ملخص: عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع المنافسين، تتخذ معظم العلامات التجارية نهجاً عدائياً، فكّر في التنافس القديم بين شركتي "كوكاكولا" و"بيبسي"، أو "إعلانات شركة "ماك" مقابل الكمبيوتر الشخصي" البارزة. ومع ذلك، يشير بحث جديد إلى أن مدح المنافسين قد يعزز في الواقع صورة العلامة التجارية وربحيتها. ففي إحدى الدراسات على سبيل المثال، ازداد احتمال أن يختار المستهلكون الذين شاهدوا تغريدة أشادت فيها شركة "كيت كات" بشركة "تويكس" شراء بسكويت "كيت كات" بنسبة 34% في الأسبوعين المقبلين. وما يحفز ذلك التأثير هو تصورات المستهلكين عن صدق العلامة التجارية؛ فمدح المنافسين يجعل العلامات التجارية تبدو أكثر وعياً وصدقاً وأهلاً بالثقة، وهو ما يجعل المستهلكين أكثر ميلاً لشراء منتجاتها في النهاية. ولن ينجح هذا النهج مع كل علامة تجارية وفي كل سياق بالطبع، لكن يشير البحث إلى أن مدح المنافسين قد يفيد العلامات التجارية بشكل كبير من حيث تصورات المستهلكين ومبيعات صافي الدخل (فضلاً عن الفوائد الجانبية المترتبة على إضافة بعض الإيجابية إلى عالم مليء بالنزاع والسلبية).
ما هي أفضل طريقة لتعاون العلامة التجارية مع منافسيها؟ تركز علامات تجارية كثيرة جهودها التسويقية على نقاط قوتها بدلاً من تقدير نقاط قوة المنافسين، ومن المعتاد أيضاً أن تنتقد العلامات التجارية منافسيها عند الحديث علناً. تأمّل على سبيل المثال، الإعلانات التليفزيونية لأجهزة "ماك مقابل الكمبيوتر الشخصي" التي عرضت مستخدم جهاز كمبيوتر شخصي يرتدي بذلة رسمية مقابل مستخدم جهاز "ماك" أصغر سناً يرتدي قميصاً وقبعة؛ أو "حروب الكولا" التي دامت عقوداً بين شركتي "بيبسي" و"كوكاكولا".
وعلى الرغم من أن هذا النهج شائع، لكنه ليس الخيار الوحيد. على سبيل المثال، هنّأت كل من شركتي "بلاي ستيشن" و"إكس بوكس" شركة "نينتندو" (Nintendo) علناً لإطلاقها نظام "سويتش" (Switch) الجديد للألعاب، وشاركت شركة "أوريو" رسالة لطيفة على "تويتر" بمعنى أنه لا يمكن لأحد أن يقاوم طعم بسكويت الـ "كيت كات"، ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" إعلاناً على صفحة كاملة لتشجيع القرّاء على استشارة مصادر الأخبار الموثوقة الأخرى. وليس من المستغرب أن يقدّر المستهلكون هذه اللفتة اللطيفة والأكثر إيجابية في عالم سئموا فيه من الرسائل اللاذعة والداعية للانقسام. ويبقى السؤال: هل يضر مدح منافسيك بربحيتك، أم يمكن للعلامات التجارية أن تتبع هذا النهج وتتفوق على المنافسين؟
أجرينا سلسلة من 11 تجربة مع ما يقرب من 4,000 مستهلك لنستكشف الإجابة عن هذا السؤال، ووجدنا أنه عندما أشادت علامة تجارية ما بمنافس لها، طور المستهلكون موقفاً أكثر إيجابية تجاه العلامة التجارية، وانعكس ذلك التحول في الموقف في رغبة المستهلكين بشراء منتجات العلامة التجارية بشكل مباشر.
وفي إحدى الدراسات، أظهرنا لمجموعة واحدة من المستهلكين تغريدة (وهمية) أشادت فيها شركة "كيت كات" بشركة "تويكس" كتبنا فيها: بغض النظر عن أن شركة @تويكس أحد منافسينا، تهانينا على 54 عاماً على بدء العمل! واسمحوا لنا بالاعتراف حتى بأن بسكويت الـ "تويكس" لذيذ جداً". وعرضنا أيضاً لمجموعة ضبط من المستهلكين تغريدة أشادت فيها شركة "كيت كات" بمنتجاتها: "ابدأ يومك بحلوى لذيذة!" ثم تواصلنا مع جميع المشاركين بعد 11 يوماً وسألناهم عن أنواع الحلوى التي اشتروها آخر 11 يوماً. ووجدنا أنه ازداد احتمال أن يشتري أولئك الذين شاهدوا التغريدة التي أشادت فيها شركة "كيت كات" بشركة "تويكس" بسكويت "كيت كات" بنسبة 34% مقارنة بأولئك الموجودين في مجموعة الضبط. والأهم من ذلك، لم تتغيّر نسبة شراء المستهلكين بسكويت "تويكس"، بغض النظر عن التغريدات التي رأوها، وهو ما يشير إلى أن "تويكس" لم تستفد من ناحية المبيعات عند تلقيها الثناء من شركة "كيت كات".
وكررنا الدراسة نفسها مع العلامات التجارية في قطاعات الأغذية والنقل التشاركي والإكسسوارات ووسائل الإعلام والتكنولوجيا، ووجدنا باستمرار أن المستهلكين أبدوا اهتماماً أكبر بالشراء من العلامات التجارية التي أثنت على منافسيها. كما وجدنا أن ما يحفز ذلك التأثير هو تصورات المستهلكين عن صدق العلامة التجارية؛ فعندما أشادت علامة تجارية ما بمنافسيها، أشار المستهلكون إلى أن العلامة التجارية كانت أكثر صدقاً؛ أي كانت أكثر وعياً وودّاً وأهلاً للثقة. نتيجة لذلك، ازداد تفاعل المستهلكين مع تلك العلامات التجارية على وسائل التواصل الاجتماعي، ونقروا على مزيد من إعلاناتها، وأبلغوا عن مواقف أكثر إيجابية وشعوراً أقوى بالارتباط بها، واشتروا مزيداً من منتجاتها في النهاية.
ومن المؤكد أن هذه الاستراتيجية ستنجح مع بعض العلامات التجارية أكثر من غيرها. على سبيل المثال، اختبرنا تأثير الإشادة بمنافس مع كل من العلامات التجارية الربحية وغير الربحية، ووجدنا أنه على الرغم من النظرة الإيجابية التي تلقتها كلتا المؤسستين بعد مشاركة الثناء، حصلت العلامات التجارية الربحية على الفائدة الأكبر. وقد يعود ذلك لاعتبار العلامات التجارية الربحية أقل صدقاً من العلامات التجارية غير الربحية في المتوسط، وهو ما أثار دهشة المستهلكين وتفاعلهم بشدة مع اللفتات الصادقة التي أبدتها العلامات التجارية الربحية. بالإضافة إلى ذلك، لا ينجح هذا النهج إلا إذا امتدحت العلامة التجارية منافساً لها فقط، إذ لم يكن لمدح علامة تجارية غير منافسة أي تأثير. ففي إحدى الدراسات على سبيل المثال، عرضنا للمستهلكين حملة تسويقية أشادت فيها شركة نظارات بإحدى العلامات التجارية لشركات الهامبرغر. ونظراً لأن الشركة التي تلقت الثناء لم تكن منافسة لشركة النظارات، فشل الثناء في تعزيز صورة العلامة التجارية للنظارات أو مبيعاتها.
ووجدنا أيضاً أن المستهلكين الذين كانوا أكثر تشككاً في الإعلان بشكل عام أظهروا زيادة أكبر في الإيجابية تجاه العلامة التجارية عندما أشادت بمنافسيها. ويرجع ذلك على الأرجح إلى امتلاك أولئك المستهلكين مشاعر أقل إيجابية تجاه العلامات التجارية، وبالتالي عندما يرون علامة تجارية ما تبدي مشاعرها الصادقة من خلال مدح أحد المنافسين، سيؤثر ذلك على انطباعهم عنها.
في النهاية، لا توجد حلول تناسب الجميع، وسيتعين على كل مؤسسة تحديد النهج الأكثر فعالية وأصالة لعلامتها التجارية وعملائها الفريدين. لكن بحثنا يشير إلى أن مدح المنافسين قد يفيد العلامات التجارية بشكل كبير، سواء من حيث تصورات المستهلكين أو مبيعات صافي الدخل. بالإضافة إلى ذلك، لا ضير في أن تضيف العلامات التجارية قدراً ضئيلاً من الإيجابية إلى عالم يزداد تشاؤماً ومليئاً بالنزاع.