كيف تنجح عندما تأخذ مكان شخص مميز في العمل؟

4 دقائق
shutterstock.com/Olivier Le Moal

قد يبدو أن البدء في عمل جديد يسبب التوتر نوعاً ما، سواء كان ترقية داخلية أو فرصة جديدة في مؤسسة أخرى، ولكنه يصبح مرهقاً أكثر بكثير عندما يكون عليك ملء فراغ تركه شخص عظيم. في عام 2011، عندما تسلم تيم كوك المنصب الذي كان ستيف جوبز يشغله، تساءل موظفو شركة "آبل" ومساهميها وكل العالم ما إذا كان قادراً على ملء مكان سلفه العظيم والحفاظ على زخم الشركة. لا داع للتوتر على الإطلاق.

على الرغم من أنك قد لا تكون محط أنظار العالم بأسره، إلا أن استلام مكان شخص يحظى بمكانة كبيرة أو صاحب أثر إيجابي كبير في الأعمال، أو الأمرين معاً، سيكون أمراً مثيراً للحماس والخوف في نفس الوقت. ووفقاً لتقرير صادر عن شركة ماكنزي عام 2018، فإن الجزء المخيف هو أن نصف عمليات انتقال القيادة تبوء بالفشل. كما يسلط التقرير الضوء على أن 74% من القادة في الولايات المتحدة و83% منهم في العالم يعتقدون أنهم غير مستعدين لأدوارهم الجديدة، وأقل من ثلث هؤلاء القادة يؤمنون بأن مؤسساتهم تقدم لهم الدعم الكافي في أثناء عمليات الانتقال هذه. وعلى هذا، سيقع على عاتقك ضمان نجاحك عندما تستلم دوراً جديداً، حيث تتوجه كل الأنظار إليك.

ومن أجل زيادة فرصك بالنجاح، ما عليك سوى تطبيق الاستراتيجيات الأساسية التي سنتحدث عنها فيما يلي.

قم بواجبك قبل البدء.

يجب أن تجمع كل المعلومات المتعلقة بوظيفتك الجديدة قبل يومك الأول فيها. وقد يتضمن ذلك تعلم كل ما يتعلق بمنتج الشركة أو أحد زبائنها المهمين أو مجال الإنتاج الجديد فيها، أو ما يتعلق بالمعرفة التشغيلية المجاورة لمجال خبرتك. خذ مثلاً لينا (ليس اسمها الحقيقي)، إذ حصلت على ترقية إلى منصب رئيس الشؤون المالية في شركة عامة كبيرة، وكان سلفها الذي يحظى باحترام كبير داخلياً وخارجياً قد استقال بعد عمل استمر عقداً من الزمن في المنصب. يجب على لينا أن تتعلم جوانب التمويل الأخرى التي لم يسبق لها التعامل معها في دورها كنائبة لرئيس الشؤون المالية، كالضرائب والخزينة والعقارات والتعامل مع مجتمع التمويل، فدرست هذه المجالات قبل البدء في وظيفتها الجديدة، واضطرت غالباً للاستيقاظ في الخامسة صباحاً كي تتمكن من التركيز قبل بدء يوم العمل بما أنها كانت مستمرة في وظيفتها السابقة. سيكون من الجيد أن تقضي بعض الوقت كي تنفك عن وظيفتك السابقة إذا تمكنت من أخذ استراحة قبل استلام وظيفتك الجديدة، ولكن احرص على أخذ الوقت اللازم للاستعداد للوظيفة الجديدة أيضاً.

كن على طبيعتك.

لا تحاول تقمص شخصية سلفك أو أسلوبه في القيادة، أو أن تكون شخصاً مختلفاً عن نفسك. عندما تكون على سجيتك بثقة، ستحظى باحترام الآخرين وتتخلص من الأحكام المسبقة التي يطلقها من سيقارنك مع سلفك. على الرغم من أن تيم كوك كان يسعى للتميز كسلفه، إلا أن الهدوء في سلوكه وأسلوبه الأصيل في القيادة يؤكد أنه لم يشعر بحاجة إلى تقمص شخصية "ستيف جوبز" كي يتمكن من النجاح.

استلمت كريستين لاغارد، رئيسة صندوق النقد الدولي السابقة، رئاسة البنك المركزي الأوروبي في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2019. وعندما بدأت العمل في منصبها الجديد، قالت: "يتمتع كل رئيس (رئيسة) بأسلوبه (أسلوبها) الخاص في التواصل. أعلم أن بعضكم تواقون للمقارنة والتقييم أو التصنيف، ولكني أتمتع بأسلوبي الخاص. لذلك كما قلت سابقاً، لا تبالغوا في التفسيرات ولا تشككوا ولا تحاولوا مقارنة المعلومات ومقاطعتها، فأنا سأكون كما أنا، ولذلك سأكون على الأغلب مختلفة".

أبدى كلا القائدين اعتداداً قوياً بالنفس أوحى بالثقة للآخرين.

افهم العلاقات مع المساهمين واعمل على إدارتها.

ستكون قدرتك على بناء علاقات مع المساهمين الداخليين والخارجيين وإدارة هذه العلاقات بكفاءة أحد العناصر الأساسية لنجاحك، والأمر يتطلب معرفة من يكون هؤلاء المساهمون بالإضافة إلى معرفة أكثر ما يهمهم وتوقعات كل منهم ومخاوفه. قد يشكك بعضهم في قدرتك على الوصول إلى مستوى أداء سلفك، ولذلك، يجب أن تلتقي بكل واحد من المساهمين وطرح أسئلة مهمة عليهم، مثل:

  • برأيك، ما هي أهم ثلاث أولويات يجب علي الاهتمام بها على مدى الأشهر الستة أو الاثني عشر الأولى؟ وما هو النجاح بالنسبة لك؟
  • ما هي العلاقات الداخلية والخارجية الأهم لدعم هذه الأولويات؟
  • ما هي مخاوفك، وكيف يمكنني معالجتها؟

ويتمثل الخيار الآخر بالاستعانة بمدرب تنفيذي لطرح هذه الأسئلة نيابة عنك كجزء من برنامج "التدريب القائم على المحاكاة"، وهو ما سيمكنك من الحصول على إجابات صريحة أكثر. ولكن لا يمكن اعتبار هذا البرنامج، بأي شكل من الأشكال، بديلاً عن اجتماعك بهؤلاء المساهمين من أجل البدء ببناء هذه العلاقات الأساسية.

قيّم الفريق.

بالنظر إلى أهم أولوياتك، يجب أن تقيم ما إذا كان لديك الفريق المناسب لتحقيقها. وهذا يتضمن تعيين موظفين لملء الثغرات في فريقك، بالإضافة إلى المعالجة المباشرة لمشاكل الأداء التي يمكن أن تعيق حصولك على الميزات التي تحتاج إليها أو تعترض تقدمك. تم تعيين أيهم كرئيس للعمليات في شركة خدمات مالية سريعة النمو، وكان الاعتماد على خبراته العميقة في عمليات الخدمات المالية لمساعدة الشركة في التوسع. ولكنه كان يشعر بالضياع دائماً، وأهم سبب في ذلك هو أنه لم يعالج مشاكل الأداء لدى بعض أفراد فريقه تجنباً للمحادثات الصعبة. وهذا ما كلفه الكثير، لأنه شتت انتباهه عن أولوياته الاستراتيجية لدرجة أدت إلى طرده، وأصبح مجرد رقم جديد في إحصائيات عمليات الانتقال الفاشلة للقيادة.

تفقد طريقة تفكيرك.

وجودك في مكان شخص مهم سيدفعك للشك في قدراتك وفي امتلاكك ما يلزم للوصول إلى المستوى القياسي الذي حدده سلفك. تعتبر متلازمة المحتال أمراً شائعاً، خصوصاً مع ارتفاع مستوى المنصب ومواجهة تحديات جديدة كلياً. إذ قد تشعر أنك محتال أو تشك في قدرتك على الوصول إلى المستوى القياسي الذي وجدت نفسك أمامه، حتى وإن كانت الأدلة تشير إلى العكس. هذا طبيعي إلى حد ما، حتى أن له بعض الفوائد، ولكن يجب عليك التعامل معه عندما تبدأ بحمل مسؤولياتك.

هناك جانب آخر هام فيما يتعلق بالعقلية مرتبط بمعالجة قناعاتك أو افتراضاتك التي تقيدك. في حالة أيهم، كانت لديه قناعة تقيده تقول إنه سيدمر علاقته مع الآخرين إذا عمل على مساءلة أفراد الفريق وخاض محادثات صعبة معهم. إذا كنت ترى أنك تحمل قناعة أو افتراضاً يعيقك، يجب عليك أن تصمم بعض التجارب الآمنة كي تختبر مدى صحتها. وفي حالة أيهم، تمثلت هذه التجارب بالتحدث مع أشخاص يحترمهم ليطلع على تجاربهم في خوض محادثات صعبة ومعرفة كيف ساعدتهم هذه المحادثات في بناء علاقاتهم.

اسع للحصول على تقييم ودعم مستمرين.

أنشئ حلقات تقييم مع أهم المساهمين كي يتمكنوا من المشاركة باكراً وبصورة متكررة وإخبارك عما يسير على نحو جيد وما لا يبدو جيداً، كي تتمكن أنت من إجراء تعديلات فورية حسب الحاجة. لا تنس أن ما تفعله لن يعجب الجميع، وفيما يتعلق بفريقك، لا بد أن تدرك أن التقييم الصاعد يبدو مجازفة في كثير من الأحيان، ولذلك يجب أن تمنح فريقك إذناً صريحاً بتقديم هذا التقييم لك. وتتمثل وظيفتك عندئذ بالاستماع، وإذا لم تستمع لمرؤوسيك، فثق تماماً أنهم لن يحاولوا مرة ثانية، ولن تحصل على المعلومات التي تحتاج إليها. عندما يجب عليك ملء مكان شخص عظيم، ستشعر أن هناك بعض الأشخاص الذين يمكنك الوثوق بهم والتحدث إليهم بشأن التحديات التي تواجهك. ووجود مرشد خارج المؤسسة، أو مدرب تنفيذي أو كلاهما، سيمدك بآراء ووجهات نظر خارجية مفيدة، بالإضافة إلى مساحة آمنة للتحدث عن أفكارك ومشاعرك الحقيقية.

يعتبر ملء مكان شخص عظيم فرصة كبيرة لك، ولكنه يمثل تحديات كبيرة أيضاً. وسيمكنك اتباع الاستراتيجيات التي ناقشناها أعلاه من إثبات أنك على قدر المسؤولية، لنفسك أولاً ثم للآخرين.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي