أسئلة القراء: ماذا أفعل إذا كان رئيسي في العمل لا يمتلك الكفاءة اللازمة؟

7 دقائق
التعامل مع المدير الضعيف
shutterstock.com/Andrey_Popov

إليك الإجابة عن كيفية التعامل مع المدير الضعيف تحديداً.

سؤال من قارئ: أنا سيدة تبلغ من العمر 24 عاماً، وبدأتُ العمل منذ أن كنت في التاسعة عشرة من عمري. واعتدت على بيئة مكتبية محمومة ذات وتيرة سريعة، وألفت أعباء عمل كبيرة في مقابل أجر محدود، في الوقت الذي كنت أرتاد فيه الجامعة وأحاول أن أخصص وقتاً لحياتي الشخصية. منذ تسعة أشهر، تقلدت منصباً في شركة جديدة، لأنهم عرضوا عليّ راتباً أكبر بكثير ومنصباً أعلى. وكنت آمل أن أنفذ مشروعات على مستوى أعلى، وأن أتعلم منها. لكنني الآن أعمل في بيئة تعج بموظفين ملولين يحملون على عاتقهم أعباء عمل مهولة، وتحت قيادة رئيسة غير مؤهلة، ولكنها مدمنة لعملها، ولا تقود فريق العمل إلى أي نتيجة ملموسة. وليس لدى الموظفين أي إيمان يُذكر بما يقومون به من عمل، وهم يتحاورون كل يوم حول مدى سوء عملهم. وثلاثة من الزملاء الجدد قدموا استقالاتهم خلال الفترة التي أمضيتها في الشركة. والشركة يغلب عليها الطابع السياسي والهرمي بشدة، كما أن العديد من المديرين الأعلى منصباً يطلبون مني مراراً وتكراراً أن أشرح لهم عملي. وحتى عندما أجتهد في العمل لفترة تتراوح بين عشرة ساعات واثنتي عشرة ساعة، لا ترضى عني مديرتي المباشرة قط، وتقول لي "كان من الممكن أن يكون أداؤك أفضل".  أعتقد أن مديرتي، على المستوى الشخصي، إنسانة صالحة، غير أنها ليست على قدر من الكفاءة يؤهلها للقيام بعملها، وأشعر أن يأسي يزعجها ويجعلها تظهر بمظهر سيئ أمام الآخرين. ولا أعرف كيف أتعامل مع هذا الموقف. إنه موقف قاتل. وهو يؤثر فيّ وجدانياً ومهنياً. لكنني أخشى الاستقالة، لأنني ربما أجد بيئات العمل الأخرى مشابهة مع أجر أقل، ولهذا فسؤالي هو:

كيف يمكنني التعامل مع المدير الضعيف وكيف ينبغي أن أتصرف مع هذه الرئيسة التي لا تمتلك الكفاءة التي تؤهلها للقيام بعملها؟

يجيب عن سؤال التعامل مع المدير الضعيف تحديداً:

دان ماغين: مقدم برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.

أليسون بيرد: مقدمة برنامج "ديير آتش بي آر" من هارفارد بزنس ريفيو.

ديفيد ديستينو: أستاذ علم النفس في جامعة "نورث وسترن". 

ديفيد ديستينو: في البداية لمعرفة كيفية التعامل مع المدير الضعيف يجب أن تعلم أنه لسوء الحظ تبدو هذه أجواء مسمومة جداً. وظنّي أنكِ تواجهين مُقايضة في هذا الموقف، أنا أسميها مقايضة متداخلة الأزمنة. وهي المقايضة ما بين الصالح على المدى القصير والصالح على المدى البعيد. كثيراً ما نخدع أنفسنا؛ إذ نظن أن الشيء الذي يعود علينا بعائد عظيم على المدى القصير سيكون أفضل لمشوارنا المهني في المستقبل. ولكن، في هذا السياق يبدو أن بيئة العمل مُرهقة جداً، غير أن الراتب رائع. إلا أن معلوماتنا عن أجواء العمل المسمومة كهذه تُفيد أنها ستترك أثراً سلبياً على صحتك ورفاهتك.

أليسون بيرد: رأيك أنه يتحتم عليها الرحيل؟

ديفيد ديستينو: أعتقد أن عليها أن تدرس فكرة الرحيل. إذا قلتِ إنك تخشين الرحيل، فهذا بالنسبة لي مؤشر على أنك تريدين الرحيل، لكنك قلقة من إخفاقك في العثور على وظيفة تضمن لك الراتب نفسه، أو أن تَجدي جميع الشركات ذات أجواء مسمومة كهذه التي تعيبين في شركتك الحالية. أعتقد، وبوضوح، أن الموقف مختلف. تتباين أماكن العمل بشكل كبير من حيث ثقافتها. ولكن، لو كان الراتب هو السبب الوحيد لبقائك، فأعتقد أنه من الواضح جداً أنك لن تودي الاستمرار في هذه الشركة، أو حتى لن تقدري على الاستمرار فيها لفترة طويلة، بسبب الأثر السلبي الذي ستتركه عليك نفسياً وجسمانياً.

أليسون بيرد: لقد نشرنا موضوعاً رائعاً، لتوماس شامورو - بريوزيك تحت عنوان "5 مؤشرات على أن الوقت قد حان لوظيفة جديدة". وثمة أربعة مؤشرات تنطبق على صاحبة هذه المشكلة. فهي لا تتعلم شيئاً جديداً. وتشعر أنها لا تلقى التقدير الذي تستحقه. وهي تكره رئيستها في العمل. وتقوم بعملها، فقط، طمعاً في الأجر. لهذا كله، أنا أشعر أنه ينبغي أن ترحل، ما لم تكن هناك بعض الظروف المخففة. كيف لها أن تبادر بالرحيل إذاً؟

ديفيد ديستينو: علينا أن نتذكر أنكِ إن أردتِ الرحيل، فليس هناك ما تخشينه، لأنني أؤمن بشكل خالص - إذا ما وضعنا في الاعتبار رحيل آخرين والضغوط التي تتعرضين لها - أنه كلما سارعتِ بالرحيل كان أفضل لكِ. كذلك، استغلي المكاسب المحدودة التي جنيتها من التعامل مع هذا الموقف العصيب. لكني لا أعتقد صدقاً أن هناك خياراً آخر. وأعتقد أن الأثر السلبي الذي سيطالك، إذا بقيت، سيجبرك في النهاية على الرحيل بطريقة أو بأخرى.

دان ماغين: لهذا، أعتقد أنها ينبغي أن ترحل أيضاً. لقد اقترفتْ خطأ لأن هذه ليست بالبيئة الرائعة للعمل. ولكن، على المدى البعيد، ثمة حجة مفادها أنها لم تقترف خطأً. لأنها زادت راتبها زيادة ضخمة. وعندما تبحث عن وظيفة أخرى الآن، ستبحث عن وظيفة تؤمِّن لها هذا الراتب.

ديستينو: أعني الإقدام على أفعال شاقة. وفي هذا السياق، هذا هو ما يمكن أن نعتبره بيئة مسمومة جداً. ويمكنك النظر إلى المسألة باعتبارها موقفاً عصيباً تخللته منفعة قصيرة الأجل، تتمثل في الحصول على راتب سيدفعها إلى الأمام، بينما تنطلق لتبحث عن مناصب أخرى.

دان ماغين: يبدو الأمر وكأنها أرادت أن يُستقطع جزء من راتبها، لذا بوسعها قبول وظيفة جديدة غداً. ويبقى السؤال: هل بوسعها الحصول على وظيفة أخرى بأجرها الحالي نفسه، أو حتى بأجر أعلى من أجرها الحالي؟ لذا، أعتقد أن هذا أحد المتغيرات الأساسية التي يتعين عليها بحثها بينما تشرع في البحث عن عمل جديد. هل هناك أي طريقة تستطيع بها ضبط انفعالاتها وعواطفها نوعاً ما كي تجعل هذا الموقف كله أقل إزعاجاً بينما تضطر إلى معايشته؟

ديفيد ديستينو: ربما كان هناك إجراءان يمكنكِ تنفيذهما. أحدهما هو المشاركة في ممارسة تأملية تخفف من وطأة ردود فعلك، وأعني، ذاك الشعور الذي يغمرك عندما تُحدث نفسك قائلاً "يا لهول ما أعانيه!". سيزول هذا الشعور تدريجياً، وكذلك سيزول توترك. لكن، هذه الممارسة ستجعلك أيضاً أكثر استعداداً للتواصل مع الآخرين والتفاعل معهم. إننا نعلم يقيناً أن تلك الأنواع من اللفتات غالباً ما يكون لها مردود، بمعنى تواصلك مع زملائك في العمل، ومدّ يد العون لهم عندما تتراكم عليهم الضغوط والتوتر، أو عندما يوجِّه لهم رئيسهم في العمل نقداً لاذعاً. كما أنه كثيراً ما تخلق هذه الممارسات دائرة خيرية، لأنهم سيَقْدِمون إليك يد المساعدة كلما شعرت بالإحباط وخيبة الأمل. وأيضاً ستمنحك هذه اللفتة نوعاً من الدروع الوجدانية إذا اضطررت لمُسايرة هذا المكان لفترة.

أليسون بيرد: هل يمكنني العودة إلى مشورتك المتعلقة بالممارسات التأملية؟ لأننا كثيراً ما نسمع عنها. ولكن، ما هي بعض الممارسات العملية البسيطة التي يمكنها أن تتبناها لحظة أن تواجه موقفاً سلبياً؟ أو في بداية اليوم، أو نهايته، كي تنقل نفسها إلى عالم أكثر إيجابية؟

ديفيد ديستينو: علينا تذكّر أن بوسعنا خلق حالاتنا الوجدانية الخاصة بالفعل من خلال تغيير أفكارنا التي تدور بخلدنا، وإعادة تقييم ما يحدث من حولنا. خصصي خمس دقائق. فكري في شيء تمتنين له. فكري في واحد من أمور حياتك يسير على خير ما يرام. إذا ركزت على أشياء مثل هذه، فستُغير حالتك العاطفية تغييراً جذرياً في اللحظة الراهنة، كما ستؤثر مستقبلاً على ما ستقدمين عليه.

دان ماغين: بينما أستمع لوصفك لتلك الأنواع من التكتيكات، من بين الصور التي خطرت على بالي صورة المعتقلين في المعسكرات خلال الحرب، وآليات التكيف التي يبتكرونها، سواء اتخذت شكل تواصل صريح أو علاقات صداقة تستهدف بناء جسور مع الآخرين، أو أشياء تشغل تفكيرهم. من الواضح أن البشر يتعرضون أحياناً إلى مواقف بشعة بالفعل. ولا يمكنك مقارنة ما تعانيه هي بالوجود في معسكر اعتقال. ولكن، يبدو فعلاً أن بعض الأمور نفسها تتطابق عندما يتعلق الأمر بالبحث عن شبكة من الرفاق وعن سبل ليشغل المرء بها ذهنه، فلا يفكر فيما ينغص عليه صفوه. أتسألني عما إذا كانت هناك تكتيكات تستطيع توظيفها؟

ديفيد ديستينو: لدينا معلومة مؤكدة مفادها أنه عندما يتعرض الأشخاص للتوتر، سواء كان جسمانياً أو ذهنياً، فإن وجود شخص إلى جانبهم يخفف من الأثر.

أليسون بيرد: كيف لها أن تتأكد من أن الحوارات التي تدور مع زملائها ستكون إيجابية، ولن تتحول إلى جلسات للتنفيس عن السلبيات؟

ديفيد ديستينو: من المهم بحق أن يراكِ الآخرون شريكاً داعماً ومؤازراً، لا شريكاً يحاول أن يُشعل ثائرة الآخرين فقط. ولذا، أعتقد أن الشيء المهم الذي ينبغي فعله هو التركيز على شعور كل منكما، ولكن مع التركيز أيضاً على الكيفية والسبب وراء دعم كل منكما للآخر، وكيف ولماذا بوسع أحدكما تقدير الآخر، وكيف ولماذا يمكن لأحدكما تقويم الآخر استناداً للملاحظات التي يتلقاها من الرؤساء في العمل.

أليسون بيرد: هل هناك شيء يمكن أن تفعله حيال رئيستها في العمل؟

ديفيد ديستينو: المسألة تعتمد على عدة عوامل. مشكلة أصحاب السلطة أنهم غالباً ما يكونوا أقل تعاطفاً مع الآخرين. ما يعني أنه بينما تزداد سلطاتك أو تعلو مكانتك، فإن تعاطفك أو اهتمامك تجاه مرؤوسيك قد يتراجع ويتقلص، بحسب ما كشفت لنا الأبحاث. والمديرون البارعون المدركون لهذه الحقيقة لا يسمحون بحدوثها. ولكن، ثمة احتمال واحد بأن المدير ربما يتصرف على هذا النحو لأنه واقع تحت ضغوط وتوترات شديدة. ولذلك، إذا كان هذا هو الحال، فجدير بالمحاولة أن تدنين من مديرتك في العمل بطريقة ما وتسألينها "كيف يمكنني تقديم المزيد من الدعم لك؟" "ما الذي أستطيع فعله كي أنجز عملاً أكثر لمساعدتك على تحقيق أهدافك؟".

دان ماغين: إنها تقول صراحةً إن مديرتها ليست بارعة في عملها. وأنا أعتقد أنه في حال التعرض للنقد من قبل شخص تعتقد أن مهارته في مجاله محدودة، فربما تجاهل هذا النقد، استناداً إلى انعدام الكفاءة، سوف يساعد في التخفيف من وطأته.

ديفيد ديستينو: إذا شعرت بأن القائم على تقييمك لا يتمتع بالخبرة الكافية لإجراء التقييم، فمن المفترض أن تكون قادراً على التشكيك فيه نوعاً ما، من حيث قيمته الحقيقية.

أليسون بيرد: لا نعتقد أن عليها التقليل من ثمن البقاء في هذه الأجواء المسمومة على المدى البعيد. ولنتفق جميعاً على ضورة أن تبحث فكرة الرحيل بجدية. لكن، ينبغي عليها أن تحرص على وضع العمل الذي أنجزته في هذه الشركة في إطار إيجابي، وربما تستغل راتبها الحالي الأعلى للحصول عليه نفسه في مكان آخر. وإذا كانت مضطرة، لسبب ما، إلى البقاء في عملها لفترة محددة، فهناك أمور يمكنها فعلها للتخفيف من وطأة عواطفها، وربما حتى لتحسين الموقف. يمكنها المشاركة في ممارسات تأملية لتهدئة ردود فعلها تجاه الأمور السلبية. وربما كان من الأجدر لها أن تخصص خمس دقائق للتفكير في أمر تشعر حياله بالامتنان. ويمكنها التواصل مع زملائها، لأنه رغم أن ثقافة الشركة تبدأ من أعلى الهرم، يمكنك حقاً أن تُحْدِث أثراً من القاع عبر خلق بيئة إيجابية. ومن الممكن أن تبادر بسؤال مديرتها عن كيفية أن تكون أكثر دعماً ومؤازرة لها، على أن تكون على دراية بكونها ربما متوترة بالقدر نفسه، وتثقل كاهلها مشاعر السلبية بالقدر ذاته. ولسنا على يقين من تقبلها لتلك المبادرة، لكنها فكرة جديرة بالمحاولة.

اقرأ أيضاً:

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي