3 خطوات للحصول على ملاحظات بنّاءة تدعم مسيرتك المهنية

6 دقيقة
جودة الملاحظات
أولينا كوليسنيك/ غيتي إميدجيز

ملخص: عندما نطلب ملاحظات حول عملنا، فإننا نتلقى غالباً ملاحظات منخفضة الجودة لا تقدم لنا الفائدة المرجوّة أو تؤدي إلى شعورنا بالتعرض للهجوم أو الاضطرار للدفاع عن أنفسنا. تُعد طريقة طلبنا للملاحظات أحد العوامل المؤثرة في جودة الملاحظات التي نتلقاها. يتسم معظم طلبات الملاحظات بالعمومية والافتقار إلى الوضوح والتحديد، بالإضافة إلى تأخر تقديمها. تؤدي هذه الطريقة إلى تلقي كمية كبيرة من الآراء بدلاً من الحصول على أفكار وملاحظات ثاقبة ومفيدة. بدلاً من الاكتفاء بعبارات عامة مثل: "أود أن تقدم لي بعض الملاحظات"، حاول تحفيز الشخص الآخر على إضافة قيمة أكبر من خلال تحديد ما تبحث عنه بدقة أكبر. يتناول هذا المقال عملية تتكون من 3 خطوات للحصول على مزيد من الملاحظات البنّاءة التي تدعم نموك وتعزز علاقاتك وتسرّع مسيرة حياتك المهنية.

من المحتمل أن تكون قد سمعت عن "هدية الملاحظات"، لكن هل سبق أن تلقيتها بالفعل؟ عندما تُقدَّم هدية الملاحظات على نحو جيد، فإنها تكون شكلاً من أشكال الصراحة، وتتحقق هذه الصراحة عندما يكشف لك أحد الأشخاص عن تأثير تصرفاتك على أفكاره ومشاعره، مثل قول "عندما قاطعتني في أثناء حديثي، شعرتُ بأن وجهة نظري لم تحظَ بالتقدير الكافي".

للأسف، من المرجح أن تكون الملاحظات التي تتلقاها أقل قيمة (أو أقل تحفيزاً) من الهدية الحقيقية التي تتوقعها. بدلاً من ذلك، يُقدم المدراء والزملاء عادةً ملاحظات لا تتجاوز كونها وصفاً غامضاً أو ذاتياً للجوانب الجيدة أو السيئة في سلوكك، مع توفير القليل من المعلومات أو عدم توفير أي معلومات حول انعكاسات هذا السلوك على أفكارهم ومشاعرهم الشخصية، على غرار "لقد تصرفت بطريقة غير محترمة وقاطعتني في أثناء حديثي". هذه الطريقة غير مفيدة.

يُعد أسلوب طلب الملاحظات أحد العوامل المؤثرة في ضعف جودة الملاحظات التي تتلقاها. يتسم معظم طلبات الملاحظات بالعمومية والافتقار إلى الوضوح والتحديد، بالإضافة إلى تأخر تقديمها. تؤدي هذه الطريقة إلى تلقي كمية كبيرة من الآراء بدلاً من الحصول على أفكار وملاحظات ثاقبة ومفيدة.

عملية تتألف من 3 خطوات لطلب الملاحظات

بدلاً من الاكتفاء بعبارات عامة مثل: "أود أن تقدم لي بعض الملاحظات"، حاول تحفيز الشخص الآخر على إضافة قيمة أكبر من خلال تحديد ما تبحث عنه بدقة أكبر. استخدم هذه العملية التي تتألف من 3 خطوات، لا سيما عندما يتعلق الأمر بتحديد أهدافك المهنية وتحقيقها:

الخطوة الأولى: اختر مجالاً واحداً لتطوير الذات خلال كل ربع سنوي

في كل ربع سنوي، فكر في أهداف أدائك ومهاراتك وطموحاتك واختر مجالاً واحداً ترغب في العمل على تطويره. يجب أن يكون هدف التطوير هذا مرتبطاً بما تحتاج إلى تحقيقه في منصبك بحيث تكون متحمساً لتحسين أدائك، وكذلك لتشجيع الآخرين على تقديم الدعم والمساعدة. على سبيل المثال، يمكنك التركيز على تطوير مهارات التفكير الاستراتيجي على نحو أكبر، أو تحسين مهارات العمل الجماعي لديك، أو تعزيز حضورك التنفيذي. ناقش هذا الاختيار مع مديرك وأي زملاء أو مرشدين آخرين تثق بهم ممن لديهم رؤى وأفكار ثاقبة للاستفادة من آرائهم حول أفضل الفرص لتطويرك المهني، وبناءً على آرائهم وملاحظاتهم، حدد مجال التطوير الذي ستركز عليه.

الخطوة الثانية: حدد مهارة أو سلوكاً محدداً ضمن مجال التطوير الذي اخترته للتركيز عليه

بعد تحديد مجال التطوير الرئيسي، اختر مهارة أو سلوكاً محدداً للتركيز عليه والعمل على تحسينه على المدى القصير. على سبيل المثال، إذا كان هدفك هو تعزيز تفكيرك الاستراتيجي، فيمكنك اختيار تحليل ممارسات منافسيك في مجال عملك والإشارة إليها بصورة أكبر. في المقابل، إذا كان هدفك هو تحسين مهارات العمل الجماعي، فيمكنك العمل على إعادة صياغة أفكار زملائك ثم بناء أفكارك استناداً إلى أفكارهم. مرة أخرى، يمتلك الأشخاص، الذين يعرفونك جيداً أو لديهم فرص لتقييم أدائك في العمل، أفكاراً قيمة حول المجالات التي يمكن أن تكون ذات فائدة أكبر بالنسبة لك للعمل على تحسينها. بمجرد تحديد مجال التطوير المحدد الذي ستركز عليه، يصبح هذا المجال هو الأساس لطلب الحصول على الملاحظات البنّاءة.

الخطوة الثالثة: اطلب من أحد الأشخاص أن يراقبك في أثناء عملك على تحسين مهاراتك أو سلوكياتك الجديدة وأن يشاركك رأيه وانطباعاته مباشرة بعد انتهاء العملية

احرص على صياغة طلبك بطريقة تزيد من احتمالية حصولك على ملاحظات بنّاءة وفعالة. تذكّر أن هدفك هو أن يخبرك الشخص بالآثار المترتبة على سلوكك من وجهة نظره الشخصية، بدلاً من إصدار الأحكام على ما يعتقد أنه "جيد" أو "سيئ"، على سبيل المثال، بدلاً من قول "كان عرضك شديد التركيز على الجوانب الداخلية"، يمكن القول "عندما لم يتضمن عرضك التقديمي "تحليل سوات" (SWOT analysis)، افتقدتُ إلى السياق اللازم لفهم استراتيجيتك". احرص على صياغة طلبك للحصول على الملاحظات على النحو التالي: ابدأ بالتركيز على التطوير، ثم حدد المجال المستهدف الذي تعمل على تحسينه. حدد الوقت الذي يمكن أن تتاح فيه الفرصة للشخص الآخر لمراقبة سلوكك في أثناء العمل واطلب منه مشاركة تأثير سلوكك على أفكاره أو مشاعره. في مثال العمل على تعزيز مهارات التفكير الاستراتيجي، يمكنك طرح السؤال التالي: "أنا أعمل على تطوير تفكيري الاستراتيجي، وأركز تحديداً على تحديد موقعنا التنافسي، في اجتماعنا غداً، هل تمكنك مراقبة سلوكي وملاحظة تأثير المنافسين الذين أشير إليهم على تقييمك لمدى فعالية تفكيري الاستراتيجي؟

باختصار، يمكن تلخيص العملية على النحو التالي: التركيز على التطوير، المجال المستهدف للتطوير، فرصة المراقبة، تقييم التأثير.

دعونا نستخدم هدف تعزيز مهارات العمل الجماعي لإنشاء مثال ثانٍ. قد تتساءل: "أنا أعمل على تعزيز مهاراتي في العمل الجماعي، لا سيما في مجال الاستفادة من أفكار الآخرين والبناء عليها، خلال الاجتماع الخارجي الأسبوع المقبل، هل تمكنك مراقبة كيفية مشاركتي وتوقيتها في المناقشات والعمل الجماعي ثم تخبرني برأيك حول مدى فعالية مشاركاتي في تعزيز العمل الجماعي؟"

الآن، من خلال هذه العملية تكون قد هيّأت الظروف الملائمة لك وللشخص الذي سيقدم لك الملاحظات لإجراء تفاعل فعّال وبنّاء.

لماذا تنجح طلبات الملاحظات المستهدفة؟

يوجد العديد من الأسباب التي تفسر فعالية طلب الملاحظات المستهدفة مقارنة بطلب الملاحظات العامة.

يعتمد معظم طلبات الملاحظات اللاحقة (بعد الحدث) على قدرة الشخص على تذكر سلوكك ورد فعله تجاه هذا السلوك، لكنّ الذاكرة معرّضة للخطأ وقابلة للتأثر بشدة بالتحيزات. حتى في حال عدم وجود تحيز مقصود، قد يكون ما يتذكّره الشخص الآخر غامضاً، ومن المرجح أن تكون انطباعاته حول ما فكر فيه أو شعر به استجابة لسلوكك هي إعادة بناء لما حدث في الماضي. عند طلب الملاحظات مسبّقاً وتحديد السلوكيات التي ترغب في أن يفكر فيها الشخص، فإن الشخص الذي سيقدم الملاحظات يصبح على دراية بما يبحث عنه، وبالتالي، يمكنه الانتباه وتدوين الملاحظات والاستعداد على نحو أفضل لتقديم معلومات محددة وموضوعية حول تصرفاتك، إلى جانب تقديم ملاحظات وأفكار مفيدة وثاقبة حول كيفية تأثير تلك الاختيارات عليهم. تسهم طلبات الحصول على الملاحظات المستهدفة في تعزيز صحّة البيانات.

عندما تطلب ملاحظات دون وضع حدود، فإنك تمنح الشخص الآخر حرية اختيار الجانب الذي يرى أنه مهم له. إذا طلبت ملاحظات حول عرضك التقديمي، فربما تتلقى ملاحظات حول جوانب مختلفة، مثل التشكيك في جودة الدلائل وعدم ملاءمة بعض الألوان التي استخدمتها. عندما تحدد بوضوح الأمور التي تعمل عليها والرؤية القيّمة التي يمكن أن يقدمها الشخص الآخر، فإنك تتلقى المعلومات المناسبة في الوقت المناسب وتكون ذات صلة بما تعمل بنشاط على تحسينه. من منظور التعلم، يوفر لك هذا مزيداً من الرؤى والأفكار المرتبطة بما تعمل على تحسينه ويمكنك تطبيقها على الفور. أما البديل فهو أن تفتح المجال لنفسك لتلقي ملاحظات غير ملائمة أو غير ذات صلة بالموضوع، التي من شأنها أن تصرف انتباهك عن هدفك، أو تعليمات ملائمة لكنها تأتي في وقت مبكر جداً بحيث لا يمكنك تطبيقها.

تتمثل إحدى المشكلات الشائعة في معظم الملاحظات العامة في أنها تأتي دون سابق إنذار أو من مصدر غير متوقع، وبالتالي، يمكن أن تُشعرك بالمواجهة والعدائية وحتى بعدم الأمان. من المرجح أن يؤدي ذلك إلى إثارة ردود الفعل الدفاعية ويعرقل عملية التعلم بدلاً من تعزيز الانفتاح وعقلية النمو. عندما تتحكم في موضوع الملاحظات، يمكنك أن تكون مستعداً ذهنياً لسماع ملاحظات سلبية أو غير مريحة، التي قد تكون مُثبطة للعزيمة أو مزعجة في حال عدم التحكم بها. نظراً لأنك تعمل على تطوير مجال معين وتركز عليه، فمن المحتمل أن تكون أدركت بالفعل ما سيخبرك به الآخرون، وربما تكون قيّمت نفسك بقسوة أكبر مقارنة بما يمكن أن يفعله الآخرون. النقطة المهمة هي أنك طلبت المساعدة، والشخص الآخر يقدم لك الملاحظات بوصفه حليفاً يهتم بتطورك وليس بوصفه خصماً يحاول إحباطك. تعمل طلبات الملاحظات المستهدفة على تعزيز الأمان النفسي.

إنشاء دورة محمودة ومثمرة

عندما تحرز تقدماً كبيراً في أحد المجالات المستهدفة، انتقل إلى المجال التالي ضمن محور التركيز على التطوير. على سبيل المثال، يمكنك تطوير تفكيرك الاستراتيجي بالانتقال من دراسة منافسيك الحاليين إلى التعلم من القطاعات الأخرى. في كل مرة، استلم الملاحظات وفكر فيما تعلمته واتخذ قرارات وخيارات جديدة ثم انتقل إلى المجال المستهدف التالي الذي تنوي تحسينه. بعد شهرين أو 3 أشهر من العمل الجاد والتركيز على تطوير مجال واحد، تكون مستعداً للانتقال إلى مجال آخر.

لاختيار مجال التطوير للربع السنوي التالي، راجع مراجعات أدائك السابقة وخطة التطوير الحالية لتحديد المجالات التي قد تكون مهمة لك للعمل على تحسينها. بعد إعداد قائمة مختصرة بالمجالات التي ترغب في التركيز عليها، اطلب الحصول على آراء الآخرين واقتراحاتهم. تذكّر أنك لا تطلب الملاحظات في هذه المرحلة بعد؛ لأنك لست مستعداً لطلبها بطريقة تكون فيها هذه الملاحظات مفيدة. بدلاً من ذلك، اطلب أفكاراً حول مجال التطوير الذي يعتقد زملاؤك أو مديرك أنه قد يكون مناسباً لك للبدء بالعمل عليه. هذه فرصتهم لمساعدتك على اكتشاف أي نقاط مبهمة أو مجالات لم تفكر فيها بعد. مع ذلك، يحدث هذا الأمر بطريقة آمنة وقابلة للإدارة لأنك تتحكم بسير الأمور، لذلك كرر العملية بحيث يدرك مديرك وزملاؤك دائماً ما عليهم فعله لتقديم ملاحظات فعالة وبناءة تمكّنك من تطوير نفسك.

تشير اختصاصية علم النفس التنظيمي، تاشا يوريك، إلى أننا لا نمتلك وعياً ذاتياً بالقدر الذي نعتقده. أفضل علاج لتعزيز الوعي الذاتي هو طلب الملاحظات التي تساعدك على فهم تأثير سلوكك على الآخرين. إذا عملت على صياغة طلب الملاحظات بطريقة صحيحة، فمن المرجح أن تحصل في المقابل على هدية من الآراء الصريحة والصادقة التي تدعم نموك وتقوي علاقاتك وتسرّع مسيرة حياتك المهنية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي