المنتجات القائمة على التقنيات المالية التي يقدمها أصحاب العمل يمكن أن تحسن المرونة المالية والشمول المالي.
تضع الأجور الراكدة وارتفاع تكاليف المعيشة وجداول الصرف غير المنتظمة بصورة متزايدة العديد من الأميركيين العاملين في موقف مالي عصيب باستمرار؛ فهم قادرون على دفع فواتيرهم المعتادة ولكنهم لا يمتلكون مخزوناً احتياطياً للتعامل حتى مع الصدمات المالية البسيطة. يتمثل جزء من المشكلة في أن معظم العاملين الأميركيين يتقاضون رواتبهم كل أسبوعين، ولكن قد يستغرق دفع الراتب أسبوعاً، ما يجعل مدة انتظار التعويضات المالية أطول. كما أن العديد من العاملين لا يمتلكون درجات جدارة ائتمانية تؤهلهم للحصول على قروض عادية بسعر السوق. ولتدبير أمور معيشتهم أو لتسديد الفواتير غير المتوقعة غالباً ما يعتمد هؤلاء العاملون على القروض التي تسدّد يوم قبض الراتب والقروض التي تُمنح بضمان ملكية السيارة والسحب على المكشوف، وهي وسائل عالية التكلفة قد تؤدي إلى انهيار وضعهم المالي بشكل كبير. ولن تؤدي فترات الانكماش الاقتصادي، كالركود الناتج عن الجائحة الذي نشهده اليوم، إلا إلى زيادة الاعتماد على هذه الخدمات.
كشفت دراسة أُجريت في كلية كينيدي بجامعة هارفارد كيف يمكن للمنتجات المبتكرة القائمة على التقنيات المالية أن توقف هذه الدائرة المدمرة وأن تعود بالفائدة على الموظفين وأصحاب العمل على حد سواء. درس الباحثان شركتين ناشئتين تعقدان شراكات مع أصحاب العمل لإتاحة العروض المالية الجديدة بوصفها جزءاً من حزم المزايا المقدمة للموظفين. تُسلِّف شركة "باي أكتيف" (PayActiv) العاملين أجورهم المستحقة التي لم يحصلوا عليها بعد، وتعمل أحياناً بالتنسيق مع الشركات المتخصصة في إدارة كشوف الرواتب مثل "أيه دي بي" (ADP)، التي تقدم خدمتها لموظفي شركة "فيديكس" (FedEx) و"بيتزا هت" و"وينديز" (Wendy’s)، من بين شركات أخرى. تذهب شركة "سالاري فاينانس" (Salary Finance) إلى ما هو أبعد من ذلك، إذ تمنح الموظفين قروضاً منخفضة التكلفة تُسدد تلقائياً من خلال استقطاع جزء من الراتب. تتخذ شركة "سالاري فاينانس" من المملكة المتحدة مقراً لها وقد توسعت إلى الولايات المتحدة حيثما أصبحت شركة "يونايتد واي" (United Way) وشركة "تيسلا" (Tesla) من بين عملائها.
وجه الابتكار في نموذجي العمل السابقين هو "وجود صلة بالراتب"، ما يعني قدرة مقدم الخدمة على الوصول إلى الأجور بشكل مباشر لضمان سداد السُلف أو القروض. على سبيل المثال، تطبق شركة "باي أكتيف" خوارزميات على بيانات الوقت والحضور الواردة من صاحب العمل، مع إجراء تعديلات لمراعاة جداول صرف أي مستحقات مالية والحصول على إكراميات وما إلى ذلك، بهدف تحديد المبلغ الذي حصل عليه الموظف بدقة في وقت محدد ما بين فترات دفع الرواتب. يقول تود بيكر، أحد المشاركين في إعداد الدراسة وهو حالياً أحد كبار الباحثين في كليات الأعمال والحقوق في كولومبيا: "لا تتحمل 'باي أكتيف' أي مخاطر تقريباً لأنها لا تُسلِّف إلا الأجور المكتسبة". إذ تفرض الشركة 5 دولارات عن كل فترة دفع تُستخدم فيها الخدمة (وغالباً ما يأخذ أصحاب العمل جزءاً من الرسوم أو كلها).
تمنح شركة "سالاري فاينانس" قروضاً لموظفي الشركات الشريكة طالما أنهم يبلغون من العمر 18 عاماً أو أكثر وعملوا في الشركة لمدة عام أو أكثر ويحصلون على ما لا يقل من 10 آلاف دولار سنوياً. وبدلاً من الاعتماد على درجات الجدارة الائتمانية المقدمة من شركات الطرف الثالث بشكل صارم، تستخدم شركة "سالاري فاينانس" تقديرها الخاص لاحتمالية إعادة السداد من خلال قياس قدرة الموظف على تحمل القرض المطلوب. لا تتغير معدلات الفائدة المفروضة، التي تتراوح من 5.9% إلى 19.9% حتى وقت كتابة هذا المقال، إذا غادر الموظف الشركة، وفي هذه الحالة تسحب مدفوعات القرض من الحساب البنكي الشخصي الذي جرى تخصيصه للمقترض أثناء عملية تقديم الطلب. يقول بيكر: "المخاطر التي تتعرض لها 'سالاري فاينانس' منخفضة للغاية لأن الاستقطاع التلقائي يُحوِّل راتب الموظف إلى ضمان فعلي". في الواقع، وجد الباحثان أن معدل التخلف عن السداد لدى الشركة يبلغ خُمس ما يمكن أن تتوقعه نماذج الجدارة الائتمانية.
خفض التكاليف وتوسيع نطاق الحصول على الائتمان وزيادة معدلات استبقاء الموظفين
هل تصنع هذه العروض فارقاً بالنسبة للعاملين الذين تقدم لهم هذه الشركات خدماتها؟ لمعرفة ذلك، قام بيكر وشريكته في البحث سنيجدا كومار، وهي طالبة سابقة في كلية كينيدي بجامعة هارفارد وتعمل حالياً في شركة "ديجيت" (Digit) الناشئة والمتخصصة في التقنيات المالية، بمقارنة الرسوم التي تتقاضاها الشركات الناشئة التي تقدم عروضاً مالية للعاملين منخفضي الدخل مع الشركات المماثلة لها في السوق. وقد كان إثبات أفضلية شركة "باي أكتيف" سهلاً؛ إذ إن الرسوم التي تبلغ 5 دولارات التي تفرضها الشركة أقل بكثير من رسوم السحب على المكشوف المعتادة التي تفرضها البنوك وتبلغ 35 دولاراً، وأيضاً أقل من مبلغ 30 دولار الذي يفرضه معظم مانحي القروض التي تسدد يوم قبض الراتب مقابل الحصول على قرض بقيمة 200 دولار لمدة أسبوعين.
لتقييم تأثير شركة "سالاري فاينانس"، قارن الباحثان في البداية معدل الفائدة السنوي الذي تفرضه الشركة مع ما يفرضه العديد من مقرضي القروض الشخصية. وقد وجدا أنه أقل بكثير؛ إذ بلغ متوسطه 11.8% مقابل ما يفرضه المقرضون التقليديون الذين خضعوا للتقييم، وهو يتراوح من 21.9% إلى 71%. ولكن هذا ليس كل شيء، بحسب ما كشفه تحليل للمستخدمين في المملكة المتحدة، حيث تصل القروض العادية التي تمنحها "سالاري فاينانس" إلى المقترضين ذوي الوضع الائتماني السيئ للغاية (وهو ما يساوي درجة ائتمانية تتراوح بين 480 إلى 500 على مقياس "فيكو" - FICO - في الولايات المتحدة). فالأميركيون الذين حصلوا على درجات سيئة للغاية ليسوا مؤهلين عادة للحصول على قروض شخصية، ولذلك غالباً ما يلجؤون إلى القروض التي تسدّد يوم قبض الراتب والتي تتجاوز معدلات فائدتها السنوية 200% بشكل عام. كما أن "سالاري فاينانس" تُبلغ وكالات الائتمان بتاريخ تسديد قروضها، ما يتيح "للموظفين ذوي الوضع الائتماني السيئ أو الذين ليس لديهم رصيد لاستخدام هذه المنتجات ليس فقط الحصول على ائتمان ولكن أيضاً لإعادة دخول عالم الخدمات المالية السائدة في نهاية المطاف"، كما أشارت كومار. وأضافت: "كان هذا هو اكتشافنا الأكثر إثارة؛ فما تفعله الشركة يغير حياة الموظفين".
وبعد ذلك بدأ بيكر وكومار في تحديد ما إذا كانت الشركات تستفيد من ذلك أيضاً. وقد افترضا أن تلك العروض المالية ستزيد من إنتاجية الموظفين من خلال تقليل حالات تشتت الانتباه بسبب الخوف من المشكلات المادية وخفض التكاليف التي يتكبدها أصحاب العمل والحد من نفقات الرعاية الصحية المرتبطة بالأمراض الناتجة عن التوتر والقلق. واتضح أنه من غير الممكن عملياً إثبات هذا الافتراض أو دحضه بالبيانات المتوفرة. ولكن تحليلاً جرى لخلفيات توظيف 1,707 موظفاً في 16 شركة اعتمدت أحد العرضين، أسفر عن بعض الاستنتاجات المثيرة للاهتمام. على سبيل المثال، في الشركات التي أقامت شراكة مع شركة "سالاري فاينانس"، كان معدل دوران الموظفين أقل بنسبة 28% بين مستخدمي هذه الخدمات المالية الناشطين مقارنة من المعدل الذي قد يسفر عنه تحليل البيانات المتعلقة باستبقاء الموظفين في السنوات السابقة. وبالنسبة إلى شركة "باي أكتيف"، كان معدل دوران الموظفين أقل بنسبة 19% بين مستخدمي هذه الخدمات المالية الناشطين مما هو عليه بين الموظفين الذين سجلوا للحصول على هذه الخدمات ولكن استخدموا العرض المالي مرة واحدة أو لم يستخدموه على الإطلاق.
يمثل معدل دوران الموظفين المرتفع تحدياً دائماً بالنسبة إلى العديد من الشركات الكبرى للبيع بالتجزئة التي توظف العاملين ذوي الأجور المنخفضة، ولذلك فإن المدخرات الناتجة عن هذه الزيادات في معدل استبقاء الموظفين قد تكون هائلة. لنفترض أن أحد شركات البيع بالتجزئة تضم 340 ألف موظف ومعدل دوران الموظفين بها يبلغ 50% (وهي نسبة معتدلة بالنظر إلى أن معدلات دوران الموظفين المعدلة موسمياً بين الشركات الأميركية للبيع بالتجزئة تبلغ 60% في المتوسط). بالاستناد إلى دراسات أكثر شمولاً حول تناقص عدد الموظفين، قدّر الباحثان أن هذا سيكلف الشركة ما يقرب من 567 مليون دولار سنوياً. وبالتالي فإن انخفاض معدل دوران الموظفين بنسبة 28% يوفر ما يقرب من 160 مليون دولار سنوياً، "حتى إن كان الانخفاض بنسبة 5% فإنه قد يوفر للشركة ما يقرب من 28 مليون دولار"، وفق ما ذكرته كومار. من المؤكد أن التحليل وجد ارتباطاً قوياً، وليس علاقة سببية، بين العروض القائمة على التقنيات المالية وارتفاع معدل استبقاء الموظفين. ولكن من الممكن أن يكون لدى الشركات مواصفات أخرى شجعت الموظفين على البقاء. يقول الباحثان: "نؤمن أن هناك ما يكفي من الأدلة لدعم التطبيق السريع للمزايا القائمة على التقنيات المالية التي يقدمها أصحاب العمل على مستوى الشركات الأميركية".
يتوقع بيكر وكومار أن جميع الأجور ستكون فورية في يوم ما، إذ تحاول الشركات القائمة على اقتصاد العمل الحر مثل شركة "أوبر"، التي توفر مدفوعات فورية للموظفين بعقود، تغيير توقعات العاملين. ويبدو أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي يحث البنوك على إتاحة الأموال للسحب مباشرة بسرعة أكبر من خلال إطلاق خدمة دفع فورية تسمى "فيد ناو" (FedNow). يقول بيكر: "هذه الأدوات القائمة على التقنيات المالية لن تحل مشكلة التفاوت في الدخل في أميركا ولكن يمكنها أن تساعد الأشخاص المهمشين الذين يتعرضون للاستغلال في النظام المالي الحالي". ويضيف: "وهي تصب في مصلحة أصحاب العمل أيضاً؛ ما يعني أنها صفقة استثنائية يتحقق فيها النفع للطرفين".
حول البحث: تقييم مزايا الحلول المتعلقة بالسيولة المالية والائتمان القائمة على التقنيات المالية التي تحت رعاية أصحاب الأعمال والمقدمة إلى العاملين الأميركيين ذوي الأجور المنخفضة وأصحاب عملهم"، تود بيكر (Todd Baker) سنيجدا كومار (Snigdha Kumar)، (ورقة عمل).
على المستوى العملي
كيف يمكن للشركات مساعدة الموظفين على تحمُّل النفقات الطارئة؟
جايمي دونيللي هي الرئيسة التنفيذية للشؤون المالية في شركة "إنتغرتي ستافينغ سولوشنز" (Integrity Staffing Solutions) التي توفر عمال مؤقتين وتقدم خدمات توظيف للشركات الكبيرة للبيع بالتجزئة عبر الإنترنت في مختلف أرجاء الولايات المتحدة. وقد تحدثت مؤخراً مع هارفارد بزنس ريفيو حول الشراكة التي أقامتها شركتها مع شركة "باي أكتيف" التي تتيح للعاملين الحصول على الأجور المكتسبة في وقت مبكر. وفيما يلي مقتطفات محررة من هذا الحوار.
لماذا قررت شركتك تقديم هذه الميزة؟
لدينا برنامج يسمى "بروجكت هوم" (Project Home) وفيه ندرب موظفينا على ملاحظة علامات عدم وجود مأوى للمتقدمين للعمل والموظفين المنتسبين الذين وظّفناهم لدى عملائنا. ومن خلال هذا البرنامج علمنا أن العديد من العاملين الذين ينتهي بهم الحال مشردين يعتمدون على القروض التي تُسدد يوم قبض الراتب بتكلفة أعلى من قيمتها لدفع نفقاتهم غير المتوقعة. أردنا أن نكسر هذه الحلقة المفرغة، ولكننا لم نتمكن من إيجاد حل جيد داخل الشركة. ثم علمنا أن هناك شركات ناشئة متخصصة في التقنيات المالية ويرتكز عملها على الوصول إلى الأجر المكتسب، ثم قررنا إقامة شراكة مع شركة "باي أكتيف".
ولماذا لم توفروا خدمة الدفع الفوري ببساطة؟
كانت المشكلة متعلقة بالتدفق النقدي في الأساس، إذ إننا ندفع للموظفين المنتسبين الذين وظفناهم ثم نصدر الفواتير لعملائنا الذين لا يدفعون لنا إلا بعد مرور 30 يوماً. كما أن العديد من الدول لديها قوانين تهدف إلى منع أصحاب العمل من أن يصبحوا مقرضين.
ما هي النتائج التي أحرزتها الشركة؟
تمثل هدفنا الأساسي في مساعدة موظفينا المنتسبين على تفادي مرورهم بضوائق مالية. وبتقديم هذه المساعدة كنا نأمل في أن يستمروا في أداء مهامهم لمدة أطول، ما يقلل معدل دوران الموظفين لدى عملائنا. ومنذ أن أقمنا شراكة مع "باي أكتيف" قبل أكثر من عام، شهدنا زيادة في نسبة إقبال الموظفين وانخفاضاً في معدل تناقص عددهم. من الصعب إثبات وجود علاقة سببية؛ فخلال هذا الوقت ارتفعت الأجور في جميع أنحاء البلاد بما في ذلك بالنسبة إلى موظفينا المنتسبين. ولكننا سعداء بالبرنامج. وقد سجّل ما يقرب من 30% من موظفينا المنتسبين لشركات أخرى في تطبيق "باي أكتيف"، وتم الحصول على 12 مليون دولار تقريباً كأجور مبكرة من خلال البرنامج، مع الإشارة إلى أننا ندفع عادة أجور 5 آلاف إلى 25 ألف موظف في الأسبوع.
إذا كانت هناك شركة ينبغي لها تقديم خدمة كهذه، فهل يعني ذلك أنها لا تدفع لموظفيها ما يكفي من الأجور؟
يدفع غالبية عملائنا من 15 إلى 17 دولاراً في الساعة للموظفين المبتدئين، ويدفع البعض 20 دولاراً أو أكثر في الساعة. وبغض النظر عن راتبك تطرأ أمور غير متوقعة، حيث يمكن أن تتعطل السيارة أو الفرن، وأحياناً لا يتيح الحد الأدنى للأجر توفير ما يكفي من المدخرات لمواجهة هذه الحالات الطارئة. وفي كثير من الأحيان لا يتخذ الأشخاص ببساطة قراراً واعياً بالادخار. وقد رأينا أن أصحاب الدخول من جميع المستويات يحتاجون إلى مساعدة فيما يتعلق بنفقاتهم غير المتوقعة. لهذا شعرنا أنه من المهم العثور على حل متكامل. تقدم شركة "باي أكتيف" أيضاً استشارات مالية وأدوات لإعداد الميزانية بالإضافة إلى برنامج للادخار لمساعدة الموظفين المنتسبين على التحكم بشكل أفضل في وضعهم المالي.
ما هي الدروس المستفادة من هذه التجربة؟
من المهم إجراء البحوث اللازمة. فبعض بائعي التقنيات المالية على وشك أن يصبحوا مقرضين جشعين هم أنفسهم. إذ إنهم يفرضون رسوماً باهظة في كل مرة يحصل فيها الموظف على أجر مكتسب أو يضعون حدوداً زمنية للأوقات التي يمكن للموظفين فيها الحصول على هذه الأجور، ما يخلق ضغطاً غير ضروري. عليك أيضاً التأكد من أنه يَسهل الوصول إلى التقنيات. هل التطبيق متاح من خلال الكمبيوتر المحمول فقط أم يمكن استخدامه من خلال الهاتف الذكي أيضاً؟ وهل يحتاج الموظف إلى حساب بنكي؟ حتى تقدم خدمات للعديد من العاملين بأجور الذين لا يمتلكون حسابات بنكية، تتيح شركة "باي أكتيف" الدفع من خلال بطاقة دفع، وعادة ما تكون بطاقة ماستر كارد أو فيزا مدفوعة مقدماً. وأخيراً، يجب أن تكون واضحاً بشأن سبب قيامك بتقديم هذه الخدمات، فنحن لا نحقق أي إيرادات من برنامجنا، بل يكلفنا وقتاً ومالاً ولكنه يُحدث فرقاً في حياة موظفينا المنتسبين.
التوظيف
تعزيز التنوع بخطوة بسيطة
حتى المؤسسات ذات النوايا الحسنة تكافح من أجل تحقيق التنوع. على سبيل المثال، على الرغم من الجهود المكثفة في السنوات الأخيرة، لا يزال الرجال والآسيويون يهيمنون على قوة العمل في وادي السيليكون. ولكن دراسة جديدة توصلت إلى أن هناك خطوة بسيطة يمكن اتخاذها للمساعدة في حل هذه المشكلة.
فقد استكشف الباحثون من خلال إجراء 8 تجارب "تأثير الميل إلى الاختيار من بين فئات متنوعة"، ما يعني أنه عندما يُطلب من الأشخاص اختيار بضعة خيارات من بين مجموعة مقسمة وفقاً لبُعد معين، فإنهم يميلون إلى اختيار بعض الخيارات من كل فئة. في التجربة الأولى، طُلب من المشاركين أن يتخيلوا أنهم مسؤولون عن التوظيف ومكلفون بالاطلاع على ملفات 8 من المتقدمين للوظائف واختيار 3 منهم لإجراء مقابلات شخصية معهم. ظهر لبعض المشاركين أنه جرى ترتيب ملفات المتقدمين بحيث تكون الملفات الأربعة الأولى للرجال والملفات الأربعة الأخيرة للنساء؛ وبالنسبة لبقية المشاركين الآخرين (مجموعة الضبط) كانت ملفات المتقدمين مرتبة عشوائياً. وقد كانت اختيارات المشاركين في المجموعة الأولى أكثر تنوعاً بشكل ملحوظ من اختيارات المشاركين في مجموعة الضبط. ووجدت تجارب لاحقة أن هذا التأثير استمر حتى عندما تم ترتيب المتقدمين حسب الجنسية والجامعة التي تخرجوا فيها، وحدث ذلك حتى عندما كان المشاركون أنفسهم متخصصين ومتمرسين في الموارد البشرية. والأهم من ذلك أن متوسط كفاءة الأشخاص "المعيَّنين"، الذي تم تقديره من خلال المعدل التراكمي المذكور في السير الذاتية للمرشحين، كان مرتفعاً عندما كانت الاختيارات أكثر تنوعاً. يقول الباحثون: "يشجع بحثنا موظفي الموارد البشرية على إيلاء المزيد من الاهتمام للطريقة التي تُقدَّم بها المعلومات عند اتخاذ القرارات المتعلقة باختيار الموظفين". ومن الناحية العملية، يقول الباحثون: "يمكن تعديل منصات تقديم طلبات التوظيف بحيث تصنِّف جداول البيانات المتقدمين حسب الفئة التي تريد الشركة تحقيق المزيد من التنوع فيها"، بينما يمكن للمسؤولين عن التوظيف الذين يراجعون السير الذاتية الورقية وضع السير التي ينتمي أصحابها إلى فئات مختلفة في أكوام منفصلة.
ولكن ماذا سيحدث إذا كان المطلوب هو توظيف شخص واحد فقط؟ في التجربة الأخيرة، صُنِّف بعض المتقدمين حسب العِرق، وقُدِّم البقية بشكل منفرد وهم الذين كان يقع الاختيار عليهم في معظم الأحيان. يقول الباحثون: "إذا كانت المؤسسات ترغب في زيادة تمثيل فئة محددة، يمكنها فصل المرشحين المنتمين إلى فئات الأقلية عن بعضهم وجمع المرشحين الذين ينتمون إلى فئات الأغلبية مع بعضهم".
حول البحث: استخدام تأثير الميل إلى الاختيار من بين فئات متنوعة لزيادة التنوع في المؤسسات"، جيو فنغ (Zhiyu Feng) وآخرون، مجلة "السلوك التنظيمي وعمليات القرار الإنساني" (Organizational Behavior and Human Decision Processes)، 2020.
لماذا يقلل مدراء التسويق من قيمة أنفسهم؟
مدراء التسويق هم الأعضاء الأقل ثقة بين أصحاب المناصب التنفيذية العليا؛ فعلى الرغم من أن ما يقرب من 50% من الرؤساء التنفيذيين يصنفون مدراء التسويق على أنهم يتسمون بقدر كبير من الفاعلية، فإن 5% فقط من مدراء التسويق يرون أنهم كذلك. "مقومات مدير التسويق الواثق بنفسه"، ديانا أوبراين (Diana O’Brien) وجينيفر فينسترا (Jennifer Veenstra) وتيموثي مورفي (Timothy Murphy).
إنتاجية
لماذا ينبغي التمسُّك بالروتين الصباحي؟
يشتهر وينستون تشرشل، الكاتب غزير الإنتاج والقائد الملهم بروتينه اليومي، فقد كان يبدأ يومه في تمام الساعة السابعة والنصف صباحاً بتناول وجبة الإفطار والقراءة والاطلاع على البريد وإصدار الأوامر والتعليمات، وكل ذلك على سريره المريح. في الواقع، يشير الفكر السائد إلى أن وجود روتين ثابت، خاصة في وقت مبكر من اليوم، هو السبيل إلى زيادة الإنتاجية. وقد وجدت الدراسات أن معظم الأشخاص يتبعون روتيناً يومياً (أو يحاولون فعل ذلك). ولكن فريقاً بحثياً تساءل: ماذا يحدث عندما يتم الإخلال بالروتين اليومي؟
للإجابة عن هذا السؤال، أجرى الباحثون دراستين على موظفين في جامعة أميركية كبيرة. ومن خلال إجراء استقصاء أوسع نطاقاً، تم استطلاع آراء المشاركين 3 مرات في اليوم على مدار 3 أسابيع، أولاً حول مدى التزامهم بممارساتهم الصباحية المعتادة (تناول وجبة الإفطار وممارسة التمارين الرياضية والذهاب إلى العمل، وما إلى ذلك)، وفي آخر اليوم تم استطلاع آرائهم حول طاقتهم الذهنية ومدى شعورهم بالهدوء والسكينة ومدى اندماجهم في العمل والتقدم الذي أحرزوه في تحقيق أهدافهم. ومع التحكم في عوامل تشمل جودة النوم والشعور بالتوتر وفي أي يوم في الأسبوع هم، وجد الباحثون أن المشاركين أفادوا بأن طاقتهم الذهنية استُنفدت بشكل أكبر وأنهم كانوا أقل هدوءاً في الأيام التي تم فيها الإخلال بروتينهم الصباحي بقدر أكبر من الأيام الأخرى. كما قالوا أنهم كانوا أقل اندماجاً في عملهم وأحرزوا تقدماً أقل في تحقيق أهدافهم. أوضح الباحثون أن السبب في ذلك هو أن تكرار الأنشطة بشكل آلي يحولها إلى روتين يومي وهو ما يساعد على توفير الطاقة للمساعي الأكثر أهمية. وعندما يتم الإخلال بالروتين، يضطر الأشخاص إلى استهلاك قدر أكبر من الطاقة على متطلبات الحياة العادية.
من الواضح ما لهذا الأمر من آثار على الأفراد، لذا ينبغي للمدراء الانتباه له أيضاً. فإذا علم المدراء أن هناك عوامل أدت إلى الإخلال بالروتين الصباحي للموظف، كمرض أحد أطفاله أو عندما تكون رحلة الذهاب إلى العمل شاقة، يمكنهم أن يقترحوا على الموظف أخذ استراحة لاستعادة الهدوء وتعزيز الاندماج والإنتاجية. وربما عليهم أيضاً التفكير ملياً قبل إرسال رسائل البريد الإلكتروني في الصباح الباكر إلى فِرقهم. يقول الباحثون: "قد تذهب سدى أي فائدة مرتبطة بالاتصال بالموظفين في غير ساعات العمل إذا أدت إلى الإخلال بروتينهم غير المتعلق بالعمل أو منعتهم من تكوين روتين من الأساس".
حول البحث: النتائج المترتبة على الإخلال بالروتين الصباحي وآثارها على الطاقة"، شون ماكلين (Shawn T. McClean) وآخرون، سيُنشر قريباً في مجلة "علم نفس الأفراد" (Personnel Psychology).
تسويق
هل إرضاء عملاء اليوم يؤدي إلى تقليل تكاليف جذب عملاء الغد؟
يتعين على مدراء التسويق تحقيق التوازن باستمرار بين إسعاد العملاء والسيطرة على التكاليف. تُعد تكاليف البيع من التكاليف بالغة الأهمية، وهي ما يجب أن تنفقه الشركة لإقناع الأشخاص بشراء منتجاتها ولجعل عملية الشراء سهلة. يُفترض بشكل عام أن زيادة رضا العملاء يقلل تكاليف البيع المستقبلية لأن الترويج الشفهي الذي يقوم به العملاء السعداء ينبغي أن يساعد في خفض الإنفاق على التسويق والإعلان. إلا أن هذا الافتراض لم يكن يستند إلى أدلة موثوقة قائمة على تجارب، حتى قرر فريق من الباحثين اختباره مؤخراً.
جمع الباحثون بيانات ما يقرب من عقدين من 128 شركة أميركية عامة مدرجة في البورصة. وقد أظهر التحليل أنه في المتوسط أدت كل زيادة بمقدار نقطة واحدة في نتائج "مؤشر رضا العملاء الأميركي" (American Customer Satisfaction Index) إلى خفض تكاليف البيع المستقبلية للشركة بنسبة 3% تقريباً، ما يعني توفير 130 مليون دولار سنوياً. وقد كانت الفائدة أكبر بالنسبة إلى الشركات شديدة التنوع في النشاطات (حيث إن المكاسب التي تحققها من رضا العملاء غالباً ما تصب في صالح المنتجات والخدمات الأخرى)، وبالنسبة إلى الشركات في القطاعات ذات النمو المرتفع (التي ترى أن الترويج الشفهي الإيجابي مهم بشكل خاص لأن العديد من العملاء لن يكونوا على دراية بالعروض الجديدة)، وبالنسبة إلى الشركات في القطاعات كثيفة العمالة (حيث تختلف العروض بشكل كبير من شركة إلى أخرى، ما يجعل من الصعب على المستهلكين المقارنة بينها، وهو ما يدفعهم إلى التمسك بما يعرفونه بالفعل). وكانت الفائدة أقل بالنسبة إلى الشركات كثيفة رأس المال والشركات التي لديها نسبة عالية من الديون إلى الأصول، التي تفتقر إلى المرونة المالية اللازمة للاستفادة من معدلات الرضا العالية بشكل كامل.
يقول الباحثون: "هذه النتائج ذات أهمية مباشرة بالنسبة إلى مدراء التسويق الذين يمكنهم الآن بيان القيمة الاقتصادية لرضا العملاء في تقليل تكاليف البيع المستقبلية على المكونات الداخلية والخارجية"، مع الإشارة إلى أن المبادرات المتعلقة برضا العملاء لا تحظى بتقدير أصحاب المناصب التنفيذية العليا في الغالب.
حول البحث: "رضا العملاء وتأثيره على تكاليف البيع المستقبلية"، ليون جيم ليم (Leon Gim Lim) وكابيل تولي (Kapil R. Tuli) وراجديب غرويل (Rajdeep Grewal)، "مجلة التسويق" (Journal of Marketing)، 2020.
تعاون
قوة العمل الجماعي
العمل الجماعي مهم بوجه خاص في أوقات الأزمات، إذ يمكن لوجهات النظر والخبرات المتعددة مساعدة الفِرق على استنباط استجابات تكيفية للمواقف سريعة التغير. وقد أظهر تحليل لأنماط العمل وتوليد الإيرادات لأكثر من 400 شريك في شركة محاماة عالمية أن الشركاء الأكثر تعاوناً تفوقوا على زملائهم أثناء الأزمة المالية التي وقعت ما بين عامي 2007 و2008، واستمروا في ذلك بعد انتهاء فترة الركود.
التعويضات التنفيذية
لماذا ينبغي أخذ السمات الشخصية بعين الاعتبار عند هيكلة أجور الرؤساء التنفيذيين؟
أولى علماء الإدارة اهتماماً كبيراً للكيفية التي تؤثر بها التعويضات في صورة أسهم على استعداد المسؤولين التنفيذيين لخوض المخاطر الاستراتيجية في شركاتهم. وخلصوا بشكل عام إلى أنه كلما زادت الأسهم التي يمتلكها الرئيس التنفيذي شخصياً، كان أقل استعداداً لفعل أي شيء قد يعرضها للخطر، وغالباً ما يعاني المساهمون من هذا الحذر الشديد. ولكن فريقاً من الباحثين يعتقد أن ما يغيب عن هذه المعادلة هو تأثير بعض السمات الشخصية للرئيس التنفيذي.
وللتحقق من ذلك، جمع الباحثون السمات الشخصية لـ 158 مسؤولاً تنفيذياً تم تعيينهم لرئاسة شركات التصنيع المدرجة ضمن مؤشر "إس آند بي 1500" في عامي 2004 و2005 (تم اختيار إطار زمني لأن سوق الأسهم كانت مستقرة نسبياً). يعد قياس السمات الشخصية للمسؤولين التنفيذيين ذوي النفوذ بشكل مباشر أمراً صعباً، لذلك اتبع الباحثون نهجاً غير مباشر في هذا الشأن، حيث جمعوا المعلومات المتعلقة بالسير الذاتية بالإضافة إلى المقابلات الشخصية والمؤلفات والاقتباسات المنشورة ومقاطع فيديو من الخطابات الخاصة بالمسؤولين التنفيذيين. واستخدم المبرمجون المدرَّبون المواد التي تم جمعها ومقياس تقييم موحد لوصف شخصية كل رئيس تنفيذي وفقاً للسمات الخمس الكبرى للشخصية التي يُعتقد أنها تظل ثابتة بمرور الوقت، وهي: يقظة الضمير والحالة العصبية والانبساط النفسي والانفتاح (واستبعدت الدراسة سمة "القبول" حيث أظهرت أعمال سابقة أنها معقدة بوجه خاص بوصفها مؤشراً على سلوك الرئيس التنفيذي). واستخدم الباحثون خيارات الأسهم لمعرفة ثروة الرؤساء التنفيذيين من شراء الأسهم وجمعوا بيانات حول الديون طويلة الأجل والإنفاق على أنشطة البحث والتطوير والنفقات الرأسمالية لقياس مدى خوضهم للمخاطر الاستراتيجية.
ومع التحكم في عوامل تشمل النوع الاجتماعي ومدة تولي الوظيفة والثروة وأداء الشركة، وجد الباحثون أن الرؤساء التنفيذيين الذين سجلوا نقاطاً عالية في "الانبساط النفسي" و"الانفتاح" كانوا أقل ميلاً إلى خوض المخاطر الاستراتيجية مع زيادة قيمة خيارات الأسهم الخاصة بهم؛ في حين أن المسؤولين التنفيذيين الذين سجلوا نقاطاً عالية في سمة "يقظة الضمير" كانوا أكثر ميلاً إلى فعل ذلك. (لم تشكل "الحالة العصبية" أي فارق في الحالتين). أوضح الباحثون أن علماء النفس بينوا أن الأشخاص ذوي الضمير اليقظ للغاية يهتمون بالخسائر المحتملة أكثر من المكاسب المحتملة، ولكن بالنسبة إلى الأشخاص الذين يتسمون بالانبساط النفسي والانفتاح فالأمر عكس ذلك تماماً، ولذلك يمكن لمجالس الإدارة الاستفادة من أخذ هذه العوامل في الاعتبار. يقول الباحثون: "النتائج التي توصلنا إليها تؤكد على الأهمية التي ينبغي إيلائها عند إعداد عقود التعويضات الخاصة بالرؤساء التنفيذيين ولكن عقب تحليل شخصياتهم فحسب".
حول البحث: "العلاقة بين تحمُّل الرئيس التنفيذي مخاطر انخفاض قيمة الأسهم وخوضه المخاطر الاستراتيجية: التأثير المعتدل لشخصية الرئيس التنفيذي"، ميركو بينيشكا (Mirko H. Benischke) وجيفري مارتن (Geoffrey P. Martin) ولوتي غليزر (Lotte Glaser)، "مجلة الإدارة الاستراتيجية" (Strategic Management Journal)، 2019.
انتهاكات الشركات العابرة للحدود
في الدول الخمسة التي شملتها الدراسة، وهي الولايات المتحدة والمكسيك والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا، تناولت أكثر من 80% من وسائل الإعلام السلوكيات غير الأخلاقية أو غير المسؤولة اجتماعياً للشركات إذا كانت هناك علامة تجارية أجنبية متورطة في الانتهاك.
"متى يتصدر انعدام المسؤولية الاجتماعية للشركات وسائل الإعلام؟ أدلة مستقاة من أكثر من ألف انتهاك قامت به العلامات التجارية في خمس دول"، صموئيل ستابلر (Samuel Stäbler) ومارك فيشر (Marc Fischer).
شبكات التواصل الاجتماعي
توقف عن فرض رقابة على المراجعات المزيفة
لا تكون منصات مراجعة المنتجات والخدمات فعالة إلا إذا وثق المستهلك بمحتواها. وتحقيقاً لهذه الغاية، تستخدم المنصات خوارزميات معقدة يمكنها اكتشاف المراجعات المزيفة بدقة. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ما الذي ينبغي فعله بالنتائج؟
تفرض بعض المواقع، بما في ذلك أمازون، رقابة على المراجعات المزيفة للمنتجات والخدمات وتعلن عن ذلك، بل إنها أحياناً تقاضي المشتبه في قيامهم بذلك. بينما تقوم مواقع أخرى مثل "قوائم جوجل المحلية" (Google Local) و"فليبكارت" (Flipkart) بحذف تلك المراجعات بهدوء. ولا تزال مواقع أخرى، أبرزها موقع "يلب" (Yelp)، تترك تلك المراجعات مع وضع علامة تشير إلى أنها من المحتمل أن تكون مزيفة. صمم فريق بحثي سلسلة من التجارب لتحديد الأسلوب الأنجع في القضاء على المراجعات المزيفة.
في التجربة الأولى، أنشأ الباحثون نسختين من موقع المراجعات وطلبوا من المشاركين تسجيل الدخول واختيار المطعم الذي يرون أنه الأفضل. اطلع نصف عدد المشاركين على مراجعات مزيفة وتم وضع علامة تدل على أنها كذلك، واطلعوا أيضاً على مراجعات حقيقية؛ بينما اطلع النصف الآخر على مراجعات حقيقية فقط. قام أعضاء المجموعة الأولى باختيار عدد مطاعم أكبر من المجموعة الثانية، وقضوا وقتاً أطول في الاختيار، ما يشير إلى درجة عالية من التفاعل. استكشفت تجربة لاحقة مجموعة أوسع نطاقاً من السيناريوهات. وقد بيّنت أن المستهلكين أظهروا أكبر قدر من الثقة في المنصات عندما لم تُعرض عليهم المراجعات المشكوك فيها وحدها بل عندما كانت مصحوبة "بدرجة ثقة" جعلت من الأسهل على المشاركين تقييمها. والسيناريو الذي تم فيه حذف المراجعات المزيفة دون أي إشارة إلى وجودها، وهو النهج الأكثر شيوعاً في الممارسة العملية، كان الأسوأ على الإطلاق. وأظهرت دراسة استقصائية تكميلية أن تضمين مراجعات مزيفة مبينة بصورة واضحة زاد من الثقة في المنصة لأن المستخدمين رأوا أن الخوف من اكتشاف التزييف سيحد من المنشورات المزيفة. وأظهرت تجربة ثالثة أن توخي الشفافية حيال المراجعات المزيفة كان له أكبر الأثر عندما كان المشاركون غير متأكدين من جودة المراجعات المعروضة، أي عندما تكون المراجعات الحقيقية متباينة.
يقول الباحثون أنه يمكن للمنصات زيادة الثقة بها من خلال ترك المراجعات التي من المحتمل أن تكون مزيفة، إلى جانب اتخاذ قرارات إرشادية لمساعدة المستهلكين. وأضافوا أن: "زيادة ثقة المستهلكين الذين علموا أنه كانت هناك مراجعات مزيفة بالفعل وتم اتخاذ إجراءات للحد منها، تهيمن على أي تراجع في الثقة...ناتج عن الاعتراف للمستخدمين قليلي الخبرة بأن هناك مراجعات مزيفة في الموقع".
حول البحث: "وضع معقد: هل ينبغي لمنصات المراجعات على الإنترنت عرض المراجعات المزيفة للمنتجات والخدمات؟"، أوتارا أنانثاكريشنان (Uttara M. Ananthakrishnan) وبيبي لي (Beibei Li) ومايكل سميث (Michael D. Smith)، سيُنشر قريباً في مجلة "بحوث نُظم المعلومات" (Information Systems Research).
النوع الاجتماعي
التفاوت بين الجنسين في المباهاة بالذات
غالباً ما يُطلب منا تقييم قدراتنا، على سبيل المثال عند إجراء مقابلات شخصية للالتحاق بوظيفة ما أو عند المشاركة في مراجعات الأداء. وقد كشفت دراسة جديدة أن هذا من المجالات التي يلعب النوع الاجتماعي دوراً فيها؛ ففي العديد من التجارب كان تقييم النساء لذواتهن أقل بكثير من التقييمات الذاتية للرجال المساويين لهن في الكفاءة.
بعد إجراء اختبار قدرات قياسي، قيَّم الباحثان 2,696 مشاركاً على أساس الثقة أو عدد الأسئلة التي يرون أنهم أجابوا عنها بشكل صحيح، وعلى أساس الأداء أو مدى جودة أدائهم فعلياً، وأيضاً على أساس المباهاة بالذات التي تم قياسها من خلال إجاباتهم عن الأسئلة الشخصية المتعلقة بقدراتهم (على سبيل المثال، مدى اتفاقهم مع عبارة "كان أدائي جيداً في الاختبار"). وفي المتوسط، كان تصنيف الرجال لأدائهم أعلى بنسبة 33% من تصنيف النساء ذوات الأداء المماثل لأدائهن.
لم يستطع الباحثان تفسير هذه النتائج بصورة قاطعة، ولكنهما استبعدا بعض الاحتمالات بما في ذلك استجابات الرجال والنساء المتباينة للحوافز بوصفها وسيلة لرفع أداء الفرد (ظلت النتائج كما هي سواء اعتقد المشاركون، أو لم يعتقدوا، أن صاحب العمل المحتمل سيطلع على تقييماتهم الذاتية)، والفروق في مستوى الثقة (على الرغم من ميل النساء إلى الاستهانة بنتائجهن في الاختبار ومبالغة الرجال في تقدير نتائجهم، فقد ظلت الفجوة في التقييمات الذاتية قائمة حتى عندما عُرضت النتائج على المشاركين قبل تقييم أنفسهم). وبغض النظر عن أسباب هذه الفجوة، يقول الباحثان: "إذا كان الهدف هو المساواة في المعاملة بين الرجال والنساء المتساويين في الأداء، فإن إدراك أن التقييمات الذاتية قد تحتوي على تحيز متأصل ضد المرأة يدل على أنه ينبغي التقليل من أهمية تلك التقييمات مقارنة بالمقاييس الأكثر موضوعية المستخدمة في حسم القرارات المتعلقة بالتوظيف والترقيات".
حول البحث: "التفاوت بين الجنسين في المباهاة بالذات"، كريستين إكسلي (Christine L. Exley) وجود كيسلر (Judd B. Kessler)، ورقة عمل مقدَّمة من "المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية" (NBER).
الابتكار
كيف تؤثر اللغة في الإنفاق على البحث والتطوير؟
تختلف مستويات الاستثمار في البحث والتطوير من بلد إلى آخر بشكل كبير. وقد توصلت الدراسات إلى بعض التفسيرات التي تفيد بأن هناك اختلافات بين النُظم الاقتصادية والقيم الثقافية. واستناداً إلى الأدلة على أن الأشخاص الذين يتحدثون لغات مختلفة يفكرون بطريقة مختلفة، أظهر بحث جديد أن اللغة أيضاً لها دور في مسألة الاستثمار في البحث والتطوير.
حصل الباحثون على بيانات الأمم المتحدة حول الاستثمار الوطني في البحث والتطوير في 52 دولة منذ عام 1996 إلى عام 2013. وقد تبين أن الأشخاص في 15 دولة يتحدثون لغات تتضمن إشارات ضعيفة أو لا تحتوي على صيغة واضحة إلى زمن المستقبل. وتشمل هذه اللغات اللغة الألمانية ولغة الماندرين الصينية واللغة اليابانية. وقد أظهر التحليل الذي أجراه الباحثون أن الإشارة الضعيفة إلى زمن المستقبل تؤدي إلى زيادة الاستثمارات في البحث والتطوير، وترتبط أيضاً بزيادة عدد براءات الاختراع.
أوضح الباحثون أنه نظراً إلى أن اللغات ذات الإشارة الضعيفة إلى زمن المستقبل أكثر غموضاً من اللغات ذات الإشارة القوية، فإن المستقبل يبدو أقرب. وهذا يجعل القيمة الحالية للمكافأة التي سيتم الحصول عليها في المستقبل تبدو أكبر، ما يؤدي إلى زيادة مستويات الاستثمار في البحث والتطوير. وبالفعل أظهر عمل سابق أن متحدثي اللغات ذات الإشارات الضعيفة إلى زمن المستقبل يظهرون سلوكيات أكثر توجهاً نحو المدى البعيد في حياتهم الشخصية: إذ إنهم يدخرون الكثير استعداداً للتقاعد ويقللون من التدخين؛ كما أنهم أقل عرضة إلى الإصابة بالسمنة. يقول الباحثون: "إذا كان واضعو السياسات على دراية بالأثر المثبط الذي تُحدثه الإشارات الضعيفة إلى زمن المستقبل على الاستثمار في البحث والتطوير، فربما عليهم البدء في التفكير في المبادرات المتعلقة بالسياسات التعويضية لذلك".
حول البحث: "هل تؤثر اللغة على النظام الاقتصادي؟ أدلة مستقاة من الاستثمارات في البحث والتطوير"، جيانكسين دانيال تشي (Jianxin Daniel Chi) وآخرون، "مجلة التمويل المؤسسي" (Journal of Corporate Finance)، 2020.
التمييز العِرقي
مشكلة التوظيف في الشركات التي يتألف مجلس إدارتها من أعضاء جميعهم من أصحاب البشرة البيضاء
أكثر من ثلث شركات "ستاندرد آند بورز 500" لم تكن تضم مدراء من ذوي البشرة السمراء في عام 2019. وقد وجد استقصاء شمل 1,028 مديراً أميركياً أن مجالس الإدارة التي تضم أعضاء متجانسين لا توظف أي مرشحين من الأقليات وبشكل عام تنظر في أمر تعيين عدد قليل من المرشحين لكل وظيفة شاغرة.