كيف يمكن للمصنعين أن يصبحوا أسرع وأكثر مرونة وأرخص سعراً؟

4 دقائق

تتطلب تلبية توقعات العملاء بشأن تخصيص المنتجات وتكييفها بحسب مواصفاتهم الشخصية وجود المرونة. فيمكن لهذه الموازنة بين الثمن والمرونة  توفير ميزة تنافسية مميزة، طالما أن التكاليف لا تخرج عن نطاق السيطرة. وجدنا في دراسة، أُجريت على ما يقرب من 250 شركة مصنعة على مدى فترة عشر سنوات (2005-2015)، أن 78% من الشركات قد حسّنت قدرتها على سد إجمالي الطلب الفعلي في السوق، لكنها فقدت السيطرة على التكاليف. من الواضح أن مطاردة العميل، الذي غالباً ما يكون بعيد المنال، أسفرت عن تكلفة أغفلها كثير من المجالس والمساهمين بطريقة أو بأخرى، أو أهملوها بشكل سري. وجدنا أيضاً أن 11% من الشركات التي خضعت للدراسة عانت من انخفاض في نسبة الوفاء بالطلب وزيادة تكاليف تحويلها وتكاليف العمالة والنفقات العامة المتكبّدة عند تحويل المواد الخام إلى سلع جاهزة. وهو موقف لا تُحسد عليه في الواقع.

نتائج دراسة عن الموازنة بين الثمن والمرونة

فشلت أنواع الشركات جميعها في تحقيق المرونة التشغيلية. ضمّت الدراسة مختلف الشركات في مجموعة واسعة من الصناعات، من شركات صناعة السيارات والمعدات الصناعية إلى شركات النفط والغاز الكبرى. هناك شركات مع عائدات تزيد عن 100 مليار دولار، وأخرى مع عائدات تقلّ عن 5 مليارات دولار. هناك المصنّعون اليابانيون والمصنّعون الصينيون. وهناك شركات تمكّنت من زيادة مستويات الإنتاج بأكثر من الضعف خلال فترة السنوات العشر الماضية، وشركات أخرى خفّضت مستويات الإنتاج بنسبة 10% أو أكثر. بمعنى آخر، لم نجد أي ارتباطٍ مرن فيما يتعلق بالصناعة أو الجغرافيا أو الحجم أو معدل النمو.

لكن إليكم الجزء المثير في دراستنا، تمكّنت نسبة 11% من المصنّعين من زيادة تلبية الطلب وخفض تكاليفهم على حد سواء. ماذا كانت أسرار خبراء التصنيع هؤلاء؟ وجدنا ثلاث سمات مشتركة.

المزيد من المنتجات ولكن القليل من الأجزاء. السمة الأولى هي نشر وحدة حفظ المخزون، أو عدد أكبر من أشكال المنتج، والذي كان استجابة طبيعية للحاجة إلى تخصيصٍ أكبر للعملاء. يعتقد أكثر من 80% من المصنّعين الرئيسيين أن إنتاج المزيد، وليس القليل، من وحدات حفظ المخزون لكل خط إنتاج كان عامل نجاح رئيس بالنسبة لهم. وفي الواقع، صرّح أكثر من نصف خُبراء التصنيع هؤلاء عن رغبتهم في زيادة عدد وحدات حفظ المخزون لكل خط إنتاج على مدار العقد المقبل.

اقرأ أيضاً: فن رفع الأسعار دون إزعاج الزبائن

ومع ذلك، بُغية الحفاظ على تكاليف التحويل قيد المراقبة، يجب أن يتضمن نشر وحدة حفظ المخزون مكونات أقل. وأبرز مثال على ذلك هو الأطر الهيكلية العالمية الجديدة (TNGA) لشركة "تويوتا" (Toyota). مما يوفّر المزيد من الخيارات للعميل، ولكن على منصّة مبسطة مع مكونات أقل بهدف خفض تكاليف التحويل.

وتهدف "تويوتا" بواسطة ذلك الانتقال من وجود 100 نوع مختلف من المنصات إلى خمس منصات موحّدة فقط عبر جميع نماذجها. تتعاقب منصات المركبات الخمس هذه في مجموعة يمكن التحكم فيها من المكونات المصاحبة والخيارات الداخلية الفريدة، مما يساعد في الحفاظ على مميزات التصميم. وتتوقع "تويوتا" أن تُساعد الأطر الهيكلية العالمية الجديدة في خفض استثمارات المصانع بنسبة 40% والقوى العاملة بنحو 20%. إضافة إلى ذلك، من المحتمل أن تؤدي تحسينات التصميم على الأنظمة الأساسية الموحدة إلى تحسين تجربة القيادة لدى العملاء وزيادة كفاءة استهلاك الوقود في السيارة.

أسرع وأرخص وأكثر مرونة من خلال الرقمنة. والسمة المشتركة الثانية للعديد من خبراء التصنيع هي الرقمنة. يمكّن استخدام التصميمات الرقمية والطباعة ثلاثية الأبعاد من عرض النماذج الأولية السريعة، والتي قال أكثر من 80% من خبراء التصنيع إنها ضرورية لتحسين المرونة، وتتيح للشركات تجربة المزيد من التصميمات البديلة.

انظر إلى شركة السيارات الأوروبية التي عرضت بنجاح النماذج الأولية السريعة عبر مختلف أعمالها، وذلك باستخدام مزيج فعال من التصميمات الرقمية والطباعة ثلاثية الأبعاد. لقد مكّنت هذه التقنيات الشركة من خفض وقت تطوير جزء مهم من 20 أسبوعاً إلى أسبوعين فقط، مع توفير في التكاليف بنسبة 92%. وتستخدم الشركة الآن الطباعة ثلاثية الأبعاد، ليس فقط للنماذج الجزئية ولكن لأدوات التصنيع الفعلية أيضاً. كما ساعدت الطباعة ثلاثية الأبعاد في قسم الشاحنات بالشركة على تقليل وقت تصنيع الأدوات من 36 يوماً إلى يومين. علاوةً على ذلك، أعانت الأدوات المطبوعة، باستخدام مادة تسمى البلاستيك الحراري، في خفض تكاليف الأدوات بنسبة 99%. وقد طبع القسم حتى الآن أكثر من 30 أداة إنتاج مختلفة تتّسم بدقة 100%.

الاستخدام الأمثل من خلال التدريب متعدد التخصصات. والسمة الثالثة التي يتقاسمها العديد من خبراء التصنيع هي استخدام التصميمات المرنة للمصنع ومشغلي الآلات متعددي المهارات أو المدرّبين على مختلف التخصصات. ومن الأمثلة الرائعة على ذلك خط خلية التجميع الثورية (ARC) لشركة "هوندا"، الذي أُسس من نقطة الصفر في عام 2015 لمصنع "براتشينبوري" (Prachinburi) الجديد للشركة في تايلاند.

اقرأ أيضاً: كيف تخفض الخطوط الجوية متدنية التكلفة أسعار تذاكرها؟

تتألف كل وحدة من وحدات خلية التجميع الثورية في القسم من منصة مستطيلة الشكل محصورة بالطول بين منصتين دائريتين، تُثبت الوحدات على عجلات، وتحمل كل وحدة جسم السيارة في المركز، وكذلك أربعة مشغلين مع مجموعة كاملة من الأجزاء ليتم تثبيتها في الجوانب الأربعة للسيارة. يتألف خط الإنتاج بأكمله من 50 وحدة من وحدات خلية التجميع الثورية المتحركة الواحدة تلو الأخرى، مع قدرة كل وحدة على تجميع سيارة من البداية إلى النهاية. تُعدّ إضافة وحدات خلية التجميع الثورية أو إزالتها سهلة نسبياً نظراً لعدم وجود ناقلات علوية ولعدم تثبيت الوحدات على أرضية المصنع. ويسمح ذلك بمرونة زيادة أو تقليل حجم ووحدات حفظ المخزون في مهلة قصيرة دون فرض أي غرامات تكاليف باهظة. وبالقدر نفسه من الأهمية، يتعلم مشغلو خلية التجميع الثورية حل مجموعة واسعة من تحديات الإنتاج، والذي يمثّل تعزيزاً إضافياً للمرونة والكفاءة.

هناك عدد من الكفاءات الإضافية المضمنة في تصميم الخط. على سبيل المثال، يسمح الشكل المنحني للمنصات الدائرية بتوفير الصناديق الممتلئة للأجزاء واسترجاع الصناديق الفارغة من الموضع نفسه في رحلة واحدة. ولا يتعين على المشغلين أيضاً السير ذهاباً وإياباً بين خط النقل وأرفف الأجزاء، مما يوفر وقتاً ثميناً.

اقرأ أيضاً: عندما يرضى ويعترض العملاء على شخصنة الأسعار

وصرّح في دراستنا أكثر من 90% من خبراء التصنيع أن المشغلين المتدربين كان لهم دور أساسي في تحقيق المرونة. غير أن الشركات التي فشلت في الحصول على درجة الخبرة تميل إلى التركيز بشكل أقل على توظيف هؤلاء العمال، وأوضح نسبة 79% فقط منهم أنهم يمثلون أصولاً مهمة.

إن تقليل أوقات تغيير خط الإنتاج ليس هو المشكلة الوحيدة هنا. يُعدّ المشغلون المدربون أكثر ملاءمة لتحسين الوقت والجهد عبر مهام متعددة في أثناء تشغيل الخط. ساعدت هذه الاستراتيجية شركة "هوندا" (Honda) على تحسين كفاءة العمل بنسبة 10% مقارنة بالخط التقليدي، ولأن كل مشغّل مسؤول عن مجموعة واسعة من المهام، فقد أصبحت ملاحظاتهم على فِرَق التصميم والتطوير متبصّرة أكثر.

المرونة ليست حالة نهائية، إنها نسبية فقط، وترتبط بمدى أهمية حاجة الشركة إليها في أي وقت، ومع ذلك، فإنها تحقق عوائد مالية قابلة للقياس عندما يتم تنفيذها بفعالية حتى في أوقات عدم اليقين والاضطراب. قد تتغاضى الشركات بسهولة عن الموازنة بين الثمن والمرونة مع استمرار صراعها في تبني التقنيات الرقمية وتطبيقها. لكن خبراء التصنيع يعتبرون المرونة أساسية لأعمالهم، فقد أصبحت المرونة مقياساً متزايد الأهمية للنجاح في المستقبل نظير الكفاءة والإنتاجية.

اقرأ أيضاً: كيف يطلب تجار التجزئة أسعاراً تختلف باختلاف الأشخاص؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي