لماذا يكسب الرؤساء التنفيذيون أقل في الشركات المرموقة؟

3 دقائق

بينت البحوث أن الرؤساء التنفيذيين المتميزين، الذين يحصدون جوائز مثل جائزة "الرئيس التنفيذي لهذا العام"، يمكنهم تحقيق زيادة في معدل راتبهم السنوي تقارب 7.8 مليون دولار. ولكن ماذا عن الشركات المتميزة؟ هل تستطيع الشركات المرموقة وقف مسألة دفع رواتب أقل لرؤسائها التنفيذيين؟

لقد بحثنا في هذه المسألة من خلال تحليل تجريبي نُشر في "مجلة الاقتصاد المالي" (Journal of Financial Economics). حددنا فيه مجموعة شركات مرموقة مثل تلك المصنفة في قائمة الشركات الأكثر جدارة بالإعجاب في أميركا (MAC) بحسب مجلة "فورتشن" (100 Fortune) بين عامي 1992 و2010. واعتمد التصنيف على استطلاعات لآراء كبار المسؤولين التنفيذيين ورؤساء خارجيين ومحللين ماليين، من الذين يختارون أكثر 10 شركات تعجبهم. وحصلنا أيضاً على بيانات حول رواتب الرؤساء التنفيذيين في الولايات المتحدة من "إكزيكيو كومب" (ExecuComp)، وهي قاعدة بيانات حول مكافآت كبار المسؤولين التنفيذيين في جميع الشركات المدرجة على مؤشر "ستاندرد آند بورز 1500" (S&P 1500). وقارنا رواتب الرؤساء التنفيذيين في أكثر 100 شركة جدارة بالإعجاب مع رواتب الرؤساء التنفيذيين لأكبر 900 شركة أخرى في الولايات المتحدة. وتضمنت عيّنة اختبارنا النهائية 1,711 شركة و3,191 رئيساً تنفيذياً.

وخلُص تحليلنا إلى أن المكانة المرموقة للشركة لها تأثير سلبي على مكافأة الرئيس التنفيذي. ولنكون أكثر دقة، حصل الرؤساء التنفيذيون المدرجون في قائمة أكثر 100 شركة جدارة بالإعجاب في أميركا حسب مجلة "فورتشن"، على راتب بمعدل سنوي أقل بنسبة 8% عن غيرهم من الرؤساء التنفيذيين في الشركات غير المصنفة. وبلغة الأرقام، يتبين أن راتب الرئيس التنفيذي المتوسط في شركة ذات تصنيف عالٍ أقل بنحو 500 ألف دولار. وكان بوسعنا تحديد السبب من خلال إثبات أنه عندما ينضم رئيس تنفيذي إلى واحدة من أفضل 100 شركة، فإنه يرى أن راتبه ينمو بشكل أقل من راتب رئيس تنفيذي في شركات يمكن المقارنة بها. كما رأى الرؤساء أحياناً أن راتبهم يقل. ويعني الانضمام إلى شركة تصنيفها أقل بدرجة أو درجتين خارج نطاق الشركات الـ 100 فرقاً في الراتب بنسبة تقارب 10%.

على سبيل المثال، قَبل الرئيس التنفيذي لشركة "نوردستروم"، وهي شركة تكرر ظهورها في قائمة "Fortune 100" الأكثر جدارة بالإعجاب، راتباً أقل بنسبة 11% من الراتب في مجموعة الشركات العاملة في نفس المجال. ومثال آخر، بعد أن صنفت شركة "برودكوم" في قائمة أكثر 100 شركة جدارة بالإعجاب في عام 2007، حصل رئيسها التنفيذي على راتب إجمالي أقل بنسبة 6.8% مقارنة بنظرائه في مجموعة الشركات العاملة في نفس المجال في عام 2008.

وتنسجم النتائج التي توصلنا إليها مع نتائج أبحاث سابقة. على سبيل المثال، خلصت إحدى الدراسات إلى أن طلاب درجة الماجستير في إدارة الأعمال من المسؤولين التنفيذيين يوافقون على راتب أقل بنسبة 7.5%، وهو ما يكاد يصل لـ 13 ألف دولار سنوياً، من أجل الانضمام إلى الشركات المرموقة أكثر. وتحصل الشركات ذات العلامات التجارية الرائدة على "خصم" عند توظيف مدراء الشركة، فهي تدفع لهم أقل مما تدفعه الشركات الأخرى بواقع 10%. وتدفع جامعات رابطة "اللبلاب الأميركية" (Ivy League) لرؤسائها وأساتذتها أقل مما تدفعه الجامعات الأقل شهرة.

أردنا أن نفهم سبب قبول الرؤساء التنفيذيين برواتب أقل للعمل في شركات مرموقة. وبحثنا فرضيتين: الأولى هي أن الرؤساء التنفيذيين يمكن أن يكونوا على استعداد لمقايضة الراتب العالي بالمكانة الاجتماعية الرفيعة التي تأتي بالعمل في شركة ذات اسم معروف. والفرضية الثانية هي أن الرؤساء التنفيذيين يمكن أن يكونوا على استعداد لمقايضة الراتب العالي على المدى القصير ليكونوا مع شركة معروفة يمكن أن تقودهم إلى مناصب براتب أعلى في وقت لاحق.

وللبحث في أهمية المكانة الاجتماعية، جمعنا بيانات على مستوى الولايات الأميركية من الدراسة الاستقصائية الاجتماعية العامة (General Social Survey)، وهي دراسة حول القيم التي يلتزم بها سكان الولايات المتحدة. ووجدنا أنه في الشركات الموجودة في أماكن يزيد فيها اهتمام الناس بالمكانة الاجتماعية، كان هناك تأثير سلبي أكبر على راتب الرؤساء التنفيذيين. وبعبارة أخرى، كان يُدفع للرؤساء التنفيذيين في الشركات الأعلى تصنيفاً رواتب أقل إذا كانوا مقيمين في مناطق من البلاد التي يقدّر فيها الأشخاص هناك المكانة الاجتماعية (مثل تكساس وكاليفورنيا).

وجمعنا أيضاً بيانات حول تاريخ توظيف الرؤساء التنفيذيين، ووجدنا أن قيادة شركة مرموقة تعزز فرص التطور المهني لدى الرؤساء التنفيذيين. ويوجد احتمال كبير أن يحصل هؤلاء القادة على مقاعد في مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية بعد توليهم منصبهم بصفتهم رؤساء تنفيذيين. كما أنهم يحصلون على مكافأة أكبر في وقت لاحق من عملهم، ولكن هذا لا يعوّض بالكامل الفرق بين راتبهم الأقل في السابق.

وإضافة إلى ذلك، وجدنا أن مجالس الإدارة المنضبطة، التي يغلب عليها المدراء المستقلون، أكثر قدرة على إقناع الرؤساء التنفيذيين بقبول رواتب أقل مقابل امتياز العمل في شركة مرموقة. وعلى النقيض، يمكن للمجالس الضعيفة فقط مناقشة خصومات أقل.

ويظهِر بحثنا أن المكانة المرموقة هي أداة قيّمة يمكنها تحسين قوة المساومة للطرف الذي يمتلكها، وهي في حالتنا هذه الشركة، حيث تستطيع الشركات المرموقة تقليص رواتب الرؤساء التنفيذيين بعد أخذ مستقبلهم المهني ومزاياهم الاجتماعية بعين الاعتبار، ويلاقي ذلك قبولاً لدى الكثير من الرؤساء التنفيذيين. ومن وجهة نظر الرؤساء التنفيذيين، فإن العمل لدى شركة مرموقة لا يأتي من دون ثمن. لذا من الأرجح أن يتجنب المسؤولون التنفيذيون الذين يرغبون بالحصول على مكافآت مالية عالية العمل لدى أكثر الشركات الأميركية إثارة للإعجاب. فالوظائف التي على رأس الشركات المنضبطة والأكثر جدارة بالإعجاب هي لأولئك الذين على استعداد لتقديم تضحيات مالية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي