرئيس التنفيذي للتحليلات المحوسبة مع العملاء، تمثّلت إحدى أهم مسؤولياتي (وأكثرها تحدياً) في ترجمة أفكار قائد الشركة إلى مشكلة عمل محددة، فوضعت قائمة مراجعة لأسئلة الاستقصاء التي أطرحها مثل:

  • ما المشكلة المحددة التي نحاول حلها؟
  • ما المؤشرات التي ستشير إلى نجاحنا في حل المشكلة؟
  • ما البيانات التي يحبّذ وجودها لحل المشكلة، وما البيانات المتاحة في الواقع؟
  • كيف سيقود التحليل إلى الحل؟

من المؤكد أن الإجابة عن السؤال الأخير هي الجزء الأهم، إذ ستحدد التقنية التحليلية المناسبة، مثل المعلومات البسيطة أو نموذج الاستدلال السببي أو التنبؤي الرسمي. ونفّذتُ هنا العديد من سيناريوهات "ماذا لو" مع الفريق؛ على سبيل المثال، "ماذا لو أسفرت النتائج عن هذا أو ذاك؟ كيف سيساعدك ذلك في اتخاذ قرار أفضل؟" يحاول قادة الأعمال غالباً تأجيل هذا السؤال، مشيرين إلى توافر وقت كافٍ للتفكير في الإجراءات بمجرد توفر نتائج التحليل، لكن هذا النهج خاطئ لأن معرفة طرق ترجمة التحليل إلى حل عملي هي جزء مهم من وضع الخطة التحليلية.

الدروس المستفادةيتطلّب النجاح في تحديد نطاق المشكلة أن ينمّي قادة البيانات مهاراتهم في التواصل لمناقشة المشكلة مع قائد الشركة والوصول إلى توصيف محدد لها يمكّنهم من استخدام مفاهيم تحليلات البيانات المحوسبة وأدواتها للإسهام بطرق هادفة في حلها، ومن ثم نقلها إلى فريق تحليل البيانات.

3. إدارة المشكلة وجمع التحديثات والملاحظات

بمجرد تحديد المشكلة ونطاقها، يعمل العديد من محللي البيانات على نحو مستقل إلى حين عثورهم على حل للمشكلة، لكنه نهج يقود إلى مشكلات أو صعوبات. في حين أن تحقيق الفعالية يتطلب مشاركة معلومات واضحة وتحديد توقعات محددة، وهو ما أدعوه "إدارة المشكلة".

بالنسبة لقادة البيانات، يعني ذلك أن يمنحوا أعضاء فِرقهم ما يلزمهم ليتمكنوا من تقديم نتائج أولية لفريق قيادة الشركة بثقة أكبر، فالتفاعل مع الآخرين يولّد فرصة لجمع آرائهم. على سبيل المثال: "هل هذه النتائج الأولية مهمة لفريق قيادة الشركة؟" و"هل المصطلحات دقيقة ومفهومة جيداً؟" تُحدّث نتائج المشروع تدريجياً بعد كل تفاعل إلى حين الانتهاء من المشروع بأكمله،

لكن هذا النهج يتعارض مع أسلوب عمل بعض علماء البيانات، فقد يشعر بعضهم بالحماس الزائد تجاه نماذجهم وتقنياتهم المُبتكرة في حل المشكلات ولا يسعهم الانتظار للكشف عن النتائج النهائية للمشروع. لكن العرض النهائي "للكشف عن النتائج" هو عادة سيئة وقد تؤدي إلى نتائج عكسية تماماً، وإذا تضمن العديد من المفاجآت التي لم يكن الجمهور يتوقعها فسيولدّ لديهم رد فعل دفاعي. ما السبب في ذلك؟ تحرّض النتائج المفاجئة الأشخاص غالباً على التساؤل عن البيانات والأساليب الأساسية المُستخدمة،

ويتطلب كل نموذج بيانات وضع افتراضات محددة (مثل كيفية التعامل مع البيانات المفقودة وكيفية التعامل مع القيم الشاذة وغير ذلك). وإذا لم يكشف فريق البيانات الذي يعمل بنشاط على التحليلات عن افتراضاته ويناقشها مسبّقاً وانتظر حتى النهاية، فستتولد لدى فريق قيادة الشركة أسئلة كثيرة وسيبدأ بتسليط الضوء على نقاط الضعف. في حين أن إشراك فريق قيادة الشركة في عملية صناعة القرار سيضمن بناء تفاهم أعمق وثقة أكبر في النتائج،

وقد اعترف لي العديد من قادة الشركات قائلين إن أفضل منجزات البيانات هي التي لا تحمل مفاجآت، وأكدوا لي تعاونهم الوثيق مع فريق البيانات طوال مدة العمل، واعتبروا النتائج النهائية أو تقديمها في عرض تقديمي نتاجاً طبيعياً لجهودهم المبذولة حتى الآن. وهو ما يؤكد أهمية إدارة المشكلة في تحقيق التعاون بين مختلف الفرق من خلال تسليط الضوء على القرارات الصعبة التي يتعين على علماء البيانات اتخاذها.

الدروس المستفادةتتضمن إدارة المشكلة وضع عملية تتضمن توضيح المستجدات بانتظام وجمع الملاحظات والآراء من فريق قيادة الشركة. ووحدهم علماء البيانات وقادة الفرق الذين يتمتعون بخبرة في هذا المجال قادرون على تشجيع مناقشات صريحة تضمن أن تلبي النتائج النهائية الغرض المطلوب لفريق قيادة الشركة دون مفاجآت.

4. تقديم حل يلائم مستوى فهم الجمهور المستهدف

ننتقل هنا من مرحلة تحليل المشكلة إلى مرحلة البحث عن الحلول وتنفيذها. ويعتمد نجاح هذه المرحلة على فعالية عمل قادة البيانات وفرقهم في الخطوات الثلاث الأولى. ولا يقتصر الهدف على مجرد التوصل إلى إجابة نهائية، بل يجب على فريق البيانات تقديم حل يمكن فهمه وتنفيذه.

ولا يعني الحل وضع البيانات في رسم بياني أو عرض بصري آخر، بل يعني مشاركته بلغة يمكن لفريق قيادة الشركة فهمها، سواء كانت مجموعة بيانات أو خطة عمل جديدة يوصي بها النموذج. وتتمثّل إحدى الأدوات التي اقترحتها في كتابة "مذكرة تحليلات بيانات من صفحتين" تسلّط الضوء على أهم عناصر المشكلة التي يجب حلها. وعلى الرغم من أن البيانات ستكون مكثفة جداً في صفحتين، فالإيجاز يتيح لنا تقديم المعلومات الرئيسية بفعالية دون الحاجة إلى تقديم تقارير معقدة مثل التي تُعدّها فرق البيانات عادة.

قد يساعد الحد الأقصى المكوّن من صفحتين أيضاً في تجنب إغراء الانتقال إلى التفاصيل المتعلقة بتحليل البيانات، ويشجع على التركيز على التوصيات المقدمة والأدلة التي تدعمها. في الواقع، أصبح استخدام الملخصات القصيرة والمختصرة شائعاً في عالم الأعمال، فقد طلب مؤسس شركة أمازون، جيف بيزوس، من المسؤولين التنفيذيين تقديم أفكارهم ومقترحاتهم باستخدام مذكرات قصيرة من 6 صفحات بدلاً من استخدام عروض باوربوينت التقديمية لتحسين تبادل الأفكار وفهمها.

الدروس المستفادةتتطلب عملية تقديم الحلول أن يُمعن قادة البيانات التفكير في كيفية تحقيق أقصى أثر ممكن من تحليلاتهم وتوصياتهم. ويمكن لقادة البيانات الذين يبرعون في هذا المجال استخدام لغة بسيطة دون تجاهل الأفكار المعقدة لتقديم ما يمكن وصفه بالخطاب التقديمي الذي يجذب انتباه قادة الشركات لطرح حلول مقنعة وقابلة للفهم.

مع تزايد الاعتماد على البيانات والتحليلات المحوسبة في صناعة قرارات الأعمال والتوصل إلى الحلول، يجب على فرق البيانات عدم الاقتصار على تقديم حلول للمشكلات التي يكلّفون بها، بل عليهم أن يركزوا على مفهومي "التعاون والتواصل"، يعني أن يُتقنوا أدواراً أوسع نطاقاً تساعدهم على اكتشاف المشكلة الحقيقية وتحديد نطاقها وأهميتها وإدارتها من خلال التحديثات الدورية، وتقديم الحلول التي تسفر عن أثر حقيقي.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي