ما هي وصفة جوجل السرية للإدارة؟

3 دقائق

كشفت شركة "جوجل" عن كنزها الدفين من العمليات الإدارية للجميع مجاناً. ربما لا يكون ذلك مفاجئاً كما يبدو، وعلى كل الأحوال، أنشأت "جوجل" الكثير من الأدوات المجانية ليستخدمها العالم بأسره، بداية من البحث على شبكة الإنترنت وانتهاء بالبريد الإلكتروني. ولا تبدو أدوات الإدارة مختلفة كثيراً عن الأدوات التي أنشأتها "جوجل". كما يتسق ذلك أيضاً مع سنين البحث المديدة لـ"جوجل" في مجال تحليلات الأشخاص.

ولكن، في حقيقة الأمر هناك شيء مفاجئ يتعلق بالتفاصيل التي كشفت عنها "جوجل". فقد تبين أن أدوات الإدارة الخاصة بها ينصب تركيزها على أشياء بدائية جداً، مثل كيفية إدارة الاجتماعات وإجراء الحوارات وتحديد الأهداف.

لماذا تكشف "جوجل" عن عملياتها الإدارية؟ أرى أن هناك ثلاثة أسباب.

أولها، الشركة لن تخسر شيئاً بإقدامها على الكشف عن عملياتها الإدارية. وذلك لأنه بقدر ما تبدو تلك الممارسات بدائية وغير مفاجئة، من الصعب حقاً إنجازها ببراعة على نحو ثابت. نستكشف أنا وشركائي في كتابة المقالة هذه الظاهرة بالتفصيل باعتبارها جزءاً من دراسة حول مدى براعة 12 ألف شركة في 34 دولة بأداء 18 ممارسة إدارية أساسية. إذ اكتشفنا عدة أسباب لقصور تبني أشياء أساسية مثل تحديد الأهداف وإدارة المواهب، غير أن بعض أبرز تلك الأشياء تتضمن ما يلي:

  • قلة الوعي بأن الحاجة تقتضي عمليات أفضل.
  • الافتقار إلى المهارات الضرورية لتبني تلك العمليات الأفضل.
  • السياسات المؤسسية، ولكن بصفة أعمّ، انعدام الثقة داخل المؤسسة فيما يخص تبني عمليات جديدة. وربما يُنظر إلى اتخاذ خطوات مثل توحيد الطرائق التي تُجرى بها المقابلات الشخصية مثلاً باعتبارها ضرباً من البيروقراطية المفرطة من قبل بعض الموظفين، حتى لو كانت تلك الخطوات مفيدة للمؤسسة ككل.

إضافة إلى ذلك، يمكننا القول إنه من الصعب تجاوز هذه العقبات، وبسببها نجد أنه حتى المبادئ الأساسية للإدارة يصعب تنفيذها. وهذا جزء من السبب في أنك لا تستطيع اقتباس الممارسات الإدارية لشركة أخرى (حتى لو كانت ممارسات جوجل نفسها) وتسترخي في مكانك وتنتظر أن يأتيك النجاح. دون بناء القدرات الأساسية التي تضمن لتلك الممارسات النجاح، يكون كل ما لديك مجرد شيء يبدو رائعاً نظرياً على الورق لا أكثر.

إلى جانب ذلك، فكّر في الصعوبات التي يواجهها الباحثون في استنساخ التجارب المختبرية. اتضح أنه حتى الفروق البسيطة في المناهج أدت إلى فشل الجهود الساعية إلى استنساخ نتائج محددة. وللممارسات الإدارية مذاق شبيه، يجب أن يكون لديك مجموعة كاملة من الممارسات، ومجموعة معايير راسخة تحكم تلك الممارسات، لتكون تلك الممارسات فعالة. وعليه، وفي ضوء ذلك، لا يوجد جانب سلبي إلا في تبني شركة "جوجل" منهج "المصدر المفتوح" تجاه الإدارة، فمن الصعب جداً استنساخ الإدارة الحصيفة لدرجة أن الشركة لن تُخاطر بالكثير من أجل ذلك.

السبب الثاني الذي يدعو "جوجل" إلى اتخاذ قرار بالإعلان عن تلك الممارسات يتلازم مع السبب الأول تلازماً فيه شد وجذب: عند تنفيذ الممارسات بعناية، حتى تلك الممارسات الإدارية البسيطة يكون لها عائد ضخم. بتعبير آخر، لأن الممارسات الإدارية البسيطة يصعب تبنيها، فإن الشركات التي تتمكن من تنفيذها تشهد أثراً كبيراً في أدائها المؤسسي. وأي شركة تتبنى بنجاح الأدوات الإدارية لشركة "جوجل" من المرجح أن تشهد مكاسب عظيمة.

في عينتنا، شهدت الشركات العادية، التي استطاعت الارتقاء بمرتبتها من الـ 10% الأدنى إلى الـ 10% الأبرز من حيث المهارات الإدارية، زيادة في الأرباح قدرها 15 مليون دولار ونمواً سنوياً أسرع بنسبة 25% وإنتاجية أعلى بنسبة 75%. ولمعرفة السبب، انظر إلى شيء أساسي، تنفيذ العملية على سبيل المثال. يُعتبر الالتزام بمجموعة مشتركة من العمليات وسيلة للقضاء على التحيزات في المؤسسة والتركيز على النتائج الموضوعية بدلاً من المشاعر الدفينة.

وهذا جزء مهم جداً من العمل الجماعي، خاصة عندما يتعاون أفراد بارعون جداً لديهم تخصصات متكاملة مع بعضهم البعض. يُعتبر تركيز الجراح أتول غواندي (Atul Gawande) على قوائم تدقيق بسيطة وسيلة للحد من الأخطاء في غرفة العمليات مثال على ذلك، فقائمة تدقيقه عملية مشتركة تساعد على ضمان تركيز فرق العمل المتنوعة ذات المهارات العالية على المهمة التي بين أيديها. والممارسات الأساسية مثل تلك التي تركز عليها شركة "جوجل" غالباً ما تكون عنصر التماسك والتجانس الضروري عبر كل القطاعات، بما في ذلك قطاع التقنية.

وبحسب ما جاء على لسان سندار بيتشاي، المدير التنفيذي لشركة "جوجل": "إنني أقدر العمل الجماعي تقديراً كبيراً، وأعتقد أنه من الأهمية بمكان إنشاء مؤسسات يودّ العاملون فيها حقاً العمل معاً. فكل شيء ينبع من العمل الجماعي. وعليه، فإن ترسيخ الثقافات التعاونية خطوة كبيرة أُخرى كنت أحاول التركيز عليها". والممارسات الإدارية مكون أساسي من مكونات بناء الثقافة.

ثالثاً وأخيراً، ربما استقرت "جوجل" على الإعلان عن أدواتها الإدارية لأنها من خلال القيام بذلك، يمكن أن تساعد في نمو الاقتصاد الكلي. فعندما تنمو الشركات، ينمو الاقتصاد أيضاً. واكتشفنا أن الشركات ذات الإدارة الأفضل تُنفق 10 أضعاف ما تُنفقه الشركات ذات الإدارة المتدنية على البحث والتطوير، وتزيد أيضاً من عدد براءات اختراعها بعشرة أمثال نظيراتها ذات الإدارة المتدنية. وكل هذا الإبداع يُعتبر رائعاً للاقتصاد الأكبر. وحقيقة الأمر أننا وجدنا في الدراسة التي أجريناها أن الجودة المتوسطة للإدارة في دولة ما ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بالتدابير القياسية للنمو الاقتصادي.

على الرغم من أن العمليات الإدارية القوية لا تبدو جذابة دائماً، فإن تلك العمليات مهمة حقاً. ومن الرائع أن "جوجل" جعلتها متاحة للعامة، لكن لا يزال على الشركات أن تكافح للتعامل مع الطرائق الأساسية التي تعمل بها الممارسات الإدارية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي