لا يضع المستثمر قدمه بكل عزم وثبات دون ثقة في نمو أعماله، ولا يغفل عن أهمية تولي القيادة في عالم الشركات التقليدية والريادة في عالم الشركات الناشئة. فبعد دراسة ووعي لإمكانية تطور أعماله، يقع اختياره على وجهة بعينها يمكنها أن تعزز من استثماراته، كما يمكنها أن تؤدي دوراً محورياً في توسع الشركات.
على مدار السنوات، نجحت منطقة عجمان الحرة في ترسيخ مكانتها كمساهمٍ محوري في نمو العديد من القطاعات الحيوية، بما في ذلك النفط والغاز، والتكنولوجيا المتقدمة، وصناعات الفولاذ، والأغذية والمشروبات، والصناعات النسيجية، والرعاية الصحية وغيرها. ومنذ تأسيسها في عام 1988، واصلت منطقة عجمان الحرة نموها وتوسعها حتى باتت اليوم حاضنة لأكثر من 9,000 شركة من أكثر من 185 دولة، وإحدى أكثر التجمعات الاقتصادية نشاطاً على مستوى المنطقة. ولا تقتصر مساهمة المنطقة الحرة على نمو الاقتصاد الوطني، فهي تؤدي دوراً مؤثراً في توسُّع الشركات وتطور الأعمال في الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا.
تقع إمارة عجمان على ساحل الخليج العربي في الجزء الشمالي لدولة الإمارات العربية المتحدة، وتعتبر أصغر إمارات الدولة من حيث المساحة. وتشكل الإمارة وجهة متميزة لمجموعة واسعة من القطاعات الاقتصادية، وتُعد منطقة عجمان الحرة أبرز المجمعات الدولية للأعمال منذ ما يزيد عن ثلاثة عقود.
وعلى الرغم من الدور الحيوي للمناطق الحرة في تعزيز مقومات الاقتصاد الوطني وزيادة جاهزيته لمرحة ما بعد النفط، فإنها تشكل أيضاً نموذجاً لقصة النجاح الاقتصادي التي تجسدها دولة الإمارات باعتبارها قوةً اقتصادية مؤثرة ووجهةً مفضلة إقليمياً للمستثمرين من كافة أنحاء العالم. تشهد المناطق الحرة نمواً اقتصادياً مضطرداً، وتواصل التقدم في تحقيق التحول من الاقتصاد القائم على النفط إلى نموذجٍ اقتصادي أكثر تنوعاً واستدامة. كما تُصنَّف الإمارات من ضمن أعلى الدول عالمياً من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.
ويعتبرُ علي السويدي، مدير عام منطقة عجمان الحرة، أن المكانة التي وصلت إليها المنطقة الحرة هي نتاج عمل دؤوب على مدى عقود من الزمن، رسَّخت خلالها المنطقة الحرة حضورها المتميز على الصعيد الإقليمي، وتمكنت من اكتساب ثقة المستثمرين ورواد الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز تنافسيتها وجاذبيتها وتسهيل مزاولة الأعمال. فهي تعمل كمركزٍ متكامل للخدمات، ما يعزّز قدرتها على دعم شركاء الأعمال عبر تمكين الشركات من الاستفادة من حلولنا خلال مراحل الإعداد المؤسسي وطوال فترة مزاولة عملياتها. وتشمل خدماتها تأجير المقرات الأمثل لأعضاء مجتمع الأعمال، وضمان حصولهم على التراخيص وتجديدها واستيفائهم للمتطلبات الحكومية.
وفي إطار جهودها لمواكبة الزخم المتنامي للتكنولوجيا الرقمية، نجحت منطقة عجمان الحرة في تطوير تطبيقٍ ذكي للعملاء في سبيل تمكين شركاء الأعمال من الوصول إلى خدماتنا بسهولة وسلاسة. وتُعزى أفضلية منطقة عجمان الحرة لعدد من العوامل، من أبرزها شراكاتها الاستراتيجية؛ وتنافسيتها؛ وقدرتها على مواكبة أحدث اتجاهات السوق؛ ومرونة الأطر التنظيمية. وتعتمد المنطقة الحرة معايير الاستدامة على مستوى عملياتها وشركائها التجاريين، بالتوازي مع تبني أفضل ممارسات ومعايير التميُّز والابتكار لتلبية تطلعات العملاء وتجاوز سقف توقعاتهم.
إن مجتمع ريادة الأعمال يحتاج دولة رائدة للأعمال تكون قادرة على خلق روح الثقة في شركات الأعمال الخاصة، وذلك من خلال الاستثمارات الاستراتيجية بعيدة النظر في القطاع العام والمتوزعة على مجالات مختلفة في سلسلة الابتكار. ولعل ما توفره المنطقة الحرة من بيئة تدعم نمو الأعمال رغم ظروف وتقلبات الأسواق العالمية، يؤكد ريادة الإمارات في هذا المجال، حيث تتيح مجموعة واسعة من خيارات الترخيص، والتسهيلات والمحفزات، والحلول المتميزة لدعم الأعمال. ويشير السويدي إلى أن المنطقة الحرة تواصل العمل على تحقيق النمو المُستهدف من خلال تنفيذ استراتيجية شاملة تمتد إلى 5 أعوام.
وتتمحور التوجهات الحالية والمستقبلية لمنطقة عجمان الحرة حول زيادة زخم الأعمال وتعزيز استقطاب المستثمرين من مختلف أنحاء العالم عبر تبني السياسات والتشريعات التي تزيد مرونة الأعمال، وتوفير البنية التحتية عالية الجودة. وتقديراً لجهودها السباقة، نالت منطقة عجمان الحرة تصنيف 5 نجوم وفقاً لمشروع "نظام النجوم للخدمات الرقمية الحكومية" الذي أطلقته "دائرة عجمان الرقمية"، كما حصلت المنطقة الحرة على شهادة الآيزو لاستمرارية الأعمال (ISO 22301: 2019).
تحويل التحديات إلى فرص
كما هو حال كافة المؤسسات والقطاعات، تأثرت منطقة عجمان الحرة بجائحة "كوفيد-19" عند بدايتها في عام 2020، إلا أن الأزمة الصحية العالمية أتاحت للمنطقة الحرة إبراز مرونتها وقدرتها على تحويل التحديات إلى فرص. ويعزى نجاح منطقة عجمان الحرة بالتعافي من تداعيات الجائحة بسرعة تفوق التوقعات إلى منظومة عملها المتكاملة والقائمة على الابتكار، وكفاءة البنية التحتية الرقمية التي بدأ تطويرها ما قبل الجائحة.
وساعدت الاستراتيجيات الجديدة في حفاظ المنطقة الحرة على مركزها كخيارٍ مفضل للمستثمرين، حيث حققت نمواً مضطرداً منذ العام 1988، ما زاد ثقة مجتمعات الأعمال إقليمياً وعالمياً بإمارة عجمان. وبالفعل تسعى منطقة عجمان الحرة إلى الحفاظ على مكتسباتها عبر تعزيز استراتيجيات محورية لتكون المنطقة الحرة والشركات التي تحتضنها أكثر جاهزية للمستقبل. ويعتبر هذا التوجه أحد أهم الدروس المستفادة من الجائحة.
وتعكس أحدث المؤشرات الصادرة عن المنطقة الحرة أدائها القوي رغم صعوبة أوضاع الأسواق العالمية. فخلال النصف الأول من العام 2021، حققت المنطقة الحرة زيادة بنسبة 35% في عدد الشركات المسجلة لديها مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. وبلغ عدد الشركات الجديدة المسجلة خلال النصف الأول من العام 2021، 867 شركة، مقارنة بـ 567 شركة خلال ذات الفترة من 2020.
كما حققت المنطقة الحرة، وفقاً لأحدث المؤشرات، نمواً كبيراً في عدد الشركات ضمن مجموعة من القطاعات خلال الفترة المذكورة، وشهدت زيادة في عدد الشركات المسجلة بواقع 84% ضمن قطاع الرعاية الصحية و26% ضمن قطاع التكنولوجيا. ويشمل هذا المنحى التصاعدي عدد شركات قطاع الأغذية والمشروبات والذي ارتفع بنسبة 11%، إلى جانب عدد الشركات الجديدة ضمن قطاع تجارة التجزئة في السوق الصيني بإمارة عجمان والذي شهد نمواً لافتاً بنسبة 70%.
وفي إطار استعداداتها لمرحلة ما بعد "كوفيد-19"، تواصل المنطقة الحرة توفير الحلول عالية الجودة والكفاءة، وتمضي قدماً في المساهمة بمسيرة النمو المستدام في إمارة عجمان ودولة الإمارات تماشياً مع الرؤية الوطنية للخمسين عاماً المقبلة.
إحدى أفضل المناطق الحرة في العالم
تحظى منطقة عجمان الحرة بتقدير عالمي لجهودها السباقة، وهو ما يتجلى في حصولها على عددٍ من الجوائز الدولية المرموقة.
مؤخراً، حققت منطقة عجمان الحرة المركر السابع عالمياً في التصنيف السنوي لأفضل المناطق الحرة في العالم والصادر عن مجلة "إف دي آي". ويعد تواجد المنطقة الحرة ضمن المراكز العشرة الأولى مؤشراً جديداً على أدائها المتميز ونموها المستمر وجهودها الريادية لدفع عجلة الاستدامة، وتحديث مرافقها، وأتمتة عملياتها، والتي أثمر عنها تنامي ثقة مجتمع الأعمال.
وأحرزت المنطقة جوائز أخرى، حيث نالت جائزة "المنطقة الحرة الأكثر تميزاً في الشرق الأوسط"، والمرتبة الأولى إقليمياً في فئة حاضنات الأعمال للشركات الصغيرة والمتوسطة، وجائزة "بيئة الأعمال المثالية للشركات الكبيرة على مستوى المنطقة" كما نوهت المجلة البريطانية، بتقارير الاستدامة التابعة للمنطقة، والتي تستند إلى أُطُر الاستثمارات المُستدامة والحوكمة الداخلية، وتتماشى مع المعايير العالمية للحوكمة البيئية والمجتمعية والمؤسسية.
مبادرات التكنولوجيا المتقدمة
التكريم والجوائز يعكسان كفاءة وتميُّز مساعي المنطقة الحرة لتبني أحدث التقنيات والابتكارات لإثراء تجربة مجتمع الأعمال. وباتت التكنولوجيا اليوم تشكل ركيزة أساسية ضمن استراتيجية منطقة عجمان الحرة، وهو ما يتجلى في إطلاقها مؤخراً لـ "مركز الأعمال للذكاء الاصطناعي والروبوت".
ويجسد المركز أهداف مسيرة التحول الرقمي في عجمان و"استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي 2031". كما يتيح "مركز الأعمال للذكاء الاصطناعي والروبوت" إمكانية الوصول رقمياً لحزمة واسعة من الخدمات الداعمة للشركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، والمؤسسات الأكاديمية والجهات الحكومية. وتمهد هذه الإضافة النوعية الطريق أمام المزيد من فرص تسويق وترويج الخدمات والمنتجات، وتنفيذ البرامج التدريبية والندوات الحوارية التفاعلية. كما بادرت المنطقة الحرة بإدماج نظام المعلومات الجغرافية (GIS) ضمن منظومتها للأعمال، ومشاريعها وتطبيقاتها وعملياتها. وتستهدف هذه الخطوة ضمان رضا شركاء الأعمال وتلبية متطلباتهم، بالتوازي مع الارتقاء بجاذبية وتنافسية المنطقة الحرة، وتعزيز حضورها كإحدى أبرز مراكز الأعمال الصاعدة إقليمياً.
تعزيز القيمة المضافة للأعمال
اتخذت منطقة عجمان الحرة خطوات سبّاقة في توفير حلول الأعمال المتكاملة التي تعزز القيمة المضافة للمؤسسات. وتشمل هذه الحلول البوابة الإلكترونية الموحدة للخدمات، والتي تتيح ما يزيد عن 150 خدمة، إلى جانب حلول رقمية أخرى لتسريع وتيرة إصدار التراخيص والتصاريح والموافقات وتجديدها. كما تتضمن محفظة حلول المنطقة الحرة تأجير المرافق القادرة على مواكبة توسيع الأعمال أو تقليص حجمها، وخدمات سكن الموظفين. وبالتعاون مع شبكتها التي تتضمن 48 شريكاً استراتيجياً، تساعد المنطقة الحرة شركاء الأعمال في الاستفادة من حزمة واسعة من الخدمات، تشمل التأمين؛ والرعاية الصحية؛ وقنوات الدفع المصرفية؛ والتسهيلات وخدمات الدعم؛ ومجموعة من الخدمات الحكومية.
وبعد أن تمكنت المنطقة الحرة من ترك بصمتها في مشهد الأعمال والاستثمارات عالمياً، فإنها تتطلع قدماً لمواصلة إطلاق الحلول الجديدة المصممة لتلبية احتياجاتهم المتغيرة، الأمر الذي سيعزز مكانتها كوجهة جاذبة للأعمال في إمارة عجمان ودولة الإمارات العربية المتحدة. لتمضي منطقة عجمان الحرة في ترسيخ ريادتها على المستويين الإقليمي والعالمي، وتواصل السير وفق نهجها القائم على تحقيق تحول نوعي يتيح للمستثمرين والشركاء آفاقاً أوسع للنمو عبر تحقيق الاستفادة المُثلى من الإمكانات المتاحة.