ماذا تفعل عندما تفقد الشغف تجاه عملك؟

4 دقائق
فقدان الشغف في العمل

إذا تخيلنا الحياة العملية في العالم المثالي، ستكون مرضية تماماً وهادفة وتحفيزية. ولكن ماذا إن لم تكن كذلك فعلاً؟ وماذا إن كنت عالقاً في وظيفة أو مهنة أحببتها يوماً ولم تعد ترغب بها بعد الآن؟ وماذا عن فقدان الشغف في العمل؟

يعاني الناس من هذه المشكلة أكثر مما تتخيل، فوفقاً لاستبيان "غالوب" (Gallup) لعام 2017، يشعر الثلث فقط من موظفي الولايات المتحدة بالانخراط في العمل، أي أن موظفاً واحداً من بين كل ثلاثة موظفين يقدّم مستوى عالياً من المبادرة والالتزام والشغف والإنتاجية باستمرار. ما يعني أن معظم الموظفين غير راضين عن وظائفهم.

والحق يُقال، هناك الكثير من الأسباب وراء فقدان الشغف في العمل وهذا الشعور بالانزعاج. فقد تشعر أنك عالق في تنفيذ المهام نفسها مراراً وتكراراً، وربما تتساءل عن المعنى الأسمى للعمل الذي تقوم به، كما تشعر أيضاً بالسيطرة الإدارية على كل صغيرة وكبيرة أو أن قادة الشركة غير مهتمّين بتعلّمك أو تطورك المهني أو على العكس، ربما يكون تطورك ونموك منذ أن بدأت العمل في مهنتك أدى إلى تغيير شغفك وأولوياتك في الحياة.

كيف تتعامل مع فقدان الشغف في العمل

للأسف، أرى وأسمع أمثلة عن فقدان الشغف في العمل طوال الوقت، خلال عملي في تعليم الناس وتدريبهم في الشركات وضمن النقاشات التي تتبع الأحاديث المؤسسية، وخلال محادثاتي مع عائلتي وأصدقائي أيضاً. وعلى الرغم من أن بعضنا يميل في هذه الحالات إلى تحمّل الوضع الراهن، فإن الأبحاث العلمية الحالية تشير إلى طرق جديدة لإعادة تخيل أو النظر من زاوية مختلفة إلى مشكلة الوجود المهني الذي لا روح فيه.

قيّم ما تريد أن تحصل عليه من عملك في هذه المرحلة من حياتك

في الواقع، لا يسعى جميع الناس إلى الحصول على مهن رفيعة المستوى. ووفقاً لبحث إيمي جشنيفسكي (Amy Wrzesniewski)، الأستاذة في جامعة "ييل" (Yale)، يندرج الناس تحت ثلاث فئات: فئة تنظر إلى وظيفتها على أنها مهنة. وفئة تنظر إلى الوظيفة على أنها مجرد وظيفة. وهناك فئة لا تزال تنظر إليها على أنها رسالة. وهذه الفئة ومن غير المفاجئ هي التي تُظهر أداء عالياً وشعوراً أكبر بالرضا عن الوظيفة. إذن، المفتاح هو أن تُحدّد ما تريده حالياً. ما هي دوافعك؟ وما الذي تشعر بالشغف تجاهه وما يحفّزك فعلاً؟ ثم تبدأ عملك. فقد يكون دافعك في العشرينيات من عمرك غير مناسب بالنسبة لك الآن. فلا تجبر نفسك الأربعينية أو الخمسينية أو الستينية على طموح نفسك ذات العشرين عاماً. حتى وإن لم تجد مهنتك المناسبة، على الأقل ستزيد احتمالية حصولك على تجربة عمل هادف.

ابحث عن أجزاء يمكنك إعادة صياغتها ضمن وظيفتك 

أُعدّت الكثير من الأبحاث حول فكرة صياغة الوظيفة، وهي تعني إجراء تعديلات على جوانب معينة من وظيفتك للحصول على شعور أكبر بالأهمية والرضا. حيث أثبتت أبحاث علماء السلوك التنظيمي جاستن بيرغ (Justin Berg) وجين داتون (Jane Dutton) وإيمي جشنيفسكي (Amy Wrzesniewski) أنه يمكن للناس أن يكونوا واسعي الخيال وفعالين في إعادة تخيل تصميم وظائفهم بطرق مُجدية شخصياً.

على سبيل المثال، إذا كنت تستمتع بمهمة التحليل ولكن لا تستمتع بالمبيعات، هل تستطيع أن تُعدّل مسؤولياتك بهذا الاتجاه؟ إذا كنت تحبّ التفاعل مع الآخرين ولكنك تشعر بالوحدة، هل يمكنك إيجاد طرق للمشاركة أكثر في المشاريع؟ إذ أعادت إحدى المشاركات في بحث بيرغ وداتن ورزيسنيفسكي تصميم وظيفتها التسويقية لتشتمل أكثر على مهام تخطيط الأحداث، علماً أنه لم يكن ذلك جزءاً أصلياً من عملها. وكان السبب بسيطاً جداً: كانت تحب التخطيط ولديها المهارة اللازمة. ومن خلال القيام بذلك، يمكنها إضافة قيمة للشركة ولتجربتها العملية الخاصة في الوقت نفسه.

وفي السياق ذاته، يمكنك التفكير في النشاط التالي: تخيل أنك مهندس معماري وضع مخططاً لمهامك "قبل" و"بعد"، بحيث تمثل المهام في قسم "قبل" الوضع الراهن الذي لا روح فيه، في حين تمثل المهام في قسم "بعد" الاحتمالات المستقبلية. إذن، ما هي التعديلات المبتكرة التي يمكنك القيام بها لإعادة تصميم وظيفتك حتى ولو بنسبة بسيطة؟ ففي بعض الأحيان، تؤدي أبسط التعديلات إلى تغييرات نوعية هادفة في تجربتك العملية.

اشبع شغفك خارج العمل

ربما يكون هذا عن طريق ممارسة هواية كامنة لم تمارسها لعدم توفر الوقت أو مشروع شخصي غير مرتبط بوظيفتك أو مهنتك أو عمل جانبي يمكنك من خلاله تجربة الأفكار المبتكرة والريادية على نطاق أصغر من أجل المحافظة على الشغف في العمل. إذ يساعدك الحصول على منفَذ لتفريغ شغفك خارج العمل على موازنة رتابة الوظائف اليومية. كما يمكن لهذه المساعي الملهمة أن تكون ذات آثار إيجابية غير مقصودة وغير مباشرة في العمل، بحيث تعطيك الطاقة والإلهام لإعادة صياغة وظيفتك أو إعادة الانخراط في المهام التي تحبها فعلاً.

إن فشل كل شيء، فأحدث تغييراً لاستعادة الشغف

عندما تفقد الشغف، فكر في تغيير مهنتك بالطريقة نفسها التي تفكر فيها بتغيير منزلك، لأنه عندما اشتريت منزلك كان لديك متطلبات معينة، ولكن منذ ذلك الحين، تغيرت أولوياتك أو أنك ببساطة تجاوزت هذه المتطلبات. فهل عليك أن تنتقل من منزلك أم تجدّده أم تبقى على وضعك؟ يمكنك التفكير بالطريقة نفسها تماماً عندما تريد تغيير وظيفتك أو مهنتك. ويمكن أن تسأل نفسك، هل تغيرت أولوياتك واحتياجاتك؟ هل يمكنك تعديل وظيفتك أو تجديدها؟ أم عليك تغييرها؟

بالطبع إذا اخترت تغيير مهنتك فستحتاج إلى التفكير في الأمر جيداً وإعداد نفسك قبل أن تخطو بكلتا قدميك من أجل حل مشكلة فقدان الشغف. وقبل أن تقوم بالتغيير، تواصل مع الأشخاص ضمن المهن التي تهتم بها، ورتب أمورك المالية واختبر المهنة الجديدة (ربما ليلاً أو في عطل نهاية الأسبوع). ربما يكون إجراء تغيير مفاجئ أمراً شاقاً، لكن من المهم جداً أن تفكر في هذا الخيار إذا كان لديك شعور عميق بالانزعاج من عملك.

على الرغم من ذلك، فإن الأمر الأكثر أهمية هو أن تنتبه من فقدان الشغف في العمل، وألا تخسر الأمل إذا وجدت اهتمامك يتضاءل في العمل وإذا وقعت في بوتقة فقدان الشغف في العمل. إذ يمكنك إيجاد الكثير من الخيارات لإشباع شغفك مرة أُخرى أو على الأقل إجراء تغييرات بسيطة حتى لا تشعر باليأس. حيث ستتفاجأ من مدى مرونتك وسعة حيلتك وأنت تمشي في طريق تجديد وظيفتك بعيداً عن فقدان الشغف في العمل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي