كيف ومتى نرد على الإساءات الضمنية؟

5 دقائق

وأخيراً، أصبح الموظفون في أماكن العمل الأميركية، وفي العالم بأسره، يدخلون في نقاشات تتعلق بالعرق والعدالة والمساواة والشمول. وهذا أمر جيد، ونأمل أن يمهد الطريق ليتخذ الأفراد والمؤسسات على حد سواء إجراءات ضد العنصرية والتمييز. لكن على الأرجح، ستكون هذه النقاشات غير مريحة، ليس بالنسبة للموظفين والقادة ذوي البشرة البيضاء الذين قد يشعرون بتميزهم لأول مرة فحسب، بل وبالنسبة للموظفين ذوي البشرة الملونة، وخصوصاً الأميركيين ذوي البشرة السمراء الذين يعرفون أن الأحاديث الصريحة مع زملائهم تعني تعرضهم أو مواجهتهم لما يعرف باسم "الإساءات الضمنية".

الإساءات الضمنية هي التعليقات المسيئة أو الأسئلة الجارحة التي تصدر عن شخص ما، عن قصد أو من دون قصد. وتعرّف بأنها إهدار الكرامة، باللفظ أو السلوك أو من خلال البيئة المحيطة، وهو الأمر الذي يوحي بالعداوة أو الانتقاص أو الإهانة أو الإساءة العنصرية الموجهة للشخص أو المجموعة المستهدفة. يتعرض أصحاب البشرة السمراء لهذه الإساءات يومياً في المجتمع الأميركي، في الحياة الخاصة وفي العمل، وفيما يلي بعض التعليقات التي تبدو غير مؤذية، لكنها قد تكون مدمرة تماماً في سياق الفرضيات العنصرية والصور النمطية.

  • "عندما أراك، لا أرى بشرة ملونة" (إشارة إلى أن المتكلم لا يعترف بلون بشرة المخاطَب السمراء أو لن يكن له الضغينة بسببها).
  • "نحن جميعاً ننتمي إلى عرق واحد، وهو الإنسانية" (إشارة إلى أن تجربة المخاطب كشخص صاحب بشرة سمراء لا تختلف عن تجارب أبناء الأعراق الأخرى).
  • "أنت تتكلم بطلاقة" (إشارة إلى أن ذوي البشرة السمراء ليسوا قادرين عادة على إجراء محادثات فكرية مختصة).
  • "أرى أن حجم شعرك كبير اليوم! هل تنوي تركه على هذا الشكل في اجتماعك مع العميل؟" (إشارة إلى أن الشكل الطبيعي لشعر ذوي البشرة السمراء لا يبدو مهنياً).
  • "يستطيع أي شخص في المجتمع النجاح إذا عمل بجد" (إشارة إلى أن كسل ذوي البشرة السمراء هو سبب اختلاف نتائجهم).

تبدو الإساءات الضمنية صغيرة، إلا أن تراكمها مع مرور الوقت يجعلها ذات تأثير مؤذ على تجربة الموظف وصحته الجسدية وراحته النفسية. وفي الحقيقة، تشير البحوث إلى أن الأشكال الدقيقة من التمييز بين الأفراد، كالإساءات الضمنية تساوي على الأقل في ضررها التعبير الصريح عن التمييز.

تعزز الإساءات الضمنية امتياز ذوي البشرة البيضاء وتقوض ثقافة الشمول، والحل الأفضل هو بالطبع رفع الوعي بالإساءات الضمنية، والإصرار على أن يتوقف الموظفون من غير ذوي البشرة السمراء عن ارتكابها ومواجهة من يرتكبونها. لكن في غياب هذه التغييرات، ومع فهم أن المنع التام للإساءات الضمنية قد يكون غير ممكن، كيف يمكن للموظفين والمدراء ذوي البشرة السمراء الرد على الإساءات الضمنية التي توجه إليهم ضمن الأحاديث الجارية عن العرق في مكان العمل وخارجه؟

هناك ثلاث طرق أساسية للرد:

انسَ الأمر. لفترة طويلة من الزمن، كان أكثر رد فعل شائع هو عدم الرد على التعليقات المسيئة في مكان العمل، فمواجهتها أمر مستنزف عاطفياً لأنها منتشرة وخفية. لكن الصمت يثقل كاهل الموظفين ذوي البشرة السمراء بضريبة عاطفية، إذ يتساءلون عما جرى وسببه، ويشككون بحقهم بالشعور بالإساءة، ما يعزز اعتقادهم بأنهم غير محميين من التعرض للحط من قدر هويتهم في العمل.

رد الفعل الفوري. هذه الطريقة تسمح بالرد على الاضطهاد وتوضيح أثره فور وقوعه وفي حين لا تزال أحداثه حاضرة في أذهان جميع الأطراف. فرد الفعل الآني هو عنصر مهم في تصحيح السلوك. لكن من الممكن أن يترافق هذا الأسلوب مع الخطورة، إذ قد يتخذ المسيء موقفاً دفاعياً يدفع المستهدف بالإساءة للشعور بأنه "فقد السيطرة" نوعاً ما وأنه يبدو بمظهر سيئ وسيسمى "باكٍ مفرط الحساسية" و"مسبب المشاكل"، أو سيعتبر أنه صورة نمطية عن الشخص أسمر البشرة الغاضب.

رد الفعل اللاحق. يتمثل رد الفعل الملطف أكثر في التوجه إلى المسيء بصورة شخصية في وقت لاحق من أجل شرح السبب الذي يجعل تعليقه مسيئاً. لكن هنا، تكمن الخطورة في التأجيل. وتتطلب محادثة المتابعة مساعدة الشخص المسيء على تذكر الإساءة التي بدرت منه، ومن ثم مساعدته على فهم أثرها. قد يعتبر الموظف ذو البشرة السمراء الذي يفتح موضوع الإساءة تافهاً، وكأنه شخص يخفي حقده أو يتوقف عند "أمور صغيرة" في حين يكون الطرف الآخر الذي لم يقصد الإساءة قد نسي الأمر. كما تعتبر هذه الاتهامات شكلاً من التلاعب للإيحاء بارتكاب إساءة عنصرية، وقد يكون ذلك مؤذياً للغاية.

نقترح اتباع إطار العمل التالي من أجل تحديد المسار الأفضل لأي موقف تتعرض إليه، وضمان إجراء حوار بناء إذا قررت الرد.

الإدراك. يجب أن تحدد درجة رغبتك في الرد على الإساءة الصغيرة. لا تضغط على نفسك لترد على كل إساءة، بل يجب أن تشعر بالقوة للرد على الإساءة التي ترى أنها تستحق الرد. فكر بما يلي:

  • أهمية الموضوع والعلاقة مع الطرف الآخر إذا كان أحدهما أو كلاهما مهماً بالنسبة لك، فتفادي الرد ليس هو الأسلوب المناسب. عبر عن رأيك بطريقة تحترم اهتمامك بالطرف الآخر، وافرض نفسك بطريقة تعبر عن قلقك بشأن المسألة.
  • مشاعرك. قد تدفعك الإساءات الضمنية إلى الشك بشرعية رد فعلك. اسمح لنفسك بالشعور بما تشعر به، سواء كان غضباً أو خيبة أمل أو استياء أو إرهاقاً أو غير ذلك. كل مشاعرك مشروعة ويجب أن تدخل في قرارك بشأن الرد وطريقته وتوقيته. فمع الانفعالات السلبية الأكثر نشاطاً، كالغضب، يكون من الأفضل غالباً معالجة المسألة في وقت لاحق. وإذا شعرت بالارتباك، قد يكون الرد الفوري محبذاً. أما إذا كنت منهكاً ببساطة من ثقل العمل بصفتك ذا بشرة سمراء، فقد يكون من الأفضل أن تنسى الأمر، وهو أفضل لك وليس لمن أساء إليك.
  • كيف تريد أن يراك الآخرون، الآن وفي المستقبل؟ تترتب عواقب على كل من المواجهة والتزام الصمت. وأنت وحدك من يحدد ما يهمك أكثر في أي موقف تتعرض له.

جرد الطرف الآخر من سلاحه. إذا اخترت أن تواجه إساءة ما، كن مستعداً لنزع السلاح من يد من وجهها إليك. أحد أسباب تفادي المحادثة حول الأعراق أنها تدفع البعض لاتخاذ مواقف دفاعية. عادة، يخشى المسيء من أن يعتبر عنصرياً، أو الأسوأ، أن يفتضح توجهه العنصري. لذا، اشرح له أن المحادثة قد تصبح غير مريحة بالنسبة له، لكن ما قاله للتو أو فعله لم يكن مريحاً بالنسبة لك. ادعه ليرى بعينه غرابة كلماته أو أفعاله في الوقت الذي تصلان فيه معاً إلى أسباب سلوكه الأساسية.

تحدّ. وجه تحدياً للمسيء بأن يوضح ما قاله أو فعله. اطرح سؤال استفهام، مثل: "ماذا تقصد بذلك؟" فهو يمنح الطرف الآخر فرصة ليراجع نفسه وهو يحلل ما حدث، ويمنحك فرصة لفهم قصد المسيء بصورة أفضل. أحد أفضل الامتيازات هو ألا تلاحظ أنك تتمتع بالامتياز، ولهذا السبب تكون هذه الإساءات غالباً غير مقصودة. لذا، عليك أن تقر بأنك تقبل نية الطرف الآخر كما يصفها، وأن تضع المحادثة في إطار يدور حول أثر الإساءة الضمنية التي بدرت منه، وأن تشرح له كيف فسرتها بادئ الأمر، والسبب. إذا استمر بقول إنه "لم يقصد هذا المعنى"، فذكره أنك تقدّر رغبته في توضيح قصده وتأمل أن يقدّر رغبتك بتوضيح أثره عليك.

اتخذ القرار. أنت من يتحكم بأثر هذه الحادثة على حياتك وعملك، إذ تقرر ما ستجنيه من الحوار وما ستسمح له أن يأخذ منك. يخضع الموظفون ذوو البشرة السمراء وغيرهم من أفراد الفئات المهمشة بالفعل إلى توقعات وتقييمات منحازة في مكان العمل. والحياة صعبة بما يكفي من دون السماح للإساءات الضمنية بإحباطك. لذا، فلتكن مصراً على أن تكون حماية فرحك أهم ما تفعله للصمود.

نصيحة للحلفاء من غير ذوي البشرة السمراء، القدامى منهم والجدد: عمل الحلفاء صعب، وسترتكبون الأخطاء وأنتم تتعلمون، وستستمرون بالتعلم دائماً. لذا، نود توجيه بعض النصائح حول طريقة الرد المناسبة لكل من اتهم بتوجيه إساءة ضمنية، أو يقدم النصح لشخص اتهم بذلك:

  • تذكر أن النية لا تبطل الأثر.
  • حاول أن تفهم التجارب التي مر بها زملاؤك ومدراؤك وموظفوك ذوو البشرة السمراء، من دون أن تحملهم مسؤولية توعيتك.
  • صدق زملاءك ذوي البشرة السمراء عندما يختارون التحدث عن إساءة تعرضوا لها، لا تتخذ موقفاً دفاعياً ولا تناقش لأجل الجدل فحسب.
  • تعود على إعادة التفكير كثيراً في معتقداتك عن العالم ومكان عملك، وتقبل أنك قد تكون مشاركاً في توليد عدم المساواة.

على الرغم من تزايد عدد الشركات التي تشجع على إجراء نقاشات صريحة بشأن الأعراق في مكان العمل، فإنه من غير الممكن تجاهل ردود الفعل السلبية تجاه ذوي البشرة السمراء الذين تجرؤوا على مواجهة الإساءات التي تعرضوا لها عبر التاريخ. يحتاج التغيير الثقافي إلى وقت وعزيمة. لذا، في حين أننا نشجع على إجراء حوار استراتيجي حول الإساءات الضمنية في الوقت المناسب، يجب على كل شخص تحديد طريقة الرد التي تعبر بصدق عنه وعن الصورة التي يرغب في أن يراها الآخرون عنه.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي