لماذا ينبغي أن تقع مسؤولية إصلاح مشاكل البرمجيات على عاتق الرئيس التنفيذي؟

5 دقائق

لقد تغلغلت منصات البرامج نسيج حياتنا، ومع ذلك، لا يملك سوى 27% فقط من الرؤساء التنفيذيين في قائمة شركات فورتشن 100 شهادات في الهندسة والعلوم. وإذا انضممت إلى اجتماع استدعاء الأرباح ربع السنوية، فستسمع نقاشات كثيرة حول الإيرادات والتكاليف والتيارات الجغرافية، ولكنك لن تسمع أي نقاش بشأن جودة برمجيات الشركة. ونرى نتائج ذلك جلية، إذ تنجم جميع الكوارث الكبرى تقريباً عن عيوب في البرمجيات، وعادة ما يتضح بعد الانهيار أن العيب كان موجوداً منذ زمن.

ليست المشكلة في عدم امتلاك قادة الشركات خلفيات عن البرمجيات على الرغم ضرورتها، وإنما في أن قلة من خارج وحدات العمل الهندسية المستقلة يعرفون طريقة مناقشة أنظمة البرامج الأساسية. وبالنتيجة، تبقى أخطاء البرمجيات عموماً بعيداً عن مرأى الرئيس التنفيذي، إلى أن تقع أحداث كارثية.

كانت المشكلة التي أخذت تتسارع على نحو مفاجئ عبارة عن وصف نموذجي لما يمكن أن يحدث من دون وجود نظام جودة داخلي استباقي. في عام 2004، فتحت الإدارة الوطنية الأميركية لسلامة المرور على الطرق السريعة تحقيقاً في الشكاوى المقدمة بشأن التحكم الإلكتروني بالدواسة في سيارة "ليكزس" من طراز "ES300". ولكن لم تقم شركة تويوتا بعمليات سحب كبيرة لمنتجاتها المتأثرة أو إيقاف إنتاجها حتى عام 2010. وبعد ثلاثة أعوام، عندما تمت تسوية القضية المرفوعة على شركة تويوتا، قال خبيرين شاهدين إن: "النظام كان معيباً وخطيراً، وامتلأت إجراءات الأمان فيه بأخطاء وثغرات كثيرة شكلت السبب الرئيسي لحوادث التصادم". كما وصف مبرمج لدى تويوتا تطبيقات التحكم بالمحرك بأنها "شبيهة بالإسباغيتي". تشكل طبيعة هذه الحالة المستنبطة وعدم وجود حلول لمشاكلها علامات واضحة على تطبيق نظام لا يتمتع بالكفاءة لمراجعة الجودة. لو كان هناك نظام جيد، لكان بإمكان القيادة العليا ملاحظة ذاك الخطأ شهراً بعد شهر، في وقت مبكر وعلى نحو متكرر، لتحثها على اتخاذ إجراءات فعالة لإنقاذ الأرواح.

يمكن لقادة الشركات، بل يجب عليهم التدخل عن قرب في جودة البرامج، تماماً كما يتدخلون في أقسام المبيعات والتمويل. وهذا يعني فهم طريقة عمل الفرق التقنية وتطبيق نظام إدارة للجودة.

طريقة قيادة العمل

لقد عملت في قسم الحاسب المركزي لدى شركة "آي بي إم" (IBM) عندما كانت كل من شركتي "آي بي إم" و"مايكروسوفت" تواجهان مشكلات في الجودة تسببت بإعاقة الأعمال ونشوء مشاكل في رضا العملاء. وفي أوائل التسعينات، واجهت شركة "آي بي إم" مشاكل خطيرة تتعلق بجودة المجال، بالإضافة إلى صعوبات في تلبية المواعيد النهائية للمنتجات الجديدة. كان الرئيس التنفيذي لويس جرستنر الابن محبطاً، لأنه علم في موعد إطلاق المنتجات الجديدة المفترض أن الشركة ستتأخر بإطلاقها عاماً كاملاً. فعرض جيرستنر في مذكرة أسطورية برنامجاً للعفو العام، وهو عبارة عن 30 يوماً لإعادة تحديد مواعيد التسليم النهائية، وبعدها سيكون عدم تلبية أي موعد سبباً للطرد.

وتم توكيل نيكولاس دونوفريو، النائب الأول لرئيس قسم التقنية والتصنيع، بمهمة إنشاء جداول جديدة. كان شعار دونوفريو: "كن صريحاً (بشأن جدولك وقضايا الجودة)، وسأكون قريباً (بشأن حصولك على الموارد المطلوبة)". لم يكن عليه العمل بصورة مباشرة على إدارة الأنظمة (سواء الأجهزة أو البرامج)، ولكن بما أنه كان القائد السابق لوحدة العمل، فقد كان لديه معرفة وعلاقات شخصية عميقة. وأعيد تحديد قرابة 80% من تواريخ المنتجات، وأنشأت وحدات المنتجات أنظمة إدارة الجودة المتكاملة. وبحلول عام 1999، كانت شركة "آي بي إم" قد أصبحت رائدة تصنيع خوادم الكمبيوتر العالمية، مع حصة سوقية تبلغ 23%.

وبالمثل، في تسعينات القرن الماضي، عانت شركة مايكروسوفت من عدة أخطاء في نظام التشغيل وندوز، ونتج عنها حالات كثيرة ومتكررة من توقف الأجهزة عن العمل وإصابتها بالجمود. اعتاد الناس على حالات الفشل هذه، والتي تتمثل بشاشة زرقاء تنبئ بموت الجهاز، ولكن أصيبت مايكروسوفت بعدها بمشكلات أخرى، فمع اتصال أنظمة ويندوز بالإنترنت أصيبت بكثير من الحالات المحرجة المتمثلة بالقرصنة والفيروسات والمشاكل الأمنية. واستجاب بيل غيتس للأزمة من خلال مذكرة أطلق فيها طلباً للمساعدة وأرسلها لجميع الموظفين في الشركة البالغ عددهم 50 ألفاً، ونشرها في الوقت ذاته في مجلة "وايرد" (Wired). حدد في هذه المذكرة مجموعة مبادرات "الحوسبة المأمونة" (trustworthy computing)، التي تهدف لتحسين كل من الأمان وتصميم المنتج، وأوجز المتطلبات الأساسية لنظام إدارة الجودة الواسعة (QMS)، بما فيها التغييرات في تصميم البرامج وعمليات التطوير والقدرات الجديدة للإبلاغ عن الأخطاء وميزات التحديث الجديدة. وبحلول عام 2000، تجاوزت إيرادات مايكروسوفت 20 مليار دولار، وقالت الشركة إن العملاء ذكروا خادم ويندوز 2000 الذي تم إصداره حديثاً بأنه أكثر إصدار جدير بالثقة حتى الآن.

ويوضح هذان المثالان كيف يمكن أن يلتف القادة حول تدهور الأقسام الهندسية عن طريق طرح أسئلة بسيطة ووضع معايير واعتبار أنفسهم جزءاً من العملية.

عندما تكون البرامج أمراً حاسماً، فالأخطاء هي أمر حاسم أيضاً

يجب التعامل مع إنشاء نظام إدارة الجودة الفعال الذي يشمل المهندسين والقيادة العليا على حد سواء كتمرين تطوري يبدأ بالتركيز على التأثير العالي منذ وقت مبكر. يجب أن يطرح الرؤساء التنفيذيون سؤالاً بسيطاً بشأن المنتج الذي تم شحنه مؤخراً:

1. "ما هي المعايير التي تم استخدامها لتحديد متى أصبح المنتج جاهزاً للشحن؟" وينبغي أن تكون هناك مناقشة واضحة بشأن مقدار الوقت الذي أمضي في اختبار النظام، ونوع الاختبارات المنجزة، والمعايير المحددة المستخدمة في قرار شحن المنتج.

2. "ما هي حالة العيب الراهنة بعد مرور الأشهر الستة الأولى؟" من الطبيعي أن نرى زيادة في العيوب بعد الشحن الأولي، وذلك بسبب زيادة الاستخدام في بيئات من واقع الحياة، ولكن ينبغي على القادة التحقق من كيفية قيام فرق الهندسة بتحديد أولويات الأخطاء وتصنيف أكثر العيوب خطورة. يمكن للقادة استخدام هذه المعلومات من أجل التعمق في البحث عن القياس الأساسي لعدد الأيام اللازمة لاكتشاف العيب، من أجل ضمان إصلاح أشد العيوب خطورة على وجه السرعة.

يوضح الجدول المدرج أدناه طريقة تصنيف نظام إدارة الجودة استناداً إلى إجابات هذين السؤالين. على المحور "ص"، تقوم بقياس مدى انعزال المعلومات بناءً على مدى سرعة الإجابة على الأسئلة. وعلى المحور "س"، تقوم بقياس استجابة المؤسسة على أسئلتك بناء على المدى الاستباقي لعمل الفريق لمعالجة الأخطاء. يمكن تحديد نظام إدارة الجودة "الناضج" من خلال مشاركة الفريق لمعلومات العيب بسرعة وجدية مع كبار القادة. أما في النظام "المضطرب"، تقدم الإجابات ببطء ومع قدر كبير من المقاومة.

في حال وجدت شركتك ضمن الربع المضطرب، عندئذ يجب أن تكون خطوتك الأولى هي على الفور إنشاء تركيز استباقي على العيوب من أجل الانتقال إلى ربع التعلم. هذا ما فعله كل من جيرستنر وغيتس. يجب أن يكون تركيزك على إنشاء بيئة تكافئ النزاهة ويشعر الموظفون فيها بالأمان لمناقشة الطرق والتقنيات المتبعة في معالجة عيوب البرامج. وفي هذه البيئة، ينبغي أن تتدفق المعلومات بيسر بين وحدات العمل المنفصلة المطلوبة، وهذا ما سينقل نظامك من ربع التعلم إلى ربع النضج.

إدارة الجودة على المستوى التالي

إذا كنت تبني نظام إدارة الجودة من الصفر، فخطوتك الأولى هي اختيار طريقة تصنيف المؤسسة للأخطاء وترتيبها كأولويات. يجب أن تنفذ ذلك فرق تتعامل مع الزبائن مباشرة بالتعاون مع الزبائن أنفسهم. عموماً، ستولي الفرق الأولوية لنوعين من الأخطاء: الأخطاء التي تتسبب في تعطل النظام وفقدان الخدمة (وهي التي صنفت على أنها شديدة الخطورة في شركة آي بي إم)، والأخطاء الأقل شدة مع إمكانية تفشيها.

ثم يجب عليك كمؤسسة أن تحدد وقت الاستجابة المستهدف لكل مستوى من الشدة. وإذا كان نظام إدارة الجودة جديداً، فيجب أن يكون التركيز الأولي على إصلاح أشد الأخطاء خطورة خلال ساعات أو أيام معدودة. وستتمكن مع استخدام النظام من جمع بيانات مقياسين أساسيين، وهما معدلات الأخطاء الواردة وإنتاجية من يعالجون الأخطاء، وتعديل أهدافك بحسب الحاجة. وأخيراً، ينبغي عليك إنشاء نظام مراجعة يشملك أنت وكبار القادة الآخرين. وينبغي إجراء مراجعات للعيوب المفتوحة والوقت اللازم لحل أي عيب بدرجات مختلفة من التفصيل على جميع مستويات المؤسسة.

وبمجرد إنشاء نظام إدارة الجودة، لا يتوقع أن يرى الرئيس التنفيذي كثيراً من الأخطاء القديمة، لأنه ببساطة لا أحد يرغب بتقديم نفس العذر لمدة شهرين متتاليين. كما يمكن للرئيس التنفيذي مراجعة جميع الأخطاء شديدة الخطورة والأخطاء الشائعة، ويمكنه طرح السؤالين البسيطين التاليين: "كيف تم إطلاق هذا البرنامج بوجود خطأ من هذا النوع؟" قد يجيب فريق تطوير المنتجات بمصطلحات هندسة البرمجيات متحدثين عن "عدم الانتباه"، وعندئذ يمكن أن يطرح الرئيس التنفيذي سؤالاً شبه بلاغي: "هل سنختبر هذه الحالات في المرة القادمة قبل إطلاق المنتج؟".

سيؤدي هذا النوع من أنظمة إدارة الجودة إلى تحسين تجربة الزبون. وكي تفهم مدى أهمية هذا الأمر، خذ مثلاً خطأ برمجياً أواجهه دائماً في نظام تفقد الحساب الإلكتروني لدى المصرف الذي أتعامل معه. إذ كثيراً ما يفشل رمز النفقات في العمل ويضطرني لإعادة تشغيل جهاز الكمبيوتر. واشتكيت مرات لا تحصى على مدى العام الماضي، وكل ما يقوله لي الموظفون في المصرف هو: "لقد أخبرنا قسم تقنية المعلومات بالمشكلة ولكننا لا نعلم ما إذا كان قادراً على إصلاحها". وهذا دليل على أن المصرف يفتقد نظاماً صارماً لإدارة الجودة، وهو ما يجعل مستشاريه الماليين يبدون عاجزين ويزعج عملائه، ولربما دفعهم إلى التعامل مع مصرف آخر. أتمنى لو كان بإمكاني إخبارهم أنهم قادرون على إجراء تحول، تماماً كما فعلت شركتي "آي بي إم" و"مايكروسوفت".

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي