تتمثّل الخطوة الأولى التي نتّبعها عند تقديم النصح لعملائنا بشأن المفاوضات في أن نستفسر عن استراتيجيات التفاوض التي يتّبعونها.
ويجيب معظمهم بضرورة إجراء بعض التخطيط قبل التواصل مع الأطراف المقابلة، مثل تحديد أفضل بديل للاتفاق التفاوضي لكل طرف أو تقصّي المصالح الرئيسة للطرف الآخر. من جهة أخرى، قد يشعر المفاوضون أن قدرتهم على الاستعداد لإجراء التفاوض محدودة. ويتمثّل الرد الذي نسمعه أغلب الأحيان في قولهم: "يعتمد ذلك على الإجراءات التي يتخذها الطرف الآخر".
وقد يبدو هذا النهج منصفاً تماماً، إذ عادة ما يكون النهج القائم على رد الفعل كافياً بالنسبة لمعظم المفاوضات الروتينية. فعندما تنطوي عمليات التفاوض على مخاطر منخفضة يمكن للمفاوضين المهرة الانتقال بسهولة من أسلوب إلى آخر في أثناء اتخاذ الطرف المقابل بعض التحرّكات، وغالباً ما يكون ذلك كافياً لضمان أن تحقّق الصفقة النهائية القيمة الكاملة للطرفين. لكن قد ينخرط مبرمو الصفقات بين الحين والآخر في مفاوضات معقدة تنطوي على مخاطر عالية تتطّلب منهم اتباع نهج أكثر قوة وإلى إطار عمل استراتيجي يُنير لهم القرارات الرئيسة التي يجب عليهم اتخاذها لتحقيق أهدافهم النهائية، تماماً مثل قادة الأعمال والقادة السياسيين والقادة العسكريين.
ووثّقنا على مدى ثلاثين عاماً من العمل كمستشارين في مئات المفاوضات الأساليب التي تجعل استراتيجيات التفاوض فعالة، بدءاً من اتفاقيات حل النزاعات المسلحة إلى الصفقات التجارية التي تقدّر بمليارات الدولارات. ومن الضروري أن يعمل المفاوضون على تطوير تلك الأساليب قبل بدء المحادثات بوقت طويل، وأن يُدركوا أن هذه العملية ديناميكية وتكرارية وتستمر إلى حين إبرام الاتفاق النهائي، أو بعده في بعض الحالات. حيث تمكّن الاستراتيجيات المدروسة بعناية المفاوضين من كبح الرغبة في الرد على تحرّكات الأطراف المقابلة أو اتخاذ خطوات استباقية تستند إلى مخاوف بشأن نوايا الطرف الآخر. فضلاً عن أنها تُتيح لهم الاستعداد للأسوأ وتحديد الإجراءات التي قد يكون لها تأثير كبير على نتائج الصفقة.
المبادئ الرئيسة التي يجب اتباعها عند التفاوض
وفيما يلي المبادئ الاستراتيجية الرئيسة التي يجب على المفاوضين اتباعها عند التفاوض بشأن صفقاتهم المعقدة التالية.
تقييم الأطراف المقابلة
يميل الأفراد عادة إلى إبرام الصفقات مع الأطراف الواضحة، فالبائع يبحث عن المشتري؛ والمقترض يبحث عن المُقرض. إلا أننا غالباً ما نغفل عن العديد من الأطراف الأخرى في بيئة العمل التي تجري فيها المفاوضات، ألا وهم منافسونا وموردونا وعملاؤنا ومنافسو الطرف الآخر وموردوه وعملاؤه. وبالتالي، نحتاج إلى نهج يشمل جميع الأطراف التي يمكن أن تساعدنا في تحقيق أهدافنا النهائية.
وتطوير نهج مثل هذا يتطلّب من المفاوضين الإجابة عن الأسئلة التالية:
- ما هي نتائج الأعمال التي نسعى إلى تحقيقها من خلال هذه المفاوضات؟
- من يكترث لتلك النتائج؟
- من يمتلك القدرة على تحقيق تلك النتائج؟
- كيف يمكننا التواصل بشكل مباشر أو غير مباشر مع الأطراف التي لها بعض المصالح المماثلة لمصالحنا في تحقيق تلك النتائج؟
تأمّل كيف سعت شركة تمتلك براءات اختراع مهمة لتشغيل الأفلام والموسيقى على أقراص الفيديو الرقمية إلى منع الشركات المصنعة منخفضة التكلفة في الصين من انتهاك ملكيتها الفكرية والتنافس بشكل غير عادل مع شركائها المرخصين بموجب القانون. حاولت الشركة في البداية التفاوض مع تلك الشركات المصنعة التي تجاهلت طلبها. وحتى عندما نجحت الشركة في تحدّي الشركات المصنعة الصينية وأخضعتها لإجراءات قانونية، لجأت تلك الشركات إلى إغلاق متاجرها وإعادة فتحها تحت أسماء مختلفة.
تعتبر الغالبية العظمى من المفاوضين النطاق الأساسي للصفقة أمراً مفروغاً منه، لكن غالباً ما توجد فرص كبيرة لتغيير ذلك النطاق وتحقيق نتائج أفضل بكثير.
لكن عند التفكير بشكل عكسي، بدءاً من النتيجة المرجوة التي تنطوي على وقف مبيعات المنتجات المخالفة في الأسواق المهمة، أدركت الشركة مالكة براءة الاختراع وجود استراتيجية مختلفة عن محاولة ثني الشركات المصنعة عن صنع مشغلات أقراص الفيديو الرقمية غير المرخصة تمثّلت في إقناع المستوردين والموزعين المهمين بالتوقف عن شراء تلك المنتجات وبيعها. وتمكّنت الشركة بعد توضيح قضايا انتهاك براءات الاختراع والتعدي على حقوق الملكية الفكرية للمستوردين والموزعين من الوصول إلى مبتغاها بدلاً من الانخراط في مفاوضات صعبة مع الشركات المصنعة غير المرخّص لها.
اقرأ أيضاً: كيف تتفاوض افتراضياً؟
تحليل الفئات المستهدفة لدى الأطراف المقابلة
يميل مبرمو الصفقات في المفاوضات عالية المخاطر إلى الحديث عن مقدار القوة والنفوذ اللذين تمتلكهما الأطراف الأخرى، وعن توقعاتهم بشأن الشروط التي قد توافق عليها تلك الأطراف، وكيفية التأثير على سلوكياتها. وعلى الرغم من أن اعتبار الأطراف المقابلة كياناً واحداً متجانساً يبدو جيداً، قد يُسفر هذا الموقف عن أخطاء تحليلية واستراتيجية. ومن الجدير بالذكر أن المفاوضين في مجال الدبلوماسية الدولية في الماضي كانوا أكثر ميلاً إلى التفكير في كيفية التأثير على الفئات المستهدفة عند إبرام الصفقات، سواء كان ذلك مع حركة طالبان أو الاتحاد السوفييتي القديم.
على سبيل المثال، قد يدرك أحد الزبائن عدم قدرته على التفاوض بشكل فعال مع مورّد مهم لأنه لا يمثل سوى جزءٍ صغير من الأعمال الإجمالية لذلك المورّد. ومع ذلك، قد يكشف تحليل أدق أنه يمثّل نسبة كبيرة إلى حد ما من العمل في أحد مصانع ذلك المورّد أو في إحدى أسواق وحدة عمل معينة تابعة له.
وعلى الرغم من تحجيم قادة شركة المورّد لقيمة العميل، سيكون ذلك العميل بالغ الأهمية بالنسبة لمدير المصنع أو رئيس الوحدة، فالشركة الكبرى ليست كياناً موحداً؛ وإنما هي عبارة عن اتحاد شركات. وغالباً ما يجري تقييم الأرباح والخسائر ليس على مستوى المؤسسة فحسب بل تبعاً لوحدة العمل والمنطقة الجغرافية والمنتج والمصنع على حد سواء. وعادة ما يجري تفويض مهمة التفاوض على العقود وفقاً لذلك. وبالتالي، يُعتبر إجراء دراسة متعمقة على الفئات المستهدفة للطرف المقابل أمراً ضرورياً لفهم مقدار القوة التفاوضية.
فكرة المقالة باختصار
التحدي
غالباً ما يتّبع المفاوضون نهج رد الفعل في الاستجابة إلى تحركات الطرف الآخر، في حين تتطلّب الصفقات المعقدة اتباع نهج استباقي.
الاستراتيجية
لا يقتصر النهج الذي يتّبعه المفاوضون الاستراتيجيون على إجراء تقييم للأطراف المقابلة المباشرة، وإنما يشمل أصحاب المصلحة الذين يمكنهم التأثير على الصفقة. كما يلجأ المفاوضون إلى التحكم في نطاق المحادثات وتوقيتها عن قصد، ويبحثون عن مصادر جديدة للنفوذ، ويستكشفون الروابط بين الصفقات المتعددة.
الثمار الإيجابية
قد يودي التفاوض التكتيكي بالأطراف إلى نتيجة خاسرة، إذ ينطوي الهدف من هذا التفاوض على استخلاص أكبر قدر ممكن من القيمة من الجانب الآخر. في المقابل، تمكّن الاستراتيجيات المدروسة بعناية المفاوضين من كبح الرغبة في الرد على الأطراف المقابلة أو اتخاذ خطوات استباقية تستند إلى مخاوف بشأن نوايا الطرف الآخر. وهو ما يقود إلى صفقات تُضيف قيمة إلى كلا الجانبين.
وقد أخذ فريق سلسلة توريد في شركة فنادق وترفيه كبيرة هذا الدرس على محمل الجد في مفاوضاته مع موردي العصائر الرئيسين. وأدرك أعضاء الفريق أن التفاوض مع الأطراف المقابلة في قسم المبيعات على تخفيضات الحجم سيحقق لهم قيمة محدودة. إلا أن توسيع نطاق المناقشة إلى ما هو أبعد من التخفيضات ونطاق المبيعات جعلهم يدركون أن أصحاب المصلحة الآخرين ضمن مورديهم يمتلكون قيمة أكبر بكثير للمساهمة. وبرزت أيضاً فرص لمناقشة قضايا الرعاية الترويجية في المناسبات والأحداث التي تُقام في شركة الترفيه، ومناقشة العلاقات القوية بين موردي العصائر مع فناني الأداء الذين يمكنهم رعاية تلك المناسبات، فضلاً عن الحديث حول الأحداث التسويقية التي يمكن للموردين استضافتها في الفنادق التابعة لشركة الترفيه، وغير ذلك.
تقييم نطاق الصفقة
تعتبر الغالبية العظمى من المفاوضين النطاق الأساسي للصفقة أمراً مفروغاً منه. فقد يفكرون في مجموعة محدودة من الخيارات، على سبيل المثال، الصفقات الأقصر أجلاً مقابل الصفقات الأطول أجلاً، ولكن بشكل عام، تعتمد أساليبهم على إجراء مقارنة بين أفضل بديل للاتفاق التفاوضي ومدى قدرتهم على تحقيق بعض النتائج المرجوة. وكما يوضح مثال شركة الترفيه، غالباً ما توجد فرص كبيرة لتغيير نطاق المفاوضات وتحقيق نتائج أفضل.
تأمّل مثال شركة رعاية صحية كانت تسعى إلى إعادة التفاوض على شروط عقد توريد رئيس مع إحدى شركات الأدوية. احتاجت شركة الرعاية الصحية إلى قدرة تصنيع أكبر بكثير من قدرة المصنع الرئيس الذي تملكه شركة الأدوية وتُديره. كانت شركة الأدوية ترفض تقديم قدرة تصنيع أكبر مما جرى الاتفاق عليه في العقد الأصلي المحدد، ذلك أنها كانت تنوي توسيع نطاق منتجاتها في المنشأة نفسها في المستقبل. لذلك، أجرت شركة الرعاية الصحية دراسة على العديد من الخيارات الإبداعية، بما فيها استثمارات أسهم رأس المال لزيادة كفاءة المصنع وقدرته الإنتاجية، وتغيير الشروط المالية، وإمكانية تطبيق نموذج "مصنع داخل مصنع"، إلا أنها فشلت في التوصل إلى حلّ يلبي احتياجات الطرفين.
ولم يتمكّن الجانبان من التوصل إلى اتفاق إلا بعد أن وسّعت الشركة نطاق المفاوضات بما يتجاوز تعديل الاتفاقية الحالية؛ حيث عاد الجانبان خطوة إلى الوراء وأجريا تقييماً على عملياتهما العالمية وتبادلا المعلومات حولها، بما في ذلك النقاش حول خطط بناء مصانع جديدة، وتحديد أهداف النمو النهائية واحتياجات الاستثمار الرأسمالي المرتبطة بها. وأسفر العقد الجديد عن موازنة الإنتاج والعرض في مصانع متعددة وقدّم قيمة أكبر بكثير لكلا الطرفين، إذ لم تنطوي جهود المفاوضين على إضافة قيمة على شروط محددة فحسب، وإنما على الصفقة بأكملها.
تأمّل أيضاً مثال شركة الخدمات المالية التي كانت تسعى إلى تجديد عقد مع شركة كانت تمتلك أصول بيانات مشمولة بحقوق الملكية وكانت تطالب بزيادة كبيرة في الأسعار. أظهر تحليل التقرير السنوي ومكالمات الأرباح لشركة البيانات أنها كانت تركز على زيادة الإيرادات من المنتجات والخدمات الأخرى، أي تلك المنتجات التي كانت شركة الخدمات المالية تشتريها من العديد من الموردين الآخرين. وبما أن بعض هؤلاء الموردين الحاليين كانوا شركاء ذوي قيمة عالية، ولم يكن من المنطقي التفكير في إنهاء التعاقد معهم، لم يكن لدى شركة الخدمات المالية خياراً سوى أن تمنح شركة توريد البيانات زيادة في الأعمال في المجالات التي تود تطويرها. وعرض فريق التفاوض في الشركة تنفيذ ذلك الخيار مقابل أن توافق شركة البيانات على شروط أكثر منطقية بشأن البيانات التي تتمتع باحتكارها فعلياً.
ومن الجدير بالذكر أن هذا النهج منافٍ للمنطق، فعند مواجهة أطراف معارضة يبدو أنها تتمتع بنفوذ كبير، يتمثّل التوجه الطبيعي في البحث عن طرق لإضعاف ذلك النفوذ وإيجاد بدائل تضمن تحقيق النجاح وإطلاق التهديدات. وغالباً ما تفشل تلك المحاولات في بلوغ أهدافها أو تقوّض نجاح الصفقة. وتنطوي العبرة هنا على تقديم فرص جديدة للجانب الآخر بدلاً من التركيز على تلبية احتياجاتك.
من الضروري أن تفكّر في ممارسة النفوذ القسري والنفوذ الإيجابي على حد سواء؛ ويمثّل النفوذ الإيجابي الشروط التي يمكنك تقديمها لإغراء الجانب الآخر في إبرام الصفقة بدلاً من أن يتولّد لديه شعور بالخوف من الفشل في التوصل إلى اتفاق.
وقد تتمثّل الاستراتيجية الصحيحة في بعض الأحيان في تقليل نطاق الصفقة. وتنطوي النصيحة الكلاسيكية للتفاوض على تقييم أفضل بديل للاتفاق التفاوضي بدقة والسعي إلى تحسينه. لكن المشكلة هي أن معظم المفاوضات عالية المخاطر تفشل في إيجاد بديل قابل للتطبيق لبعض الصفقات مع الأطراف الأخرى. لذلك، يُعدّ التدقيق في تفاصيل أفضل بديل للاتفاق التفاوضي أمراً مهماً في مثل هذه السيناريوهات. ولا ينطوي الحل على التفكير في البدائل الشاملة لأي اتفاق مع طرف مقابل قوي، وإنما على استكشاف بدائل لبعض الشروط التي تسعى إلى تحقيقها من خلال هذه الصفقة.
وإليكم مثالاً على كيفية نجاح هذا النهج مع شركة أجهزة طبية شعرت بالعجز في مفاوضاتها مع موزع سيطر على سوق إقليمية مهمة. لم تتمكن الشركة من العثور على موزع آخر يمتلك تغطية مماثلة للمنتجات في المنطقة. واختارت الشركة المصنعة للأجهزة الطبية في النهاية تضييق نطاق التفاوض، بعد أن كانت تفكر ملياً في توسيعه. وحددت قنوات توزيع بديلة لبعض منتجاتها في بعض قطاعات السوق الإقليمية. كان خيار طرح منتجاتها في السوق من خلال التعاقد مع مجموعة من الموزعين الأصغر سيصبح معقداً بشكل كبير وسيزيد من التكاليف ويقلل من الإيرادات. لكن بمجرد أن طورت الشركة المصنعة للأجهزة الطبية استراتيجية لتضييق نطاق الصفقة مع الموزع الحالي، انتقلت المفاوضات إلى مستوى أكثر إنصافاً.
في الواقع، توقف الموزع عن تقديم الطلبات والتهديدات وأبدى رغبته في المشاركة في عملية تعاونية. وقام الجانبان بإجراء تقييم مشترك على المجالات التي تنطوي على تكلفة كبيرة على الموزع عند خدمته الشركة المصنعة للأجهزة الطبية والتي شملت أعمالاً كان الموزع سعيداً في التخلي عنها، إضافة إلى مناقشة الصعوبات التي كانت ستعترض سبيل الشركة المصنعة عند تعاقدها مع موزعين بديلين. من جهة أخرى، أسفر تضييق نطاق الصفقة عن جعل الموزع على استعداد للتخلي عن بعض مطالبه التي تمثّلت في تغطية تكاليف توزيع المنتجات ذات الهامش المنخفض في القطاعات السوقية مرتفعة التكلفة. أما بالنسبة للشركة المصنعة للأجهزة الطبية، انخفضت عواقب الموافقة على شروط الموزع بشكل ملحوظ.
تقييم طبيعة النفوذ
غالباً ما يواجه مُبرمو الصفقات صعوبة في التمييز بين القوة التفاوضية وأفضل بديل للاتفاق التفاوضي وما يرافقها من القدرة على إلحاق ضرر بالطرف الآخر. وغالباً ما تكون رسالتهم الضمنية هي: نحن لسنا بحاجة إلى إجراء صفقة معك، في حين تحتاج أنت إلى إبرام الصفقة معنا، وبالتالي، نحن من سيملي شروط هذه الصفقة. لكن قد تقود مثل هذه العقلية إلى ممارسة أسلوب الضغط، كما أنها تجعل المفاوضين الذين يفتقرون إلى بدائل جاذبة تضمن لهم تحقيق النجاح اليسير يظنون أنهم لا يمتلكون القدرة على التفاوض، وهو ما يقود بدوره إلى أخطاء في التقدير وتنازلات غير مبررة. علاوة على ذلك، قد يولّد إحساسهم بالعجز الخوف والاستياء ومختلف المشاعر السلبية التي تعيق التفكير الإبداعي حول السبل المحتملة للتوصل إلى نتيجة مثالية.
وينطوي الحل على التفكير بنهج آخر خلاف البدائل التي تضمن تحقيق النجاح اليسير، والذي يتمثّل في ممارسة النفوذ القسري والنفوذ الإيجابي على حد سواء. ونقصد بالنفوذ الإيجابي الخيارات التي يمكن للمفاوضين تقديمها لإغراء الجانب الآخر في إبرام الصفقة بدلاً من أن يتولّد لديه شعور بالخوف من الفشل في التوصل إلى اتفاق.
على سبيل المثال، تمتلك العديد من شركات التكنولوجيا فرقاً متخصصة في نظام الملكية الفكرية مهمتها إقناع شركات الإلكترونيات الاستهلاكية مثل "آبل" و"سوني" و"إل جي" بدفع رسوم مقابل الحصول على تراخيص. ويُعتبر التفاوض على حقوق الملكية الفكرية في هذا السوق أمراً معقداً للغاية. كما أن انتهاك براءات الاختراع هي مشكلة شائعة، حتى إن كانت دون قصد. فضلاً عن أن الجهود المشروعة الرامية إلى تحصيل رسوم التراخيص معقدة إلى حد كبير نتيجة ظاهرة سرقة براءات الاختراع الشائعة. نتيجة لذلك، تكافح معظم فرق منح تراخيص الملكية الفكرية في سبيل أن تحظى باهتمام الفرق منخفضة الموارد التي تقدمت بطلبات للحصول على تراخيص والتي تشعر أنها محاصرة من قبل جميع الأطراف التي تطالب بحقها في تحصيل الرسوم وتقدّم لها القليل من الخدمات مقابل تعّهدها بعدم مقاضاتها قضائياً.
كان لدى فريق منح تراخيص الملكية الفكرية في إحدى شركات التكنولوجيا المعروفة مجموعة مطالبات قوية وبيانات سوق مقنعة حول الحقوق التي تنتهكها شركات أخرى. حاول الفريق أن يكون مُبدعاً ومرناً، وأن يعرض اتباع أسلوب دمج مبالغ التعويض عن الانتهاكات السابقة مع رسوم التراخيص المستمرة والتراخيص المتبادلة. ومع ذلك، لم يكن أفضل خيار للاتفاق التفاوضي الذي تمثّل في رفع دعاوى قضائية ضد المنتهكين الذين تجاهلوا تلك الدعاوى قوياً، لأن القدرة على فرض حقوق براءات الاختراع وتعويض الأضرار قد تعرقلت في السنوات الأخيرة في العديد من الولايات القضائية حول العالم. ولم يكن لدى الشركة سجل إنجازات جيد في المحكمة أيضاً. وكان من المنطقي بالنسبة لشركات الإلكترونيات الاستهلاكية المختلفة رفض طلبات الفريق، وهو الإجراء الذي اتخذوه بالفعل.
اسعَ إلى تحقيق النجاح بما يتجاوز الصفقة الحالية، وفكّر في أهمية أسلوب التفاوض في خلق ركائز للمفاوضات المستقبلية وتطوير دينامياتها.
وبعد إجراء دراسة على نماذج الأعمال واستراتيجيات شركات الإلكترونيات، تمكّن الفريق من تحديد التقنيات التي تحمل براءات اختراع والتي كانت مكمّلة للمبادرات المهمة لدى كل شركة مستهدفة ومرخّصة. وبعد تلقّي المساعدة من إدارات التقنية والمبيعات في الشركة، حدد الفريق عروض القيمة التي توضح لكل شركة مستهدفة ومرخّصة كيفية استخدام حقوق الملكية الفكرية بهدف ابتكار منتجات جديدة أو دعم تدفقات الإيرادات. على سبيل المثال، يمكن لإحدى شركات الإلكترونيات الاستفادة من حقوق الملكية الفكرية للصوت والصورة لدى شركة التكنولوجيا في عروض رعاية المسنين، ويمكن لشركة أخرى تعزيز جهاز ابتكرته مع تقنية الواقع الافتراضي للشركة. وقد جعلت هذه الفرص دخول شركات الإلكترونيات في مفاوضات هادفة مع الفريق أمراً يستحق العناء. وعلى الرغم من أن هذه الاستراتيجية تطلبت كثيراً من الوقت والجهد، كانت ثمارها الإيجابية ذات قيمة كبيرة.
استكشاف الروابط بين المفاوضات
يلجأ معظم المفاوضين إلى التركيز على تعظيم قيمة الصفقة المطروحة بشكل خاص. إلا أن هذا النهج يقوّض نجاح مفاوضاتهم ومفاوضات زملائهم المستقبلية. في المقابل، يتطلّب النهج الاستراتيجي السعي إلى تحقيق النجاح بما يتجاوز الصفقة الحالية، والتفكير في أهمية أسلوب التفاوض في خلق ركائز للمفاوضات المستقبلية وتطوير دينامياتها. بشكل عام، تُعتبر معظم مفاوضات الأعمال عالية المخاطر معاملات متكررة تجري في إطار العلاقات طويلة الأجل، باستثناء المبيعات الخالصة ومشتريات الأصول.
وبالتالي، قد يكشف تحليل الروابط بين المفاوضات المتعددة عن أشكال مخفية من النفوذ. تأمّل حالة شركة أشباه الموصلات العالمية التي شعرت بضغط مستمر نتيجة زيادة الأسعار غير المنطقية من موردي المعدّات الأصلية. وتمثلّت المشكلة الرئيسة في أن المفاوضات حول الترخيص الأولي أو التطوير المشترك لتقنيات المنتجات الجديدة قد جرى إجراؤها من قبل مجموعة واحدة، في حين جرى التعامل مع مفاوضات العقد اللاحقة مع نفس الموردين من قبل مجموعة أخرى، مع وجود تنسيق قليل نسبياً بين المجموعتين. وفي الوقت نفسه، جرى التعامل مع المفاوضات مع هؤلاء الموردين والأطراف الثالثة الأخرى المعنية بخدمات الصيانة والإصلاح وقطع الغيار من قبل مجموعة أخرى، وحدثت جميع أنواع المفاوضات الثلاثة في جداول زمنية مختلفة.
في النهاية، تمكنت شركة أشباه الموصلات من تغيير ديناميات القوة من خلال إجراء دراسة شاملة على هذه المفاوضات المنفصلة ولكن المترابطة تاريخياً. وأقرّت الفرق التي تجري مفاوضات بشأن اتفاقيات التوريد أنه لم يكن أمامها خيار سوى قبول أسعار المورّد الحالي وشروطه؛ في المقابل، نجحت تلك الفرق في تحديد عروض المنتجات الجديدة والتحذير من أن تسفر المواقف غير المنطقية التي يعتنقها الموردون عن إقصائهم من منتجات الجيل التالي وجميع الإيرادات المرتبطة بها. كما لجأت الفرق إلى تبادل البيانات حول قضايا الصيانة والإصلاح وتدفقات الإيرادات وقدرتها المتزايدة على إعادة توجيه مثل هذه الأعمال إلى شركاء أثبتوا النزاهة وحسن النية.
كيف تقيّم فاعلية استراتيجيتك في المفاوضات؟
يتمثّل أحد عوامل نجاح استراتيجية التفاوض في وضع نفسك في مكان الأطراف المقابلة وفهم دوافعهم وردود أفعالهم المحتملة. وينطوي أفضل نهج على تعيين فريق لتحليل المفاوضات من وجهة نظر الطرف الآخر، وهو ما يُطلق عليه الفريق الأحمر. (خلال الحرب الباردة، أدت الفرق الحمراء دور الاتحاد السوفييتي في لعبة الحرب العسكرية لفهم تحركات المنافسين في المستقبل).
وبالطبع، تتضمن معظم عمليات التخطيط للتفاوض تحليل الأهداف والإجراءات المحتملة من الجانب الآخر. ومع ذلك، وجدنا حسب خبرتنا أن الافتقار إلى سعة الخيال والتحيّز البشري الحتمي يميل إلى الحد من هذه الجهود وإضعافها. كما أن العواطف القوية تعيق التفكير وتشوه التحليل العقلاني، خاصة عندما تكون المخاطر عالية وعندما يؤجج اختلال توازن القوى مشاعر الخوف والاستياء. ووجدنا أيضاً أنه ما لم يضم الفريق الأحمر أعضاء من كبار المسؤولين أو أعضاء يحظون باحترام كبير وأعضاء مؤثرين، سيجري تجاهل الرؤى الثاقبة التي يمكن استخلاصها من تجارب المحاكاة.
يمكن في بعض الحالات إجراء المحاكاة بصفتها جزءاً من تطوير الاستراتيجية والتخطيط للتفاوض. إلا أن ممارستها طوال عملية التفاوض يُعتبر نهجاً أكثر فاعلية، حيث يلجأ الفريق الأحمر إلى مراجعة استراتيجيته مع استمرار تكشّف الأحداث واستخدام أسلوب المحاكاة لتوقع الإجراءات من الجانب الآخر.
لقد جرى إطلاق التهديدات والوعود بشأن الأعمال المستقبلية في الماضي من قبل المفاوضين في الشركة، إلا أنها لم تكن محددة وكانت تفتقر إلى المصداقية. أما اليوم، أصبحت فوائد التعاون المتزايد والخسارة المحتملة للفرص واضحة ومنطقية بالنسبة للموردين.
مراعاة تأثير توقيت المفاوضات وتسلسلها
يسعى كثير من الموظفين إلى تسريع المفاوضات أو إبطائها للضغط على الجانب الآخر وكسب تنازلات منه، لكن غالباً ما تُسفر أساليب ممارسة الضغوط هذه عن نتائج عكسية. بدلاً من ذلك، من الضروري تقييم الأسلوب الذي قد يتبعه الطرف الآخر في الاستجابة والإجراءات التي تتبع تلك الاستجابة، كتسريع المفاوضات أو إبطائها أو إيقافها.
كانت شركة تكنولوجية صغيرة تجري مفاوضات لتجديد صفقة حاسمة مع أحد عمالقة الإنترنت قبل عدة سنوات. اعتمدت الشركة الصغيرة على الإيرادات التي حققتها الصفقة بشكل كبير، وكان التفكير في الاستمرار دونها فترة قصيرة أمراً مخيفاً. وسعياً للضغط على الشركة الصغيرة، طالبت شركة الإنترنت العملاقة الاستعجال بإتمام الصفقة وأشارت إلى أنها غير متأكدة من أن العقد يستحق التجديد.
لكن تبيّن لها بعد ذلك الخطأ في التقدير الذي ارتكبته، فبعد أن أدركت الشركة الصغيرة أن قدرتها على ثني الجانب الآخر عن إتمام الصفقة بشكل سريع، قرر فريق التفاوض الاستفادة من الوقت لحشد الدعم داخل بيئة عمل الشركة من الزبائن وشركاء الأعمال حول إمكانية الشراكة مع أحد منافسي الشركة العملاقة بدلاً من ذلك. وكان ذلك استثماراً جيداً للوقت. ونظراً لأن مثل هذه المفاوضات انتقلت من وضع لا يمكن تصوره إلى وضع يمكن تصوره ومن ثم إلى وضع يمكن تطبيقه، ازداد نفوذ الشركة الأصغر. في النهاية، جدّدت الشركة العقد مع الشركة العملاقة بحوالي مائة مليون دولار، وهي زيادة بلغت خمسة أضعاف الصفقة المنتهية. وعلى الرغم من أن مرور الوقت جعل الشركة الصغيرة تشعر بالتوتر بشأن احتياطياتها النقدية المتضائلة، منحها هذا الوقت أيضاً الفرصة لتغيير المشهد الذي جرت فيه المفاوضات بشكل كبير.
من المهم أيضاً التخطيط للتسلسل الذي تتعامل فيه مع المشكلات أو تشرك جهات فاعلة أخرى مختلفة، فقد يقودك حل بعض المشكلات إلى إعادة تحديد المخاطر أو إعادة تأطير ما تبقى من المفاوضات.
وأحد الأمثلة الجيدة حول إعادة التفكير الاستراتيجي للتسلسل في المفاوضات يأتي من قطاع النفط والغاز. على سبيل المثال، عقدت شركة كبيرة متعددة الجنسيات صفقة مع شركة نفط وطنية في مشروع استثماري مشترك، ووافقت على شرط يُفيد أنه إذا رغبت شركة ما منافسة الانضمام إلى الصفقة لاحقاً فيجب عليها دفع حصتها من رأس المال إضافة إلى فوائد عن الوقت الذي لم تكن فيه الشركة شريكة في الصفقة. وبعد بضع سنوات، سعت الشركة متعددة الجنسيات إلى إجراء مفاوضات بشأن سعر الفائدة. وبدلاً من إجراء مناقشة حول زيادة سعر الفائدة المعروض بين المصارف في لندن أو تخفيضه، قررت الشركة متعددة الجنسيات التواصل مع شركة النفط والتفاوض بشأن إضافة شروط إضافية إلى الصفقة المعدلة. واقترحت الشركة متعددة الجنسيات مبدأ يفيد بعدم حصول أي منافس جديد لاحق على معدل عائد أعلى من الشركاء الأصليين الذين عرّضوا استثماراتهم للخطر قبل أن يُثبت المشروع قيمته. ووافقت شركة النفط دون اعتراض.
وبعد تسوية هذه المسألة، تعاقدت الشركة متعددة الجنسيات مع الشريك المرتقب الجديد وحددّت الفائدة المستحقة للشريك الجديد بنسبة 60% في السنة، وذلك استناداً إلى التقارير التي جرى تدقيقها مؤخراً للمشروع الاستثماري المشترك، وخلافاً لسعر الفائدة المعروض بين المصارف في لندن. ووافق الشريك الجديد على العرض بعد شعور بالصدمة اعتراه في البداية.
وقد تساعد الأسئلة الخمسة التالية المفاوضين في إدارة توقيت المفاوضات وتسلسلها بشكل استراتيجي:
- ما هي التغييرات في السوق الخارجية التي قد تزيد أو تنقص قيمة الصفقة أو أهميتها لدى كل طرف؟
- إلى أي مدى يمكننا استغلال الوقت الإضافي لتعزيز بدائلنا التي تضمن لنا تحقيق النجاح اليسير؟
- إلى أي مدى يمكن للطرف الآخر استخدام وقت إضافي لتعزيز بدائله التي تضمن له تحقيق النجاح اليسير؟
- كيف يمكن للصفقات التي يجري التفاوض عليها مع الأطراف الأخرى أن تؤثر على نطاق المفاوضات أو أن تخلق نماذج تؤثر على طريقة حل القضايا الرئيسة؟
- ما الأحداث أو التغييرات التي تطرأ على السوق الخارجي والتي قد تؤثر سلباً على قوة بدائلنا وبدائل الطرف الآخر التي تضمن لنا وله تحقيق النجاح اليسير أو تخلق فرصاً مفيدة للطرفين؟
الإبداع في عملية تأطير المفاوضات وإجراءاتها
عند التعامل مع صفقة تنطوي على مخاطر عالية مع طرف مقابل قوي، يستهلّ العديد من المفاوضين نقاشهم حول هوية الطرف الذي يجب عليه أن يبدأ تقديم عروضه. وغالباً ما يتساءل المفاوضون أيضاً عما إذا كان ينبغي لهم إبداء القوة من خلال فرض شروط صعبة في عرضهم الأول أو العرض المضاد، أو الإشارة إلى الرغبة في تحقيق النفع للطرفين من خلال فرض شروط منطقية وأكثر توازناً. إلا أن هذا التفكير المزدوج يحجب عنا العديد من الطرق التي قد نجري بها عملية التفاوض والتي تساعدنا في الحد من المخاطر وزيادة احتمالية تحقيق نتائج عظيمة.
لنتأمل مثال شركة الرعاية الصحية العالمية التي تعتمد على مورّد واحد لصنع أحد أكثر منتجاتها المدرّة للإيرادات. يمتلك المورّد العديد من براءات الاختراع الأساسية لعملية التصنيع، وكان الاتفاق مع مورد آخر سيستغرق سنوات ويتطلب استثمارات كثيرة في إعادة التصميم. وأبدى المورد عدم رغبته في التعاون بشأن تحسين الجودة وكفاءة التصنيع على مدى سنوات. ومع اقتراب العقد معه من نهايته، بدأت شركة الرعاية الصحية التفكير في كيفية بدء مفاوضات تجديد العقد. هل يجب أن تطلب تخفيضات كبيرة على الأسعار وتحسينات أخرى؟ أم يجب أن تطلب شروطاً معقولة أكثر وتأمل أن يستجيب المورد بالمثل؟
وبعد أن دار الكثير من الجدل حول أسلوب التفاوض، طورت شركة الرعاية الصحية نهجاً ثالثاً. وبدلاً من إرسال ورقة شروط العمل الأولية، دعت المورد إلى قمة ما قبل التفاوض انطوت على مناقشة مشتركة حول مجالات الأعمال التي نجحت والأخرى التي فشلت بالنسبة لكل جانب بموجب العقد السابق، إضافة إلى الحديث عن تغيّر أهداف السوق وطبيعة أعمال كل جانب. واعتُبرت هذه الخطوة مهمة في خفض المخاطر. كان من الممكن أن يرفض المورد حضور القمة في البداية، ولم يكن ليتبقى خيار أمام فريق تفاوض شركة الرعاية الصحية سوى إرسال ورقة شروط العمل الأولية.
لكن المفاجأة كانت أن قبِل المورّد الدعوة. وعرض فريق شركة الرعاية الصحية خلال القمة تحليلاً اقتصادياً وألقى نظرة على الوضع المتطور للسوق بالنسبة لمنتجات الشركة. وأظهر الفريق للمورّد أنه ما لم ينخفض سعر المنتج بشكل كبير، ستحصل العروض التنافسية الجديدة على حصة سوقية كبيرة، وهو ما قد يقلل من إيرادات شركة الرعاية الصحية وإيرادات المورد على حد سواء. وأثار التحليل مناقشة مفعمة بالحيوية ركزت على التفاوض وعلى حل المشكلات المشتركة على حد سواء، وهو ما أثار بدوره التفكير حول إعادة التنظيم الإبداعي للأسلوب الذي تتبعه الشركات للعمل معاً وحول مجموعة من المبادئ للتفاوض على الشروط التجارية في العقد الجديد، بما فيها إطار عمل لتقاسم المخاطر والمكافآت. وساعدت الصفقة النهائية الشركة المصنعة في توفير عشرات الملايين من الدولارات، واعتبرها المورد أكثر ملاءمة من العقد السابق. وأكّد الجانبان على أن عملية التفاوض التقليدية التي تعتمد على تقديم "عرض وعرض مضاد" كانت ستسفر في أحسن الأحوال عن صفقة أقل قيمة إلى حد كبير لكلا الجانبين، وكان من الممكن ألا تسفر عن أي صفقة على الإطلاق.
لا يقتصر نهج التفاوض الاستراتيجي على اختيار موقف تعاوني أو تنافسي، إذ دائماً ما يسفر التفكير في مثل هذا النهج المزدوج عن نتائج عكسية.
تميل المفاوضات التي تنطوي على مخاطر عالية إلى إشعال فتيل التوتر والقلق، وهو ما قد يدفع مبرمي الصفقات إلى التركيز على التهديدات المتصورة بدلاً من تحديد جميع أشكال النفوذ الممكنة والتفكير في النطاق الأوسع للخيارات، ما يقود المفاوضين إلى تبنّي أساليب ضعيفة تنطوي على الرضوخ للضغوط التي يفرضها الجانب الآخر أو التسبب في إثارة المخاوف دون قصد.
ولا يقتصر نهج التفاوض الاستراتيجي على اختيار موقف تعاوني أو تنافسي، إذ دائماً ما يسفر التفكير في مثل هذا النهج المزدوج عن نتائج عكسية، بل يتطلّب الحصول على أكبر قدر من القيمة في الصفقات تقييم الروابط بين إحدى عمليات التفاوض والعمليات الأخرى مع الطرف نفسه أو مع الأطراف الأخرى بمرور الوقت، وإلقاء نظرة ثاقبة عما إذا كانت استراتيجيات التفاوض تجري حول القضايا الصحيحة، والتركيز على إجراء تواصل فعال مع الجانب الآخر.
اقرأ أيضاً:
- روبرت مردوخ وقصة التفاوض حول نقل مباريات كرة القدم التي غيرت عالم التلفزيون
- 3 مواقف لا ينجح فيها التواصل بين الثقافات المختلفة
- خمسة أمور لا يفهمها دونالد ترامب عن علم التفاوض