قد يتّفق معظم قادة فرق المبيعات مع ما قاله لنا ذات مرّة نائب رئيس قسم مبيعات في الشركة: "إذا كانت إدارة الصف الأول معطلة تكون فرق المبيعات بأسرها غير فعالة"؛ ومع ذلك لا تبذل الكثير من الشركات ما يكفي لتطوير مدراء المبيعات لديها.
يعود ذلك لسببين رئيسيين: أولاً، يعتقد بعض قادة المبيعات (وهو اعتقاد خاطئ في كثير من الأحيان) أنّ مدراء المبيعات، ولأنّهم كانوا مندوبي مبيعات ناجحين، سيكونون قادرين على إدارة مندوبي المبيعات بفعالية استناداً إلى فطرتهم الطبيعية فقط. ثانياً، يؤمن بعض قادة فرق المبيعات بتدريب المدراء ولكنهم يجدون صعوبة في تبرير وجود برنامج تدريب رسمي بسبب النفقات التي يتطلّبها. يحدث هذا على وجه الخصوص في الشركات التي لديها عدد محدود من الوظائف الشاغرة كلّ سنة لمنصب مدير المبيعات.
هذا خطأ، فالشركات التي تفشل في تطوير مدراء المبيعات تضيع فرصة رئيسة. وذلك لأنّ تطوير مندوب مبيعات واحد يحسّن الأداء في مجال مبيعات واحد، بينما يحسّن تطوير مدير مبيعات واحد الأداء في جميع المجالات التي يشرف عليها هذا المدير، وغالباً ما ينتج عنه مكاسب كبيرة في الفعالية وبكلفة منخفضة نسبياً.
يتطلّب التغلّب على العقبات التي تعترض تطوير مدراء المبيعات إدراك الحاجة إلى تطويرهم، ومن ثمّ اختيار أساليب التدريب التي تتّسم بالفعالية والكفاءة على حد سواء.
إثبات جدوى التدريب
يشير بحث نُشر في هارفارد بزنس ريفيو، إلى أنّ "مبدأ بيتر" (Peter Principle) لا يزال على قيد الحياة حتى في فرق المبيعات: تقوم الشركات بترقية أفضل مندوبي المبيعات لديها ليصبحوا أسوأ المدراء. ففي بعض الأحيان تدعم الشركات الشخص الخطأ — شخص جيد في المبيعات ولكنه يفتقر إلى القدرات الإدارية – وهي مشكلة كتبنا عنها سابقاً. حتى أنّ المرشحين المثاليين لا يمكنهم التفوق كمدراء إلا إذا تم تطوير مهاراتهم.
لا يُعتبر الانتقال من مندوب مبيعات (لاعب) إلى مدير (مدرّب) أمراً سهلاً ولا طبيعياً بالنسبة لمعظم الناس. يفتقر معظم المدراء الذين تمّت ترقيتهم حديثاً إلى الكفاءات الضرورية، مثل الخبرة في إدارة الآخرين، كما لم يسبق لهم أن وظّفوا فريق مندوبي مبيعات، أو درّبوه، أو حفّزوه، أو عملوا على استبقائه، بالإضافة إلى إنّهم لا يعرفون كيفية إنشاء خطة أعمال أو التعامل مع التنظيم الداخلي للحصول على الموارد اللازمة. وبالتالي، يضطر المدراء الجدد في ظل غياب التوجيه إلى الارتجال في حين يستخدمون كفاءاتهم بطريقة غير متناسقة.
تُعتبر تهيئة المدراء الجدد ضرورية لإخراجهم من منطقة الراحة الخاصة بهم (البيع) وإدخالهم في منطقة قيادة فريق المبيعات. وبعد عملية التهيئة الناجحة، يساعد التطوير المستمر المدراء ذوي الخبرة على تحديث المهارات ومعالجة الثغرات في الكفاءات ومواكبة بيئة المبيعات دائمة التغّير.
البحث عن الطريقة الصحيحة لتدريب المدراء
يمكن أن يكون لتهيئة المدراء وتطويرهم عائد كبير على فرق المبيعات من أيّ حجم، ويكمن السرّ في العثور على المزيج الصحيح من الأساليب المناسبة للوضع القائم. يمكن اعتماد برامج مخصصة لفرق المبيعات الكبيرة، بينما تحتاج فرق المبيعات الأصغر إلى مقاربات أكثر إبداعاً. الأساليب التالية تنجح مع فرق المبيعات الصغيرة ويمكن أن تساهم أيضاً في تطوير مدراء فرق المبيعات.
الإرشاد من قبل المشرفين. رئيس مدراء المبيعات من الصف الأول (والذي عادة ما يكون مدير مبيعات إقليمي أو وطني) لديه الكثير من المسؤوليات، ولكن نادراً ما يحظى تدريب المرؤوسين وإسداء المشورة لهم بالاهتمام الذي يستحقانه. يمكن للاستراتيجيات الهادفة إلى الارتقاء بدور المشرف في تطوير مدراء الصفّ الأول، خصوصاً وأنّ بعض الشركات يتوقّع أن يُخصص نصف وقت مدراء المبيعات لتدريب مدراء الصفّ الأول. طلبت إحدى الشركات من مدراء المبيعات لديها المشاركة في دورات تدريبية مع المدراء بدلاً من الاكتفاء بعرض مقدمة عن أعمالهم والمغادرة. وفي شركة أخرى درس مدراء المبيعات بانتظام مدراء الصف الأول لمعرفة المهارات والمعارف التي تحتاج إلى الاهتمام. ثمّ كان على المدراء تنظيم دورات تطوير تركّز على هذه الكفاءات كجزء من الاجتماعات المجدولة بانتظام لفريق الإدارة.
التعلم من الأقران. يُعتبر إرشاد النظراء طريقة فعالة لتهيئة المدراء للاندماج في العمل، مع العلم أنّ عدد المرشدين يعتمد على حجم فريق المبيعات. قسّمت إحدى الشركات مهمة إرشاد مدير مبيعات جديد بين خمسة مدراء ذوي خبرة، وطُلب من كلّ واحد منهم تمضية يومين مع المدير الجديد مع التركيز على إحدى المسؤوليات الوظيفة الرئيسة الخمس: 1. التخطيط للأعمال؛ 2. اكتساب المواهب، وإدارتها وتطويرها؛ 3. تتبّع المبيعات والتنفيذ؛ 4. إدارة الأداء، والمكافآت، وتقدير مجهود الموظفين؛ 5. التعاقد، والتفاوض، والتسعير.
تعلّم المدير الجديد من كلّ واحد من المدراء الخمسة ذوي الخبرة وخرج من فترة الإرشاد التي استمرّت عشرة أيام بمعرفة متعمّقة حول وظيفته، كما أصبح لديه خمسة مرشدين مختلفين يمكنه اللجوء إليهم لطرح الأسئلة والحصول على المشورة في المستقبل.
في حالة أخرى، عيّنت شركة مرشدين اثنين لكلّ مدير جديد، شغل أحدهما دور المدير بين سنة وسنتين بحيث يمكنه فهم التحدّيات المرتبطة بكونك مديراً جديداً، في حين كان لدى المرشد الآخر سنوات أكثر من الخبرة تمكنّه من تقديم ما لديه من حِكم. في حين تفيد برامج الإرشاد المدراء الجدد، يمكن لها أيضاً أن تساعد المرشدين على النمو عن طريق تزويدهم بالخبرة القيادية وتعزيز معارفهم وتحفيزهم وزيادة الثقة لديهم.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للشركات استخدام التكنولوجيا لتشجيع التعلّم من الأقران بين المدراء باستمرار. في مقال على ذلك، أنشأت إحدى الشركات مجتمعاً على الإنترنت لمساعدة مدراء الصفّ الأول على التعاون وتبادل أفضل الممارسات، بحيث يمكن للمدراء طرح الأسئلة ونشر التعليقات بينما تراقب الشركة المحتوى لتفادي انتشار المعلومات المضلّلة والتأكّد من بقاء الموقع الإلكتروني محدّثاً ومركّزاً على غرضه على نحو مثمر. من جهة ثانية، طلبت شركة أخرى من المدراء ذوي الخبرة والأداء العالي تصوير أنفسهم بتقنية الفيديو وهم يقدّمون نصائح حول تحدّيات محدّدة في العمل، ثمّ أصبحت مقاطع الفيديو هذه جزءاً من مكتبة يمكن لأيّ مدير الاطّلاع عليها عند الحاجة.
التعلّم المستقل. عن طريق توفير وصول سهل إلى موارد التطوير، تسمح الشركات للمدراء بالبحث بأنفسهم عن طرق لتحسين مهاراتهم ومعارفهم. أنشأت إحدى الشركات بوابة إلكترونية تربط المواد التعليمية (التقارير والكتب والندوات والدورات ومقاطع الفيديو والحلقات الدراسية عبر الإنترنت) بكفاءات إدارية محددّة، وأتاحت جميع المواد على الشبكة الداخلية للشركة ما سهّل على المدراء العمل بشكل مستقل على تطوير الكفاءات التي رأوا هم أو المشرفون عليهم أنّها بحاجة إلى تحسين. بما أنّ محترفي المبيعات يميلون إلى أن يكونوا تنافسيين على نحو غير عادي وموجّهين نحو الهدف، أدخلت بعض الشركات عناصر الألعاب إلى بوابات التعلّم الإلكترونية (مثل النقاط والشارات والمهام ومتصدّري المنافسات) لتشجيع المشاركة وجعل عملية التعلّم اجتماعية وممتعة أكثر.
عن طريق إدراك قيمة تطوير مدراء المبيعات وإدخال أساليب التعلّم الصحيحة، يمكن إنشاء فريق ناجح لإدارة المبيعات وتسريع أداء فرق المبيعات.