تقرير خاص

ما الذي يقوله المسؤولون التنفيذيون عن مستقبل العمل الهجين؟

5 دقائق
مستقبل العمل الهجين

تعتقد المؤسسات وبوضوح أن العمل في مرحلة ما بعد الجائحة سيكون وفق نموذج العمل الهجين. أما بعد ذلك، فتصبح التفاصيل ضبابية.

في مستقبل العمل في مرحلة ما بعد الجائحة، سوف تجمع 9 مؤسسات من أصل 10 مؤسسات ما بين العمل عن بعد والعمل ضمن مكاتبها، وفقاً لاستبيان جديد لشركة "ماكنزي آند كومباني" شمل 100 تنفيذي من قطاعات ومناطق جغرافية عديدة. حيث أجرت ماكنزي استبياناً وحللت الإجابات التي قدّمها 100 شخص بين تنفيذي يشغل منصباً في الإدارة العليا، ونائب رئيس، وعضو مجلس إدارة، وهم كانوا موزعين بالتساوي على مؤسسات تعمل انطلاقاً من آسيا، وأوروبا، وأميركا اللاتينية، والولايات المتحدة الأميركية، وينتمون إلى قطاعات وصناعات مختلفة. وتراوحت إيرادات شركاتهم وسطياً ما بين 5.1 مليار دولار و11 مليار دولار سنوياً. وكان ذلك في الفترة بين ديسمبر/ كانون الأول 2020 وآخر يناير/ كانون الثاني 2021، ويثبت الاستبيان أن الإنتاجية ورضا الزبائن قد ارتفعا خلال الجائحة.

ولكن على الرغم من تبنّي نموذج هجين، إلا أن معظم المؤسسات بدأت للتو تفكّر وتتحدث عن كيفية تطبيق نظام يتصف بقدر أكبر من الديمومة ويقوم على المزج بين العمل عن بعد والعمل من داخل المكاتب في حالة جميع المناصب والأدوار التي لا تقتضي وجود العاملين في مواقع عملهم. ونتيجة لذلك، فإن العديد من موظفيهم يشعرون بالقلق. فاستدامة مكاسب الإنتاجية المشابهة لتلك التي تحققت في أثناء الجائحة قد تتوقف على كيفية تعامل قادة المؤسسات مع القلق الذي يشعر به موظفوهم – وما يقترن بذلك من مستويات الاحتراق النفسي.

توضّح الأشكال البيانية الآتية، المستندة إلى الاستبيان، آراء التنفيذيين الذين يحاولون تحديد التفاصيل والحيثيات الخاصة بمقاربة العمل الهجين. ومن بين النتائج اللافتة أن المؤسسات التي سجّلت أكبر قدر من الزيادات في الإنتاجية خلال الجائحة هي تلك التي دعمت "لحظات التفاعل الصغيرة" بين موظفيها وشجعتها، والمقصود هنا اللحظات التي حصل فيها الإرشاد، والتوجيه، وتبادل الأفكار، والعمل المشترك. تحضّر هذه المؤسسات حالياً للعمل الهجين من خلال تدريب المدراء على ممارسة القيادة عن بعد، وإعادة تخيّل العمليات، وإعادة النظر في كيفية مساعدة الموظفين على النجاح في مناصبهم ومهامهم.

المستقبل سيضمن قدراً أكبر من العمل الهجين

قبل أزمة "كوفيد–19"، كانت غالبية المؤسسات تشترط على موظفيها إمضاء معظم وقتهم في المكاتب وأماكن العمل. ولكن بعد انحسار الجائحة، يقول التنفيذيون إن النموذج الهجين – الذي يعمل الموظفون بموجبه عن بعد وفي المكتب على حد سواء – سيصبح أكثر شيوعاً. ويتوقع معظم التنفيذيين أن يحضر الموظفون (الذين يشغلون مناصب لا تفرض عليهم طبيعتها الدوام في المكاتب) في موقع العمل بين 21% و80% من الوقت، أي بين يوم وأربعة أيام في الأسبوع.

المستقبل سيضمن قدراً أكبر من العمل الهجين

الرؤية المستقبلية

على الرغم من أن 9 من كل 10 تنفيذيين يرون أن نموذج العمل الهجين هو الذي سيسود مستقبلاً، فإن معظمهم ليس لديه في أحسن الأحوال إلا تصوّر عام عن كيفية تنفيذ ذلك، وثلثهم تقريباً يقولون إن مؤسساتهم تفتقر إلى التوافق على رؤية رفيعة المستوى بخصوص هذا الأمر بين صفوف فريق القيادة العليا. وعلى الرغم من أن ثلثاً آخر من المؤسسات يمتلك رؤية أكثر تفصيلاً، فإن مؤسسة واحدة فقط من كل 10 مؤسسات بدأت بالحديث عن هذه الرؤية وتجريبها.

رؤية مفصلة للعمل الهجين

منتجون رغم كل شيء

يؤكد الاستبيان أيضاً أن معظم المؤسسات قد شهدت زيادة في مستوى إنتاجية الأفراد والفِرَق ودرجة تفاعل الموظفين في أثناء الجائحة، وهي نتيجة لذلك ربما سجّلت زيادة في مستويات التركيز والطاقة، وارتفاعاً في نسبة رضا زبائنها أيضاً.

ولكن لم تشهد كل مؤسسة المستوى ذاته من التحسّن بالضرورة. ولنأخذ إنتاجية الأفراد على سبيل المثال. يقول 58% من التنفيذيين إنهم رأوا تحسّناً في إنتاجية الأفراد، لكن ثلثاً إضافياً منهم يقول إن الإنتاجية لم تتغيّر. أما الشركات المتأخرة، التي تشكّل 10% من المؤسسات المشاركة في الاستبيان، فتشير إلى تراجع في الإنتاجية الفردية خلال الجائحة. ومن المهم الإشارة إلى الارتباط العالي بين إنتاجية الفرد وإنتاجية الفريق، فتنفيذيو الإدارات العليا الذين يشيرون إلى تحسّن إنتاجية الأفراد أكثر ميلاً بمقدار 5 مرّات إلى الإشارة إلى أن إنتاجية الفرق قد ارتفعت أيضاً.

مستوى التنوع والدمج في الشركات

خطوات التواصل الصغيرة مفيدة

لماذا سجّلت بعض الشركات مستويات أعلى من الإنتاجية مقارنة بغيرها خلال الجائحة؟ بحسب الاستبيان الذين أجريناه، فإن هذه الشركات هي التي تدعم حالات التواصل والتفاعل الصغيرة بين الزملاء – مثل فرص مناقشة المشاريع، وتبادل الأفكار، والتعارف، والإرشاد، والتوجيه. قالت ثلثا الشركات الرائدة في الإنتاجية إن هذه الأنواع من "التفاعل الصغير الحجم" قد ازدادت، مقارنة مع 9% فقط من الشركات المتأخرة في الإنتاجية. وبينما يتطلع التنفيذيون إلى المحافظة على مكاسب الإنتاجية التي تحققت في أثناء الجائحة عند تبنّي نموذج العمل الهجين، فإنهم سيكونون بحاجة إلى تصميم وتطوير المساحات المناسبة التي تسمح بحصول هذا النوع من التفاعلات.

خطوات التواصل الصغيرة مفيدة

الإدارة بطريقة مختلفة

يحتاج دعم لحظات التفاعل والتواصل الصغيرة إلى تحولات ضمنية في طريقة عمل المدراء. فجميع التنفيذيين الذين شملهم الاستبيان تقريباً يدركون أن الإدارة عن بعد تختلف عن الإدارة عندما يكون جميع الموظفين في مكان العمل، لكن الاختلافات الضمنية الأخرى قد لا تكون بهذا الوضوح. ويمكن رؤية اختلافات طفيفة لدى أكثر من نصف المؤسسات الرائدة في الإنتاجية التي درّبت مدراءها على كيفية إدارة الفِرَق بقدر أكبر من الفاعلية، علماً أن ثلث المؤسسات المتأخرة فقط فعلت الشيء ذاته. ويشير التشديد على التفاعلات الصغيرة إلى أن المؤسسات يمكن أن توفّر دعماً أفضل لمدرائها من خلال اتخاذ عدة خطوات من بينها توعيتهم بالآثار الإيجابية والسلبية التي يتركونها على مرؤوسيهم الذين يديرونهم، ومن خلال تدريب المدراء على المهارات الناعمة، مثل تقديم الآراء التقويمية وتلقيها. وبوسع المؤسسات استكشاف طرق مستجدة للتعامل مع مسألة غياب التعاطف التي غالباً ما ترافق تزايد السلطات والصلاحيات لدى الأفراد.

الإدارة بطريقة مختلفة

التجريب وتكرار التجارب

يدرك التنفيذيون في عموم المؤسسات الحاجة إلى إعادة تصميم العمليات من أجل تقديم دعم أفضل للقوى العاملة عن بعد – حيث إن غالبية هؤلاء التنفيذيين قد حددوا على الأقل العمليات التي تحتاج إلى إعادة النظر فيها. لكن المؤسسات الرائدة في مجال الإنتاجية أميل إلى مواصلة التجريب وإدخال التعديلات الطفيفة هنا وهناك على عملياتها بما يتناسب مع أي تحولات تطال السياق. وعندما تتطلع المؤسسات إلى وضع القواعد الخاصة بنموذج العمل الهجين، فإن هناك أدلة وبراهين تشير إلى أن تطبيق مقاربة الاختبار والتعلّم في معرِض إعادة تصميم العمليات سيكون عنصراً هاماً في تمكين هذه العملية من النجاح.

التجريب وتكرار التجارب

إعادة تخيّل عملية التوظيف بحلّة جديدة

تُعتبرُ عملية التوظيف من بين أهم العمليات التي يجب إعادة النظر فيها في عالم العمل الهجين. هل يجب على المؤسسات أن تستمر في التوظيف ضمن مناطق جغرافية معيّنة أم أنها يجب أن توسّع قاعدة أصحاب المواهب التي توظف منها لتتجاوز المواقع التقليدية، على سبيل المثال؟ هل يجب عليها أن تُجرِي عدداً أكبر من المقابلات عن بعد؟ خلال الجائحة، نقل ما يقرب من ثلثي المؤسسات عمليات التوظيف وأنشطته إلى أوضاع تقوم على إنجاز العملية عن بعد، لكن ثلثها فقط أعادت النظر في عملية التوظيف من جذورها. وفي المقابل، فإن 40% من المؤسسات الرائدة في الإنتاجية أعادت تصميم عملية التوظيف برمّتها وبشكل شامل.

إعادة تخيّل عملية التوظيف بحلّة جديدة

إعادة النظر في توزيع أصحاب المواهب

خلال الجائحة، أعادت ثلثا المؤسسات تقريباً النظر في عدد الموظفين في كل منصب وفي كل وظيفة في الشركة. لكن الشركات الرائدة في الإنتاجية كانت أميل من الشركات المتوسطة والمتأخرة في الإنتاجية إلى الوقوع ضمن هذه الفئة. وثمة مجموعة منتقاة من الشركات الرائدة التي مضت شوطاً أبعد ولم تكتفِ بعملية إعادة التقييم بل أدخلت تغييرات فعلية على العملية. وعندما تعيد المؤسسات تصميم مستقبلها الهجين، فإن المطابقة بين القوى العاملة والأولويات المناسبة يمكن أن يسهم في حصول تحسّن في الإنتاجية.

إعادة النظر في توزيع أصحاب المواهب

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي