لماذا لم يعد لدى كل موظف في “سيتي بنك” مكتبه الخاص؟

2 دقائق

قد يبدو من الغريب استعمال عالم أبعد ما يكون عن المثالية نموذجاً لمكان عمل مكتبي، ولكن هذا ما فعله "سيتي بنك" (Citibank).

كانت سوزان كاتالانو، العضو المنتدب وكبيرة مسؤولي الموارد البشرية في البنك، تقرأ السلسلة الشهيرة "مختلفة" (Divergent) – وهي سلسلة تدور أحداثها في المستقبل؛ وينقسم فيها المجتمع إلى 5 جماعات منفصلة، لكل منها قيمه الخاصة به – وفي تلك الفترة بالضبط، طُلب منها المساعدة في وضع مخطط لطابق مفتوح ليكون مكان العمل الجديد لمجموعة الموارد البشرية. وقد أثرت قراءتها لهذه السلسلة في المنتج النهائي، حيث تقول سوزان: "لقد أنشأنا ما نسميه "الأحياء" – مثل الحي الخاص بالتعويض، والحي الخاص بالتعلم، والحي الخاص بالتطوير، وإلى ما هنالك، وكانت الغاية هي مساعدة الأفراد على أن يشعروا بأنهم "يمتلكون" مكانهم، رغم أن أحداً منهم لم يكن لديه مكان عمل مخصص له، ولم يحصل أحد على مكتب مغلق خاص به وحده".

هذا التحرك الخاص بمكان العمل كان تجربة جاءت ضمن مبادرة تسمى "سيتي وركس" (CitiWorks) وتهدف إلى جعل مكان العمل مثالياً قدر الإمكان. وكانت الغاية منها التصدي لمشكلتين: الأولى تشتت الموظفين في مكاتب مختلفة، ما ولّد شعوراً بالتشتت. أما المشكلة الثانية فكانت تتعلق بدراسة أظهرت أن بعض المكاتب، كما هو الحال في معظم أماكن العمل الأخرى، لم تكن مستغلة بأقصى طاقتها، بسبب سفر بعض الموظفين، أو عطلاتهم السنوية، أو مرضهم، أو ترتيبات العملة الميسّرة لبعض الموظفين.

والنتيجة النهائية بالنسبة لفريق الموارد البشرية كانت مكاناً أكثر تكاملاً في مدينة لونغ آيلند – طابق يطل بأكمله على مدينة نيويورك. وقد شمل محيط المكان صفوفاً من مكاتب العمل، والتي يضم كلاً منها جهاز كمبيوتر بشاشتين كبيرتين. أما في وسط المكان كانت هناك غرف مؤتمرات أكبر حجماً، وغرف اجتماعات أصغر حجماً، وأماكن خاصة للأعمال التي تتطلب تركيزاً شديداً. وقد انتشرت في أرجاء الطابق أماكن جلوس مريحة، إضافة إلى أماكن بوسع الناس الالتقاء فيها أو تناول طعام الغداء معاً.

يهدف التصميم إلى ألا يكون لدى أي موظف مكتب خاص به وحده، وهناك 150 مكاناً فقط ليستخدمها 200 شخص. والموظفون لديهم خزائن خاصة يمكنهم فيها وضع مقتنياتهم الشخصية، ثم يقررون في الصباح المكان الذي يريدون العمل فيه. ويوجد على كل طاولة مناديل معقمة بحيث تظل أماكن العمل المشتركة نظيفة طوال الوقت. والمكان برمته "أخضر" (أي صديق للبيئة) حيث إن مظلات النوافذ والإنارة ودرجة الحرارة مبرمجة للاستجابة للاستخدام والظروف، مثل كمية نور الشمس الداخلة إلى المكان.

واحد من أهم المكاسب التي يحققها الفضاء الأكثر انفتاحاً هذا هو الابتكار. فالموظفون يتحدثون إلى أشخاص آخرين ربما لم يعرفوهم من قبل، ونتيجة لذلك، قد يبتكرون أفكاراً جديدة. وتشمل الأفكار الأخرى قدراً أكبر من المتعة والروح الرفاقية. كما أن عدد الأشخاص الذين يتناولون طعام الغداء معاً بات أكبر، عوضاً عن أن يتناول كل منهم طعامه بمفرده على مكتبه. والأهم أن هذه المساحة الطابقية الأصغر وفرت ملايين الدولارات من موازنة قسم الموارد البشرية في "سيتي بنك".

وفيما يلي بعض العبر والدروس التي يمكن استخلاصها من تجربة "سيتي بنك" هذه:

• استعمال التكنولوجيا التي تدعم المكان: من بين أهم المزايا استعمال آلة للتقليل من الضجيج في المكان، فهي تمتص الضجيج بحيث تجعل مكان العمل هادئاً بما يكفي لمساعدة الناس على التركيز في عملهم.

• إيجاد معايير جديدة: فكاتالانوا وفريق مبادرة "سيتي وركس" يعملان حالياً على وضع دليل يبين المبادئ التوجيهية لكيفية العمل على أفضل وجه ضمن المكان الجديد. وفي الوقت نفسه، هم يعلمون أن هذا الدليل سيتطور ويتغير مع اعتياد الناس على المكان.

• السماح للموظفين بإضفاء طابعهم الشخصي على الأمور.

• التأكيد على حل المشاكل. عندما تظهر بعض القضايا، فإن كاتالانو تؤكد أن الجميع، وليس القادة فقط، معنيون في التصدي لهذه القضايا أو حالات الخلل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي