كيف يمكن للشركات أن تستفيد من مراكز الابتكار من دون أن تغيّر مكان وجودها؟

15 دقيقة

في عام 2016، أعلنت شركة جنرال إلكتريك أنّها ستنقل مقرّاتها الرئيسة من ضاحية فيرفيلد بولاية كونيتيكت إلى وسط بوسطن، وذلك لأنها شعرت أنّ عليها أن تكون بالقرب من المشاريع التقنية الناشئة وأصحاب المواهب في بوسطن، لكي تصبح أكثر ابتكاراً ورقمنة – ولكي تضمن أيضاً أنها ستكون في صدارة أي تقنيات ناشئة مزعزعة. في حديث مع "وول ستريت جورنال"، اختصر المدير المالي لشركة جنرال إلكتريك، جيف بورنستاين، الميزات التي ينطوي عليها الانتقال إلى بوسطن كما يلي: "يمكنني أن أخرج من مكتبي وأزور أربع شركات ناشئة، أما في فيرفيلد فلم أكن أستطيع الخروج حتى من أجل شراء سندويتش".

لطالما أثّرت المدن الكبرى على الاقتصاد العالمي، ولكن التأثير الذي تُحدثه أهم تجمعات المواهب على الابتكار، مثل بوسطن وسان فرانسيسكو، أصبح جلياً أكثر. ففي عام 2017 وحده، بلغت حصة أكبر 10 مراكز تقنية في الولايات المتحدة من براءات الاختراع ما نسبته 58% على صعيد البلاد. وهذا يحصل أيضاً على الصعيد العالمي، إذ إنّ مدناً مثل طوكيو وباريس وبكين وشنجن وسيول تنتج قدراً كبيراً من براءات الاختراع. وأصبح التأثير المتزايد لمراكز الابتكار هذه يشكّل معضلة بالنسبة للشركات التي تمركزت قيادتها ومهاراتها تاريخياً في المجمعات الصناعية الموجودة في ضواحي المدن. الحضور في بؤر الابتكار ضروري غبر أنّ تكلفته عالية جداً، خصوصاً في مناطق الابتكار الضيقة في المدن، حيث تحدث معظم نشاطات التكنولوجيا الفائقة.

كيف يمكن للشركات الاستفادة بفعالية من فوائد هذه التجمعات في المدينة التي تضمّ المعرفة والمهارات؟ خلال عملي على تدفقات المواهب العالمية، رأيت أنّ الشركات الكبرى تتبع مقاربات ثلاث: إما تنقل مقرها الرئيس كما فعلت جنرال إلكتريك؛ أو تتبع طريقة أقل تكلفة يسهل عكسها، لتأسيس موطئ قدم فعلي، عبر تأسيس مختبر ابتكار أو مكاتب استطلاع للشركات في أحد تجمعات المواهب. أما الخيار الأكثر تحفّظاً فهو تنظيم معتكفات للإدارة التنفيذية والقيام برحلات انغماسية إلى تلك التجمّعات.

هذه الخيارات الثلاثة ليست حصرية (بمعنى أنّه يمكن تبنّي اثنين أو ثلاثة منها سوياً) خصوصاً وأنّ الشركات تحتاج إلى البقاء على اتصال بعدد من التجمعات، وكل خيار منها ينطوي على مخاطر كبيرة. ولكن مع استمرار نموّ تأثير بعض المدن العالمية، تشكّل هذه المقاربات دليلاً للشركات التي تجد نفسها خارج اللعبة في جغرافية الابتكار المركزة اليوم.

الخيار الأول: نقل المقر الرئيس

في حين نميل إلى ربط مراكز الابتكار برواد الأعمال والشركات الناشئة، إلا أنّ هذه المراكز تصبح أكثر فأكثر مجالاً للشركات القائمة أيضاً. قبل 20 سنة كان المبتكرون الذين يعملون في أفضل 10 مدن تشتهر بها نشاطات براءات الاختراع ينتجون أقل من نصف براءات الاختراع التي تقودها أكبر 50 شركة أميركية، والتي كانت تطور ابتكاراتها غالباً في مختبرات الشركات الكبرى التي تقع في مدن أصغر. وعلى النقيض من ذلك، في عام 2017، فإنّ المبتكرين الذين يعملون في أفضل 10 مدن شكّلوا ما نسبته 70% من براءات الاختراع المسجلة في "فورتشن 50" (Fortune 50). وبالتالي، انتقلت الشركات الكبرى من شركات ناقصة التمثيل في مراكز الابتكار إلى تجاوز التمثيل المتوسط على مستوى البلاد.

يعكس هذا التحوّل إلى حد ما تهجير الشركات المتجذرة في "فورتشن 50" من قبل شركات أخرى مبتكرة مثل ألفابت وأمازون. وفي المقابل، ثمة شركات قائمة أخرى تفعل مثل جنرال إلكتريك وتنقل مواردها إلى مراكز الابتكار. على سبيل المثال، في عام 2016، نقلت شركة كوناغرا (Conagra) للأغذية المعلّبة مقرّاتها الرئيسة من مدينة أوماها في ولاية نبراسكا إلى شيكاغو، وذلك من أجل جذب المزيد من أبناء جيل الألفية وتوظيف كبار أصحاب المواهب الذين يمتلكون خبرة في العلامات التجارية الاستهلاكية. في حين يشيد الرئيس التنفيذي شون كونوللي بمدينة أوماها، يقول لصحيفة أوماها وورلد هيرالد (Omaha World-Herald) إنّ "شيكاغو بيئة تتيح لنا الوصول إلى الابتكار وأصحاب المواهب في مجال بناء العلامات التجارية".

على الرغم من أنّ الانتقال بين الولايات يستحوذ على الاهتمام، فإنّ الشركات تترك المناطق الأقل اكتظاظاً المحيطة بتجمعات أصحاب المهارات إلى المراكز الحضرية. وفي بوسطن، تضم لائحة المؤسسات المنتقلة إلى وسط المدينة شركات مثل ريبوك (Reebok) وكونفيرس (Converse) وغيرها من شركات قطاع الاستثمار المخاطر المحلي. أشارت وكالة التوظيف المحلية ونتر وايمان (WinterWyman) إلى أنّ منطقة وسط مدينة بوسطن وكامبريدج تستحوذان على أكثر من 60% من عمليات التوظيف الأخيرة في مجال التكنولوجيا في المناطق الحضرية، مقارنة مع 5% قبل عقدين من الزمن. وفي هذا الإطار، أغلقت شركة كوناغرا منشأة في إحدى ضواحي شيكاغو لكي تتمكّن من نقل المزيد من فريقها التنفيذي إلى مقرّها الرئيس في وسط المدينة. كما أنّ شركات مثل ماكدونالدز وموتورولا سولوشنز (Motorola Solutions) وكرافت هاينز (Kraft Heinz) وحوالي 50 شركة أخرى انتقلت أيضاً من ضواحي شيكاغو إلى وسط المدينة. وقد لفت كريغ براون، الرئيس التنفيذي لشركة موتورولا، إلى أنّ نقل المقر الرئيس لشركته سيسرع من عملية التغيير الثقافي في الشركة ويسهل عملية توظيف مطوري البرمجيات وعلماء البيانات.

يمكن أن يكون تزايد الوصول إلى المواهب سبباً رئيساً، لأن حصة القوى العاملة ذات التعليم الجامعي والمنخرطة في المجالات الرقمية في المدن الرئيسة أعلى من المعدل الوطني بضعفين أو ثلاثة أضعاف. بالإضافة إلى ذلك، يرغب الكثير من الشباب الموهوبين بالعمل في وسط المدينة ضمن مكاتب جديدة وأنيقة وليس في مجمّعات قديمة في الضواحي تحيط بها الكثير من مواقف السيارات.

ولكنّ نقل المقرّات الرئيسة ينطوي على عدة مخاطر، فهو يمكن أن يكون صعباً جداً، ويتطلب الكثير من الوقت، ومكلفاً للغاية على الشركات القائمة الكبيرة. وذلك لأنّ الحاجة إلى التخلص من قوى عاملة قائمة، وتغيير مواقع العملاء المتوارثين، وإنشاء روابط ومسؤوليات سياسية محلية جديدة، تعني أنّ أيّ عملية انتقال ستكون مزعزعة وتوازي المزايا التي قد توفرها تجمعات المواهب. والأصعب من ذلك أنّ نقل المقر الرئيس أمر يصعب عكسه. ولأن الأماكن التي يتركز فيها المواهب تتغير باستمرار فقد ينتهي الأمر بالشركات الكبرى إلى الاستثمار المفرط في ميزة تنافسية مؤقتة – في خمسينيات القرن الماضي كانت منطقة وادي السيليكون بالكاد تشكّل نقطة على الخريطة الاقتصادية في حين كان ديترويت مركزاً للصناعة سريعة النمو.

تتمثّل إحدى طرق التخفيف من هذه المخاطر في بناء مقر رئيسي أصغر يركّز على الابتكار والحاجات الرئيسة لأبرز صانعي القرار. وفي هذا السياق، تعمل شركة جنرال إلكتريك على نقل أقل من 800 موظف (من أصل 300,000 شخص ضمن قواها العاملة) إلى بوسطن، وهم فقط من أولئك الذين يركزون على الابتكار والرقمنة. في بعض الشركات القائمة، يعمل القادة الكبار عن بعد، خصوصاً إذا كانت جداول أعمالهم مليئة بالسفر. كما أنّ المقرات الرئيسة الجديدة للشركات الكبرى لم تعد تشبه مقرات الشركات الصناعية العملاقة، بل بدأت تماثل وتعمل مثل مكاتب الشركات الناشئة "وحيدة القرن" التي وصلت قيمتها إلى مليار دولار (اليونيكورن). وتقنيات التواصل والاتّصال تسمح لمراكز القيادة في الشركات الكبرى بالإشراف على عمليات التشغيل على نطاق أوسع ومجال أكبر، وذلك انطلاقاً من مقرّ قيادة صغير.

يشير هذا إلى الخطر الثاني الكبير الناجم عن نقل المقر الرئيس: وهو أنّ الأفكار التي تولد داخل مركز المواهب تفشل في الانتقال إلى باقي أعضاء الشركة. لن تستفيد الشركة العالمية من المفاهيم الجديدة المعتمدة في بوسطن وبرلين إلا إذا حسنت من إنتاجيتها وعملياتها حول العالم. كما أنّ نقل المدراء التنفيذيين الرئيسين إلى تجمعات المواهب يمكن أن يبعد القادة عن الموظفين في الشركة، في وقت تميل المقرات الرئيسة للشركات الكبرى في الضواحي إلى تقليل المسافة بين موظفيها. ونتيجة لذلك، ينبغي التفكير بعناية في نشر المعرفة المكتسبة عبر منشآت الشركة.

يمكن لعملية تناور المواهب تخفيف هذا الخطر. فقد أظهرت دراسة أجراها مركز هندي للأبحاث والتطوير في شركة رائدة متعددة الجنسيات، أنّ رحلات العمل القصيرة إلى مقرات الشركة الرئيسة في الولايات المتحدة عززت إنتاجية العلماء والمهندسين بعد العودة إلى الوطن، وذلك لأنّهم حصلوا معرفة تقنية وأنشأوا علاقات شخصية أقوى مع القادة في المقرات الرئيسة، وكانوا أكثر قدرة على مطابقة مهارات الأشخاص مع المهام الموكلة إليهم. وما يتعلّمه المزيد من الشركات، أنّ تقنيات التواصل لا تشكل بديلاً عن حركة الأشخاص إنما مكملاً لها. نعم، تقنيات مؤتمر الفيديو الرائعة تساعد، ولكن لا شيء أفضل من الاجتماع وجهاً لوجه لبدء علاقة جديدة أو لتجديدها.

الخطر الثالث يكمن في الضغط السلبي وفقدان رأس المال السياسي. لا تريد أيّ مدينة لشركة رائدة أن تغادرها، ولكن إمكانية الاضطراب ستمتد إلى مواقع جديدة أيضاً. تسعى الشركات للحصول على إعفاءات ضريبية وحوافز أخرى لمقرّها الرئيس الجديد، وهذا فعل توازن دقيق يهدف إلى ضمان معاملة تفضيلية وتريد منه الشركات أن يُنظر إليها كشريك في المدينة الجديدة أيضاً. تعرضت شركة أمازون لانتقادات بسبب المناقصة متعددة الأطراف التي أقامتها والحوافز التي سعت اليها عندما كانت تبحث عن مواقع لمقرها الرئيس الثاني في أميركا الشمالية. وعندما بدأت شركة آبل بالبحث عن موقع رابع في الولايات المتحدة، ذكر المدير التنفيذي تيم كوك، في حديث مع موقع ريكود (Recode) أنّ شركته لن تعقد مسابقة ملكة الجمال مثل أمازون، "فليست آبل من يقوم بمثل هذا".

يجب أن ينطوي نقل المقر الرئيس على توقعات كبيرة أيضاً، إذ ينبغي التأقلم مع أي تغيرات في قيادة الشركة والتقلبات في أداء الشركة. بعد وقت قصير من تولي جون فلانيري في عام 2017 منصب الرئيس التنفيذي لشركة جنرال إلكتريك، أعلنت الشركة أنّها ستؤجل عملية البناء في المبنى الجديد في بوسطن والذي تبلغ تكلفته 200 مليون دولار. وبعد إعلان جنرال إلكتريك في الخريف الماضي عن إلغاء لآلاف الوظائف، وهو قرار طال العاملين في بوسطن، تساءل كاتب في إحدى الصحف المحلية "هل تم بيع خردة إلى بوسطن؟". لا تزال جنرال إلكتريك ملتزمة بمقرّها الرئيس الجديد، ولكنها أيضاً تعيد التفكير في دور المقر الرئيس إذ إنها تعمل على إعادة تنظيم نفسها.

ثمة خطر رابع يجب على الشركات أن تحذر منه وهو "الدلو المثقوب". على الرغم من أنّ عملية التوظيف أسهل على الشركات في مراكز الابتكار، فيمكن أن ترى أيضاً أنّه من السهل أيضاً للأفكار وأصحاب المواهب أن يغادروها. أن تكون شركة محلية جذابة في إحدى التجمعات البارزة، فهذا يعني الاستعداد لمواجهة آبل وسبوتيفاي مع رواتب ومزايا تنافسية.

وأخيراً، هناك خطر لحدوث عواقب غير مقصودة وغير متوقعة. وفي هذا الصدد، تشير الأبحاث على سبيل المثال إلى أنّ الشركات قد تغلق المصانع البعيدة عن المقر الرئيس أكثر من المصانع القريبة منه. فنقل المقرات الرئيسة يغير العمل الداخلي للشركة بطريقة مادية، كما يؤدّي إلى تبنّي الشركة المزيد من ثقافة المدينة الجديدة - والتي كانت غالباً نقطة التحرّك - وسيكون للمدراء التنفيذيين مجموعة جديدة من الزملاء في المستقبل. ولكن بالنسبة للتنفيذيّن والمدراء الذين يتطلعون إلى تحويل مؤسساتهم جذرياً، فإن هذه المخاطر كلّها قد تكون مضمونة.

الخيار الثاني: إنشاء مكاتب استطلاع ومختبرات ابتكار

في الكثير من الشركات لا يكون موضوع نقل المقر الرئيس متاحاً للنقاش. في أيلول/سبتمبر 2017، أي في الشهر نفسه الذي بدأت فيه أمازون بحثها عن مقر رئيسي ثان في أميركا الشمالية، أعلنت وول مارت بناء مقر مكتب رئيسي جديد في مدينة بنتونفيل في ولاية أركنساس والتي تُعتبر موطنها على مدى عقود. ولكن حتى لو بقيت وول مارت متجذّرة إلى الأبد في أركنساس، فلا نية لديها بالانسحاب من معركة الظفر بأفكار تجمّعات المواهب، لصالح شركات مثل أمازون (في سياتل) وعلي بابا (في هانغتشو). ولذلك، تركّز مختبرات وول مارت (Walmart Labs) التي افتتحت في عام 2011 في وادي السيليكون على تحقيق تقدّم في مجالات تتراوح بين التسوق الممكن بالصوت، والتعهيد الجماعي لعمليات التسليم والتوصيل، وذلك في إطار التجارة الإلكترونية.

الكثير من الشركات التي توازي بحجمها جزءاً صغيراً من شركة وول مارت قد افتتحت مكاتب استطلاع مشابهة من أجل الوصول إلى تجمعات المواهب الهامة في القطاع الذي تعمل فيه. ومثل هذه المكاتب يمكن أن تؤدي عدداً من الوظائف،

فبعضها يضم ببساطة فريقاً يستمع إلى ما يجري على الصعيد المحلي ويستكشف فرص تطوير الأعمال، والبعض الآخر يؤسس مختبر ابتكار مثل مختبر الابتكار الخاص بشركة وول مارت والذي يعمل على تطوير تقنيات جديدة. من جهتها، تركّز شركات أخرى على تأسيس صندوق استثمار مغامر (أو ما يسمى بصندوق استثمار جريء) ضمن الشركة – لتحقيق عائد مالي على الاستثمارات، والأكثر من ذلك، للاطلاع على التطورات الجديدة.

تستفيد الشركات من الابتكار أكثر عندما تستحوذ على أفضل الأفكار، وليس عندما تكون أفكارها المتوسّطة أفضل. والحضور الفعلي (المادي) في التجمعات الرائدة يساعد الشركات على التواصل مع أقوى المفاهيم الناشئة في القطاع الذي تعمل فيه. يُعتبر إطلاق مكاتب الاستطلاع للشركات غير مكلف كثيراً، على الأقل بالمقارنة مع عملية نقل المقرّ الرئيس. بعض الشركات تشتري مقرّاً رئيساً بطريقة ذكية وفعالة عبر الاستحواذ على شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا، مثلما فعلت وول مارت عند إطلاق مختبرات وول مارت، حيث اتخذت خطوة مهمة وهي شراء شركة كوزميكس (Kosmix) في عام 2011.

تريد الشركات غالباً الحضور في اثنين من التجمعات أو أكثر، فلا أحد يعرف أين ستظهر الفكرة المثالية المقبلة، كما أنّ الشركات يمكنها المنافسة بشكل أفضل على أصحاب المواهب عندما تلج أكثر من تجمّع في وقت واحد. على سبيل المثال، أنشأ معهد أبحاث مايكروسوفت (Microsoft Research) شبكة من المختبرات خارج ريدموند في واشنطن، وهي تنتشر في مواقع مثل كامبريدج في ماساتشوستس؛ وكامبريدج في إنجلترا؛ ونيويورك؛ ومونتريال؛ وبكين؛ وبنغالور. وشركة هاير الصينية الكبرى للأجهزة المنزلية الرئيسة تمتلك 5 مراكز بحث وتطوير ضمن أفضل التجمّعات وخارجها في كل من الولايات المتحدة وأوروبا واليابان وأستراليا والصين، وهي تساعدها في لعب دور في مجال إنترنت الأشياء.

تتمثّل إحدى المخاطر الرئيسة لمكاتب الاستطلاع في "الحذر للغاية حول إنفاق مبالغ صغيرة من المال وعدم الحذر بما يكفي حول مبالغ أكبر من المال" عند اختيار العقارات، فالموقع الجغرافي مهم حتى داخل المدن. وتكاليف الانتقال إلى موقع قريب من طريق ساند هيل أو ماركت ستريت أعلى بكثير من تكاليف الانتقال إلى أماكن أخرى في منطقة سان فرانسيسكو - وكذلك هي الفوائد. يمكن توضيح الصورة هنا أكثر عبر دراسة تناولت وكالات الإعلان في مانهاتن: تنتج هذه الوكالات أكثر من ربع الإعلانات في الولايات المتحدة، وتعتمد على شبكة العلاقات الشخصية من أجل أن تتقاسم العمل على المشاريع فيما بينها، وبالتالي تقسيم الأعمال الكبرى إلى أجزاء يمكن العمل عليها بشكل مستقل من قبل كلّ شركة على حدة. تُظهر الدراسة أنّ عملية التشارك هذه تضمحل سريعاً كلّما كانت المسافات أبعد، وتختفي كلياً عندما تكون الشركتان بعيدتين عن بعضهما أكثر من نصف ميل. وبالتالي، لكي تنجح وكالة الإعلانات في الاستفادة من السوق، فهي لا تحتاج إلى عنوان في نيويورك فحسب بل أيضاً إلى عنوان داخل عدد من المواقع في حي ماديسون أفنيو.

الخبر السار هو ظهور بائعي عقارات يوفّرون مساحات أقل تكلفة للشركات من أجل إنشاء مكاتب استطلاع. فشركة سي آي سي (CIC) لمساحات العمل المشتركة، على سبيل المثال، الموجودة في قلب ميدان كيندال سكوير في كامبريدج، في ولاية ماساشوستس، تقدّم مساحات مكتبية بمرونة عالية وعلى أساس شهري. أنشأت سي آي سي باقات مناسبة لمكاتب استطلاع الابتكار التي تطلقها الشركات الكبرى، ومن بين عملائها أمازون وباير وبرايس ووترهاوس كوبر ورويال داتش شل (Royal Dutch Shell). بالإضافة إلى ذلك، تنظّم سي آي سي برنامجاً يُعرف باسم "كابتنز أوف إنوفايشن" (Captains of Innovation) الذي يربط الشركات الكبرى بمبتكرين محليين.

تكمن إحدى مزايا مكتب الاستطلاع في أنه يمكن للشركة اختبار الأمر والبدء مع فريق صغير، مع الإبقاء على خيار الاستثمار مفتوحاً. كانت شركة جنرال إلكتريك، قبل 5 سنوات من إعلان انتقالها إلى بوسطن قد أطلقت مكتب استطلاع في وادي السيليكون لتعزيز جهودها في الابتكار الرقمي. استضاف المكتب الصغير الذي يتسع لشخص واحد مديراً تنفيذياً واحداً هو بيل روه القادم من شركة سيسكو من أجل إدارة المختبر الجديد. وخلال السنوات الثلاث التالية استطاع زيادة حجم المكتب ليضمّ حوالي 150 شخصاً، حيث وظّف مواهب من وادي السيليكون بشكل حصري تقريباً. وبالتالي، ساهمت استراتيجية الإطلاق هذه في إبقاء الاحتياجات المبدئية صغيرة، وسمحت لراش بمواءمة الأداء مع ممارسات وادي السيليكون بدلاً من التقيد بمبادئ جنرال إلكتريك النموذجية. في المحصلة، نما فريق راش ليصل عدد أعضائه إلى 1,800 موظف ويصبح في نهاية المطاف وحدة أعمال بحدّ ذاتها أصبحت الآن تحمل علامة جي إي ديجيتال (GE Digital).

إذا لم تنجح مكاتب الاستطلاع فيمكن للشركة إغلاقها، ولكن هذه العودة دونها مخاطر. غالباً ما تريد الشركات إنجاز الأمور بسرعة اعتقاداً منها بفشل العملية لأن لديها توقعات غير واقعية حول سرعة ظهور النتائج. ينبغي على القادة أن يفهموا أنّ بناء العلاقات يتطلّب وقتاً، وأنّ فترة ثلاثة إلى ستة أشهر غير كافية. ما يميز تجمعات المواهب هو ضخامة الحجم والتنوع في النشاط. على سبيل المثال، فإن حجم الاستثمار في الشركات الناشئة التي تستضيفها مساحة الأعمال سي آي سي وحدها يتجاوز حجم الاستثمار المغامر (الجريء) في معظم الولايات الأميركية. ثمة الكثير من الأمور التي يجب تعلمها لكي يصبح مكتب الاستطلاع فعالاً، وعملية الاكتشاف تتطلّب وقتاً، وهذا ينطبق بشدّة على المؤسسات التي تستثمر في تجمعات بعيدة عن مقرها الرئيس.

ثمة خطر آخر يتمثّل في أنّ الفرق الصغيرة البعيدة عن مركز الشركة الأم يُنظر إليها على أنّها عاجزة، ما يقلّل من أهمية مدراء مكاتب الاستطلاع بالنسبة لرواد الأعمال والمبتكرين المحليين. وبالتالي، فإنّ دعم الموظفين المحليين من أجل إبرام صفقات متواضعة نيابة عن الشركة يسرّع من عملية تعزيز مكانة قادة مكاتب الاستطلاع.

ربما يكون الأمر الأكثر أهمية هو اختيار مدراء مكاتب الاستطلاع، فمصداقية هؤلاء المدراء التنفيذيين الشخصية مهمة للشركة كما لمركز تجمّع المواهب.

من الطرق التي يمكن اتباعها هي اختيار فريق إطلاق مكوّن من "الأفضل في العالمين" من خلال الجمع بين مدير قادم من المقرّ الرئيس وموظّف نجم يعمل في مركز التجمّع. عندما تدخل شركة أجنبية إلى الولايات المتحدة، تكون هذه المواهب المحلية، في كثير الأحيان، من الوافدين الذين يحملون جنسية المؤسسة الأم نفسها.

الخطر الأخير الذي يحدق بمكاتب الاستطلاع يتمثّل في أنّ أفضل الأفكار والابتكارات لن تعود إلى الشركة الأم بفعالية. فقد أظهرت دراسات لبيانات براءات الاختراع أنّ عمليات نقل الابتكار الداخلية الضعيفة تبرز أكثر في البيئات العابرة للحدود. وهذا يمكن أن يفسر خيبة أمل الكثير من الشركات بسبب عوائد العمل على الابتكار خارج الحدود – ما يعني أنّ النتائج قد تبقى معزولة في مكانها إذا لم توضع الشروط الصحيحة.

يتمثل أحد الإجراءات المضادة الفعالة في تعزيز نقل المعرفة الدولية عن طريق توزيع فرق تعاونية في المواقع المختلفة للشركة. وبهذه الطريقة، يُرجح أن تُبنى ابتكارات الشركة على براءات الاختراع التي تقودها في عدة مواقع. يُستخدم هذا النهج على نطاق واسع عندما تفتح الشركات منشآت دولية جديدة، وذلك إما لحماية الملكية الفكرية على سبيل الاحتياط، أو ببساطة لدعم العمليات الجديدة. والآن، تشكل الفرق التعاونية عبر الحدود 13% من براءات الاختراع لدى الشركات الأميركية الكبرى، بعد أن كانت 1% فقط في عام 1975. على الرغم من أنّ هذه الفرق العالمية تحتاج إلى أن تُدار بعناية (انظر مقالة تسيدال نيلي في "هارفارد بزنس ريفيو" (HBR) بعنوان "الفرق العالمية التي تنجح"(Global Teams That Work)، أكتوبر/تشرين الأول 2015)، فمن المرجح أن تزداد أهميتها مع سعي الشركات المتزايد للوصول إلى تجمعات أصحاب المهارات.

الخيار الثالث: معتكفات الإدارة التنفيذية والرحلات الانغماسية

يمكن أن تكون زيارات المدراء إلى أفضل تجمعات المواهب طريقة فعالة من حيث التكلفة تهدف إلى زيادة الوعي والحماس حيال الجهود المبذولة لتسريع الابتكار وتغيير نماذج الأعمال والمقاربات الإدارية. وعلى الرغم من أنّ زيارة لمدة أسبوع نادراً ما تحقق للشركة مبتغاها، إلا أنّها يمكن أن تساعد المسؤولين التنفيذيين على تكوين صورة عما يحدث خارج الشركة وكيف يمكن لشركاتهم أن تتفاعل مع الأمر. في عام 2015، شعر المسؤولون التنفيذيون في المصرف الأوروبي الكبير "المجموعة المصرفية الهولندية متعددة الجنسيات"، والتي تعرف اختصارا باسم "أي إن جي" (ING)، بأنّ مؤسستهم التي تحقق الأرباح والمستقرة بحسب الظاهر، لم تكن تستفيد من إمكاناتها الكاملة في قطاع الخدمات المالية الذي تحدث فيه ثورة سريعة. لذلك قاموا بزيارات إلى كل من سبوتيفاي وجوجل ونتفليكس وزابوس وغيرها من الشركات المبتكرة لاستكشاف إمكانيات جديدة، فكان أن قادت تلك الرحلات المدراء التنفيذيين إلى إعادة تصوّر شركة إي إن جي كمؤسسة أصغر مع تركيز أقوى على العملاء. ولتنفيذ هذه الرؤية، عمدت الشركة إلى اعتماد منهجية الفرق المرنة (أجايل Agile) على امتداد أقسامها، وخفّضت عدد الموظفين في مقرّها الرئيس هولندا بنسبة 25%، وأعادت تصميم منشآتها بحيث تكون ذات مساحات مفتوحة ومن دون مكاتب (حتى للرئيس التنفيذي) وذلك من أجل تعزيز التفاعل بين أعضاء الفرق. وكان على كلّ شخص في المقرّ الرئيس أن يتقدّم بطلب توظيف مجدداً، كما تمّ تغيير جميع الوظائف في ظلّ النظام الجديد. بدأت عملية التحوّل هذه في عام 2015، وكان الرئيس التنفيذي فنسنت فان دن بوغيرت سعيداً للغاية بالمكاسب التي حققتها إي إن جي هولندا منذ ذلك الحين في ابتكار المنتجات وتحقيق رضاء العملاء واكتساب أصحاب المهارات الرقمية.

شركة الاتصالات العالمية فودافون (Vodafone) جعلت من الانغماس التنفيذي جزءاً من استراتيجيتها للابتكار. يقع مقرّ الشركة الرئيس في لندن التي تُعتبر تجمّعاً رئيسياً لأصحاب المواهب، ولكنّ الرئيس التنفيذي المنتهية ولايته فيتوريو كولاو يشعر أنّه ينبغي على "فودافون" أن تستفيد من تجمعات أخرى لمجاراة أحدث التقنيات في قطاع الاتصالات وغيرها من التقنيات المتقدمة التي تؤثر على عمليات التشغيل. ولذلك يذهب 50 من كبار المسؤولين التنفيذيين في فودافون، في كل عام، في رحلة لمدّة أسبوع كامل إلى وادي السيليكون من أجل توسيع آفاقهم. الكثير من الشركات الأخرى تنظم زيارات مماثلة إلى نيويورك ولندن وبوسطن وشنغهاي، وغيرها من تجمعات المواهب، لمدرائها التنفيذيين أو أعضاء مجلس الإدارة. (وأنا شخصياً نظّمتُ رحلة انغماس للشركة إلى بوسطن، وهذه المقالة تعتمد على التجارب التي خضتها هناك. ويجدر بالذكر أنّ الشركات المذكورة هنا لم تكن ضمن قائمة العملاء الخاصة بي).

الشركات التي أعمل معها لا تستثمر كثيراً في رحلة الانغماس لسببين: يرى المسؤولون التنفيذيون هذه الرحلات على أنها شبه إجازة، أو لا يمكنهم إخراج أنفسهم من دوامة رسائل البريد الإلكتروني المتعلّقة بعمليات التشغيل اليومية مع الفريق. يجب أن يلفت الرئيس التنفيذي عناية جميع المشاركين إلى التكاليف المرتفعة لرحلة الانغماس - وبخاصة تكاليف الفرص المرتبطة بوقت المسؤول التنفيذي. ستساهم عمليات التفويض التي يجريها الرئيس التنفيذي فيما يتعلق بالأعمال التحضيرية للرحلة بتحديد النبرة، ولا شيء يمنع المديرين التنفيذيين من استخدام هواتفهم الذكية سوى يقظة الرئيس التنفيذي وشغفه. فالعقلية الشاملة للقادة تؤدي إلى نجاح رحلة الانغماس، لذا يجب التخطيط لهذه الرحلات في أوقات يكون فيها هذا النوع من التفاني واقعياً بالنسبة للفريق التنفيذي.

الخطر الثاني يكمن في أنّ المشاركين في رحلة الانغماس لن يتعمقوا في الأمر بما يكفي. ففي حين يمكن أن تكون الزيارات إلى الشركات المحلية غنية بالمعلومات وملهمة، فهي لن تكون كذلك إذا لم تطّلع على جولات مهنية سابقة. على سبيل المثال، ازدادت فعالية زيارة إي إن جي إلى سبوتيفاي عندما تطرق أفراد شركة الموسيقى السويدية إلى الربط بين التكاليف والتحديات الناجمة عن اتباع المنهجية المرنة (أجايل) ولم يكتفوا بالحديث عن الفوائد وحسب.

من الطرق (النادرة) لتعميق الانغماس هي ذهاب فريق القيادة إلى الخارج لفترة طويلة. وهذا ما فعلته فنادق ستاروود (Starwood Hotels) عندما نقلت مقارها الرئيسة بالكامل من أميركا إلى الصين والهند والإمارات العربية المتحدة في إطار رحلات انغماس تدوم لشهر كامل، من أجل الحصول على أفكار حول التكنولوجيا والخدمات المبتكرة في الأسواق الناشئة. وعندما تكون الزيارات قصيرة، ينبغي على الشركات الزائرة أن تنظّم جلسات هادفة مع خبراء محليين (مثل قادة قطاع الأعمال وأعضاء هيئات التدريس في الجامعات) من أجل تحقيق أكبر قدر من التعلّم.

نقلت "فنادق ستاروود" مقارها الرئيسية بالكامل من أميركا إلى الصين والهند والإمارات العربية المتحدة في إطار رحلات انغماس تدوم لشهر كامل.

يجب على الشركات أيضاً التأكّد من أنّ الأفكار التي تجمعها خلال زياراتها ستُطبّق في موطنها. فقد تؤدّي زيارة انغماس واحدة إلى تغيير قصير المدى عندما تكون لا تزال عالقة في رأس المسؤولين التنفيذيين، ولكن هذه الدروس قد تزاحمها أولويات أخرى عما قريب. لذا يُعد ربط رحلة الانغماس باستراتيجية عادية أو عملية بناء القيادة طريقة جيدة للاستفادة من منافعها. كما أنّ رحلة الانغماس التي يكون لها روابط واضحة مع عمل الشركة المهم قبل وبعد الاجتماعات ستُحدث التأثير الأكبر، ويجب على المدراء التنفيذيين أن يقضوا بعض الوقت خلال الرحلة نفسها في مناقشة وتطبيق الأفكار.

تقدّم شركة فودافون مثالاً جيداً حول كيفية الاستفادة من الأفكار الناتجة عن رحلة الانغماس في موطن الشركة. فقد دعت فودافون 250 من كبار موظفيها إلى لندن للمشاركة في جلسات تدريب حول التقنيات المتقدمة التي درسها 50 من كبار قادتها. وساهم هذا البرنامج الذي تضمّن تمارين مثل بناء برمجية محادثة آلية (chatbot) لطب القهوة في تآلف قادة الصف الثاني في الشركة مع التقنيات الجديدة. ومن أجل نشر هذه الأفكار في جميع أنحاء المؤسسة الكبيرة، عمدت فودافون إلى تطبيق التوجّهات التكنولوجيا الناشئة التي حدّدتها، وذلك على شكل برامج تعليم مخصّصة منشورة على المنصّة الرقمية الخاصة بها، جامعة فودافون (Vodafone University).

يتمثّل الخطر الأخير في أنّ المسؤولين التنفيذيين قد يحملون في عودتهم أفكاراً خاطئة. تتفوّق التجمعات عندما يتبنّى المجتمع المحلي الأولويات ووجهات النظر نفسها، مثل الاحترام الكبير في وادي السيليكون للأشخاص الذين يطلقون شركات تغيّر قواعد اللعبة. ولكن يمكن لأيّ مكان متماسك أن يعاني أيضاً بسبب التفكير الجماعي، فروحية "تحرّك بسرعة وحطّم الأشياء" المنتشرة في وادي السيليكون قد جعلت الكثير من عمالقة التكنولوجيا يغفلون عن قضايا مثل الخصوصية وأمن البيانات والرقابة. قد ينبهر المسؤولون التنفيذيون المشاركون في رحلات الانغماس بأمور خاطئة، بينما يجب أن يكونوا مستمعين جيدين ويطرحون الأسئلة.

الميزة القوية للمشهد التجاري الحالي تتمثّل في التركيز المتزايد لنشاط الابتكار – وأصحاب المواهب الاستثنائيون المرتبطون به – في عدد صغير من التجمّعات الجغرافية. ومع استمرار التقنيات الجديدة في زعزعة القطاعات، فإنّ مصير الشركات يتّجه أكثر فأكثر لأن يتحدّد في هذه المناطق النشطة. وبالتالي، من خلال اتّباع إحدى المقاربات، أو أكثر، من تلك التي أشرت إليها هنا، يمكن للشركات الوصول إلى المعلومات الاستخبارية الخاصة بالأعمال في هذه المواقع الرئيسة ومواكبة وتيرة التغيير السريعة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي