طريقة مبتكرة لمساعدة الموظفين على الادخار لحالات الطوارئ

7 دقيقة
عدم الاستقرار المالي
بي إم إميدجيز/ غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: أسهم التعاون المدروس بين اثنتين من أكبر المؤسسات، شركة إدارة الأصول بلاك روك والمؤسسة غير الربحية الوطنية كومونولث، في تهيئة الظروف لتعاون عدة جهات في معالجة مشكلة عدم الاستقرار المالي المنهجي الذي تواجهه الأسر في الولايات المتحدة من خلال خطط الادخار المستندة إلى مكان العمل؛ شملت هذه الجهات أكبر شركة وطنية لإدارة كشوف الرواتب وعدداً من الشركات الأميركية والشركات المتخصصة في إدارة حسابات التقاعد وغيرها. لم تشتمل تلك الخطط على مجرد برامج تقليدية لمدخرات التقاعد، بل شملت برامج لمدخرات الطوارئ هدفها معالجة مشكلة الهشاشة المالية التي تؤثر غالباً في الأفراد ذوي الدخل المنخفض والمتوسط ​​أو غير الثابت الذين يواجهون صعوبة في التعامل مع حالات الطوارئ المالية.

قد يبدو أن مسؤولية التصدي للمشكلات المنهجية التي تواجه المجتمعات، مثل اللامساوة في الدخل وأزمات الصحة العامة وتحديات التغير المناخي، مقتصرة على الحكومات والمؤسسات الاجتماعية فقط، لكن الشركات تتمتع بإمكانات غير مستثمرة بعد للإسهام في إحداث فارق كبير في هذا الصدد. أجرت شركة إيدلمان (Edelman) استقصاءً مؤخراً كشفت نتائجه عن ثقة أكثر من 70% من الأفراد في 14 دولة بقدرة الشركات على إحداث أثر إيجابي في قضايا تتعلق بالصحة واللامساوة في الدخل والتغير المناخي إذا خصصت مواردها لمعالجتها، وأعربت نسبة تصل إلى 30% منهم عن ثقتهم بقدرة الشركات على إحداث أثر مفصلي.

نعتقد أن المشاركين محقون ولدينا دراسة حالة تدعم هذا الاعتقاد؛ فقد أسهم التعاون المدروس بين مؤسستين، شركة إدارة الأصول بلاك روك (BlackRock) والمؤسسة غير الربحية الوطنية كومونولث (Commonwealth) التي تركز على توفير الأمن المالي للجميع، في تهيئة الظروف لتعاون عدة جهات في معالجة عدم الاستقرار المالي المنهجي الذي تواجهه الأسر في الولايات المتحدة من خلال خطط الادخار المستندة إلى مكان العمل؛ شملت هذه الجهات أكبر شركة وطنية لإدارة كشوف الرواتب وعدداً من الشركات الأميركية والشركات المتخصصة في إدارة حسابات التقاعد وغيرها. تكمن ميزة هذا العمل في أن هذه البرامج لم تكن مجرد برامج تقليدية لمدخرات التقاعد بل برامج لمدخرات الطوارئ.

توضح نتائجنا قدرة الشركات على معالجة القضايا الاجتماعية الشائعة من خلال التخطيط الدقيق وعقد الشراكات وتغيير البنى التحتية (أو العمليات والأنظمة الأساسية)؛ قد لا تبدو مهمة تغيير البنى التحتية فكرة جذابة لكنها جزء أساسي من تحدي تغيير الأنظمة. امتلكت الشركات في حالتنا الموارد البشرية بالفعل، وامتلكت الشركات المالية الأدوات المناسبة لتنفيذ برامج الادخار، لكن تغيير البنى التحتية المرتبطة بأنظمة كشوف الرواتب كانت خطوة ضرورية لتحقيق هذه الهدف. وبوضع ذلك في الاعتبار، نرى مساراً محدثاً لمعالجة التحديات المنهجية يبدأ بخطة مألوفة: تحديد التحديات الحرجة، واستخدام الطموح والإبداع في البحث عن حلول لها، والالتزام باستراتيجية طويلة الأمد تستفيد من أصول كل مؤسسة. ما الجديد إذاً؟ التعاون وتغيير البنى التحتية.

عملت مؤسستنا مع العشرات من الشركات الكبيرة لتوفير مبلغ يصل إلى ملياري دولار من المدخرات لملايين الأسر؛ لكننا نؤمن أيضاً بقدرة الملايين من الشركات الصغيرة التي توظف نحو نصف قوى العمل في الولايات المتحدة على تطبيق هذا النهج والعقلية.

المشكلة: الشعب الأميركي بحاجة إلى مدخرات للطوارئ

الحالات الطارئة ليست نادرة، لكن غالبية الأسر الأميركية تواجه صعوبات مالية في التعامل معها؛ بمعنى آخر، لا يستطيع 4 من كل 10 أميركيين تغطية نفقات غير متوقعة قدرها 400 دولار دون اللجوء إلى الاقتراض أو بيع الأصول، ولا يستطيعون تغطية نفقات أكبر (2,000 دولار) بأي طريقة. تؤثر الهشاشة المالية هذه على الأفراد ذوي الدخل المنخفض أو المتوسط ​​أو غير الثابت الذين تكون مدخراتهم قصيرة الأمد ضئيلة أو معدومة، ما يجعلهم يتخلفون عن دفع إيجار منازلهم ويواجهون صعوبة في دفع فواتير الرعاية الطبية ويعانون تراكم الديون ويعجزون على الأرجح عن الادخار لمرحلة التقاعد. لكن العواقب قد تكون وخيمة.

تتمثّل الخطوة الأولى لمعالجة هذه المشكلة في وضع تصور دقيق وملائم للتحدي. تأتي المدخرات عادة من توفير جزء من الدخل، و"الدخل" بالنسبة لمعظم الأفراد يعني إيرادات العمل. عمدت الشركات منذ القدم على دعم خطط المدخرات بصفتها هدف تقاعد طويل الأجل، لكن يشعر الكثير من الأفراد بأن التقاعد بعيد جداً عن متناول أيديهم، وقد يصعب عليهم جعل الادخار للمستقبل أولوية في حياتهم.

فطرحنا السؤال الآتي: كيف يمكننا مساعدة الشركات على تشجيع الموظفين على ادخار الأموال لحالات الطوارئ وإنشاء صناديق للأيام الصعبة؟ أعدنا التفكير في المشكلة من منظور مختلف، واعتبرناها مشكلة مرتبطة بمكان العمل لا بالموظفين، وفرصة تيسّرها سياسات الشركات وعمليات البنى التحتية.

وأحد الأسباب الذي مكّننا من التفكير في تلك المشكلة من منظور مختلف هو أن الشركات تفقد نسبة تقديرية تبلغ 250 مليار دولار في الإنتاجية سنوياً بسبب الضغوط المالية التي تواجه الموظفين. تمتلك الشركات ومؤسسات مزايا الموظفين والجهات الفاعلة المسؤولة عن البنى التحتية أسباباً تجارية مقنعة للتركيز على أمن الموظفين المالي، وأظهرت الاستقصاءات فعلاً أن صناديق الأيام الصعبة هي أولوية التوفير الرئيسية لمعظم الأميركيين، على الرغم من عدم جاذبيتها. لذلك أردنا أن نسهّل على الشركات والموظفين عملية تخصيص جزء من رواتبهم لمدخرات الطوارئ بوسيلة بسيطة.

الشركاء

بدأ شركاؤنا في هذا المسعى العمل مع فريق صغير، لكنهم سرعان ما توسعوا إلى فرق أكبر. كانت شركة بلاك روك ركيزة هذه المبادرة، إذ أطلق فريق الأثر الاجتماعي التابع لها مبادرة مدخرات الطوارئ في عام 2019 بصفتها نقطة البداية لالتزام الشركة الراسخ بتحقيق أثر اجتماعي. أدركت شركة بلاك روك أن الادخار النقدي الوقائي كان شرطاً أساسياً للأمن المالي الطويل الأمد، ما دفعها إلى تخصيص رأسمال خيري بقيمة 50 مليون دولار في بداية عام 2019 لتعزيز التغيير على مستوى الأنظمة وتحقيق أثر ملموس على نطاق واسع. تمثّلت أول خطوة لها في اختيار مؤسسات غير ربحية وطنية متخصصة في الصحة المالية للعمل مع الشركات ومؤسسات مزايا الموظفين وصانعي السياسات والموظفين أنفسهم. كانت مؤسسة كومنولث من الشركاء الثلاثة الذين اختارتهم شركة بلاك روك بفضل سجل إنجازاتها الحافل في تمكين التغيير الواسع النطاق في الأنظمة المالية لصالح الأسر المحدودة الدخل.

الخطة

طبّقنا معاً نهجاً يعتمد على التعاون بين مختلف القطاعات والمستويات لتسهيل الادخار لحالات الطوارئ، وأدركنا ضرورة فهم احتياجات الموظفين والشركات واستيعاب العمليات الأساسية المالية المعقدة التي تربط بين الجانبين، لكن لم تقتصر مهمتنا على فهم طبيعة هذه الشبكة فحسب بل عمدنا إلى تشجيع الجهات المختلفة على التعاون معاً بطرق جديدة ومبتكرة.

يستند النهج المتبع إلى 4 محاور رئيسية:

  • الشراكات: عقدت مبادرة مدخرات الطوارئ شراكات وطيدة مع أكثر من 40 شركة -بما فيها شركات بيست باي (Best Buy)، وليفايز (Levis)، ويو بي إس (UPS)- ومزودو خدمات -أيه دي بي (ADP) وماستركارد (MasterCard)- وشركات مالية -ترويست (Truist) وفويا فايننشال (Voya Financial)- بهدف اختبار أدوات مدخرات الطوارئ ونشرها.
  • إجراءات السياسة: سعت مبادرة مدخرات الطوارئ لاتخاذ إجراءات في مجال السياسة العامة [على سبيل المثال، طلب ترخيص رسمي من مكتب حماية المستهلك المالية والحصول عليه (Consumer Financial Protection Bureau)] لتسهيل عرض برامج مدخرات الطوارئ في أماكن العمل. وأسهم تحالف من المناصرين، شمل ممثلين من قطاع التقاعد، في نجاح اعتماد قانون "تأمين 2.0" (SECURE 2.0) لعام 2022، الذي سمح ولأول مرة بتضمين ميزات مدخرات الطوارئ في خطط التقاعد، مثل التسجيل التلقائي في برامج الادخار على المدى القصير إضافة إلى بنود أخرى.
  • البحث والابتكار: أجرت مبادرة مدخرات الطوارئ بحثاً استهلاكياً لفهم احتياجات الموظفين ذوي الدخل المنخفض والدخل المتوسط فيما يتعلق بالادخار للطوارئ، إضافة إلى رغباتهم وسلوكياتهم. على سبيل المثال، كشف البحث أن الادخار لأهداف قصيرة المدى قد يحفز الموظفين على زيادة المبلغ الذي يخصصونه من كل راتب لمدخرات التقاعد على المدى الطويل، ما أتاح لها التعاون مع الشركاء لتطوير أدوات ادخار مبتكرة واختبارها.
  • التواصل الاستراتيجي: حققت مبادرة مدخرات الطوارئ تحوّلاً في فهم الشركات ومؤسسات مزايا الموظفين ضرورة الادخار لحالات الطوارئ، والتعرف على الخيارات المتاحة لتقديم أدوات الادخار للموظفين، وذلك من خلال الاستفادة من حملة إعلامية حققت أكثر من 11 مليون مشاهدة حتى الآن على وسائل الإعلام المكتسبة والمملوكة، والصحافة التجارية المتخصصة في قطاع مزايا الموظفين. وتمثّلت النتيجة في تحوّل هائل في أفضل الممارسات المعتمدة قادته بعض الشركات الكبرى في البلاد -مثل دلتا (Delta) وهيومانا (Humana) وستاربكس وغيرها- وعززه مزودو الخدمات الرئيسيون في قطاع إدارة كشوف الرواتب والتقاعد مثل شركات أيه دي بي، وفيدليتي (Fidelity)، وفويا (Voya). أتاح هذا التحول للشركات ومؤسسات مزايا الموظفين أيضاً ابتكار مجموعة متنوعة من الطرق لإعلام الموظفين بعروض الادخار.

لحظة الإدراك

تمثّلت لحظة الإدراك بالنسبة لنا في أن النجاح الدائم لهذا الحل يعتمد على البنية التحتية للمنظومة المالية (مثل مزودي كشوف الرواتب وشركات إدارة حسابات التقاعد). على سبيل المثال، طورت شركة أيه دي بي بطاقة مصرفية تتيح للموظفين الذين لا يمتلكون حساباً بنكياً أو يفضلون عدم استخدامه تلقي رواتبهم، وتساعد ميزة الادخار للطوارئ المحسّنة فيها على تجاوز البنى التحتية التي تشكل عائقاً أمام عدة شركات. وعلى عكس المتوقع، زاد زخم هذا المشروع الطموح عند بدء جائحة كوفيد-19 التي أظهرت الحاجة المُلحة لصناديق الادخار للطوارئ بوضوح، وكشفت تحديات جعل مزايا الادخار الجديدة أولوية في قوائم مهام شركائنا المكتظة بالمسؤوليات.

النتيجة

ساعدنا في السنوات الأخيرة أكثر من 10 ملايين موظف على توفير مبلغ إجمالي بلغ أكثر من 2 مليار دولار في مدخرات الطوارئ، والهدف من ذلك توفير أداة دائمة تساعد الموظفين الذين يواجهون مشكلة عدم الاستقرار المالي.

لا يقتصر أثرنا على الشركات والأفراد الذين تواصلنا معهم مباشرة، بل عملنا على ابتكار حل مستدام يعتمد على الأنظمة يناسب الشركات التي عملنا معها مباشرة، ويؤدي إلى تغييرات كبيرة ستستفيد منها شركات كثيرة مع مرور الوقت. وحددنا 4 تغييرات هادفة تعتمد على المحاور التي استخدمناها لإدارة البرنامج ونأمل أن تتعلم المؤسسات الأخرى منها.

  • اختبار ممارسات تجارية جديدة بالتعاون مع إدارات الموارد البشرية وشركات البنى التحتية أو مؤسسات مزايا الموظفين.
  • توسيع نطاق الممارسات بما يتوافق مع القوانين من خلال تعديل السياسات.
  • تحديد ماهية الممارسات الناجحة وأسبابها، وابتكار حلول جديدة.
  • تحدي التقاليد حول قدرات الجهات الفاعلة القوية ودورها في مواجهة مشكلة عدم الاستقرار المالي، وذلك من خلال التواصل الاستراتيجي.

كان الموظفون الفئة الأقل حاجة إلى إقناع بأهمية الادخار للأيام الصعبة. نصف التحديات المنهجية غالباً بأنها مجرد مسألة فردية؛ وعلى الرغم من أن سلوكيات الأفراد وقدرتهم على اتخاذ القرارات عاملان مهمان، فمن الممكن تحفيزهما أيضاً من خلال إعادة تصميم الأنظمة التي تؤثر في السلوكيات الفردية، بحيث تصبح هذه الأنظمة عاملاً محفزاً للتغيير.

عموماً، ندرك أن هذه التغييرات ليست سهلة التنفيذ لكنها مجدية، ونحن نتمتع بالقدرة على معالجة المشكلات المُهملة من خلال التعاون مع مختلف المؤسسات والقطاعات، ونأمل ألا يغفل قادة القطاع الاجتماعي عن النفوذ الهائل الذي تتمتع به الجهات الفاعلة في السوق، وألا يستهين قادة الشركات بمجموعة الأدوات المتاحة لديهم خارج نطاق التبرعات الخيرية لإدراج قضايا قابلة للتنفيذ على جدول الأعمال الوطني وتحقيق أثر اجتماعي كبير وقيمة طويلة الأمد لشركاتنا.

وعلى الرغم من أن الغاية المشتركة قد تساعد في الحفاظ على توافق الجهود، يجب ألا نتغاضى عن أهمية تغيير البنى التحتية حتى لو لم يكن جذاباً؛ إذ لن تتوافر خدمات الماء والكهرباء والإنترنت من دونها، وقد تضيع حتى فرص الاستفادة من الإمكانات غير المستثمرة لمساعدة الأميركيين في تحقيق الأمن المالي المهم.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .