6 إجراءات للحفاظ على ميزانية التسويق خلال فترات الركود

7 دقائق
عدم اليقين الاقتصادي
shutterstock.com/marozhka studio

ملخصيعرف معظم خبراء التسويق أن التحولات الاقتصادية تعرِّض ميزانياتهم للخطر. فما الذي يجب أن يفعلوه الآن في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي والتقلبات التي تشهدها الأسواق وموجة التضخم العاتية وغيرها من المشكلات التي يعانيها الاقتصاد في الآونة الحالية؟ استناداً إلى خبراتها في مجال الإعلام والتسويق خلال دورات اقتصادية مختلفة، تقدم كاتبة المقالة 6 إجراءات يجدر بالرؤساء التنفيذيين للتسويق مراعاتها بالتزامن مع موجة الركود التي يُتوقَّع مواجهتها خلال الفترة المقبلة: 1) توطيد علاقتك بالرئيس التنفيذي للشؤون المالية في شركتك، 2) التخلُّص من أوجه الإنفاق وطرق العمل غير الفعَّالة، 3) اعتماد السرعة والمرونة، 4) تحقيق التميُّز من خلال البقاء في السوق، 5) صناعة القرارات مع مراعاة السياق العام لديناميات القطاع الذي تعمل به شركتك، 6) الاستمرار في تحفيز التحول الرقمي المدعوم بالبيانات ودفعه إلى الأمام.

 

إذا كنتَ تشغل منصب الرئيس التنفيذي للتسويق، فلا شك في أن حالة عدم اليقين الاقتصادي الحالية تخلق حالة من القلق لديك ولدى فريقك وشركتك كلها. فقد ألمحت جمعية التسويق عبر الهاتف النقال (MMA) إلى وجود علاقة وثيقة بين الإنفاق على الإعلانات وعدد من المؤشرات الاقتصادية، مثل نمو الناتج المحلي الإجمالي، وهي العلاقة التي ثبت وجودها من خلال دراسة البيانات المتراكمة على مدار الفترات الماضية. لكن الأهم من ذلك أن خبراء التسويق باتوا يدركون من واقع خبراتهم العملية أن التحولات الاقتصادية تجعل ميزانياتهم هدفاً سهلاً لإدارة الشركة التي ترى أن الحل يكمن في تقليصها.

لذا في ظل تقلُّب سوق الأسهم واستمرار مشكلات سلاسل التوريد وتجميد التعيينات الاستراتيجية وتسريح العمال ومخاوف التضخم وتراجع الإنفاق الاستهلاكي، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما الذي يجب أن يفعله خبراء التسويق الآن؟

أولاً: الأمر يستحق أن يتراجعوا خطوة للخلف. فمن المُتوقَّع أن يسير الركود الاقتصادي المرتقب وفق ديناميات تختلف بشكل كبير من قطاع لآخر ومن منطقة جغرافية لأخرى، من حيث القوة والمدة الزمنية. وأياً كان موقع خبير التسويق، فإننا نعلم أن استقطاب عميل في ظل هذه الظروف قد يكون أمراً باهظ التكلفة. ويجادل البعض بأن تكلفة استبقاء عملائنا الحاليين تبلغ (أو ربما تتجاوز) 5 أضعاف تكلفة استبقائهم في الظروف العادية. وأياً كان ما يعتقده الخبراء بشأن تكلفة خسارة العملاء، فإن خبراء التسويق الذين يثمّنون القيمة الدائمة للعميل وعلاقات العملاء لا يريدون تكرار أخطاء الركود الاقتصادي العالمي 2007-2009 التي أثبتت أن استعادة العملاء كانت شديدة الصعوبة وباهظة التكلفة.

ويجب أن نتذكر أيضاً أن الظروف الصعبة يمكن أن تسهم في تعزيز الابتكار. فقد شهدنا خلال جائحة فيروس كورونا الكثير من التطورات التسويقية المثمرة التي تأخر ظهور الكثير منها لفترة طويلة من الزمن، بدايةً من تخصيص ميزانية أكثر مرونة وصولاً إلى التحول الرقمي المتسارع الذي يربط بين التسويق والتجارة الإلكترونية.

وقد يكون رد الفعل المتسرّع على خفض الإنفاق التسويقي في غير محله، خاصة إذا كانت الأزمة قصيرة الأجل. لكن الضغوط المالية التي تواجه أصحاب المناصب التنفيذية العليا حادة للغاية ولا يمكن إنكارها. وأنصح من واقع خبرتي في مجال الإعلام والتسويق خلال دورات اقتصادية مختلفة باتباع 6 إجراءات يجدر بالرؤساء التنفيذيين للتسويق مراعاتها بالتزامن مع موجة الركود التي يُتوقَّع مواجهتها خلال الفترة المقبلة:

1. توطيد علاقتك بكلٍّ من الرئيس التنفيذي والرئيس التنفيذي للشؤون المالية في شركتك.

في ظل الضغوط الناجمة عن حالة عدم اليقين الاقتصادي، بات من المهم الآن فتح قنوات الحوار أكثر من أي وقت مضى، وكذلك الحرص على التسلُّح بالبيانات والإحصائيات المناسبة لشرح النتائج القائمة على الإنفاق التسويقي المباشر وغير المباشر.

فمن المُتوقَّع أن يعطي قادة الشركات الواقعون تحت ضغوط اقتصادية الأولوية لمقاييس النمو القصيرة الأجل، لذا سيكونون أكثر تحيزاً لأساليب التسويق ذات العائد الواضح على الاستثمار، مثل معدلات البحث على المواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي والتجارة الإلكترونية. ولطالما كانت الاستراتيجيات ذات الأهمية الحاسمة في قمة القُمع (الأنشطة التسويقية التي يتم إجراؤها للتعريف بالعلامة التجارية أو المُنتَج) التي تسهم في رفع قيمة العلامة التجارية وتروي قصتها بمثابة تحدٍّ لخبراء التسويق، لأن الفضل لا يُعزَى إليهم في أغلب الأحوال، على الرغم من جهودهم المبذولة لتحسين مستوى الأداء في القُمع ككل. على سبيل المثال، قد يتفاعل المشاهد إيجاباً مع إعلان تلفزيوني إبداعي للغاية، ومن ثم يدخل على الموقع الإلكتروني للشركة لإجراء عملية شراء، ولكن الفضل في زيادة المبيعات سيُعزى إلى "النقرة الأخيرة" في أغلب الأحيان. ومن هنا يجب على الرؤساء التنفيذيين للتسويق مساعدة زملائهم الذين يتقلدون المناصب التنفيذية العليا على فهم أساليب الأنشطة التسويقية بشكل شامل والنتائج المتحققة خلال المسار الكلي للقُمع.

والأهم من كل ذلك يجب أن تتوخى الوضوح بشأن كيفية إسهام عملية التسويق في تحقيق النتائج المالية العامة التي تريدها قيادة الشركة، وأن تتحدث بلغتهم قدر الإمكان. ويعتبر الحرص على الشراكة والشفافية والتواصل مع كلٍّ من الرئيس التنفيذي والرئيس التنفيذي للشؤون المالية للشركة، وربما حتى أعضاء مجلس الإدارة أيضاً، بمثابة ترياق فعّال للتصدي لمحاولات خفض الإنفاق المالي في هذه اللحظة الصعبة.

2. التخلُّص من أوجه الإنفاق وطرق العمل غير الفعَّالة.

يسير العمل في الكثير من الشركات بطريقة القصور الذاتي، فكل مؤسسة لديها أنماط قديمة للإنفاق أو عمليات أثبتت عدم فاعليتها أو كفاءتها. ويمكن اعتبار فترات الركود بمثابة فرصة لفرض النظام. وهذا لا يعني بالضرورة خفض الاستثمار العام، بل يعني ببساطة إعادة توزيع الموارد لتحقيق أقصى استفادة منها واستغلالها على الوجه الأمثل. وربما سمحت السياسات باستمرار بعض المشاريع المفضلة التي لم تعد تؤدي إلى تحقيق نتائج إيجابية. وقد حان الوقت الآن لإيقاف أي مشاريع لا ترتبط بالأهداف الحالية وتوحيد كافة الجهود خلف المشاريع الفعّالة.

وغالباً ما يرجع ذلك إلى عدم تحمّل المسؤولية والعمل في صوامع منعزلة. على سبيل المثال، هل تستهدف وحدات العمل المختلفة العملاء أنفسهم من خلال القنوات نفسها، وربما حتى تؤدي إلى رفع التكاليف على بعضها أو تقليل قوتها الشرائية الجماعية؟ ومن الطبيعي أن تحرص العلامات التجارية أو المنتجات المختلفة على التحكم في رافعات الطلب التابعة لها، ولكن هذا لا يؤدي غالباً إلى أفضل النتائج.

وتعمل الشركات ذات التوجهات المستقبلية الرشيقة على تحسين الميزانيات التي كانت توضع في السابق بمعزل عن بعضها بسرعة عبر مختلف القنوات الإعلامية ومجالات الاستثمار، مثل التسويق والتجارة والإنفاق على التجزئة والعمل على التأكد أن مسارات الإنفاق ليست محصورة في أجزاء منفصلة بالمؤسسة.

3. اعتماد السرعة والمرونة.

أدى تفشي فيروس كوفيد-19 إلى تسريع وتيرة الابتكار حول ممارسات التسويق المرنة، بدايةً من التنفيذ الإبداعي وصولاً إلى الموافقات على الميزانية. ويحتاج خبراء التسويق الآن إلى الاستمرار في اعتماد السرعة والمرونة حتى يستطيعوا التفاعل مع التطورات الاقتصادية الديناميكية.

ومن المُتوقَّع أن تتسبب حالة عدم اليقين السائدة اليوم في إقدام خبراء التسويق على الاستعانة بالمزيد من استراتيجيات الشراء والتخطيط الإعلامي في الوقت الحقيقي وإعطاء الأفضلية لأساليب أخرى، مثل الشراء القائم على المزايدات العلنية والشروط المرنة. وقد يؤدي هذا إلى مواصلة الضغط على برامج التسويق التقليدية، مثل الرعاية الباهظة التكلفة، أو الأساليب ذات المُهَل الزمنية الأطول، أو المبادرات التي تتضمن الإنتاج المخصَّص. وفي حين أن الفعاليات الواسعة النطاق يمكن أن تخلق لحظات ثقافية غير مسبوقة، فقد حان الوقت الآن لتحقيق التوازن بين هذا الأثر ومخاطر التخلي عن المرونة المالية في الأوقات الأكثر اضطراباً.

علاوة على ذلك، لا يمكن لكل الشركات وشركائها (والأهم من ذلك، وكالاتهم) العمل وفقاً لمختلف المقاييس في عالم يتسم بالسرعة والمرونة. فاحرص على تحديد المقاييس الأكثر أهمية وتأكد أن كل شخص يعمل وفقاً لهذه المجموعة من البيانات، داخلياً وخارجياً، عبر الصوامع الوظيفية المنعزلة (مثل التسويق والمبيعات وسلسلة التوريد)، وعبر المستويات المختلفة للمؤسسة.

4. تحقيق التميُّز من خلال البقاء في السوق.

حينما يستعيد بعض المنافسين أساليبهم الإنفاقية خلال فترة الركود، سيجني المعلنون الذين يواصلون السير على الدرب فوائد كبيرة على الأرجح. ويمكن القول إن فترات الركود ستوفّر لخبراء التسويق الذين يمتلكون العقلية الصحيحة التي تعتمد على البيانات فرصاً فريدة لشراء المزيد أو الشراء بأسعار أفضل، خاصةً في الأسواق الرقمية الواسعة النطاق.

ولأن بعض الجهات الفاعلة ستخرج من مجموعة الطلب أو تتخذ موقف المتفرّج، فقد تسهم الميزانية نفسها في تمكين خبراء التسويق من تمييز أنفسهم عن المنافسين من خلال الحصول على حجم قصير الأجل بشكل أكثر فاعلية أو كفاءة، مع وجود آثار مهمة على المدى البعيد. على سبيل المثال، ستشهد العلامة التجارية التي تظل في المقدمة وتحافظ على مركزها خلال هذه الفترة تأثيراً دائماً على نتائج البحث العضوي، ما يضمن نجاحها في المستقبل.

5. صناعة القرارات مع مراعاة السياق العام لديناميات القطاع الذي تعمل به شركتك.

من المُتوقَّع أن يتمكّن الرؤساء التنفيذيون للتسويق في القطاعات التي تقوم على بناء علاقات قيمة طويلة الأجل (مثل قطاع الخدمات المالية) أو تعتمد على سلوكيات الاستهلاك المرتفع (مثل قطاع السلع الاستهلاكية المعبّأة أو مطاعم الوجبات السريعة) من الحفاظ على ثبات الإنفاق أو حتى زيادته. وقد أسهمت الدروس المستفادة من الأزمات السابقة في تعليم هؤلاء المسؤولين أن تكلفة إعادة استقطاب عملائهم مرتفعة للغاية. ومن المُتوقَّع أن تركز القطاعات الأخرى، مثل قطاع الأدوية، على دورات حياة ابتكار منتجاتها كمؤشرات لدفع أعمالها، بدلاً من ظروف الاقتصاد الكلي، لذلك قد تكون تجربتها خلال فترة الركود محايدة إلى حدٍّ بعيد.

ومن المُتوقَّع أيضاً أن يضطر الرؤساء التنفيذيون للتسويق في الفئات التقديرية، مثل الترفيه والإلكترونيات الاستهلاكية، إلى اتخاذ قرارات عاجلة في أثناء العمل، مع العلم أنه إذا انخفضت مبيعاتهم بسبب التغيُّرات الاستهلاكية، فسيتعرّضون لضغوط تقليل الإنفاق. وبالحديث عن الفئات التي تتعرّض لضغوط مستمرة لخفض ميزانياتها التسويقية، فإن أفضل استراتيجية لها هي تقليل الإعلانات في الأماكن التي يقل فيها العرض. ويتزايد إقبال خبراء التسويق المتميزون على الدخول في شراكات أكثر قوة مع زملائهم في سلسلة التوريد والتكنولوجيا لاستخدام البيانات بغرض تحفيز الطلب بمزيد من الدقة، بناءً على المكان الفعلي لوجود المخزون.

6. الاستمرار في تحفيز التحول الرقمي المدعوم بالبيانات ودفعه إلى الأمام.

لا يمكن اعتبار التحوّل مسعى قصير المدى، بل هو أمر مستمر لدى معظم الرؤساء التنفيذيين للتسويق الذين قبلوا تحمُّل مسؤولية خطة النمو بشكل كامل، لا سيما أنهم تسلقوا السلم الإداري نتيجة تعبيرهم عن رأي العميل خلال تفشي جائحة كوفيد-19. لقد قدّم هؤلاء القادة بالفعل دراسة الجدوى إلى الرئيس التنفيذي للشؤون المالية ويشاركون بفاعلية مع الرئيس التنفيذي للمعلومات لمواءمة الأولويات التجارية والتكنولوجية.

وعلى الرغم من أن الرؤساء التنفيذيين للتسويق يشتهرون بالاهتمام بعملية التسويق نفسها، فيجب أن يكونوا أيضاً أبطال الاستخدام المنضبط للبيانات والتكنولوجيا للربط بين مكوّنات رحلة العميل من البداية إلى النهاية عبر مختلف التخصصات. ويعتبر هذا التحول معقداً للغاية وطويل الأجل، ويجري في معظم الشركات على قدم وساق لضمان تلبية الوعود التي تقدمها العلامة التجارية، بدايةً من المبيعات وانتهاءً بخدمة العميل. ونظراً لضخامة هذا التحول، فإن الرؤساء التنفيذيين للتسويق الذين يجرون تحولات أوسع نطاقاً سيتمكنون من مواصلة المسيرة، لأنه من المُتوقَّع إلى حدٍّ بعيد أن تستمر هذه الحالة من عدم اليقين الاقتصادي لفترات زمنية طويلة. ويجب أن يواصل هؤلاء الرؤساء التنفيذيون للتسويق تنفيذ استراتيجية البيانات الصحيحة وإنشاء البنية التكنولوجية المناسبة ومواءمة جدول أعمال المواهب وتعزيز فرص استغلالها، حتى يتمكنوا من تقديم قيمة اقتصادية هادفة على المديين المنظور والبعيد.

لا شك في صعوبة التنبؤ بالحالة المستقبلية للاقتصاد وأثرها على التسويق. ويبدو في الوقت الحالي، على الأقل، أن سوق العمل المستقرة إلى حدٍّ معقول تخفّف من حدة العوامل الأخرى الأكثر تقلباً، لكن الرؤساء التنفيذيين للتسويق شهدوا خلال جائحة فيروس كورونا المستجد تحولات أوسع من أي وقت مضى. وتتيح حالة عدم اليقين اليوم فرصة أخرى لإثبات أن خبراء التسويق ليسوا مجرد أطراف يلبون احتياجات العميل، وهو أمر بالغ الأهمية في أثناء الأزمة، ولكن إظهار أن لديهم الدقة الاستراتيجية والكمية للمناورة أمرٌ مهمٌ أيضاً مع استمرار تغير الظروف.

الآراء الواردة في هذه المقالة هي آراء المؤلف فقط ولا تعكس بالضرورة آراء شركة إرنست آند يونغ إل إل بي ( Ernst & Young LLP) أو الشركات الأخرى ضمن مجموعة إرنست آند يونغ العالمية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي