كيف تصمم غاية مؤسسية قابلة للقياس؟

ملخص: عندما تكتب الشركات بيانات غاياتها، فعليها أن تتأكد من إيضاحها لكافة أصحاب المصالح الرئيسيين بصورة لا لبس فيها وتقديم وعود قابلة للقياس. إذ لا يزال الكثير من الشركات يركّز على مجموعة واحدة فقط من أصحاب المصالح تقتصر عادةً على المستثمرين، في حين أن الشركات الأخرى التي وسَّعت نطاق غايتها لا تعترف صراحةً بأصحاب المصالح الرئيسيين الآخرين، فضلاً عن تتبُّع مقاييس الأداء الرئيسية التي تنطبق على أصحاب المصالح غير الماليين.

تحرص الشركات اليوم في جميع أنحاء العالم على تحديد أسباب وجودها وأثرها في المجتمع، ويبذل الكثير منها جهوداً كبيرة لتطوير بيان غاية الشركة.

وفي أثناء صياغة شركتك لهذا البيان، يجدر بك الرجوع إلى بيان جمعية بزنس راوند تيبل (Business Roundtable) في الولايات المتحدة بشأن غاية الشركة الذي جاء فيه: "بينما تحرص كل شركاتنا على خدمة غايتها المؤسسية الخاصة، فإن ثمة التزاماً أساسياً مشتركاً تجاه كافة أصحاب المصالح المرتبطين بها". ويحدد البيان المقصود بأصحاب المصالح هنا وهم: العملاء والموظفون والمورّدون والمجتمعات التي تعمل فيها الشركات والمستثمرون.

ويجب أن تكون غاية الشركة تقديم شيء ما لكل هذه المجموعات، ويجب أن يكون ما تقدمه لكلٍّ منها قابلاً للقياس بوضوح، لأن قياس شيء ما يلفت الانتباه إليه. علاوة على ذلك، ستخضع مؤسستك للمساءلة من قِبَل طيف متنوع من أصحاب المصالح والمعلقين والنشطاء، فضلاً عن وسائل الإعلام التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعي. وإذا قدمت وعوداً برّاقة في بيان غاية شركتك، فإن القدرة على الإشارة إلى النتائج المرتقبة ستمنحك المصداقية بكل تأكيد. ومن هنا فإنني أنصح بما يلي في أثناء صياغة بيانك:

حدّد أصحاب المصالح الرئيسيين

أدّت الضغوط المتصاعدة لصياغة بيان غاية الشركات إلى توسيع نطاق أصحاب المصالح الذين تعتبرهم أطرافاً "رئيسية". وكانت هذه الأطراف تنحصر في الماضي في إطار ضيق يقتصر على العملاء والموظفين والمساهمين. أمّا الآن فإن القائمة تتضمن المورّدين الذين لطالما تم تجاهلهم من قِبَل الشركات، على الرغم من أنهم يشكّلون طرفاً رئيسياً في معظم القطاعات.

ولا شك في أن نطاق بيانات الغاية قد توسَّع بشكل ملموس في السنوات القليلة الماضية. ومن أبرز الأمثلة على ذلك سلسلة متاجر وول ورثز (Woolworths)، وهي أكبر سلسلة متاجر في أستراليا حيث يعمل بها أكثر من 200,000 موظف وتضم أكثر من 3,000 متجر. فقبل بضع سنوات، نصّ بيان غاية الشركة على ما يلي: "نحن نركّز على عوائد المساهمين". ولكن نصَّه تغيّر الآن ليصبح: "نعمل معاً على خلق تجارب أفضل من أجل غدٍ أفضل". ولكن هذا الشمول غالباً ما يأتي مصحوباً ببعض الغموض.

ويحدد بيان الغاية المثالي كافة أصحاب المصالح الرئيسيين. ومن أبرز الأمثلة على ذلك شركة ريو تينتو (Rio Tinto)، ثالث أكبر شركة تعدين في العالم التي تعمل في نحو 35 دولة وتضم أكثر من 60,000 موظف. حيث يعترف رئيس مجلس الإدارة الجديد للشركة، دومينيك بارتون، صراحةً في التقرير السنوي الأخير للشركة بكل المجموعات الخمس من أصحاب المصالح، إذ يقول فيه:

نهدف من خلال منتجاتنا وموظفينا وشراكاتنا وتقنياتنا إلى الإسهام في تخليص العالم من الكربون، في الوقت الذي نركّز فيه على الانضباط الرأسمالي ومواصلة النمو وتقديم عوائد جذابة للمساهمين... وبناء علاقات أقوى مع عملائنا وشركائنا والمجتمعات المحلية باعتباره عنصراً مهماً في هذه الرحلة وشيئاً أشعر نحوه بالحماس الشديد. كما أنني أحرص كل الحرص على ضمان خلق بيئة عمل آمنة ومحترمة وشاملة.

يتميز كل قطاع بمفرداته الخاصة عند الحديث عن أصحاب المصالح بطبيعة الحال، ويجب عليك مراعاتها عند مخاطبتهم، مثل: "الزبائن" أو "المرضى" أو "الطلاب"، بدلاً من الاكتفاء بلفظة "العملاء" في كل الصياغات. ولن تكون مؤسستك معنية بكل الفئات الخمس لأصحاب المصالح المحدَّدة في بيان "جمعية بزنس راوند تيبل". على سبيل المثال، إذا كانت مؤسستك عبارة عن مؤسسة غير ربحية أو تطوعية، فقد لا يكون لديك مساهمون. وإذا كانت مؤسستك عبارة عن شركة خدمات مهنية، فقد لا تتعامل مع المورّدين إلا نادراً، وبالتالي لا يمثلون طرفاً رئيسياً فيها.

تأكد من توافق مقاييس التأثير مع أصحاب المصالح بمختلف فئاتهم.

إذ لا يكفي أن تعترف باهتمامات أصحاب المصالح، بل عليك أيضاً أن تتبّع ما تقدمه لهم. فعلى الرغم من اعتراف الكثير من الشركات صراحةً باهتمامات كافة أصحاب المصالح الرئيسيين، فإنها لا تملك في الواقع مقاييس لتتبّعها.

فقد اعترفت شركة ريو تينتو بـ"محورية احتياجات عملائها وضرورة مراعاتها عن اتخاذ قراراتها التشغيلية" وبأن "متانة علاقاتها مع مورديها أمرٌ حيويٌ لضمان مواكبتها لركب التطورات التكنولوجية والسوقية"، ولكنها لا تراقب أثر الشركة على العملاء والمورّدين من خلال "مؤشرات الأداء الرئيسية" المعمول بها في الشركة. وكان أحد مقاييس الأداء الرئيسية التسعة للشركة الذي يتمثّل في "انبعاثات الغازات الدفيئة" مؤشراً وثيق الصلة بمجتمعات أصحاب المصلحة، بالإضافة إلى تدابير السلامة والتنوع بين الجنسين اللذين يشكّلان مؤشرين وثيقي الصلة بالموظفين. في حين أن المؤشرات الستة الأخرى كلها مؤشرات مالية.

في الواقع، من بين الشركات الأسترالية الكبرى الثماني التي درستها، قدمت شركة واحدة فقط، وهي شركة وول ورثز، حزمة كاملة من التدابير الماسة بأصحاب المصالح. وكما هو موضح أدناه، فقد حرصوا على تتبّع 3 مقاييس لكلٍّ من مجموعات أصحاب المصالح الخمسة الواردة في بيان جمعية بزنس راوند تيبل. على سبيل المثال، تضمنت مقاييس العملاء صافي نقاط الترويج، وتضمنت مقاييس الموظفين مستوى التنوع، وتضمنت مقاييس المجتمعات انبعاثات الكربون وإجراءات إعادة التدوير.

تدابير أصحاب المصالح في شركة وول ورثز

حددت سلسلة المتاجر الأسترالية في تقريرها السنوي لعام 2021 ثلاثة تدابير لكلٍّ من أصحاب المصالح الواردين في بيان جمعية بزنس راوند تيبل في الولايات المتحدة، على النحو الموضح في الجدول التالي:

المصدر: تقرير شركة "وول ورثز" السنوي لعام 2021

يأمل الموظفون وغيرهم من أصحاب المصالح أن تعمل المؤسسات على تحقيق نتائج تتجاوز المفهوم الضيّق للبيانات المالية للشركات. ويعتبر هذا الاتجاه ظاهرة حديثة ستستمر إلى ما لانهاية. فقد تغيَّر وجه عالم الشركات إلى الأبد بعد صدور بيان جمعية بزنس راوند تيبل وصار لزاماً عليه أن يأخذ هذه الحقيقة في الاعتبار. وحان الوقت لاختبار بيان غاية الشركات ومقاييسها من خلال الأسئلة التي طرحتها هنا.