بالنسبة لمدراء الفئة الإدارية المتوسطة، يتمثل واحد من أبرز الإحباطات التي يعايشونها: في قيام كبار القادة باتخاذ القرارات التي تتعارض مع ما كانوا ليفعلوه لو كان الأمر بيدهم. قد يكونوا أحياناً جزءاً من عملية اتخاذ القرار هذه، وفي أحيان أخرى يتم تسليمهم القرار ببساطة من دون مشاورتهم. وفي كلتا الحالتين، يكون المدير المتوسط الآن المسؤول عن ضمان تنفيذ ما سبق.
يُعتبر رد الفعل الطبيعي في هذه الحالة تنفيذ القرار بامتعاض والمضي قدماً في مسار العمل المختار. ويميل المرء إلى التواصل مع الأقران والمرؤوسين بطريقة توصل عدم اقتناعه بصواب القرار المختار هذا.
وإذا كنت ترى في ما سبق الطريقة الصحيحة، يتوجب عليك مقاومة هذا الإغراء، فمهمتك هنا تتمثل في مساعدة مؤسستك على أن تنجح. ولن يتحقق هذا الأمر إن كنت تعمل على تقويض هذا القرار سواء بشكل متعمد أم عفوي. ويتوجب عليك بدلاً من ذلك سؤال نفسك عما إذا كنت تثق بالمؤسسة التي تعمل بها أم لا. وفي حال كنت تشعر في قرارة نفسك أنّ الإدارة العليا تتخذ قرارات غير جيدة، ربما حان الوقت للبدء في البحث عن وظيفة أخرى.
ولكن إذا كنت تثق في مؤسستك، عندها عليك البدء في إقناع نفسك بأنّ القرار جيد. لقد قمت بذات الأمر في بدايات مسيرتي الأكاديمية عندما تلقيت تعليقات من أقراني وملاحظاتهم على ورقة قدمتها للنشر. كنت أعرف تماماً أنّ هناك على الأقل مراجع واحد كره ورقتي البحثية، وكنت أظن أنهم لم يفهموا نقاطي الإيضاحية التي عرضتها، وبأنّ لديهم تحفظات حول الدراسات التي قمت بها.
عندما حدث هذا لأول مرة، شعرت بالبغض تجاه أولئك المراجعين وافترضت أنهم لم يطالعوا ورقتي البحثية بعناية. ولكن لاحقاً، وبعدما عملت كمراجع لأوراق بحثية، عرفت أنه يوجد هناك العديد من المؤلفين ممن لن يحبوا ملاحظاتي ولن تعجبهم تعليقاتي. وقتها، بدأت أثق أنّ للمراجعين آراء منطقية، ربما كانت ملاحظاتهم على أمور سيئة في كتاباتي بالفعل، أو لكون أفكاري غير منطقية، أو ربما لم تكن تجاربي رائعة كما اعتقدت. في نهاية المطاف، شعرت بالثقة في أنّ لديهم نقاط صالحة لجعل أوراقي أفضل.
لإقناع نفسك بصحة القرار، يتوجب عليك وضع نفسك مكان شخص يؤمن بعمق في القرار الذي تم اتخاذه. اسأل نفسك عن سبب اتخاذه هذا القرار، وفتّش عن العوامل التي لم تكن قد لاحظتها من قبل والتي من شأنها جعل هذا الخيار منطقياً. وخلال قيامك بذلك، فكر أيضاً بكل اعتراضاتك وهو ما سيكون مفيداً لك أيضاً.
وبمجرد الانتهاء من دراستك للسبب الذي يجعل هذا القرار منطقياً، عليك الاستعداد لبدء العمل مع فريقك لتنفيذ الخطة الجديدة.
وسيقوم هذا النهج بمساعدتك ومساعدة فريقك بطريقتين.
أولا، يعتمد مدى الجهد الذي يبذله فريقك في إنجاح الخطة إلى حد كبير على مدى إيمانهم بها. فإذا قمت بإيصال مسار العمل الجديد من دون أن تكون مقتنعاً به، ستحصل من مرؤوسيك على جهد أقل مما قد يكون في العادة، وذلك لأنهم سيشعرون بأنك غير متحمس للمهمة الواجب القيام بها.
إضافة إلى ذلك، تعاني حتى أفضل الخطط من بعض الصعوبات، وتعود هذه الصعوبات لمجموعة متنوعة من الأسباب: قد تكون الخطة فاشلة أو يكون هناك حاجة إلى مزيد من الجهد أو يحتاج الفريق إلى الابتكار للعثور على الطريق الصحيح لتنفيذها. ستعتمد الكيفية التي سيقوم بها الناس بتفسير المشاكل التي لا مفر منها وما هو مطلوب لمعالجة الوضع على التزامهم بالخطة. بالتالي إذا قمت مثلاً بدافع من خوفك بجعلهم يبحثون عن أسباب فشل هذا الخيار، فلن يتمكنوا من مواجهة الصعوبات التي كانوا ليواجهونها بشدة أكبر إن كانوا يؤمنون بنجاح الخطة. يمكن أن يساعد التواصل الواثق معهم على جعلهم يثقون بأنفسهم ويثقون بالخطة أكثر.
ثانياً، يمكن أن تعزز التحفظات التي لديك حول القرار الخطط التي تقوم بتطويرها مع فريقك. بالعودة إلى قائمة الاعتراضات التي قدمتها عند محاولة إقناع نفسك بجدوى الخطة، سيكون من المفيد استحضارها هنا، وذلك لأنها تعكس معتقداتك حول العقبات المحتملة للنجاح. أنت بالفعل تعلم بعض الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى فشل تلك الخطة، بالتالي يمكنك استخدام قائمة العقبات هذه لتطوير حالات طوارئ للتعامل مع الظروف السيئة التي قد تطرأ برأيك. وتشير الأبحاث إلى أنه كلما كنت أكثر استعداداً للمشاكل قبل حدوثها، كلما كنت أكثر قدرة على التعامل معها بشكل أفضل عندما تحدث.
أخيراً، عليك بتعليم طريقة التعامل مع القرارات المخيبة للآمال هذه لمرؤوسيك. فعندما تترقى في المؤسسة، فمن المرجح أن تتخذ القرارات التي قد يراها مرؤوسيك غير صائبة. وأنت ترغب بأن تعامل اختياراتك مع الاحترام الكافي لمنحها أفضل فرصة للنجاح.