ما هو المجتمع "الذكي"؟ حفلت تخيلات كُتاب الخيال العلمي والمخرجين السينمائيين وعلماء مستقبليات التقنية للمستقبل بأشياء مثل السيارات الطائرة والانتقال الفوري، إلا أن التقنيات الذكية فعلياً ما زالت تشق طريقها شيئاً فشيئاً، وفي ظروف عادية غالباً. ففي شيكاغو على سبيل المثال، تحقق التحليلات المحوسبة التنبؤية تقدماً في جداول التفتيش الصحي في المطاعم، بينما يتعاون المسؤولون في مدينة بوسطن مع شركة "ويز" (Waze)، المصنِّعة لتطبيق الملاحة المرورية، حيث تجمع بياناتها مع المدخلات المسجلة عن طريق كاميرات الشوارع والحسّاسات لتحسين أحوال الطرق عبر المدينة. بينما تملك "الدول - المدينة" مثل سنغافورة فكرة أكثر شمولية حول تصورها لـ "الدولة الذكية"، والتي تتضمن عدة مبادرات بدايةً من المركبات ذاتية القيادة، مروراً بالمدفوعات غير النقدية أو البطاقات عن بعد، والروبوتات والتقنيات المساعدة، والبيئات الحضرية المدعومة بالبيانات، وحتى المنازل القائمة على التقنية.
وبصورة أكثر عمومية، يمكن تعريف المجتمع الذكي على أنه المجتمع الذي يمكن أن تحسن فيه التقنية الرقمية، والتي تنشرها الحكومة بصورة مدروسة، ثلاثة مستويات وهي: رفاهة المواطنين، وقوة الاقتصاد، وفاعلية المؤسسات.
ويبدو أن إمكانات التقنية في تمكين المجتمعات الذكية في ازدياد. على سبيل المثال، يُتصور أن تقدم تطبيقات استشعار إنترنت الأشياء مجموعة واسعة من الخدمات بدايةً من المياه الذكية إلى الضوابط الصناعية والصحة الإلكترونية. ومن المتوقع أن تصل قيمة سوق التقنيات الذكية إلى 1.6 تريليون دولار بحلول عام 2020، و3.5 تريليون دولار بحلول عام 2026. وبكل تأكيد، يمكننا البدء بإدراك مفهوم المجتمعات الذكية ووضع المعايير والنماذج التي يجب أن نصبو إليها، بالنظر إلى حجم الفرص المتاحة، والاهتمام المتزايد بين الحكومات وصناع السياسة على حد سواء، وتزايد ظهور التقنيات ذات الصلة.
ولذلك، أطلقت "كلية فليتشر" في "جامعة تافتس" (Fletcher School at Tufts University) و"مايكروسوفت ديجيتال" (Microsoft Digital) مبادرة لدراسة هذه القضية، مع عدة أسئلة كإطار توجيهي:
- ما هي المجتمعات الذكية، وما هي مكوناتها الرئيسة؟
- هل هناك دول تقدم نماذج واقعية لمثل هذه المجتمعات؟
- هل هناك أنماط لأساليب مختلفة من الذكاء تعكس سياقات مختلفة، سواء من حيث الزمن أو الأولويات المجتمعية؟
- ما هي الآثار المترتبة على صناع السياسة، وخاصة حينما ينظرون إلى التقنيات الرقمية، والتي تتزايد تطبيقاتها بوتيرة سريعة، كوسيلة أساسية للوصول إلى الذكاء؟
للإجابة عن هذه الأسئلة، بدأنا بفرضية بسيطة: الهدف الأساسي ليس "الذكاء" بحد ذاته، ولا حتى التقنية المستخدمة. وإنما يجدر تعريف المجتمع الذكي من خلال إطار مبني على نتائج. وتعد المكونات الأساسية لهذا المجتمع هي الأمور التي تهدف الحكومات وصناع السياسة إلى تقديمها لمواطنيهم. وهنا لا يتعدى دور التقنية إلا أن تكون وسيلة للوصول إلى ذلك الهدف.
وتتمثل الخطوة التالية في تحديد النماذج المحتملة للمجتمعات الذكية. وهنا، تم الاستعانة بمجموعة الدول التي تدعى "ديجيتال 5" (Digital 5 أو D5) كنماذج تمثل الدول الأكثر تطوراً في العالم من الناحية التقنية. ومنها إستونيا، ونيوزيلندا، وكوريا الجنوبية، والمملكة المتحدة. وتهدف هذه الدول، وفقاً لميثاق "D5"، إلى تقديم أفضل الخدمات الرقمية العامة، ومشاركة الممارسات بين الحكومات ذات الأداء الرقمي العالي. وهناك خطة لإدراج المزيد من الدول إلى هذه المجموعة، إذ أنها تضع ممارسات من شأنها نفع دول مختلفة حول العالم.
ومن أجل وضع هدف طموح وواقعي في الوقت ذاته، استحدثنا مقياساً معيارياً يجمع أفضل خصائص هذه الدول المتقدمة رقمياً. ونأمل أن يخدم هذا المقياس عدة أهداف معاً. أولاً، يضع هذا المقياس معياراً لصناع السياسة بناءً على ما ثبت أنه عملي ومناسب من قِبل دولة واحدة، على الأقل، من المجموعة. ثانياً، على الرغم من أن هذا المقياس المعياري مؤشر مركّب لا يمكن لأي دولة أن تحققه بمفردها، يمكن تقييم تقدم كل دولة نحو النموذجية من ناحية أدائها مقارنة بهذا المقياس. فإذا أرادت أي دولة معالجة ثغرة ما، يمكنها تعلم أفضل الممارسات من غيرها، واستيراد المعرفة التي قد تساعدها في الوصول إلى المقياس المعياري. وبالتالي، يظهر هنا المقياس المعياري باعتباره أداة تُمكن صناع السياسة ومخترعي التقنيات وغيرهم من تقييم التقدم وتحديد أولى الثغرات وبالتالي تمكين الأطراف الرئيسة من إجراء حوار ووضع خطة عمل.
المنهجية
جمعنا بيانات حول دول مجموعة "D5" فيما يتعلق بـ 240 مؤشراً تغطي ثلاثة مجالات رئيسة: المواطنين ورفاهيتهم، والاقتصاد، وحالة المؤسسات. واستخدمنا أكثر من 40 مصدراً مختلفاً للبيانات بما في ذلك قواعد البيانات العامة والخاصة. وأُعطيت كل دولة درجة على أدائها فيما يتعلق بكل مؤشر. واستخدمنا أفضل درجة لكل مؤشر لابتكار المقياس المعياري للمجتمعات الذكية. ونظراً إلى كثرة المؤشرات التي حللناها، تطلب الأمر تنظيمها، بحيث يُصنّف كل مؤشر تحت مكون من 12 من المكونات العامة للمقياس المعياري. وكانت هذه المكونات العامة كالتالي:
- مكونات المواطنين: المكونات الأربعة في هذه الفئة هي:
- الشمولية.
- البيئة وجودة الحياة.
- حالة المواهب والظروف الإنسانية.
- تطوير المواهب.
- مكونات الاقتصاد: المكونات الأربعة في هذه الفئة هي:
- الترابط العالمي.
- المتانة الاقتصادية.
- النظام الإيكولوجي لريادة الأعمال.
- القدرة على الابتكار.
- مكونات المؤسسات: المكونات الأربعة في هذه الفئة هي:
- الحريات في حالة الاتصال بالإنترنت أو بدونه.
- الثقة.
- السلامة والأمان.
- الخدمات العامة.
ويتألف كل مكون من هؤلاء من مجموعات مختلفة من المؤشرات. ولمزيد من التوضيح لهذه المنهجية، فلنأخذ المكون الأول المذكور أعلاه - الشمولية - كمثال. فالدرجة المعطاة لهذا المكون هي مجموعة من الدرجات التي يمكن الحصول عليها من مجموعات مختلفة للمؤشرات المتعلقة بالشمولية، إذ إن المجموعات التي تشكّل الشمولية هي إشراك سوق العمالة، والحراك الاقتصادي، والتنوع، والقبول، والسياسات التي تعزز الإدماج. وبدورها، تتضمن مجموعة "السياسات التي تعزز الإدماج" مؤشرات مثل البيانات حول السياسات، والقوانين، والضوابط التنظيمية التي تعزز الوصول إلى المجموعات المهمشة أو المتضررة. وكما ذُكر أعلاه، تحصل كل دولة على درجة معينة في كل مؤشر. وبالتالي تكون درجة المقياس المعياري لمكون الشمولية هي مجموع أعلى الدرجات لكل مؤشر ضمن هذا المكون العام للمقياس المعياري. ويتم تطبيع درجات كل مكون.
وأخيراً، مُنحت كل دولة درجة لكل مؤشر من المؤشرات، ثم قورنت درجة كل دولة بالمقياس المعياري لتقييم تقدم كل منهم من ناحية، ولاستنتاج الأنماط والاختلافات في الأولويات من ناحية أخرى. وتخدم دول مجموعة "D5" مجتمعة هدفين أساسيين لمشروعنا: الأول هو وضع طريقة لإنشاء مقياس معياري عالمي يمكن استخدامه لتقييم دول المجموعة وغيرها، والثاني هو أن كل دولة تقدم دراسة حالة ونموذجاً للذكاء.
وتظهر نتائج هذا التمرين في الرسم أدناه. تمثَّل الدرجات الأعلى لكل مكون من المكونات الاثني عشر بالبعد عن المركز. ويعد الخط الذي يصل بين درجات كل مكون من المكونات الاثني عشر لكل دولة هو "بصمة المجتمع الذكي" الخاصة بها.
تترتب عدة آثار بناءً هذا التحليل:
- تشكل دول "D5" مجموعة استثنائية، تضم حكومات العالم الأكثر تطوراً تقنياً، وتساعدنا جميعها على وضع مقياس معياري عالمي للمجتمع الذكي. ويعد هذا المقياس طَموحاً وعملياً في الوقت ذاته.
- تشترك دول المجموعة في العديد من الخصائص، حتى وهي تقدم نماذج لأنواع مختلفة من المجتمعات الذكية. فكل دولة منها تمتلك حكومة منتخبة ديمقراطياً وتلعب دوراً مهماً في تقديم الخدمات لمواطنيها. وتعد كل واحدة منها دولة متقدمة تقنياً. وكما ورد في مقال حديث لنا في هارفارد بزنس ريفيو بعنوان "القدرة التنافسية الرقمية لـ 60 دولة"، فقد سجلت كل منها درجات عالية في مقياس التطور الرقمي، ما عدا كوريا الجنوبية، وكلها أيضاً في حالة من الزخم الرقمي. ومع ذلك تتمتع كل دولة بسياق خاص بها.
ومع هذه النتائج، ضع في اعتبارك بعض الفروقات الأساسية:
- إستونيا حالة شاذة، فهي دولة صغيرة تشكلت بعد تفكك الاتحاد السوفييتي. وقد استخدمت التقنية لبناء الخدمات الحكومية، واحتضان اقتصاد السوق.
- المملكة المتحدة ونيوزيلندا أمثلة متطرفة لنطاق الاتصال على الرغم من روابطهما التاريخية. وغالباً ما يُشار إلى المملكة المتحدة على أنها مركز عالمي (وهي مكانة سيجري اختبارها خلال عملية البريكست) يتمتع باتصالات اقتصادية وسياسية قوية وعالمية. أما نيوزيلندا فهي بعيدة جغرافياً عن كثير من المراكز الاقتصادية والسياسية في العالم، وهي معتادة على العمل على هامش الاقتصاد العالمي.
- استطاعت كوريا الجنوبية الهروب من "فخ الدخل المتوسط" بالانتقال الناجح من حالة الدخل المتوسط إلى الدخل العالي، وهو إنجاز نادر نسبياً. وتعد كلتاهما أطرافاً أساسية في الاقتصاد العالمي اليوم، وتتمتعان بأهمية جغرافية سياسية كبيرة، وهما حليفتان قويتان للولايات المتحدة. تثبت بعض هذه الدول قوتها في مجال الابتكار، بينما تقع كوريا الجنوبية في منطقة أخرى متوترة سياسياً، وهي آسيا الشمالية، وتواجه تهديداً نشطاً بالنزاع مع جارتها المسلحة نووياً، كوريا الشمالية، والضغوطات الإضافية التي تخلقها هيمنة الصين المتنامية.
حينما سألنا كولن ماكدونالد، رئيس مجموعة "D5" والرئيس التنفيذي الرقمي لحكومة نيوزيلندا، حول الاختلافات بين دول مجموعة "D5". فكانت إجابته كالتالي: "على الرغم من أننا جميعاً نمثل مجموعة واسعة من وجهات النظر، إلا أن هذه المجموعة تحديداً تتيح لنا الاستفادة من معرفة أذكى الناس وخبراتهم، وبالتالي نؤسس حكومات أسرع وأكثر فاعلية. ونحقق ذلك من خلال التعاون والمشاركة. فنتعلم جميعنا من بعضنا البعض، ونعتمد الحلول التي تناسب دولنا. وفي النهاية، سيجعلنا ذلك أقوى كدول رقمية".
يكشف تحليل بصمة المجتمعات الذكية أن كل دولة في المجموعة هي نموذج أصلي لنوع مختلف من "الذكاء"، والذي يعكس، بدوره، سياق الدولة وأولوياتها. وفي عالم ذي مصادر محدودة، يكون من الضروري للغاية القدرة على ترتيب الأولويات، وتحديد مجالات التركيز، وتحديد نوع الذكاء الذي يتناسب مع ظروف الدولة. وهنا نعرض بعض الأنماط المتميزة من الذكاء، والتي تقدم نماذج يمكن أن تستخدمها دول أخرى.
بصمة المؤسسات القوية: تكشف بصمة إستونيا اتجاه أولوياتها المبدئية نحو إنشاء مؤسسات قوية، وخاصة في التزامها بضمان عصر من الحرية لمواطنيها بعد الاتحاد السوفييتي. وقد أثمرت حلولها الإلكترونية عن مستويات عالية من الشفافية الحكومية وسهولة الوصول إلى البيانات والخدمات العامة. وتعد أولوياتها في إنشاء نظام مفتوح ولا مركزي يربط بين عدة تطبيقات وخدمات رقمية عنصراً أساسياً في طريقة تحقيق هذه النتائج. ويظهر أن إنشاء ترابط أقوى واقتصاد أكثر متانة من أهم المجالات التي تحوي ثغرات، وهو ما يوضحه بُعدها عن المقياس المعياري. وبالنظر إلى استثمارها القوي في البنية التحتية الرقمية، يمكن للحكومة الاستفادة من هذا الأساس لمعالجة تلك الثغرات.
بصمة الابتكار القوي: فيما يتضح أن أهم فرصها لمعالجة ثغرات نموذجها هي تقوية المؤسسات. وبالإضافة إلى الابتكارات التقنية والتي تعد منتجاً للاستثمار في البنية التحتية، أصبحت خطة الحكومة الضخمة في بعض هذه الدول، والمتمثلة في المبادرات الرقمية، والتي تركز على تأمين اتصال إنترنت عالي السرعة، بمثابة هدية للشركات التي تتطلع للعمل الإلكتروني. ويمكن أن تستخدم الدولة المنصات التقنية ذاتها لتحسين الخدمات العامة وحالة التواصل بين الحكومة وشعبها، والتي ظهر من تحليلها أنها واحدة من الثغرات التي تحتاج إلى معالجة.
بصمة الرفاهة القوية: تقدم نيوزيلندا دراسة حالة في نقاط قوة المكونات التي تضمن رفاهة شعب دولة ما، بما في ذلك البيئة، وجودة الحياة، والشمولية، وحالة قاعدة المواهب فيها. وهنا ينظر صناع السياسة إلى الحكومة الرقمية على أنها الحكومة التي تستخدم فيها التقنية كأداة لتواصل الحكومات مع "عملائها"، من مواطنين وشركات، بحيث يتمكنون من استخدام الخدمات العامة بطريقة سلسة وشاملة وموثوقة. وبالنظر إلى بُعد نيوزيلندا عن كثير من مناطق العالم، فهي تواجه تحديات متأصلة في معالجة ثغرتها المتمثلة في ترابطها العالمي، إذ يشير استثمارها في نظام إيكولوجي رقمي سلس يهدف إلى تحسين رفاهة شعبها وجودة مؤسساتها إلى تركيزها على مجالات تمكنها من تعويض البعد الجغرافي وجذب المواهب والمحافظة عليها لمعالجة الثغرات في المجال الرقمي وريادة الأعمال.
بصمة الخدمات العامة القوية: أطلقت كوريا الجنوبية مبادرة رقمية تدعى "الحكومة 3.0" لتقديم خدمات عامة ذات طابع شخصي. وأما أهم المجالات التي تحتاج الحكومة إلى معالجة ثغراتها هي متانة الاقتصاد وجودة المؤسسات. من المحتمل أن تكون مبادرة "الحكومة 3.0" أداة قوية لتحقيق هذا الهدف بعدة طرق، وهي: ضمان مستوى أعلى من الشفافية، وتقديم مزيد من البيانات حول عمل الوكالات العامة، وتشجيع المزيد من التعاونات بين الوكالات، ومساعدة المواطنين على إيجاد وظائف وفرص اقتصادية بسهولة أكبر.
بصمة الاقتصاد القوي: تاريخياً، يعد اقتصاد المملكة المتحدة من أقوى الاقتصادات في العالم. إذ أنها تعد خامس أكبر بلد من حيث الناتج المحلي الإجمالي، وهي واحدة من الدول الأكثر ترابطاً عالمياً من بين جميع الاقتصادات الرئيسة. وعُرفت عبر التاريخ أنها المركز الأبرز عالمياً في المجال المالي لجمعها بين التاريخ والجغرافيا وقوتها في التقنيات الرقمية. وقد لاحظ أحد مؤلفي هذا المقال (تشاكرافورتي) في مقال سابق في "هارفارد بزنس ريفيو" تحت عنوان "هل يمكن أن تعيق البريكست اقتصاد الاتحاد الأوروبي الرقمي؟"، تميز المملكة المتحدة في اقتصادها الرقمي بين الاقتصادات الرقمية الأوروبية. وتظهر نقاط القوة هذه في تحليل المقياس المعياري أعلاه. وتتمثل معضلة المملكة المتحدة في أنها تخاطر بتقليص قوة اقتصادها بسبب البريكست. وبالفعل، منذ استفتاء البريكست كانت المملكة المتحدة صاحبة الاقتصاد المتقدم الأسوأ أداءً من حيث النمو، إذ خسرت عملتها أكثر من 13% من قيمتها مقابل الدولار بسبب الشكوك التي تسبب بها البريكست. وبهدف التعويض عن التقلبات المستقبلية في الاقتصاد، من المهم أن تستخدم الحكومة الأدوات المتاحة لها لتدعم الجوانب الأخرى من المجتمع. هنا تساعد استراتيجية التحول 2017-2020 واستراتيجية "الحكومة كمنصة" في المملكة المتحدة في تقديم خدمات رقمية من الطراز الأول لتنمية المواهب، وتحسين ظروف أماكن العمل، والمساعدة في عمليات التحول عبر المنصات والبيانات المشتركة.
وتشير دراسات الحالة هذه إلى أنه قبل تعلم كيفية الاستفادة من الطرق التي تقوي بها التقنية الذكية الاقتصاد وتجعل المؤسسات أكثر فاعلية وتحسن رفاهة المواطنين، نحتاج أولاً إلى تبسيط فكرة "المجتمع الذكي"، وتعريفه بطرق عملية تمكننا من بناء عمل عليها وتركز على النتائج. وهنا يمكن أن تساعد معايير القياس المرجعية الحكومات على فهم إمكاناتها الحالية بصورة أفضل.
وبالطبع من الممكن جداً في يوم ما أن تتنقل جميع المجتمعات الذكية بالسيارات الطائرة، وأن تُضاء بإنارة شوارع تتواصل مع بعضها البعض. وفي هذه الأثناء، يمكننا أن نزيد ذكاء المجتمعات من خلال استخدام التقنية المتاحة لنا بصورة أفضل. وكما تشير بصمات الحكومات الأكثر تطوراً تقنياً في العالم، فإن كل الدول لديها ثغرات بحاجة إلى المعالجة حتى الأكثر تأهيلاً منها. وتختلف هذه الثغرات والتقنيات المستخدمة لمعالجتها وفقاً لسياق الدولة الخاص بها وأولوياتها.